أفلام جميلة بنظرة مأساوية في المسابقة الرسمية وفيلم «قصة أم» الفرنسي يخلق المفاجأة

أغلب الأفلام التي عرضت حتى الآن في إطار المسابقة الرسمية  للدورة السادسة عشرة، لها قاسم مشترك واحد، أنها تحكي عن مآسي الانسان وصراعه مع واقعه الموضوعي والذاتي أحيانا من خلال زوايا تتقارب أو تتباعد لكنها في المحصلة الأخيرة تتقاطع في سرد حكايات مأساوية يغلفها الحزن وعذابات الانسان وصراعه في الوجود من أجل حياة أفضل وبلوغ واحة الأمان، لكن جل أبطال هذه الأفلام ينهزمون بشكل أو بآخر، في النهاية، مع اختلاف في طريقة المعالجة والظروف والخلفيات الثقافية والاجتماعية لكل تجربة من هذه التجارب وفي هذا الإطار يمكن الاستئناس بالعديد من العناوين، ففيلم  المتبرع للمخرج الصيني زونك كيو، مثلا، يحكي قصة «يانك» الذي يقرر بيع إحدى كليتيه لرجل ثري لأنه في حاجة إلى المال للحيلولة دون هدم منزله ولمواجهة مصاريف دراسة ابنه، لكن عملية زرع الكلية لم تكلل بالنجاح، مما جعل لي الثري يطلب كلية ابن يانك…
وقال زونك كيو، مخرج الفيلم معلقا على شريطه  «إن الحياة تكون أحيانا أكثر قساوة من الخيال» .
وأضاف بعد عرض الفليم قائلا إنه «من خلال هذا الفيلم المقتبس من رواية، أردت تسليط الضوء على الالتباسات الاجتماعية التي تتولد عن الهوة بين الفقراء والأغنياء مع التوقف عند القضايا الأخلاقية والبعد الإنساني».
أو لنأخذ، فيلم الرحيل للمخرج الإيراني نويد محمودي، عن معاناة عشيقين أفغانيين قررا معا الرحيل الى واقع يسمح لحبهما أن يعيش، وفي محاولتهما هذه  يصطدمان بالعديد من العراقيل ويتعرضان للابتزاز والاستغلال والحيلولة دون اكتمال قصة حبهما التي تتمزق بشكل حزين في نهاية الفيلم التي تبقى مفتوحة على المجهول.
فيلم  آخر سلك نفس المسار وهو «الطريق إلى ماندالاي» للمخرج ميدي ز، من بورما والذي يرصد أيضا ظاهرة الاتجار في البشر بين بورما وتايلاند من خلال حكاية شابة بورمية «ليانكينك» التي تختار اللجوء الى الهجرة السرية هربا من الفقر وفي محاولة لمساعدة أسرتها، في رحلة محفوفة بالمخاطر الى بانكوك، حيث يترك المهاجرون غير الشرعيون لمواجهة مصيرهم، وحيث البؤس والاستغلال والغبن، خلال الرحلة ستلتقي «كيو»، الشاب الذي ساعدها وقرر ربط مصيره بها. لكن الشابة « ليانكينك «، كانت لديها طموحات أخرى وتنتهي القصة بالموت  فيقتل العاشق محبوبته وينتحر بطريقة بشعة ومأساوية.
في إطار المسابقة الرسمية أيضا تم يوم الاثنين الماضي، عرض شريط فرنسي جميل  تحت عنوان «قصة أم»  للمخرجة الفرنسية ساندرين فيسيت، الذي لم تخرج بدورها عن البعد المأساوي والصراع مع الواقع في طرحها لقصة شريطها، لكن ما يجعل هذا الفيلم مميزا أنه عميق في دلالاته، ومنح للصورة متسعا كبيرا للحديث،  وأثث مشاهده بالكثير من البهارات الفنية والجمالية وتحكي قصته عن أم عازبة شابة تدعى «نيج» تعيش في مزرعة نائية رفقة ابنها لويس تحت وصاية جدتها هيلويز. علاقة نيج وهيلويز تتخللها امرأة غائبة هي والدة إحداهما وابنة الثانية، غياب هو بمثابة فراغ تملؤه الرغبات والتخيلات والمخاوف.
تعشق نيج ابنها لويس الذي أنجبته من علاقة سابقة مع أحد أفراد عائلة الملاكين الأغنياء، الذي ستقوم عائلته بتزويجه. عندما تذهب نيج لحضور حفل زفاف والد طفلها، لم يكن يخطر ببالها أن جدتها هيلويز ستكون في انتظارها بخبر موت طفلها لويس، أدت الدور باقتدار كبير الممثلة لو لوساج وأعتقد أن هذا الفيلم مرشح قوي لنيل إحدى الجوائز من بينها جائزة أحسن دور نسائي.
وفي حديث عن «قصة أم»  أكدت ساندرين فيسيت، مخرجة الفيلم، أن مطابقة الشاشة الكبرى مع حكاية هي وسيلة نموذجية لمقاربة العلاقة «المعقدة والمفعمة بالانفعالات» بين الأم والطفل بسلاسة.
وأضافت في ختام عرض فيلمها أن «فيلمي مستوحى من حكاية نادرة لم يتم إبرازها على الشاشة. وعندما قرأت هذه الحكاية لطفلي، قلت في نفسي إنها ستكون فيلما مهما جدا يتناول بسلاسة أكثر العلاقة المعقدة التي توجد بين الأم وطفلها».
وأوضحت فيسيت أن فيلمها الأخير يذهب إلى أقصى الحدود في عملها الذي يتطرق غالبا إلى إشكالية الأم ورابطة الأمومة، متمحورا حول أم تواجه موت طفلها، وهو موضوع صعب جدا، ومن هنا أتت فكرة نقله إلى الشاشة الكبرى.
وقالت «إنه التحدي الذي رفعناه في الكتابة، مواصلة مسار هذين الأمين اللتين لم تكونا إلا شخصا واحدا، ما أتاح المرور من الاستيهام إلى الواقعي في الحكاية التي تتكيف مع الشخصيات».
وعبرت عن شعورها بالاعتزاز لمشاركتها لأول مرة في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ، معربة عن الأمل في إنجاز فيلم في المغرب «إذا سنحت الفرصة».
الممثلة الفرنسية لو لوساج، عبرت بدورها، عن تقديرها الكبير لأمهات العالم، كاشفة أنها اعترتها انفعالات قوية خلال مختلف مراحل التصوير.
ودعت الممثلة لوساج، وهي مغنية أيضا، إلى ضرورة تسليط الضوء على العلاقات الإنسانية، خاصة الوشائج العميقة بين الأم وطفلها، عبر الفن السابع ، من أجل ضمان تعامل هادئ مع قضايا شائكة. وقالت «شعرت بأحاسيس عميقة خلال تصوير الفيلم ولكني سأشعر بها مرة أخرى عنما أنجب مولودا».
 مبعوث بيان اليوم: سعيد الحبشي

Related posts

Top