الحرب الروسية الأوكرانية.. – الحلقة 20-

عرفت الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت منذ 24 فبراير 2022، اهتماما واسعا من قبل الرأي العام الدولي، نظرا لمكانة البلدين في الساحة العالمية، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، ناهيك عن الجانب التاريخي المعقد الذي تمتد سرديته إلى التطورات الأخيرة في العلاقة المتوترة بين موسكو وكييف.
ويتوالى الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي يصفه الكرملين بـ”العملية العسكرية” المحددة الأهداف، بتدمير المنشآت العسكرية، ونزع سلاح هذا البلد، ودفعه إلى الحياد تجاه حلف الشمال الأطلسي”النيتو”.
ولا توجد حاليا مؤشرات دالة على قرب انتهاء هذه الأزمة التي أرخت بظلالها على العالم، بفعل دمار “الغزو” الذي لحق أوكرانيا، والعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب.
وتعد هذه الحرب الدائرة رحاها فوق الأراضي الأوكرانية، والتي أدت إلى نزوح أزيد من 10 ملايين أوكراني داخل البلاد وخارجها، تطورا حتميا للعلاقات المتشنجة بين الكرملين والغرب، هذا الأخير الذي يقدم مساعدات عسكرية لفائدة القوات الأوكرانية لمواجهة الجيش الروسي، وهو ما يدفع إلى مزيد من المواجهة في الوقت الذي تسير فيه المفاوضات بشكل “ثقيل” على حد وصف وزارة الخارجية الروسية.
ومن خلال هذه الزاوية الرمضانية، سنعيد تركيب قطع “البوزل” لمحاولة فهم ما يجري بين روسيا وأوكرانيا، والوقوف عند تداعيات هذه الحرب، وما سيترتب عنها في المستقبل من إعادة لرسم خريطة العلاقات الدولية، وهو ما ظهر بشكل واضح بتحالف التنين الصيني مع الدب الروسي في وجه الغرب”أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية”.

عقوبات اقتصادية على روسيا

فور اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمنطقتي لوغانسك ودونيتسك بإقليم دونباس شرق أوكرانيا مساء الاثنين 21 فبراير 2022 وبداية دخول قوات عسكرية روسية إليها، ركزت تصريحات المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين على خيبة أملهم في مدى جدية بوتين بالالتزام بقنوات الحوار والبحث عن حلول ديبلوماسية مجدية تجنب المنطقة حربا بعواقب جيوستراتيجية خطيرة. واعتبر المسؤولون أن الخطوة الروسية ما هي إلا تأكيد على نية موسكو غزو أوكرانيا “لا محالة”.

وانتقل الغرب فيما بعد إلى اتخاذ عقوبات اقتصادية في حق روسيا، لثنيها عن الاستمرار في الحرب على أوكرانيا، حيث فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وتايوان وبريطانيا وكندا عقوبات صارمة على روسيا، في محاولة لردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حملته العسكرية ضد أوكرانيا. لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، صرح مباشرة بعد ذلك، بأن هذه العقوبات “غير كافية” نظرا لاستمرار “العدوان الروسي” على بلاده.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن استمرار العدوان الروسي على بلاده يظهر أن العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو ليست كافية. وأضاف زيلينسكي أن العالم يواصل مشاهدة ما يجري في أوكرانيا من بعيد.

وفرض الرئيس الأمريكي جو بايدن موجة من العقوبات على روسيا في إجراءات تمنعها من القيام بأعمال تجارية بعملات رئيسية إلى جانب عقوبات على البنوك والشركات المملوكة للدولة.

كما استهدفت بريطانيا أيضا البنوك الروسية، بالإضافة إلى بعض من أعضاء الدائرة المقربة لبوتين من الروس.

ثم انضمت كندا وسويسرا إلى قائمة الدول التي أعلنت عن إجراءات جديدة ضد روسيا. ومع ذلك، ظلت الصين بمنأى عن هذه التحركات، رافضة وصف تصرفات روسيا بأنها “غزو”.

من جانبها، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، على فرض عقوبات على موسكو تستهدف 70 بالمئة من السوق المصرفية الروسية والشركات الرئيسية المملوكة للدولة، ومنها شركات في مجال الدفاع.

وصرح رئيس الوزراء التايواني سو تسينج تشانغ أن الجزيرة ستنضم إلى الدول الديمقراطية في فرض عقوبات على روسيا بسبب غزو أوكرانيا.

وأعلن وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي أن بلاده ستجمد الأصول في بعض البنوك الروسية في إطار العقوبات المفروضة على عملها في أوكرانيا.

وأضاف سوزوكي للصحافيين عقب اجتماع لمجلس الوزراء أن اليابان “تستنكر بشدة” العمل الروسي في أوكرانيا.

وأفاد بأن اليابان تدرس أيضا سبلا فعالة لمواجهة ارتفاع أسعار النفط.

وفيما بعد، قررت الولايات المتحدة وبريطانيا حظر النفط والغاز الروسي في رد على الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعهد الاتحاد الأوروبي بإنهاء اعتماده على صادرات الغاز من روسيا بحلول عام 2030. ومثل الإعلان تصعيدا للعقوبات التي كانت القوى الغربية قد فرضتها بالفعل على موسكو منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأطلق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا فريق عمل عبر المحيط الأطلسي لتحديد وتجميد أصول الأفراد والشركات الخاضعة للعقوبات. كما أعلنت بريطانيا عزمها فرض قيود على منح “التأشيرات الذهبية” ، التي سمحت للأثرياء الروس بالحصول على حقوق الإقامة في بريطانيا.

وتعليقا على كل العقوبات التي اتخذت في حق روسيا، قال فلاديمير بوتين إن سياسة العقوبات التي انتهجها الغرب والتي كانت تهدف إلى توجيه ضربة خاطفة للاقتصاد الروسي قد فشلت.

وأضاف الرئيس الروسي في كلمة خلال اجتماع حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية: “من الواضح أن العامل السلبي الرئيسي للاقتصاد في الآونة الأخيرة هو ضغط العقوبات التي تفرضها الدول الغربية”، مشيرا إلى أن “الهدف كان تقويض الوضع المالي والاقتصادي في بلدنا بسرعة، وإثارة الذعر في الأسواق، وانهيار النظام المصرفي، ونقص السلع في المتاجر على نطاق واسع”.

وأكد بوتين أن العقوبات الغربية فشلت في تحقيق هدفها، موضحا: “يمكننا بالفعل أن نقول بثقة إن مثل هذه السياسة تجاه روسيا قد فشلت … وأن استراتيجية الحرب الخاطفة الاقتصادية فشلت”.

وقال الرئيس الروسي: “بالإضافة إلى ذلك، لم تمر العقوبات على المبادرين أنفسهم عبثا. وأقصد بذلك نمو التضخم والبطالة، وتدهور الديناميكية الاقتصادية في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتدهور مستوى معيشة الأوروبيين، وانخفاض قيمة مدخراتهم”.

وفي سياق متصل، أفاد البنك المركزي الروسي، بأن احتياطيات روسيا الدولية ارتفعت في الأسبوع المنتهي بتاريخ 15 أبريل، بواقع 1.7 مليار دولار ووصلت إلى 611.1 مليار دولار.

وأشار المركزي الروسي في بيان له إلى أن الاحتياطيات التي تتضمن ذهبا ونقدا أجنبيا، زادت في الفترة من 8 أبريل الجاري وحتى 15 من الشهر نفسه بنسبة 0.3% أو بواقع 1.7 مليار دولار.

وللمقارنة فإن الاحتياطيات الدولية بلغت في 8 أبريل 2022 مستوى 609.4 مليار دولار. واحتياطيات روسيا الدولية أصول أجنبية عالية السيولة تشمل النقد الأجنبي والذهب وحقوق السحب الخاص.

> إعداد: يوسف الخيدر

Related posts

Top