تعتبر الأزمات المالية والإقتصادية إحدى أبرز الظواهر الإقتصادية التي يكون لها أثرا عميقا على حركة النشاط الاقتصادي وعلى العلاقات الاقتصادية الدولية.
وتحتاج الأزمات المالية، مدة زمنية قد تكون طويلة جدا، للتعافي من آثارها السلبية، كما أنها تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعلم بشكل عام والدولة المعنية بشكل خاص.وأمست الأزمات المالية والاقتصادية من أبرز سمات العقود الأخيرة، مثيرة اهتمام اهتمام الكتّاب والباحثين والاقتصاديين وحتى السياسيين في مختلف دول العالم وتطور الفكر الاقتصادي الذي يتناول الأزمات ويبحث في مسبباتها وكيفية معالجتها.
ولا غرو أن الأزمات الإقتصادية والمالية لها آثار سلبية عديدة تتعدى الجانب الاقتصادي ممتدة إلى الجوانب الأخرى كالسياسية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، لذا فإن دول العالم تحاول قدر الإمكان التخفيف من آثار هذه الأزمات.
وفي هذا الصدد، سنحاول خلال هذه الفقرة اليومية طيلة هذا الفضيل، تسليط الضوء على أبرز الأزمات الاقتصادية التي عرفها العالم، مسلطين الضوء على سياقها وأبرز أسبابها ونتائجها.
“أزمة لبنان الاقتصادية 3/3”
وسنتطرق في فقرة اليوم، لأزمة “لبنان الاقتصادية”، في جزئها الثالث والأخير، حيث سنعرج على سبل التعافي، في ظل استمرار الأزمة. وفي هذا الصدد فقد أعلن صندوق النقد الدولي، بداية الشهر الجاري، توصله إلى اتفاق مبدئي مع السلطات اللبنانية، على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات، لمساعدة البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي.
وقال راميريز ريغو الذي ترأس وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان، في بيان، إنه في حال تمت الموافقة على الخطة من قبل إدارة الصندوق ومجلس إدارته، ستندرج المساعدة المرسلة إلى لبنان في إطار “دعم خطة السلطات الإصلاحية لإعادة النمو والاستقرار المالي”.
غير أن الموافقة رهن بـ”تنفيذ جميع الإجراءات المسبقة، وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين”، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
وأضاف ريغو أن “عدة سنوات من سياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة”، أدت إلى الأزمة التي بلغت ذروتها في 2020، عندما تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية للمرة الأولى في تاريخه.
وخسرت العملة الوطنية نحو 90 بالمئة من قيمتها في السوق السوداء، وأصبح 4 من كل 5 لبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، في أزمة فاقمها تضخم تجاوزت نسبته 100 بالمئة.
وقال ريغو: “لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة، أدت إلى انكماش اقتصادي هائل وزيادة كبيرة في الفقر والبطالة والهجرة”.
واستفحلت الأزمة من جراء جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
وسيفرج عن مبالغ المساعدات في إطار “تسهيل الصندوق الممدد”، لكن بعد أن يوافق البرلمان اللبناني على ميزانية عام 2022، وعلى قانون جديد للسرية المصرفية لمحاربة الفساد.
وسيتطلب ذلك أيضا موافقة الحكومة على برنامج لإعادة هيكلة الدين، مع “مشاركة كافية من الدائنين لاستعادة القدرة على سداد الدين وسد فجوات التمويل”.
وأكد ريغو أن المسؤولين “عبروا عن التزامهم القومي بهذا البرنامج الإصلاحي، ومواصلة التنفيذ الحازم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة”.
وفي سياق متصل، أعلنت جمعية أبناك لبنان الأسبوع الماضي، رفضها لخطة التعافي الاقتصادي التي أعدتها الحكومة للخروج من الأزمة غير المسبوقة التي تشهدها البلاد.
واعتبرت الجمعية، في بيان لها، أن الخطة المعروضة من قبل الحكومة تذهب لـ”تحميل المصارف والمودعين القسم شبه الكامل من الخسارة، التي نتجت عن السياسات التي اعتمدتها الدولة بحكوماتها المتعاقبة ومصرف لبنان”.
وأعربت عن رفضها لهذه الخطة “الكارثية والمخالفة للدستور اللبناني ولسائر القواعد القانونية المرعية الإجراء، جملة وتفصيلا”.
وذكرت أنها كلفت مستشاريها القانونيين بـ”دراسة وعرض مروحة الإجراءات القضائية الكفيلة بحماية وتحصيل حقوق المصارف والمودعين، توخيا للمباشرة بما تراه مناسبا منها في هذا الصدد”.
يذكر أن صندوق النقد الدولي يشترط، لإقرار برنامج تمويلي لخطة التعافي التي أعدتها الحكومة اللبنانية، مباشرة عدة إصلاحات، لا سيما قانون مراقبة السحوبات والتحويلات البنكية، المعروف بـ”الكابيتال كونترول”، وتعديل قانون السرية البنكية وإعادة تأهيل القطاع المصرفي، علاوة على إعداد ميزانية تتضمن إصلاحات أخرى ضرورية.
وكان الصندوق قد أعلن في سابع أبريل الجاري، توصله إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة اللبنانية لتمويل بقيمة 3 ملايير دولار، يصرف على مدى 4 سنوات، وفق برنامج يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية.
ويعاني لبنان، منذ أكثر من عامين، أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
> عبد الصمد ادنيدن