اليوم الجمعة، يحتضن المقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط “حي الرياض” في الرابعة بعد الزوال، الجمع العام التأسيسي لـ “مؤسسة علي يعته”، باعتبارها هيئة مستقلة غير ربحية تنتظم ضمن الإطار المرجعي العام المنتصر لأفق وقيم التقدم واليسار والحداثة والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وترتكز على ربط جدلي وتكاملي بين هذا الأفق وبين الدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله وسيادته واستقراره.
إن إحداث المؤسسة هو أيضا حرص على الاحتفاء بعلي يعته، وعلى تأمل واستحضار كامل مساره الثري في السياسة وفِي الإعلام وفِي الدفاع عن قضايا الوطن والشعب…
الاجتماع اليوم في الرباط حول اسم علي يعته، هو مناسبة للتأكيد على أننا وبلادنا في حاجة لأمثال علي يعته، وأن علينا باستمرار أن نقرأ مثل هذه السيرة، وأن نستلهم الدروس والتجارب والقيم والمبادئ والامتداد و… الأفق.
علي يعته لم يكن واقفا في أعلى البرج يطل على البلاد من عل، هو كان رجل تفكير وموقف وتنظير والتزام، ولكن كان أيضا رجل عمل وميدان.
علي يعته تميز بصرامة منهجية وتحليلية في بناء الموقف، وبوضوح لغوي وتعبيري في القول به وإعلانه والدفاع عنه.
على يعته كان النقيض للدوغمائية ولكل “الأمراض الطفولية” الأخرى، ونجح في تثبيت وتطوير معالم ومرتكزات مدرسة حزبية وسياسية متفردة تقوم على الالتزام والواقعية بشكل جدلي خلاق.
على يعته نجح في استدعاء “السياق” وإعلاء محوريته في منظومة التحليل وصياغة المواقف والخطط، وتوفق في ربطه بالثبات على المبادئ والالتزامات، وكما كان المدافع عن الوطن ووحدته الترابية واستقراره، فهو كان في نفس الوقت زعيما يساريا، وكما بقي دائما غيورا على حزبه وممسكا باستقلالية قراره وكينونته، فهو أيضا كان المدافع الشرس عن وحدة القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية، وبلا هيمنة أو ابتلاع أو انزواء.
سيتحدث ربما الكثيرون اليوم عن علي يعته الإنسان والمناضل وقائد الحزب والبرلماني والزعيم السياسي ومدير الجريدة، ولكن رمزية المناسبة تستوجب استحضار علي يعته، المدرسة السياسية التقدمية المغربية ذات التميز، وأيضا استحضار كم هي راهنية اليوم هذه الرمزية، وكم بلادنا في حاجة إليها.
كم نحن مطالبين اليوم أن نعيد بيننا علي يعته، وأن نقرأ في كتاب سيرته دلالات ومعنى: “التوافق”، “السياق”، “الدفاع عن الوحدة الترابية للوطن واستقراره”، “الصحافة الوطنية الديمقراطية”، “التحليل الملموس للواقع الملموس”، وأن نستلهم سلوكه العام داخل البرلمان، والتزامه تجاه قضايا المواطنات والمواطنين الذين يقصدون مكتبه ومقر الحزب ومقر الجريدة لعرض شكاياتهم وتظلماتهم، وأيضا إصراره على موقف الحزب، مهما كان مختلفا عن الباقين، سواء أثناء الاستحقاقات الانتخابية والاستفتاءات الدستورية، أو خلال مناقشات البرلمان وجلساته، أو أثناء حرب الخليج وغزو صدام حسين للكويت، أو على هامش الحديث عن التناوب، أو طيلة فترات الجدل السياسي والأيديولوجي والإعلامي مع خصوم الوحدة الترابية للمغرب أو مع التيارات المتياسرة المتطرفة…
عديد هذه القضايا، وخصوصا المتصلة بواقع البلاد وقضاياها الكبرى ومستقبلها، هي مطروحة إلى اليوم بهذا الشكل أو ذاك، وسيرة علي يعته تقدم لنا كثير مداخل لصياغة أجوبة.
إحداث “مؤسسة علي يعته” هو استحضار لكامل تجليات وجوانب هذه الرمزية العامة، وسعي لاستثمارها من أجل صياغة فهمنا وانخراطنا في التحديات المطروحة اليوم على وطننا وشعبنا.
إحداث “مؤسسة علي يعته” ليس طقسا تحنيطيا أو بناء وهم، إنه إمساك بمسار نضالي وطني متميز، واستثمار تجاربه ودروسه للتفاعل مع تطلعات مغرب اليوم، هنا والآن، ومن أجل بناء المستقبل.
محتات الرقاص