اعتبر محمد الكروج مدير وكالة التأمين الفلاحي أن مخطط المغرب الأخضر يسير على قد وسائق لتحقيق أهدافه المعلنة خدمة للفلاحين بصفة عامة، أكانوا كبارا أو صغارا.
وشدد محمد الكروج على أهمية المعرض الدولي للفلاحة بمكناس كمحطة لتعريف الفلاحين بالمستجدات التي تقدم لهم المعلومة والقيمة المضافة، داعيا إياهم إلى تأمين منتجاتهم ومحصولهم تجنبا لتقلبات المناخ.
> ينظم المعرض الدولي بمكناس هذه السنة على إيقاع ارتياح الفلاحين بعد موسم تساقطات منتظمة. ألا تعتقدون أنه، بعد دورات المعرض الإحدى عشرة المنصرمة، حان الوقت للتفكير الجدي في فك ارتباط مستوى الموسم الفلاحي بالمناخ؟
< من دون شك أن التقلبات المناخية ترهن الموسم الفلاحي في المغرب، وهذا ناتج عن أن 75 % من الأراضي المغربية الصالحة للزراعة “بورية”، أي تعتمد على التساقطات المطرية بالدرجة الأولى.
ولكن هذه الإشكالية نحاول تجاوزها عبر برامج مهيكلة، من بينها “البرنامج الوطني لاستعمال الماء”، ويهدف في إطار برنامج المغرب الأخضر إلى إضافة 500 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بصفر ميليمتر من التساقطات المطرية إضافية، أي دعم استعمال التقنيات المقتصدة للماء من 80 % حتى 100%، وهذا قرار حكومي غايته الرفع من المساحة المروية للتخفيف من آثار الجفاف.
ثانياً هناك عمل كبير في ما يخص البحث العلمي، ويركز أساساً على الحبوب، والتي تزرع بكثرة في الأراضي “البورية”، ونعمل على أن يستعمل الفلاحون الأصناف التي تقاوم التقلبات المناخية الصعبة. بالإضافة إلى الاعتماد على الزرع المباشر الذي يحد من آثار تبخر مياه السقي.
بموازاة ذلك، لدينا برنامج الحد من الاحتباس الحراري، ونزرع سنوياً 13 مليون شجرة في إطار مخطط المغرب الأخضر. ونعمل في نفس الإطار مع “الصندوق البيئي العالمي”، واستطعنا من خلالها استقطاب دعم يفوق 225 مليون درهم، رصدت لمختلف الفاعلين في هذا الإطار، إضافة إلى استثمارات وطنية قيمتها تفوق 10 مليارات درهم.
ونحن نعرض على الفلاحين الصغار برامج متنوعة، تتضمن إما الحد من آثار التقلبات المناخية أو التأقلم معها. ما يسمح بالتقليص من آثار التقلبات المناخية على الإنتاجية.
كذلك، نشجع على اللجوء إلى التأمين الفلاحي، لكي لا يجبر الفلاح بعد تكبد الخسائر جراء انحصار التساقطات المطرية أو بسبب عوامل مناخية أخرى، إلى التقليل من حجم الاستثمار.
> هل ستقدمون، بمناسبة المعرض، عروضا مناسبة ومشجعة للفلاحين الصغار؟
< يمكن للفلاح الصغير أن يحصل على تأمين ضد الجفاف بـ 26 درهما للهكتار. ويمكن أن تساهم الدولة في الضمان بنسبة تصل إلى 90 %. وهناك تأمين على مخاطر البرد على المنتوجات، ويستفيد كذلك من دعم الدولة.
> المعرض مناسبة للتوعية بأهمية التسويق. والفلاحون الصغار يواجهون دائماً إشكالات في هذا الجانب.. ما هو حجم الدعم والبرامج المرصودة لمواجهة هذا الموضوع؟
** الجانب التسويقي حاضر بقوة في “الدعامة الثانية” خاصة بالنسبة للفلاحين الصغار والتعاونيات الفلاحية الصغيرة جدا. وأتفق أن هذا العنصر مهم جدا لتحسين ظروف استثمار وعيش الفلاحين الصغار.
ولأجل ذلك، أولا نرافق الفلاحين الصغار في ما يخص مراحل ما بعد الزرع والحصاد، ونخضعهم لدورات تكوينية في تثمين المنتوج، حتى في ما يخص طرق تغليفه قبل وصوله إلى الأسواق. وأعطى مخطط المغرب الأخضر اهتماما كبيرا للمنتوجات الفلاحية المحلية، خاصة في المناطق البعيدة، للرفع من دخل الفلاحين الذين ينتجون كميات زراعية قليلة وموسمية.
ووضعنا كذلك وحدات لتثمين المنتوجات الفلاحية في جميع مناطق المغرب تقريبا، يشرف عليها الفلاحون بأنفسهم، ويمكن تتبع نشاطها عبر خريطة وضعناها لأجل تقييم مسار ونتائج وحدات التثمين.
وقامت وزارة الفلاحة ببناء وحدات التثمين تتضمن جميع المقومات، من بينها التجميع والتخزين والتبريد وكذلك التعليب…
ومن بين التجارب ما قمنا به في مناطق الواحات الجنوبية لفائدة منتجي التمر، إذ تم تسليم 13 وحدة تبريد، و7 وحدات في طور الإنجاز، في انتظار الشروع في بناء 5 وحدات إضافية.
> محور مخطط “المغرب الأخضر” حاضر أيضا خلال دورة المعرض. ما هو تقييمكم لهذا المخطط، وهل حقق أهدافه؟
< أولاً، طريقة تقييم نتائج مخطط المغرب الأخضر وتأثيره على الفلاحين الصغار، يتم عبر جرد حصيلة البرامج والمشاريع التي تم إطلاقها داخل كل جهة من المغرب، ورصد تغير وضعية الفلاحين بعد الاستفادة من الدعم والتكوين وكذلك مأسسة نشاطهم الفلاحي..
أهداف المخطط الأخضر محددة في الزمان والمكان، وتخضع سنويا للتقييم. وأودأن أشدد على أن الأرقام المعلنة قبل افتتاح دورة معرض هذه السنة، تظهر أن المغرب تجاوز الأهداف المحددة لسنة 2020، سواء تعلق الأمر بالنسبة للفلاحين المستهدفين من البرنامج، أو الاستثمار المبرمج، أو المساحة المعنية لتغطية النشاط الفلاحي أيضا.
وحين نتحدث عن الفلاح الصغير، فهذا يعني نسبة كبيرة من النشاط الفلاحي في المغرب، والمخطط الأخضر جاء بهدفين أساسيين، وهما الفلاحة العصرية ذات المردودية والناتج الخام المرتفع، واستراتيجية الفلاحين الصغار الذين لا يتوفرون على إمكانية للاستثمار، وهؤلاء معنيون بالدرجة الأولى بأهداف وبرامج مخطط المغرب الأخضر.
> ماذا عن الفلاحين الصغار… هل شكل المخطط قيمة مضافة لفائدتهم؟
< في ما يخص الاستراتيجية أو ما يصطلح عليه بـ “الدعامة الأولى” في المخطط، والتي تهم الفلاحين الكبار الخواص، هناك دعم من الدولة يصل حتى 10 % من حجم الاستثمار، لكن هذا الدعم يؤطره “قانون التجميع”؛ أي العمل مع الفلاحين الصغار الذين يتوفرون على أراضٍ فلاحية صغيرة. وهذا القانون يساعدهم على تثمين منتوجهم عبر قاطرة القطاع الخاص، والذي يوفر لهذه الفئة إمكانية تجاوز صعوبات التمويل وإدخال التقنيات الحديثة وكذلك التسويق. ونحن نرى أن هذا الإجراء مشجع على النهوض بوضعية الفلاحين الصغار.
أما بالنسبة لـ “الدعامة الثانية”، والتي تخص بشكل مباشر الفلاحين الصغار، وتهم أساسا المتواجدين منهم في المناطق الصعبة (الجبلية، الصحراوية، والواحات)، فهؤلاء وفرنا لهم إمكانية مساهمة الدولة في استثماراتهم الفلاحية بنسب تراوح ما بين 80 و90 %. ويمكن كذلك أن نستهدف منطقة معينة يعاني فيها الفلاحون بعض الصعوبات، ونوجههم ونساعدهم في اختيار نوع الغرس الذي يرغبون في الاستثمار فيه، وبعد ذلك نمنحهم المساعدات التقنية، ويرافقهم تقني زراعي خلال فترة إنجاز المشروع.
ووفرت “الدعامة الثانية” كذلك سهولة الوصول إلى مصادر المياه. والأهم هو تثمين المنتوج الخاص بالفلاحين الصغار، والذي يمر عبر وحدات تثمين تشيّدها الدولة، ويشرفون عليها بشكل مباشر.
> هل لنا بأرقام أو على الأقل مؤشرات لقياس مدى نجاح ما ذكرتم من أهداف ومشاريع؟
< للحديث عن الأرقام والمؤشرات يمكن طرح الأهداف التي سطرت بالنسبة لـ “الدعامة الثانية” حتى عام 2020. أنجزنا 542 مشروعا، بما يعادل 99 % من المشاريع المبرمجة. بالنسبة للاستثمار وصلت قيمته إلى 15 مليار درهم، أي أكثر من 84 % من الأهداف الاستثمارية المتوقعة حتى عام 2020. على الرغم من أن الأهداف المسطرة كانت تلزمنا ببلوغ نسبة 60 % بين سنة 2010 وسنة 2015.
أما في ما يخص عدد الفلاحين المستفيدين من المشاريع التي أطلقت فقط، فقد وصل حتى حدود السنة الحالية إلى 771 ألفا؛ أي ما يفوق 75 % من أهداف المخطط، وفي ما يتعلق بالمساحة المعنية بالمخطط الأخضر وصلنا إلى 784 ألف هكتار. وبمقارنة حجم المساحات المستهدفة وعدد الفلاحين، ستلاحظون أن معدل الملكية لا يتجاوز هكتارا وهكتارا ونصف الهكتار إلى 3 هكتارات في أحسن الأحوال، أي أن مركز اهتمام مخطط المغرب الأخضر هو الفلاح الصغير.
مؤشر إضافي آخر نقوم به في وكالة التنمية الفلاحية، وهو صياغة تقارير شهرية ترفع إلى وزير الفلاحة، يتم عبرها تقييم نتائج جميع المشاريع، وإدخال تحسينات على بعضها إن رصدنا الخلل في أحد العناصر، وجميع البيانات والتقارير تخضع لمعالجة وأرشفة رقمية تتيح المتابعة والاطلاع على جميع المشاريع من أي نقطة في المغرب.
حاوره: مصطفى السالكي