خرجت عائلة كرة القدم الإفريقية من محطة الرباط موحدة برؤية واضحة ومسار محدد، خلص إليه كل الفرقاء بعد نقاشات وجلسات مطولة، وتبادل الأفكار والمقترحات، تحت قيادة المغرب، بلد الإجماع والتأثير القوى داخل القارة السمراء.
وتبين من خلال المواقف المعبر عنها، على هامش مؤتمر الرباط، أن هذا التوحيد، الذي جاء بعد سنوات من التفرقة والصراعات المبنية على المصالح الشخصية، والتكتلات الضيقة، جاء بفضل الدور الريادي الذي لعبه المغرب، ومباركة أساسية للاتحاد الدولي لكرة القدم، كجهاز مشرف على شؤون كرة القدم العالمية.
قناعة الاتحاد الدولي في هذه المرحلة بالذات، تتمثل في الحاجة إلى اتحادات قارية، فاعلة قوية متماسكة ونظيفة، مؤهلة لترجمة إستراتيجية العمل التي جاء بها رئيسه جياني إنفانتينو.
جاء الأفارقة لمركز محمد السادس لكرة القدم، بهدف واحد ألا وهو مباركة “بروتوكول الرباط” الذي تحول إلى وثيقة تاريخية، وحدت دول القارة البالغ عددها 54 دولة غاب منها دولتين فقط، وهي قوة انتخابية يحسب لها ألف حساب، تلعب دورا بارزا ومؤثرا في كل مؤتمرات الفيفا، وهذه القوة يأخذها الجهاز الدولي بعين الاعتبار.
ومن هذا المنطلق جاء كل هذا الاهتمام، من طرف إدارة الرئيس السويسري بوحدة الأفارقة، والاعتماد على المغرب، في كل توجهاته.
في ظل هذه التطورات والتفاعلات ،حرص الجانب المغربي كل الحرص، على ضمان صياغة متوازنة لمضامين خارطة الطريق خلال السنوات القادمة، وتكريس الجانب المؤسساتي، بعيدا عن دور الأفراد والمصالح الخاصة، وقطع الطريق نهائيا على أي تدخل هامشي، ولعل أبرز نقطة تتمثل في تعديل المادة الرابعة من القانون الأساسي للكاف، تعديل يحرم مستقبلا، قبول أي جهة أو منظمة أو حتى دولة لا تحظى باعتراف الأمم المتحدة، وهى رسالة واضحة أجمع عليها كل ممثلي الدول الإفريقية، بما فيها خير الدين زطشي ممثل الجزائر.
إنه انتصار لإرادة التغيير والوضوح والرغبة الصادقة في تكريس العدالة الكروية، عدالة ظلت مفقودة لعقود خلت، في ظل فساد مستشر، ذهبت ضحيته كرة القدم الأفريقية لسنوات وغيبت طويلا صوت الإنصاف والحكمة داخل دواليبها، وفي الوقت الذي انتظر فيه الأفارقة التغيير المطلوب، بعد مجيء أحمد أحمد خلفا لعيسى حياتو، إلا أن الملغاشي خان الأمانة، ولم يكن في مستوى الثقة التي وضعت فيه.
وبعد إرساء ركائز انطلاقة جديدة لكرة القدم داخل القارة، كان لابد من اختيار ممثليها داخل المنتظم الدولي، وطبيعي أن تتوجه الأنظار لفوزي لقجع، بصفته شخصية مؤثرة، ورجل الإجماع والتوافق، وعليه، كانت الطريق سالكة إلى جانب المصري هاني أبوريدة، حليف رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في كل الرهانات والتصورات.
اكتمل المشهد، وقضي الأمر، ولم يعد هناك مجال للتلاعب، وأصبح مصير كرة القدم الإفريقية بيد الأفارقة أنفسهم، في إطار عمل جماعي مدروس، وراء الجنوب أفريقي باتريس موتسيبي الشخصية النافذة، والقادم من عالم المال والأعمال، والذي أكد قيمة وتصوراته الهادفة، من خلال النجاح الباهر لنادي ماميلودي صانداوز، وتصريح هذا الرئيس الجديد على هامش المؤتمر كان معبرا، ويحمل الكثير من الاعتراف والتقدير لمغرب المؤسسات والرؤية المتقدمة، والعمل الاستباقي والاستثمار الناجح.
>محمد الروحلي