صمت عمر سليمان قد يقوده إلى اقتناص مقعد الرئاسة المصرية
باغت وزير الاستخبارات المصرية العامة السابق اللواء عمر سليمان كافة الدوائر السياسية والأمنية في القاهرة، عندما أعلن اعتزامه الترشح للرئاسة المصرية فور هدوء الأوضاع بحسب تقرير نشرته صحيفة الوفد القاهرية، وعلى خلفية هذه المباغتة وما انطوى عليها من نوايا، توقع خبراء في تصريحات خاصة لـ «إيلاف» إقبال المشهد السياسي في مصر على تحولات مفصلية، ربما تختلف إلى حد كبير عن الواقع الراهن، وما يحمله من أسماء تعتزم خلافة مبارك.
حساسية الحديث عن نوايا عمر سليمان، وانعدام الثقة فيما نشرته الصحيفة المصرية، المحسوبة على التيار المعارض، حدا بعدد من الخبراء إلى الإحجام عن التعليق على ما جاء في الخبر، فثقل رجل الأمن الأول، وثاني أقوى شخصية في النظام المصري السابق، ما زال يفرض نفسه على المراقبين في القاهرة، وربما يعود ذلك إلى ضبابية الوضع الراهن وانعدام فرص التكهن بما قد يحمله المستقبل القريب.
وانطلاقاً من تلك المعطيات، آثر خبراء أمنيون في مصر عدم الكشف عن هويتهم عند التطرق لهذا الموضوع الشائك، خاصة عندما فجّر احدهم قنبلة مدوية اختص بها «إيلاف»، معلناً أن وزير الاستخبارات المصرية العامة السابق، لا زال محتفظاً بنفوذه وثقله الأمني وربما السياسي، رغم أنه محسوباً على نظام مبارك، وأحد رجاله الاوفياء.
وفي حديثه الخاص لـ «إيلاف»، أكد الخبير الأمني الذي رفض بقوة الكشف عن هويته: «إن نفوذ سليمان مازال باقياً، إذ انه شارك بشكل فاعل في مباحثات اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، الذي تم التوقيع عليه في القاهرة مؤخراً، فرغم انحسار الأضواء عن سليمان، ومواقفه الموالية لنظام مبارك، إلا انه كان ولا يزال ملماً بكافة أوراق اللعبة السياسية، خاصة ما يتعلق منها بالفصائل الفلسطينية، والملف الفلسطيني الإسرائيلي، وقضية الجندي الإسرائيلي المخطوف في قطاع غزة جلعاد شاليط».
الحوار مع الجبهة الوطنية
ووفقاً لحديث الخبير الامني المصري مع «إيلاف»، كان سليمان أول المبادرين للحوار أمام الجبهة الوطنية بما في ذلك الإخوان المسلمين، رافضاً إجراء حوار مستقل، غير أن جماعة الإخوان -بحسب الخبير الأمني البارز- نكصت على عقبيها بعد تعهدها المُسبق بعدم اجراء حوار مستقل.
وحول مقدرة عمر سليمان على التعامل مع الملفات الداخلية حال توليه منصب رئيس الجمهورية، قال الخبير الامني في حديثه لـ «إيلاف»: أتصور أن وزير الاستخبارات السابق لديه ما يسمح بضبط الأوضاع حتى إذا كان ذلك بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، سيما مع التنظيمات الراديكالية وفي مقدمتها الإخوان المسلمين، إذ أن عمر سليمان يعلم جيداً كيفية إحكام قبضته على تلابيب نشاط تلك التنظيمات، واعتقد أن رؤاه التي طرحها للحوار أمام الجبهة الوطنية، كان من الممكن أن تتصدر قائمة حلول جذرية لواقع الملفات الداخلية في مصر، خاصة ما يتعلق منها برأس النظام السابق».
وأوضح الخبير الأمني في حديثه أنه من غير المستبعد اختلاف بعض قادة المؤسسة العسكرية أو الاستخباراتية مع رأس النظام، من هنا ليس بالضرورة توافق سليمان أو غيره مع مبارك في كافة الآراء ووجهات النظر، لمجرد ان هؤلاء القادة محسوبين على النظام ويعملون في كنفه، وعلى سبيل المثال كان وزير الدفاع، رئيس المجلس العسكري حالياً المشير محمد حسين طنطاوي من ابرز المعارضين لقضايا الخصخصة في مصر، بالإضافة إلى قضايا أخرى كانت محل خلاف مع الرئيس السابق.
فرص الفوز بمنصب الرئيس
وفيما يخص فرص ترشح وفوز عمر سليمان بمنصب الرئيس، قال الخبير الأمني: «اعتقد أن الفرصة قائمة لكنها في الوقت عينه ضعيفة جداً، فرغم أن سليمان كان يحظى بشعبية واسعة قبل سقوط مبارك، إلا أنني أرى انه فقد تلك الشعبية حالياً، خاصة أنه محسوب على النظام السابق، ولا يتعارض ذلك مع ضرورة توافر شروط القدرة على ضبط دفة البلاد في رئيس مصر القادم، وأظن أن سليمان يتمتع بتلك الكفاءة».
من هذا المنعطف، يستهل الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حديثه الخاص لـ «إيلاف»، إلا أنه لم يستبعد فرص ترشح وفوز عمر سليمان بمنصب رئيس مصر القادم، مشيراً الى ان قواعد اللعبة السياسية في مصر، وما يتعلق منها بخليفة الرئيس السابق، تخالف الاسماء المطروحة حالياً لتولي منصب رئيس الجمهوريةن فرغم كاريزما عمرو موسى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية، وزير الخارجية المصري الاسبق، لكنه ليس معصوماً من عمليات «حرق الشخصيات السياسية» واقترابها من مقعد رئيس الجمهورية، كما حدث مع الدكتور مصطفى الفقي، حينما بزغ نجمه على مسار خلافة عمرو موسى في منصب امين عام الجامعة العربية، إلا أنه خالف كل التوقعات عندما باغت الجميع بأفوله، وسمح لوزير الخارجية السابق نبيل العربي باقتناص المنصب.
على مستوى مغاير يشكك الدكتور فهمي في مدى مصداقية تقرير صحيفة المعارضة المصرية «الوفد»، وما يتعلق منه باعتزام ترشح عمر سليمان للرئاسة، رغم ذلك لا يستبعد فهمي احتمالات ترشحه وغيره من الوجوه المعروفة، فإلى جانب سليمان يلوح في الافق اسم اللواء احمد شفيق، إذ يتمتع هذين الرجلين بفرص كبيرة للترشح والفوز بمقعد الرئاسة.
وبحسب حديث الدكتور طارق فهمي لـ «إيلاف»: رغم ما هو معلن من وجوه جديدة تعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية، إلا أنه تظل قطاعات كبيرة من المصريين تفضل الاستقرار، وتؤمن بأن استقرار الوضع السياسي في مصر يعتمد على تولي وجوه معروفة للحكم مثل عمر سليمان واحمد شفيق، لينحسر الضوء عن فرص البرادعي، والمستشار البسطويسي، والدكتور محمد سليم العوّا، وحمدين الصباحي، وربما عبد المنعم ابو الفتوح مرشح الإخوان المسلمين». وفيما يخص إحجام سليمان عن الترشح للرئاسة حتى الآن، واشتراطه ذلك بهدوء الاوضاع في مصر، وفقاً لتقرير صحيفة الوفد المعارضة، فيؤكد الدكتور طارق فهمي في حديثه لـ «إيلاف»، أن هدوء الاوضاع يعني بالنسبة لعمر سليمان، وربما لأحمد شفيق انتظار الفرصة الجيدة، وتسود التقديرات بأن توافر الفرصة التي يدور الحديث عنها ستفرز وجوهاً أخرى مثل، الدكتور الجويلي، وكمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الاسبق، إلا أن التعامل مع عمر سليمان واحمد شفيق لن يكون على اساس أنهما من بقايا نظام مبارك، وإنما سيعتمد على أن الرجلين لهما تاريخهما السياسي والعسكري، وينعكس ذلك سلباً على اسهم مرشحي النخبة السياسية. ويؤمن الدكتور فهمي بأن الساحة السياسية في مصر لم تفرز حتى الآن ما يُعرف بـ «المرشح البطل» لمقعد رئيس الجمهورية، إذ ترى القاعدة العريضة من الرأي العام أن «مرشح الملايين» لا يزال بعيداً عما يجري على الساحة السياسية.