تخيم أجواء من الحزن على الفلاحين المغاربة، بفعل غياب التساقطات المطرية طيلة الموسم الفلاحي الجاري، وهو ما زاد من تأزيم وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية التي تدهورت خلال السنتين الأخيرتين بفعل تداعيات جائحة كورونا، وغلاء أسعار مواد الإنتاج الأولية (الأعلاف+ الأسمدة+ أسعار المحروقات+ النقل..).
وحول هذا الضعف في التساقطات المطرية المسجلة خلال هذه السنة، أوضح الحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، أن هذا الوضع يرجع بالأساس إلى الأحوال الجوية والمناخية غير المواتية.
وكشف الحسين يوعابد، في تصريح صحافي، أن “المناخ الجوي تميز خلال فصل الشتاء الجاري بوجود مرتفع الآصو، الذي يدفع الجزء الأكبر من الاضطرابات الجوية، التي تتسبب في هطول الأمطار، نحو الشمال والجزر البريطانية، وكذلك في اتجاه أوربا الشرقية والبلقان والشرق الأوسط”.
وفي ظل هذه الأجواء الجوية التي تجري بما لا تشتهي شراع سفن الفلاحين المغاربة، سيتكبد الاقتصاد المغربي الذي يعتمد نموه بشكل كبير على المحاصيل الزراعية، خسائر فادحة، كما ستنلقى القدرة الشرائية للمواطنين ضربة قوية بفعل ارتفاع أسعار المواد الغذائية “الخضر، والفواكه، والحبوب، والقطاني..” بالسوق المغربية.
وتفاعلا منها مع هذه الأزمة، وجهت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب “فريق التقدم والاشتراكية- الفريق الاشتراكي- الفريق الحركي- مجموعة العدالة والتنمية”، رسائل إلى بعض رؤساء اللجن بالمجلس “رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية- رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة- رئيس لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى- رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية”، تدعو فيها إلى عقد لقاءات عاجلة للتداول في موضوع الجفاف.
وطالبت المعارضة في رسائلها بضرورة حضور وزير الاقتصاد والمالية، ووزير التجهيز والماء، ووزير الداخلية، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، للاجتماعات المتفرقة التي من المرتقب أن تعقدها اللجن بالبرلمان.
وأوضحت فرق ومجموعة المعارضة، أن للجفاف تداعيات اقتصادية واجتماعية، لاسيما على القدرة الشرائية للمواطنين، ومن ثم فالحكومة مدعوة إلى بلورة برنامج استعجالي للتخفيف من آثار هذه الآفة، ومراجعة اختيارات وتوجهات السياسة المالية للحكومة في هذه الأزمة، لدعم الفئات المتضررة بالعالم القروي والجبلي.
ووقف المصدر ذاته، عند “أزمة ندرة الموارد المائية في ظل تراجع حقينة السدود”، داعية وزير التجهيز والماء إلى استعراض التدابير الاستعجالية المتخذة لضمان الأمن المائي، مشيرة إلى أن أزمة المياه ستتفاقم هذه السنة بسبب الخصاص الذي عرفته هذه المادة، بالنظر لقلة كمية الأمطار المسجلة، “وهو الأمر الذي يندر بموجة عطش بدأت تلوح من الآن في عدد من المناطق القروية والجبلية، بالإضافة إلى الآثار الوخيمة على الفلاحة وتربية المواشي”.
وترى المعارضة بمجلس النواب أن هذا الوضع “يستدعي سن خطة عاجلة لتدبير الندرة المائية وإضفاء الحكامة على توزيع المياه بشكل منصف وعادل، مع تكثيف المراقبة وتمكين السكان الأكثر تضررا بالمناطق القروية والجبلية من هذه المادة الأساسية”.
وتبقى ساكنة المناطق القروية والجبلية المتضرر الأول من أزمة الجفاف، وهو ما يستدعي وضع مخطط استعجالي للحد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لرصد مختلف الإشكالات والانشغالات ذات الصلة بالوضعية المتأزمة التي تعرفها عدة مناطق من المملكة.
وترى المعارضة أن الأسئلة الكبرى تنصب على تأزم وضعية الفلاحين والكسابين، لاسيما في ظل غلاء الأعلاف المركبة وقلة الأعلاف الموزعة، وأيضا إشكالية ندرة المياه سواء الخاصة بالشرب أو الري أو توريد الماشية، بالإضافة إلى الإشكاليات الاجتماعية المترتبة عن هذه الوضعية المتأزمة.
ولم تفت فرق ومجموعة المعارضة تنبيه الحكومة إلى أن الشحنات المدعمة من الأعلاف للماشية، لا تفي بالغرض، الأمر الذي يهدد القطيع بالنفوق، كما حدث في العديد من مناطق المملكة، علاوة على ما يطرحه هذا الأمر بالنسبة لوفرة بعض المنتجات الغذائية كالحليب ومشتقاته، ناهيك عن الوضعية المتأزمة للفلاحين بسبب المديونية إزاء القرض الفلاحي ومختلف الإكراهات الاجتماعية.
من جانبه، سبق وأن أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، يوم الخميس الماضي بالرباط، أن الحكومة ستطلق “قريبا” مجموعة من المبادرات تهم الموسم الفلاحي الحالي.
وقال بايتاس في رده على سؤال، خلال ندوة صحافية عقب اجتماع مجلس الحكومة، إن الحكومة تتابع موضوع تأخر التساقطات المطرية “بالجدية المطلوبة”، و”ستطلق في هذا الصدد مجموعة من المبادرات قريبا”.
وفي سياق متصل، ذكر بايتاس أن السنة الفلاحية الماضية كانت متميزة، وساهمت في تحقيق قيمة مضافة فلاحية مرتفعة، ومكنت من توفير إمكانيات على مستوى الكلأ والأعلاف.
يوسف الخيدر