عقب أيام من الاحتجاجات بمدينة جرادة، انطلق، منذ ثلاثة أيام، مسلسل الحوار بين ساكنة المدينة والسلطات والأحزاب السياسية من أجل بلورة تصور حكومي للتعاطي مع مطالبها.
فقد عقد والي جهة الشرق، عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي، يوم السبت الماضي، مجموعة من اللقاءات التواصلية مع فعاليات المجتمع المدني وممثلي الأحزاب السياسية والمنتخبين، استمع خلالها إلى المطالب المستعجلة للساكنة، والمتمثلة أساسا في إيجاد بديل اقتصادي يحقق شروط التنمية وينهض بأوضاع الساكنة، وتقنين العمل في المناجم، وتأمين سلامة العمال، إضافة إلى عدد من المطالب الاجتماعية.
كما طالبت فعاليات الإقليم، وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، بتحفيزات ضريبية للراغبين في الاستثمار بربوع إقليم جرادة، واستغلال الموارد الطبيعية المتاحة، لا سيما المياه الجوفية، في إنعاش الأنشطة الفلاحية بهذا الإقليم.
وعلمت بيان اليوم، من مصادر حضرت اللقاء التواصلي، أن ممثلي السكان طالبوا من والي الجهة، بأن يتم التعامل مع جرادة في مجال الكهرباء بفوترة تفضيلية، على اعتبار أن محطتين لتوليد الكهرباء تتوجدان بتراب الإقليم، ومن حق الساكنة أن تستفيد منها. ووفق المصدر ذاته، أكد ممثلو السكان على ضرورة التعاطي الجدي مع مطالب لا تحتاج سوى لإرادة سياسية، ولمقاربة مبنية على الخلق والإبداع في إيجاد الحلول التي من شأنها إحداث مناصب الشغل، خاصة وسط الشباب والنساء، وإيلاء مزيد من الاهتمام لأرامل العاملين في مناجم الفحم بجرادة ومرضى “السيليكوز”.
وألح ممثلو المجتمع المدني على ضرورة فتح حوار مباشر مع المحتجين، وإيجاد الحلول المناسبة لمطالبهم.
ووفق ما جاء في بلاغ لعمالة إقليم جرادة، فإن لجنة وزارية ستحل عقب الاجتماعات واللقاءات التواصلية التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي بمقر العمالة، وأيضا على إثر النقاشات التي أجريت بساحة الأمل في جرادة، مساء أول أمس الاثنين “1 يناير”.
ووصف البلاغ فحوى اللقاءات التواصلية مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وكذا النقاشات مع التي شهدتها ساحة الحمام، بأنها كانت في غاية المسؤولية، وأنها “تعكس روح الالتزام والمواطنة التي طبعت كل الأطراف”.
عقب هذه اللقاء، صرح والي جهة الشرق معاذ الجامعي، للصحافة، أن “نداء جرادة وصل”، مؤكدا على أن الحكومة ستتعامل مع مطالب ساكنة جرادة بالشكل الأنسب.
وأشاد الوالي بالطابع السلمي للاحتجاجات، مشيرا إلى أن الحوار مفتوح مع الجميع بغرض التوصل إلى الحلول الناجعة والكفيلة بتحقيق نهضة تنموية بالإقليم. كما لفت نظر الحاضرين إلى أن استحداث أنشطة اقتصادية بديلة وتبني نموذج اقتصادي جديد بالإقليم يقتضي مواكبة الساكنة للانخراط في مسلسل التغيير المنشود.
إلى ذلك دعا ممثلو الأحزاب السياسية بالإقليم، في تصريحات متفرقة، إلى وضع مخطط تنموي خاص بالإقليم، واستثمار كافة المؤهلات التي يتوفر عليها، من أجل خلق دينامية اقتصادية بالمنطقة وإيجاد فرص الشغل خاصة بالنسبة لفئة الشباب.
وأبرز ممثلو الأحزاب السياسية، في تصريحاتهم الصحافية، أن إقليم جرادة يحتاج إلى بذل جهود مضاعفة من جانب كافة المتدخلين، من أجل تدارك الخصاص المسجل في عدد من المجالات، مع ضرورة الاستثمار خاصة في القطاع الفلاحي بالإقليم الذي يتوفر على فرشات مائية مهمة، وتشجيع السلاسل الإنتاجية التي تتلاءم مع تربة ومناخ المنطقة، ودعم التعاونيات الفلاحية، وخلق حي صناعي نموذجي مع امتيازات ضريبية، فضلا عن استثمار المؤهلات المتوفرة في قطاعي السياحة والصناعة التقليدية.
وشدد ممثلو الأحزاب السياسية على ضرورة النهوض بالقطاع الصحي، من خلال توفير الموارد البشرية الكافية وتجويد الخدمات الطبية المقدمة، وتعزيز الشبكة الطرقية، وإيجاد حلول للمشاكل البيئية.
كما ركزوا على ضرورة حل الإشكاليات المتعلقة باستغلال بقايا المعادن بكل من جرادة، وتويسيت، وواد الحيمر، وسيدي بوبكر، والعمل على استكمال تنفيذ بنود الاتفاقيتين اللتين تم توقيعهما عقب إغلاق مناجم الفحم بجرادة، والمتعلقتين بالشقين الاقتصادي والاجتماعي بما يساهم في حل عدد من المشاكل المطروحة بالإقليم.
بيد أن هذا اللقاء التواصلي لم يطفئ فتيل الاحتجاجات التي امتدت، أمس الثلاثاء، إلى المؤسسات التعليمية بالمدينة، حيث قاطع التلاميذ الدروس، وخرجوا إلى الشارع مرتدين ملابس عمال آبار الفحم، المعروفة بـ “الساندريات” في شكل تضامني مع ضحايا هذه “السندريات”.
> محمد حجيوي