محمد التفراوتي
أسدل الستار، الأسبوع الماضي، عن أشغال الدورة الرابعة لمعرض التنمية المستدامة والطاقات المتجددة المنظم بمدينة أكادير تحت رعاية وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة والمنظم من قبل جمعية «كرين أطلس» وفق شعار « دور للجهات في مواجهة التحديات المناخية.
واشتمل المعرض على عدة أروقة عرضت مختلف المشاريع البيئية المبتكرة من قبل مؤسسات ومقاولات ومجتمع مدني، لامست عدة محاور همت الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة وإعادة التدوير والفلاحة المستدامة والبنايات الخضراء والسياحة البيئية والمهن البيئية والمنتوجات الخضراء ومختبرات البحث والتنمية..
وتلى الصاحبي محمد كلمة نيابة عن الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، مؤكدا أن اتفاق باريس يعتبر اتفاقا تاريخيا بكل المقاييس وذلك لكونه أول اجتماع عالمي خارج مقر الأمم المتحدة يعرف مشاركة حوالي 150 رئيس دولة فضلا عن مشاركة ومتابعة قياسية لحوالي 40 ألف مشارك، حيث يعد أول اتفاق عالمي حول المناخ يلزم كل الدول 195 المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات من أجل الحد من الاحتباس الحراري وذلك في إطار المبادئ المتعارف عليها في الاتفاقية الإطار حول التغيرات المناخية كالمسؤولية المشتركة والمتباينة، والقدرات المختلفة والعدالة. كما يعتبر اتفاقا وضع اللبنة الأساسية وخارطة طريق لتعزيز التعاون الدولي على المدى المتوسط والبعيد من أجل الحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وحدد هذا الاتفاق العالمي الجديد هدفا عالميا لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض أقل بكثير من درجتين مئويتين ومواصلة الجهود من أجل حصر هذا الارتفاع إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. وهو ما يفرض تقليص شديد لانبعاثات الغازات الدفيئة بحيث يجب على الدول أن تعمل على وقف ارتفاع هذه الغازات في اقرب وقت ممكن أخذا بعين الاعتبار ظروف الدول النامية وذلك في أفق تحقيق التوازن خلال النصف الثاني من القرن الحالي بين الانبعاثات ووسائل الحد منها بما في ذلك أبار الكربون كالغابات.
ومنح الاتفاق أهمية خاصة لمجال التكيف مع التغيرات المناخية في كل المقتضيات المتعلقة في الاتفاق الجديد وتحديد هدف عام حول التكيف من شانه تحسين تنفيذ الالتزامات المتصلة بالتكيف خاصة فيما يتعلق بالرفع من مستوى الدعم.
ثم راجع التعهدات في إطار المساهمات الوطنية (190 دولة قدمت مساهماتها قبل مؤتمر باريس) كل خمس سنوات على أن تجرى أول مراجعة إجبارية ابتداء من سنة 2023. لكن قبل ذلك سيتم إجراء تقييم أولي للأنشطة الجماعية ودعوة الدول إلى مراجعة مساهماتها قبل التاريخ المحدد في الاتفاق خاصة أنه قد تمت دعوة مجموعة الخبراء الدوليين في المناخ (GIEC)إلى إعداد تقرير خاص سنة 2018 من أجل تقييم الآثار المرتقبة لارتفاع درجة الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية.
واعتبر اتفاق باريس التباين والمرونة في تنفيذ الالتزامات بين الدول النامية والدول المتقدمة على أساس أن الدول المتقدمة بحكم مسؤوليتها التاريخية يجب عليها أن تقوم بأخذ الريادة فيما يخص الحد من الانبعاثات والتقييم والتتبث.
وأكد على ضرورة توفير وسائل الدعم من طرف الدول المتقدمة إلى الدول النامية وذلك فيما يخص التمويل ودعم القدرات ونقل التكنولوجيا. وفي هذا الإطار، تم الاتفاق على أن الدول المتقدمة يجب أن تواصل تنفيذ التزاماتها فيما يخص تقديم الموارد المالية والرفع منها ابتداء من 2020 بحيث لا يجب أن تقل عن سقف 100 مليار سنويا وفتح الباب أمام أية مساهمات تطوعية من طرف دول أخرى على أساس أن يتم مراجعة هذا الهدف بعد خمس سنوات.
وتتجلى أولويات اجتماع مراكش «كوب 22» ، المزمع تنظيمه في نونبر الجاري 2016 ، في إعطاء الانطلاقة لآليات تنفيذ اتفاق باريس بتنسيق مع الرئاسة الحالية الفرنسية. ووضع آليات من أجل إعداد المبادئ التوجيهية المتعلقة بالمساهمات الوطنية.ثم دعم التعبئة الدولية من أجل التكيف انطلاقا من مسلسل الفحص التقني بالنسبة للتكيف. وكذا تعزيز الآليات المتعلقة بتحسين العمل في الفترة المتعلقة بما قبل 2020 .
وتسريع تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالدعم المالي للدول النامية وإعطاء انطلاقة مسلسل تحديد منهجية شفافة من أجل تقييم الدعم المالي الموجه نحو الدول النامية، مع بلورة رؤية واضحة على الصعيد العالمي من أجل دعم قدرات الدول النامية في مجال مكافحة التغيرات المناخية. ومواصلة تعبئة المتدخلين الغير الحكوميين في إطار أجندة العمل ليما-باريس-مراكش. ومن هنا تكمن تعبئة كل المتدخلين الو طنيين من جماعات محلية و قطاع خاص و المجتمع المدني عامة من أجل تقديم و تثمين مبادراتها في ميدان محاربة آثار التغيرات المناخية وكذلك استغلال وجود عدد مهم من المانحين الدوليين لتنزيل هذه المشاريع على حيز الوجود.
وأفادت والي جهة سوس ماسة زينب العدوي، أن مفهوم التنمية المستدامة وحماية البيئة أصبح موضوعا رئيسيا في النقاش السياسي والاقتصادي والاجتماعي وطنيا ودوليا، مشيرة إلى التدهور البيئي بالمغرب ونضوب الموارد الطبيعية. مما يتطلب التعاون والتنسيق بين جميع الجهات المعنية على المستوى المحلي والوطني والدولي في أفق معالجة مختلف المشاكل المتعلقة بالتلوث واستنزاف الموارد.
وذكرت السيدة الوالي أن المغرب سيستضيف في أقل من سنة، «كوب 22» اتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري. هذا الموعد النهائي الحاسم، الذي من شأنه أن يعزز ويسلط الضوء على اتفاق دولي يتطلع إلى مكافحة تغير المناخ وتنطبق على جميع البلدان للحفاظ على الاحترار العالمي أقل من 2٪ مئوية.
وتعرضت سوس ماسة، تضيف السيدة الوالي، لظروف مؤلمة ولخطر تقلبات تغير المناخ. مما استوجب تسربع إجراءات التكيف والتخفيف من قبل العديد من المؤسسات عبر إجراءات محلية لتنمية القدرة على مواجهة تغير المناخ وعمليات تحسين المواطنين، ومبادرات في المجال الزراعي وفي معالجة النفايات …ولتسليط الضوء على التجارب الناجحة محليا وضمان رؤية جيدة واستقطاب تمويلات الجهات المانحة، بات من الضروري استغلال بفعالية الفرصة التي يتيحها مؤتمر «كوب 22» ودعت السيدة الولي بالمناسبة جميع المتدخلين المحليين للبدء في التحضير هذا الحدث الاستثنائي.
واستعرض إبراهييم الحافيدي رئيس جهة سوس ماسة الحصيلة العامة للمسار التنموي للجهة متناولا كرونولوجيا الاحداث والمساعي المتخذة بالجهة والأداء البيئي والنجاعة الطاقبة والمنتوجات المحلية .
ومن جهته، أكد محمد النعيم رئيس جمعية «كرين أطلس»، أن المعرض يندرج ضمن رؤية تنسجم مع التحول الذي يشهده العالم على المستوى البيئي خصوصا تغير المناخ، الذي بات الآن حقيقة من حقائق الحياة التي يجب على جميع الدول أن تأخذه بعين الاعتبار في تنفيذ سياساتها في مجال الطاقة وعلى المستوى الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، والثقافي. وبذلك شرع المغرب في نهج استباقي البيئي في جميع القطاعات. وقد تعزز هذا الالتزام من خلال اعتماد الجهوية المتقدمة، وهو ما يمثل خطوة تاريخية في ظهور البعد سياسي واقتصادي للجهات المغربية ووضع إطار للتنمية، مع استحضار الفعالة الاقتصادية والعدالة اجتماعية.
يشار أن الملتقى شهد يومين دراسيين مخصصين لعروض علمية متنوعة عرفا مداخلات لفاعلين أكاديميين وجمعويين ناهزت 19 مداخلة تمحورت حول البيئة وتغير المناخ والاقتصاد الأخضر والزراعة والنجاعة الطاقية في مجال البناء.