العريس والجائزة

في موسم أصيلة الثقافي الذي تختتم فعالياته نهاية هذا الأسبوع، وبالضبط خلال حفل تسليم جائزة الرواية العربية للكاتب المغربي أحمد المديني، ترددت كثيرا كلمة عريس في توصيف المتوج بهذه الجائزة الذي كان بالفعل في حلة أنيقة شبيهة بحلل المحتفلين بزواجهم، وهو ما حدا بالأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة إلى طرح تساؤل محير:
يا سادة، منذ البداية وأنتم تتحدثون عن العريس، لكن أين العروس؟
اكتفى بعض الحاضرين بالضحك كشكل من أشكال الإجابة وبأنهم ربما استوعبوا سخرية السؤال، فيما البعض الآخر ظل صامتا متأملا مفكرا في السؤال دون أن يعرف كيف يرد عليه، ولو حتى في قرارة نفسه، واستمر الحديث حول الإنتاج الروائي للعريس، على حد تعبير جل المشاركين في الحفل، في حين ظل السؤال الإشكالي -الإشكالي؟- الذي طرحه الأمين العام للمنتدى معلقا:
أين العروس؟
بدوري لم أجد الجواب في حينه.
هناك من يكون قد فكر في عضوتي لجنة تحكيم الجائزة: فاتحة وفاطمة اللتين كانتا تجلسان على منصة الحفل جنبا إلى جنب مع الفائز العريس، وقد يتم اعتبارهما أو إحداهما على الأقل، العروس التي طرح السؤال بشأنها، لكن هذا لا يستقيم، كما أنه لا واحدة منهما كانت لحظتها ترتدي لباس العروس.
إذن أين العروس؟
ظل هذا السؤال يلح علي ولم يجد له أي أحد جوابا مقنعا من بين الحاضرين في حفل تسليم الجائزة على الخصوص.
ونظرا لبطء البديهة، لم أهتد إلى الجواب السديد إلا بعد انتهاء الحفل ومرور عدة ساعات عليه.
كيف خفي ذلك عني؟
العروس المبحوث عنها هي الجائزة في حد ذاتها.
العريس الذي يعد كذلك باعتباره الفائز بجائزة الرواية العربية، يلتقي بعروسه التي ليست شيئا آخر غير تلك الجائزة نفسها.
هذا الزواج الذي بات يهفو إليه كل كاتب وكل مبدع، يمكن القول إنه كان له تأثير على تجربة الكتابة في حد ذاتها.
وإذا كان من حسنات جائزة محمد زفزاف للرواية العربية التي تمنحها مؤسسة منتدى أصيلة، أنها لا تعمل على تنظيم مسابقة بين الروائيين للظفر بها، بل تقوم بتعيين لجنة مؤلفة من أسماء لها حضور مشرف في النقد الروائي والبحث الأكاديمي بهذا الخصوص، وهي التي يوكل لها أمر اختيار من بين الروائيين من هو أجدر بالفوز بالجائزة، اعتبارا لمجمل إصداراته الروائية وتراكمها وقيمتها الإبداعية، في حين أن بعض الجوائز العربية التي تقوم على أساس إجراء مسابقات بين الروايات الصادرة في السنة ذاتها؛ فعادة ما يأتي الإبداع من هذا المنطلق مفتقرا للنضج، وهو ما أفضى إلى إغراق السوق بروايات – علما بأن أغلب مسابقات الجوائز يدور حول الرواية تحديدا- دون أن نعثر فيها على النفس الروائي الحقيقي، وبات العديد من الشعراء يتخلون عن كتابة القصيدة والتوجه كليا نحو الرواية باعتبارها الباب المفضي إلى جوائز يسال لها اللعاب، إذا صح التعبير.
أين العروس؟
إنها الجائزة طبعا، وبالفعل لم يخطئ كافة المتدخلين في حفل تسليم جائزة الرواية العربية بموسم أصيلة الثقافي حينما كانوا يتحدثون عن الفائز بالجائزة وينعتونه بالعريس.
لقد كان هذا العريس المحظوظ يعرف عروسته قبل غيره، وهذه العروس -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- هي الجائزة ولا شيء آخر غيرها.

عبد العالي بركات

[email protected]

Top