نائبان لبنانيان يعتصمان أمام البرلمان احتجاجا على عدم انتخاب رئيس للجمهورية

ينفذ نائبان معارضان اعتصاما مفتوحا منذ ظهر الخميس داخل قاعة مجلس النواب اللبناني، في خطوة غير مسبوقة لحض البرلمان على عقد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، في وقت تتعمق أزمة البلاد الاقتصادية والسياسية.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر، فشل البرلمان الخميس للمرة الحادية عشرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصا أن أي فريق سياسي لا يملك أكثرية برلمانية تخو له إيصال مرشح.
وأمضى النائبان ملحم خلف ونجاة عون ليلة الخميس الجمعة في القاعة العامة لمجلس النواب.
وقالت عون، وهي أكاديمية وخبيرة بيئية، في شريط مصور من قاعة البرلمان صباح الجمعة “نمنا الليلة هنا.. نعتقد أنه نهار جديد وأمل جديد” للبنان.
وأكد خلف، النقيب السابق لمحامي بيروت والحقوقي المخضرم، لوكالة فرانس برس الجمعة “نحن باقون في القاعة العامة لمجلس النواب، وندعو النواب إلى القيام بمسؤولياتهم وصولا إلى انتخاب رئيس”.
وأضاف “ممارستنا لهذا الحق الدستوري محاولة للدفع باتجاه إعادة تكوين السلطة المسؤولة عن الشعب” الذي يعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة صن فها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ولم يغادر النائبان المنضويان في كتلة معارضة انبثقت من حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها لبنان ضد الطبقة السياسية في خريف 2019، قاعة البرلمان إثر انتهاء جلسة كانت مخصصة ظهر الخميس لانتخاب رئيس للبلاد.
واعتبر خلف في رسالة إلى اللبنانيين الخميس أن انتخاب “الرئيس الإنقاذي أضحى أمرا ملحا أكثر من أي وقت لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية وانطلاق قطار الإنقاذ”. وأكد بقاءه داخل البرلمان “دفعا لانتخاب رئيس للجمهورية بدورات متتالية من دون انقطاع”.
ومنذ انتهاء الجلسة، لم يسمح للصحافيين بالدخول إلى البرلمان.
ومنذ مساء الخميس قصد نواب متضامنون مع خلف وعون القاعة العامة لمجلس النواب.
ونشر بعضهم صورا ومقاطع فيديو تظهر انقطاع الكهرباء ليلا داخل القاعة واعتمادهم على أضواء الهواتف الخلوية للإنارة وإجراء مقابلات صحافية.
وقال النائب فراس حمدان في مقطع مصور من البرلمان على ضوء الهاتف الخلوي “نحن في مجلس النواب شأننا شأن كل اللبنانيين في العتمة لأن البلد وصل اليوم إلى الحضيض والانهيار”.
وتجمع عشرات الناشطين بعد ظهر الجمعة في محيط البرلمان وسط انتشار كثيف لقوات الأمن، على ما أفاد مصور في وكالة فرانس برس، بعد دعوات تم تداولها على مواقع التواصل الخميس دعت إلى اعتصام من أجل “وقف مسرحية التعطيل ودرء خطر الانهيار الشامل”.
وليس هناك من مرشح معلن حتى الآن للانتخابات إلا النائب ميشال معوض الذي يحظى بتأييد جزء من النواب المعارضين لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان. لكنهم لا يتمتعون بالأكثرية المطلوبة لإيصاله. وينادي حزب الله برئيس “توافقي”، لكن خصومه يتهمونه بعرقلة العملية الانتخابية من أجل إيصال مرشحه غير المعلن من جانبه، وهو النائب والوزير السابق سليمان فرنجية.
في 2016، وصل ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية بدعم واضح من حزب الله، وبعد شغور استمر سنتين ونصفا، واستنادا إلى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه.
ويقول الباحث في مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط مايكل يونغ لفرانس برس إن اعتصام النائبين “يعكس إحباطهما”، لكن في الوقت ذاته “لا تأثير له” على الجمود السياسي القائم.
ويضيف “كما جرت العادة، يتطلع الجميع إلى حلفائهم ورعاتهم الإقليميين. لذا يجب توفر نوع من التفاهم الإقليمي، وكذلك مع الفرنسيين والأميركيين والإيرانيين والقطريين، من أجل دفع اللاعبين المحليين للسير في اتفاق”.
وبسبب الانقسام السياسي الحاد، يصعب انتخاب رئيس من دون تسوية ما، أو ضغط ما.
وتقول مصادر دبلوماسية إن فرنسا التي زار رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت لمرتين منذ صيف 2020، تعتزم تنظيم اجتماع يجمع السعودية والولايات المتحدة، في محاولة لكسر الجمود القائم.
ويتزامن الجمود السياسي مع تدهور اقتصادي مستمر لم يوفر شريحة اجتماعية أو قطاعا من تداعياته. ويفاقم التدهور المستمر في قيمة الليرة الوضع سوءا، إذ تجاوز سعر الصرف الخميس عتبة خمسين ألفا مقابل الدولار في السوق السوداء، في مستوى قياسي.
وفشلت السلطات حتى الآن في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزف الحاصل.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف ليل الخميس “اليوم، في غياب رئيس وحكومة مكتملة الصلاحيات ومجلس نواب مشرع، قدرة لبنان على صنع القرار مشلولة ويتكبد خسائر اقتصادية”، مضيفا “لقد حان الوقت للتصدي لهذه التحديات”.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية، يعاني 1,29 مليون مقيم لبناني و700 ألف لاجئ سوري من انعدام الأمن الغذائي، وفق تقرير صدر الأربعاء عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية.
وجاء في بيان مشترك أن “انخفاض قيمة العملة ورفع الدعم وارتفاع تكاليف المعيشة تمنع الأسر من الحصول على ما يكفي من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى كل يوم”. وتوقع التقرير أن يتفاقم الوضع خلال الأشهر المقبلة.

أ.ف.ب

Related posts

Top