ضمن فعاليات المؤتمر السادس والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP26) ، أعلنت جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي عن تقرير علمي جديد تحت عنوان “تجسير الحدود”.
ويستعرض التقرير سبل التعاون الإقليمي الحيوي لتحويل زراعة نخيل التمر إلى نموذج ناجح للاقتصاد الدائري، وبالتوازي مع عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي (2021-2030).
وأوضح التقرير أهمية شجرة نخيل التمر كونها تعتبر مفتاحا لمستقبل أكثر استدامة بما تمثله هذه الشجرة من قيمة مضافة في امتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون وتقليل الآثار السلبية للتغير المناخي.
وأعد التقرير “تجسير الحدود” الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام الجائزة والدكتورة ساندرا بيسيك بمشاركة 46 خبير ومنظمة دولية يمثلون 21 دولة بالعالم.
وأفاد الدكتور عبد الوهاب زايد أمين عام الجائزة، بالمناسبة، أن هذا التقرير سوف يوفر إطارا لمعالجة قضايا تغير المناخ الرئيسية من قبيل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتنوع البيولوجي، والتصحر، والجفاف، وتدهور الأراضي، مؤكدا على وجود نخيل التمر في صميم ثورة المناخ.
وتضمن التقرير خمس محاور رئيسية هي: الناس، الكوكب، الازدهار، السلام، والشراكات، وهي تشكل خطة التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة 2030.
ويعتبر التقرير دعوة لعمل الهيئات الإدارية وقادة الالاقتصاد للتعرف على أهمية شجرة نخيل التمر، بمنطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واستخدامها كنقطة انطلاق لإحداث تغيير إيجابي لكل من الإنسان والكوكب، عبر العديد من القطاعات. ولتحقيق أهداف تروم رفع مستوى استعادة النظم البيئية لنخيل التمر للتخفيف من حدة الفقر، وضمان الأمن الغذائي، واعتبار النخيل حلا إنمائيا شاملا. وتنفيذ برامج التكيف عبر الحدود التي تركز على ترميم واحات نخيل التمر، لتعزيز إمكاناتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية الكاملة. وكذا التركيز على الوظائف الجديدة في جميع القطاعات مع مجموعة متنوعة من المهارات من العمل اليدوي، إلى التكنولوجيا الوسيطة، إلى الثورة الصناعية الرابعة، مما سيمكن من توفير حياة جيدة ومزدهرة، وانسجام التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي مع البيئة.
وتناول التقرير فضلا عن الوضع المرتبط بالإنسان والأرض والازدهار بعد السلام والمتمثل في استخدام العمل المناخي ونظام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وجدول أعمال 2030 والأطر العالمية الأخرى لتوسيع نطاق ترميم الواحات ومنع التدهور وتعزيز التحضر المستدام من أجل الأمن الإقليمي. أما على مستوى الشراكة فتتجلى، حسب معدي التقرير، في خلق بيئة تمكينية لسياسات جديدة على المستويات الحكومية الإقليمية والوطنية والمحلية من أجل تنفيذ هدف التنمية المستدامة رقم (11A)، من أجل “دعم الروابط الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الإيجابية بين المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية من خلال تعزيز تخطيط التنمية الإقليمية”.
يشار أن التقرير أعد الخبير المغربي الدكتور عبد الوهاب زايد بمشاركة 46 خبيرا من 21 دولة من العالم، فضلا عن بعض الخبراء في التكيّف المناخي مثل الدكتور يوسف ناصف، مدير برنامج التكيف (UNFCCC) .
وقال الدكتور زايد، “قد لا يتم الاعتراف بها على نطاق واسع حتى الآن، ولكن شجرة نخيل التمر هي ضمان لمعيشة مستدامة. من خلال الحفاظ على أشجار النخيل ونموها، يمكننا التغلب على التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. كما ورد في التقرير، حيث يمكن لكل شجرة نخيل أن تمتص حوالي 200 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وهذا يعني أن 100 مليون شجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها القدرة على امتصاص حوالي 28.7 ميجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا” .
ويضيف زايد أن التقرير يقدم “فرصة لإعادة بناء المجتمع والاقتصادات الوطنية، “فهو أكثر من مجرد بصيص من الأمل”.
ومن جهتها أشارت الدكتورة ساندرا بيسيك، التي شاركت في تحرير التقرير إلى جانب الدكتور زايد، إلى فرص التعافي الأخضر بعد الوباء، مؤكدة أن جائحة كوفيد 19 كشفت عن تحديات ما قبل الجائحة التي لم يتم حلها والتي تنطوي على الأمن الغذائي الوطني للدول الفردية خلال عمليات الإغلاق الوطنية. لذلك، فإن السعي وراء نموذج تنموي مستدام ذاتيا يخدم صحة كوكب الأرض وصحة الإنسان. ولتحقيق ذلك، سيكون التعاون الإقليمي والدولي بين الشمال والجنوب وما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي أمرا حاسما، موازاة مع الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون الدولي عند تنفيذ المبادرات المستدامة. نتيجة لذلك، “نحث الحكومات وقادة الصناعة في جميع أنحاء العالم على قراءة التقرير والعمل معا واتخاذ الإجراء المناسب التي ستنقذ الأرواح وسبل العيش وكوكبنا بشكل أساسي”.
وتقاوم أشجار النخيل، بسبب تنوعها الوراثي، الظروف الجوية القاسية مثل الحرارة والجفاف والفيضانات، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض غلات الحصاد وتدهور الموارد الطبيعية، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض.
وتعتبر النظم البيئية لنخيل التمر حيوية أذا تم تدبيرها بشكل مستدام، في عكس اتجاه التصحر في المناطق الصحراوية، لأنها توفر الموئل والظل والحماية من الرياح والحرارة للأنواع الأخرى. وهذا هدف رئيسي للأمم المتحدة من إنشاء اتفاقية مكافحة التصحر، كما يمكن أن يلعب نخيل التمر دورا رئيسيا في تقليل عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
< محمد التفراوتي