يقع موقع البناء الأهم استراتيجيا في ألمانيا في نهاية رصيف على ساحل بحر الشمال حيث ينشئ عمال أول محطة في البلاد لاستيراد الغاز الطبيعي المسال.
واعتبارا من الشتاء، سيصبح بإمكان المنصة القريبة من ميناء فيلهمسهافن توفير ما يعادل 20 في المئة من الغاز الذي كان يتم استيراده من روسيا.
منذ غزوها أوكرانيا، خفضت موسكو إمدادات الغاز إلى ألمانيا بينما تضرر خطا أنابيب نورد ستريم اللذان كانا يحملان كميات هائلة من الغاز تمر عبر بحر البلطيق إلى أوروبا الأسبوع الماضي في إطار ما وصفه تقرير دنماركي-سويدي بـ”العمل المتعمد”.
وفي إطار بحثها عن مصادر بديلة، أنفقت الحكومة الألمانية المليارات على خمسة مشاريع تشبه ذاك المقام في فيلهمسهافن.
ويفترض أن يكون بإمكان الأسطول الجديد التعامل مع كمية إجمالية من الغاز تبلغ حوالي 25 مليار متر مكعب في السنة، وهو ما يعادل تقريبا نصف القدرة الاستيعابية لخط أنابيب نورد ستريم 1.
في الموقع في فيلهلمسهافن، ترش المنصة الخرسانية الواقعة في البحر والتي لم يكتمل غير نصفها بعد رذاذا خفيفا على عمال بسترات صفراء فاقعة.
وعلى اليابسة، توصل شاحنات أجزاء من أنبوب سيربط المحطة بشبكة الغاز.
وتسمح محطات الغاز الطبيعي المسال باستيراد الغاز الطبيعي عبر البحر بعدما تم تبريده وتحويله إلى سائل لتسهيل نقله.
وتم ربط سفينة متخصصة تعرف بـFSRU والتي يمكنها تخزين الوقود وتحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز جاهز للاستخدام، بالمنصة لاستكمال عمليات الإنشاء.
وبخلاف بلدان أوروبية أخرى، لم تكن ألمانيا تملك حتى الآن محطة للغاز الطبيعي المسال، إذ اعتمدت بدلا من ذلك على الإمدادات الروسية المنخفضة الكلفة نسبيا.
لكن منذ غزو أوكرانيا، عملت ألمانيا على تخفيف اعتمادها على صادرات الغاز الروسية التي كانت في السابق تشك ل 55 في المئة من إمداداتها.
ومن أجل تنويع مصادرها وضمان تأمين كميات كافية من إمدادات الوقود والمحافظة على نشاط مصانعها، راهنت برلين بشكل كبير على الغاز الطبيعي المسال لسد الثغرة التي خلفتها الواردات الروسية.
والأسبوع الماضي، وقع المستشار أولاف شولتس اتفاقا مع الإمارات العربية المتحدة بشأن إمدادات الغاز الطبيعي المسال، بينما قام بجولة في دول خليجية بحثا عن مصادر جديدة.
ويكلف استئجار برلين خمس سفن FSRU لربطها بالمحطات الجديدة ثلاثة مليارات يورو (2,9 مليار دولار).
بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، أقرت ألمانيا قانونا لتسريع عملية الموافقة على محطات الغاز الطبيعي المسال.
وفي فيلهلمسهافن، يتطور العمل سريعا. وقال فولغر كريتز الذي يدير المشروع لصالح شركة الطاقة الألمانية “يونيبر” إنه من المقرر أن ينتهي العمل على المحطة “هذا الشتاء”.
وتقدمت أعمال البناء بسرعة مفاجئة نظرا لأهمية المحطة الاستراتيجية. وقال كريتز لفرانس برس “عادة، يستغرق مشروع من هذا النوع ما بين خمس وست سنوات”.
ورحب العديد من سكان فيلهلمسهافن بالمحطة الجديدة حيث أدى تقليص النشاط الصناعي إلى رفع معدل البطالة إلى 10 في المئة، وهو ضعف المعدل الوطني.
وقالت إنغرد شون (55 عاما) لفرانس برس “أمر جيد أنها في فيلهلمسهافن.. سيجلب ذلك الوظائف”.
وتأتي المعارضة من مجموعات تخشى من تأثير المهل الزمنية السريعة لإصدار الموافقات وأعمال البناء على البيئة.
وأغلق ناشطون من مجموعة Ende Gelaende الموقع في فيلهلمسهافن لمدة يوم في غشت.
وذكرت منظمة DUH البيئية الألمانية أن الأعمال “ستدمر الأنظمة البيئية الحساسة إلى حد لا يمكن إصلاحه مع تعريض مواطن خنازير البحر إلى الخطر”.
وشكل مصدر الوقود نقطة خلافية في ظل المخاوف من أن الغاز الطبيعي الذي يتم إنتاجه بتقنية التصديع المائي في الولايات المتحدة يمكن استيراده عبر المحطة الجديدة.
وقلل وزير الاقتصاد روبرت هابيك المنتمي إلى حزب الخضر من أهمية الانتقادات الموجهة للمشروع، بينما شدد على أن “أمن الطاقة” يمثل أولوية.
ومن المقرر بحلول العام 2030 أن يتم تحويل نشاطات الموقع إلى استيراد الهيدروجين الصديق للبيئة والذي يتم إنتاجه بمصادر الطاقة المتجددة، وتدعمه برلين كجزء من خطتها للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة.
< أ.ف.ب