الدلالات السياسية والاقتصادية لزيارة الرئيس الفرنسي للمملكة المغربية

ينهي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يومه الأربعاء، زيارته للمغرب الرامية إلى توطيد العلاقات بين باريس والرباط ومسح ذاكرة الفتور التي استمرت بين البلدين لسنوات.
تبدو الزيارة في ظاهرها بروتوكولية، إلا أنها تكتسب أهمية مضاعفة باعتبارها أول زيارة يقوم بها ماكرون إلى المغرب منذ 2018، فضلا عن أنها تأتي بعد نحو ثلاث سنوات من التوتر والفتور الدبلوماسي بين باريس والرباط.
وكانت فرنسا قد مهدت لهذه الزيارة من خلال إعلان دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء، وتوجت الزيارة بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين باعتبار المغرب شريك فرنسا التجاري الأول بالقارة الإفريقية.
وفي هذا السياق تواصلت جريدة بيان اليوم مع الدكتور مصطفى القاسيمي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، حيث أوضح المتحدث، أن زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون إلى المملكة المغربية لها أهمية ودلالة كبرى، تتمثل في الأساس أفي كون فرنسا هي دولة كبرى لها أهمية تاريخية في علاقتها بالمغرب، فلطالما لعبت فرنسا سابقا دور الحماية للمغرب في مرحلة معينة، وتتجلى أهمية هذه الزيارة أيضا أن فرنسا هي عضو دائم بمجلس الأمن ولها حق الاعتراض والتصويت، وهذا أساسي بالنسبة للدور الذي تقوم به فرنسا على المستوى الدولي.
ويشدد مصطفى القاسيمي في تصريحه للجريدة، على أن فرنسا دولة فاعلة حاضرة بقوة على المستوى الأوروبي بجانب ألمانيا.
أما في ما يخص الدلالات السياسية للزيارة، فأوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن البلدين تجمعهما علاقات مثينة، بالرغم من توترات سابقة ليست لها آثار على العلاقة مع فرنسا التي تظل شريك أساسي على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى العلاقات المغربية الفرنسية.
وأكد ذات المتحدث أن هذه الزيارة هي إثبات للمجتمع الدولي ولأوروبا، أن فرنسا تدعم بقوة لقضيتنا الوطنية، فهذه الزيارة تكريس لما صرح به ماكرون سابقا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، فالرئيس الفرنسي شدد على أن الحل الأمثل هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، فكل ما قاله وأعلن عنه ماكرون وأغلب الفاعلين السياسيين الفرنسيين أن فرنسا ستقوم بإحداث قنصلية في الأقاليم الجنوبية هو إثبات لقوة العلاقة بين البلدين.
وخلص القاسيمي، في تصريحه، إلى أن الزيارة الفرنسية ستترتب عنها نتائج مهمة على مستوى العلاقات الاقتصادية المغربية الفرنسية التي ستنبتي على علاقة (رابح- رابح) بالنسبة للبلدين.
وفي سياق متصل تواصلت جريدة بيان اليوم، مع الأستاذ محمد شقير، باحث ومحلل سياسي، حيث أوضح في تصريحه أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية تكتسي مجموعة من الدلالات السياسية والاقتصادية، فالدلالة السياسية يقول الباحث : “جاءت بعد توتر العلاقات السياسية بين البلدين والتي استمرت تقريبا أكثر من سنتين، والتي انتهت بكل تأكيد إلى استجابة إدارة ماكرون للشروط التي وضعها جلالة الملك محمد السادس في خطابه والتي أكد فيها أن تعامله مع شركائه، سيكون وفق منظار الصحراء، بالرغم من المناورات التي قامت بها إدارة ماكرون، والتي انتهت في آخر المطاف إلى الانصياع لهذه الشروط، وهذا بحد ذاته يعتبر استقلال ثاني للمغرب، فالاستقلال الأول كان سنة 1956، والاستقلال الثاني أتى من خلال استجابة ماكرون لشروط المغرب، والذي جعل من الديبلوماسية المغربية ديبلوماسية مستقلة حاسمة تستطيع فرض نديتها على دولة كانت تستعمرها في السابق”.
أما من الناحية الاقتصادية يقول المحلل السياسي محمد شقير في تصريحه لبيان اليوم أن “هذه الزيارة ستشكل تدشينا لشراكة اقتصادية جديدة، تقوم في الأساس على محاولة فرنسا استعادة نفوذها بعد تراجع النفوذ الاقتصادي لصالح اسبانيا وغيرها، فالزيارة قامت على إبرام مجموعة من الاتفاقات التي تضمنت مبالغ استثمارية ضخمة تناهز خمس مليار أورو كما هو متداول، والتي ستهم مجموعة من القطاعات، كالطاقة الخضراء أو ما يتعلق بتحلية المياه، والسكك الحديدية، بالإضافة إلى إمكانية أن تشتمل هذه الاتفاقيات على إبرام اتفاقية اقتناء المغرب مجموعة من الهيلوكبتيرات بالإضافة إلى اقتناء غواصة البحرية الملكية.”
وشدد شقير على أن الزيارة التي اتخذت شكل زيارة دولة هي زيارة متميزة بالنظر للوفد رفيع المستوى الذي رافق الرئيس الفرنسي والذي ضم وزراء وفاعلين سياسيين وكذلك فاعلين ثقافيين أيضا، مؤكدا على أن إلقاء ماكرون لخطاب أمام مجلس البرلمان اتخذ صفة تؤكد مثانة العلاقات المغربية الفرنسية.
وذكر شقير في تصريحه بالخطاب الذي ألقاه الملك الراحل الحسن الثاني أمام الجمعية الوطنية، والخطاب الذي ألقاه جاك شيراك، حيث شبهه بخطاب ماكرون. وخلص المتحدث بقوله : “العلاقات بين البلدين لا تتخذ طابعا فرديا بقدر ما تتخذ طابعا مؤسساتيا وتمثيليا مجسدا في الخطاب الذي ألقي في مجلس البرلمان”.

< هاجر العزوزي

Top