الصيد في زمن كورونا بالرباط.. استمرار تزويد الأسواق المحلية وتراجع في الوتيرة

 

بالرغم من حالة الطوارئ الصحية والحجر المنزلي، وما يشكله فيروس كورونا من خطورة على العاملين خلال هذه الفترة، إلا أن هناك قطاعات اختارت أن تواجه في الصفوف الأمامية وأن تضحي بوقتها وصحتها من أجل أن تستمر الحياة على نحوها.

ومن ضمن القطاعات التي لا ترى في الواجهة لكنها حاضرة في الأزمة الحالية، قطاع الصيد، حيث يصر عشرات الصيادين على استمرار عملهم من أجل تزويد السوق المحلية بالمتطلبات الأساسية للمواطنات والمواطنين.

“بيان اليوم” وفي جولة بمرسى الرباط – وسلا عاينت المجهودات التي يقوم بها “البحارة” من أجل تزويد السوق الوطنية بالأسماء، حيث تخرج عدد من مراكب الصيد على متنها أقل من عشرة أشخاص في اتجاه المحيط، حيث تستمر عملية الصيد لساعات طويلة قبل العودة بما جاد به البحر من خيرات سمكية لتوزيعها على مختلف الأسواق المحلية والجهوية والوطنية.

في هذا السياق، يقول صياد بحري لـ “بيان اليوم”، إن القطاع مستمر في عمله بالرغم من الإكراهات، حيث يبحر عشرات الصيادين يوميا لرمي شباكهم وجلب هذه المادة الأساسية للأسواق.

وعن تأثير الأزمة الحالية على عملية الصيد البحري، يوضح الصياد، بأن الأزمة مست جميع القطاعات بما فيها قطاع الصيد، إذ أنه وبالرغم من استمرار العمل إلى أن هناك تراجعا في وتيرة الإبحار ووتيرة الصيد أيضا، من خلال تقليل الكمية والاكتفاء بمتطلبات السوق، خصوصا المحلية.

ويتابع المتحدث بكون هذا التراجع مرتبط أساسا بتراجع الطلب على الأسواق بكما كان الأمر في السابق، خصوصا مع تحديد ساعات البيع بعدد من المدن والمقاطعات، حيث تنتهي العملية في سلا على سبيل المثال قبل الساعة الثانية زوالا، بالإضافة إلى تراجع الصادرات من السمك إلى الخارج في ظل الأزمة الحالية، وكذا الطلبات والكميات التي كانت موجهة للمطاعم الكبرى ومحلات التغذية وبعض الفنادق، مشيرا إلى أن هذه العوامل كلها أثرت في تراجع وتيرة الصيد تجنبا للخسائر، بحيث أن ارتفاع العرض أمام الطلب بفارق كبير سيؤدي إلى فساد كمية الأسماك وبالتالي لن تكون صالحة للاستهلاك وسيتم إتلافها، معتبرا ذلك من الإشكاليات التي أرخت بظلالها على القطاع.

هذا التراجع، بحسب الصياد، سيستمر ما دامت الأوضاع الحالية مستمرة، خصوصا في ظل إغلاق المطاعم الكبرى وتراجع طلب الفنادق والصادرات الخارجية، حيث يوضح بأن هذا السوق كان يتميز بطلب الأنواع الفاخرة من الأسماك والتي يكون سعرها مرتفعا وبعضها مرتفع بشكل كبير بسبب الخصوصية والتميز، مشيرا إلى أن هذه الأنواع الفاخرة تم التوقف عن صيدها بالنظر لكونها لا تمثل طلبا في السوق المحلية سواء لعدم اهتمام الناس بها أو بالنظر للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين والتي تجبر الناس على عدم اقتناء أنواع محددة.

وأبرز الصياد أن عملية الصيد في الأيام العادية لها تنظيم خاص من خلال الكمية والأنواع، وكذا عملية التوزيع التي تراعي خصوصية وطلب كل سوق على حدة، مؤكدا على أن الفترة الحالية فرضت خصوصية أخرى، وطلب آخر، من خلال إقبال المغاربة على الأنواع المعروفة كالسردين، وغيرها من الأنواع التي تلائم القدرة الشرائية، حيث شدد على أن هذا الأمر فرض تكييف عملية الصيد مع المتطلبات الجديدة وبالتالي تراجع الوتيرة وتراجع الكمية المعتادة للصيد.

وبالرغم من ذلك، يشدد المتحدث في تصريحه للجريدة على كون القطاع مستمر في عمله ولن يتوقف، بالنظر لدوره الحيوي خلال المرحلة الحالية، التي تقتضي استمرار تزويد السوق والمساهمة في استقرار السوق وتوفير الأساسيات للمواطنات والمواطنين وطمأنتهم.

من جهة أخرى، وغلى جانب عملية الصيد، ما تزال حركة التنقل التقليدية بين الرباط وسلا على مثن القوارب مستمرة بدورها، لكن تراجعت بشكل كبير جدا، في ظل الحجر الصحي والتزام الناس ببيوتهم، حيث فضل أغلب العاملين في هذه القوارب التوقف عن العمل بشكل كلي فيما استمر أقل من عشرة أشخاص في العمل وضمان التنقل بين العدْوَتين.

واحد من أصحاب قوارب التنقل، فسر لـ “بيان اليوم” استمراره في العمل، حيث أكد أن هناك أشخاصا ما يزالون يصرون على التنقل في القوارب بالرغم من الأزمة الحالية، خصوصا الذين يتجنبون المواصلات العامة.

وسجل المتحدث تراجعا كبيرا جدا في ظل الظرفية الحالية خصوصا مع توقيف العمل بمجموعة من القطاعات والاكتفاء بالعمل من المنزل، فضلا عن شلل حركة السياحة التي كانت توجد بالعشرات من المواطنات والمواطنين الذين يستكشفون التنقل عبر القوارب بين سلا والرباط، أو الأشخاص الذي يريدون الإبحار لاستكشاف وادي أبي رقراق.

وشدد المتحدث على أنه بالرغم من الأزمة يفضل الاستمرار في العمل لضمان قوته اليومي وقوت أسرته، بالرغم من الإكراهات والإشكالات التي شلت الحركة بشكل تام، مشيرا إلى أنه يبدأ عمله في الصباح إلى حدود السادسة، على أمل توفير مصروف يومي يضمن على الأقل العيش الكريم.

محمد توفيق أمزيان

تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top