في هذا الاستطلاع الذي يتعلق بأهم وأبرز الأحداث الثقافية التي ميزت السنة التي نحن بصدد توديعها، صرح نخبة من الأدباء المغاربة لبيان اليوم، بأنها لم تكن سنة عقيمة ثقافيا، بل كانت هناك حركية لافتة، خصوصا على مستوى المشاريع الثقافية التي أخذت وزارة الثقافة على عاتقها مسؤولية دعمها، كما تحدث هؤلاء الأدباء عن مجموعة من الأنشطة التي من المفترض أن يكونوا قد تابعوها وأثارت إعجابهم، إضافة إلى الظروف التي مرت بهم خلال السنة نفسها، سواء كانت هذه الظروف حسنة أم سيئة، وكذلك انتظاراتهم وتطلعاتهم للسنة القادمة.
الأديب محمد صوف: أهم حدث ثقافي هو نشر عدد كبير من الأعمال لكتاب مغاربة
يشير الأديب محمد صوف إلى أن أهم كتاب قرأه خلال السنة التي نحن بصدد توديعها، هو كتاب المفكر السوداني الراحل محمد محمود طه” نحو مشروع مستقبلي للإسلام” لما فيه من اجتهاد، وإن جاءت قراءته متأخرة .. وشاهد مسرحية واحدة هذه السنة من إخراج الأستاذ مسعود بوحسين وتأليف الأستاذ حسن هموش، وهي بمثابة تحيين لعالم موليير، مبديا أسفه إلى أنه لم يشاهد غيرها، أما عن السينما فشريط “جوق العميين” لمحمد مفتكر يعتبر أهم ما شاهده هذه السنة.
وحول أبرز حدث ثقافي ميز السنة، يوضح صوف قائلا: “يبدو لي أن الحياة الثقافية تشكو من قلة الأحداث الهامة ومع ذلك أستطيع أن أشير إلى نشر عدد من الأعمال لكتاب مغاربة من طرف وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب يفوق ما طبع في السابق.
أما أهم إنجاز ثقافي وإبداعي حققه خلال نفس السنة؛ فيجيب بالقول: “يصعب علي أن أتحدث عن الأهم، ما دام الحديث عن هذه السنة، غير أنني أصدرت مجموعة قصصية بعنوان زمن عبد الرؤوف، أعتبرها آخر عمل قصصي لي والأخير”.
وفي ما يخص تقييمه للبرمجة التلفزية المغربية، على امتداد السنة نفسها، قال إنه من العسير أن يرد على هذا السؤال لعدم متابعته للبرامج التلفزية، غير أنه اعترف بكونه شاهد بين الفينة والأخرى برنامج”45 دقيقة” لدخوله في نطاق صحافة التحري”.
وعن أسعد لحظة عاشها، أكد على أن ذلك يحدث حين يعلم بأن عملا مغربيا سواء في الفن أو في الأدب استطاع أن يثير اهتمام العالم العربي.. كوصول إبداعات مغربية إلى المرحلة الأخيرة من جائزة البوكر”، في حين أن أسوأ لحظة بالنسبة إليه، هي عندما فقد صديقا من فصيلة المرحوم مصطفى المسناوي الذي اختطفه الموت في عز عطائه.
تحدث كذلك عن الكيفية التي ينوي بها قضاء رأس السنة الجديدة، مذكرا بأنه كعادته كل سنة، يقضيها في البيت، يشاهد شريطا مختارا ويترقب سهرة مختلفة عبر الفضائيات.
وعن انتظاراته وتطلعاته للسنة القادمة، اعتبرها أنها مجرد انتظارات كل مغربي، خطوات أفضل نحو ديموقراطية حقيقية.
****
الأديب إدريس الصغير:لم أشاهد أي عرض مسرحي يستحق الذكر
في حديثه عن أهم كتاب قرأه خلال السنة المنصرمة، أوضح الأديب إدريس الصغير أنه اكتفى بإعادة قراءة كتب قديمة سبق له أن قرأها في شبابه، بما فيها كتب كانت مقررة عليهم في كلية الآداب في منتصف الستينيات من القرن الماضي. في هذه السباحة الاسترجاعية-يوضح الإدريس الصغير- مفاجئات لاحصر لها، بعضها سار وبعضها الآخر محزن. وأغلبها في شقها المدرسي التعليمي الأكاديمي لاطعم له ولالون. ويبقى الإبداع وحده سلوته في رحلة استغرقت من حياته سنة. أما في الشق المتعلق بالعروض المسرحية؛ فقد اعترف بأنه لم يشاهد خلال هذه السنة أي عرض مسرحي يستحق الذكر، ولا أتيحت له فرصة مشاهدة أفلام جديدة، غير أن كل ما وصلت إليه يده هو إعادة أفلام سبق له أن أعجب بها. معتبرا ذلك مجرد نوستالجيا.
وحول أهم إنجاز ثقافي وإبداعي حققه، ذكر أنه هيأ عملين أدبيين: رواية، ومجموعة قصصية، وهو حاليا ينتظر توزيعهما قريبا.
أما أبرز حدث ثقافي عاشه؛ فيتمثل في تكريمه لأول مرة من طرف جمعية النجم الأحمر بمدينة بلقصيري.
وعند تقييمه للبرمجة التلفزية المغربية، أصر على القول إن “التلفزيون كارثة كبرى في جل دول العالم. وهو الكارثة الأكبر في وطننا. ينشر التخلف والبلادة وينزل بالأذواق إلى الحضيض بسرعة مذهلة”.
واعترف بأنه لم تكن هناك أسعد لحظة خلال هذه السنة، مذكرا بأنه افتقد السعادة منذ سنوات طويلة.
أما عن أسوئها، فاكتفى بالقول بغير قليل من التشاؤم، إن السنوات الأخيرة من حياته كلها سوء في سوء.
وعن سؤال: كيف ينوي قضاء رأس السنة الجديدة؟ أجاب بالقول إنه في شبابه. وفي مدينة القنيطرة المأسوف على ترييفها. كانوا يستعدون لحفل رأس السنة الميلادية استعدادا خاصا، حيث المراقص تعج بأفواج الراقصين من جميع الجنسيات. كان يحسن الكثير من الرقصات، وفاز في مبارياتها بالكثير من الجوائز. أما هذه السنة، وقد أصبح الحال غير الحال-يضيف قائلا- فلابد إن ظللت حيا أن أكون في منتصف الليل أغط في النوم.
وحول انتظاراته وتطلعاته للسنة القادمة، أكد على أنه كان متشائلا مثل بطل الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي، سعيد أبي النحس. غير أنه أصبح اليوم النحس عينه، وكعراف أحول، يشم بأن الأمور ستزداد تدهورا. متمنيا بأن تكذب الأيام ظنه ويقينه.
***
الناقد الأدبي محمد معتصم: انتظاري كبير بالرغم من المقدمات التي لا تبشر بفسحة أمل كبيرة
وبالنسبة للناقد الأدبي محمد معتصم؛ فإن أهم كتاب قرأه هذه السنة هو “مسار” لعبد الفتاح كيليطو، وهو مجموعة من الحوارات التي أجراها معه عدد من الكتاب والباحثين. مبديا أسفه الشديد لكون هذه السنة لم يذهب إلى المسرح ولم يشاهد بالتالي أي مسرحية، غير أن أهم فيلم شاهده هو: ـ متاهة الصمت لجيولو غيسيارلا ـ
Le labyrinthe du silence ; un film de Giulio Ricciarelli.
وحول أبرز حدث ثقافي أثار اهتمامه وكذلك استغرابه على حد تعبيره، هو خوصصة وزارة الثقافة لبعض المآثر التاريخية والمعالم العمرانية، في مراكش تحديدا.
أما أهم ما إنجاز تمكن من القيام بتحقيقه، خلال نفس السنة، يتمثل في نشره لكتابه الجديد “قراءة الرواية، وكتابة الذات” عن منشورات دار فضاءات في الأردن، وإنجاز ترجمة لكتاب، يقول إنه رافقه مدة طويلة، تحت عنوان “مناهج تحليل النصوص”، مبديا اعتقاده بأنه بسط فيه كثيرا أهم المناهج النقدية المتداولة حديثا.
واعتذر بشدة، عن عدم قدرته على تقييم البرمجة التلفزية المغربية، لسبب بسيط، هو أنه منذ سنوات لا يشاهد التلفزة إلا لماما. وبالتالي، لا رأي له حولها.
وعن أسعد لحظة عاشها في السنة ذاتها، أوضح قائلا: “في الحقيقة اللحظات السعيدة كثيرة جدا، لكن أهمها ما سمعته من آراء حول شخصي وكتاباتي من الصديقات ليلى الأطرش وسحر ملص (الأردن)، وفوزية شويش السالم (الكويت)، والصديقان الناقد حسن المودن، والكاتب الصحافي لحسن العسبي (المغرب)، في برنامج الصديقة العزيزة اسمهان عمور في الإذاعة المغربية”.
وبخصوص أسوأ لحظة، يذكر أنه مرت به أواخر السنة، حيث رأى شخصا يتلذذ في إذلال شخص آخر، لأنه في حاجة لمساعدته المالية؛ فكتب عنه نصا بعنوان “الإنسان-النذل”.
وحول مخططه لقضاء رأس السنة، أوضح أنه في إطار الأسرة، يخططون الاحتفال برأس السنة القادمة بصيغتين: الأولى، أن يكونوا معا هم الأربعة، ثم يحتفلون ببقية اليوم في الدار البيضاء مع والده وأخواته.
وحول انتظاراته، أكد على أنه يتطلع إلى أمور كثيرة، “بالرغم من المقدمات التي لا تبشر بفسحة أمل كبيرة، ومع ذلك، أتمنى أن يكون قلب المسؤولين في الانتخابات القادمة أرق على المواطنين المغاربة”.
****
القاصة والفاعلة الجمعوية فاطمة الزهراء المرابط: مد وجزر
أما القاصة والفاعلة الجمعوية فاطمة الزهراء المرابط؛ فتعتبر بخصوص أهم كتاب قرأته وأهم مسرحية وشريط شاهدتهما، أنه في غياب إنتاجات سينمائية ومسرحية ترقى إلى المستوى المطلوب، تفضل قراءة الكتب لعلها تجد فيها ضالتها؛ فلكل كتاب تقرأه أهمية وقيمة مضافة لرصيدها المعرفي والإبداعي.
وعن أبرز حدث ثقافي؛ فهي لا تعتقد أن هناك حدثا ثقافيا يمكن أن تصفه بالبارز، خاصة وأن الثقافة المغربية يطبعها المد والجزر، وتتأرجح بين نشأة مؤسسات ومهرجانات أدبية وانحلال إطارات وتظاهرات أدبية أخرى.
وذكرت أن مساهمتها في تكريس ثقافة جادة وهادفة من خلال الأنشطة الثقافية التي ينظمها الراصد الوطني للنشر والقراءة على المستوى الوطني، بمثابة أهم إنجاز ثقافي جمعوي حققته، كما اعتبرت صدور كتابها “مبدعون في ضيافة المقهى” الصادر عن المؤسسة نفسها، من أهم إنجازاتها الإبداعية، وهو يعد عصارة خمس سنوات من النبش في طقوس الكتابة لدى المبدعين المغاربة والعرب وعلاقتهم بالمقهى باعتبارها فضاء لممارسة الثقافة والإبداع.
وحول تقييمها للبرمجة التلفزية المغربية، فهي تعتقد أن البرامج التلفزية تحتاج إلى إعادة النظر من طرف المسؤولين، وإلى إشراك المشاهد والمتلقي المغربي في البرمجة، خاصة مع هيمنة المسلسلات الغربية المدبلجة باللهجة العامية والتي تساهم في تشويه اللغة العربية وتدجين العقول الناشئة بشكل خاص، وغيرها من البرامج الترفيهية التافهة والسهرات الفنية الهادفة إلى تسلية المشاهد وتزجية وقته، في غياب برامج ثقافية وتحسيسية، ما يجعلها تتساءل عن طبيعة السياسة التي تنهجها التلفزة المغربية، وإن كانت تحاول تدجين العقول كغيرها من المؤسسات الأخرى المعنية بالتثقيف والتنوير.
وعن أسعد لحظة عاشتها، قالت إنها عندما تحتضن حلمها بين يديها، أما أسوأ لحظة؛ فعندما تحس بالعجز في تحقيق مشروع ما.
وفي اعتبارها أنه لقضاء رأس السنة الجديدة، لا شيء يعادل قضاء اللحظات بين الكتب والأوراق المتناثرة، العالم الوحيد الذي تعشقه بعيدا عن الضجيج.
وعن انتظاراتها وتطلعاتها للسنة القادمة، أكدت على أنها تتطلع إلى وضع ثقافي وإبداعي مغاير، وإلى تحقيق مجموعة من المشاريع الثقافية والإبداعية المؤجلة.