الانفصاليون يجذبون…

ليس هناك عاقل عبر العالم يمكن أن يتوقع صدور شيء ذي أهمية مما يسمى المؤتمر الرابع عشر للجبهة الانفصالية، صنيعة النظام العسكري الجزائري، خصوصا على مستوى السعي لإيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة؟ مبرر ما سبق، أن القيادة المتنفذة في تيندوف لا تملك قرارا مستقلا، والجميع يعرف أنها بلا رؤية أو بعد نظر، ومن ثم لا أحد ينتظر منها شيئا عدا أن تدرك مصيرها الحتمي وتتيح للناس حرية التنقل و… الخلاص.
إن ما يسمى”المؤتمر”المنعقد هذه الأيام يكشف الصورة الحقيقية للواقع والمآل، ذلك أنه منذ البداية أقيم بعيدا عن ساكنة المخيمات وللهروب من غضبها، كما أنه يقام وسط أجواء مشحونة نتجت عن احتقان كبير وواضح وسط المخيمات، وخصوصا لدى الشباب، بالإضافة إلى الغياب الواضح لتمثيلية جزائرية كبيرة داخل المؤتمر كما كان مألوفا دائما، خصوصا ما يتعلق بحزب جبهة التحرير الحاكم، بالإضافة إلى تدهور الحالة الصحية للزعيم رغما عنه والذي لم يستطع حتى تلاوة التقرير في افتتاح المؤتمر، وكل هذا جعل هذه(الجذبة)الانفصالية تغرق في الفوضى منذ البداية، و التي وصفها بعض العارفين بكونها بداية لانهيار حقيقي.
لقد تميزت جلسات”المؤتمر”بتوترات متتالية، وكثير من التدخلات كانت عبارة عن تبادل اتهامات بين قياديي الانفصاليين وحواريي المراكشي ونعت بعضهم بعضا بالفساد والاختلاس والمحسوبية والقبلية والديكتاتورية، ووجوه معروفة ضمن هؤلاء وصل غضبها حد توزيع بيانات النقد والمقاطعة داخل المؤتمر، وأمام هذا الانفلات، الذي كان متوقعا، لم يجد كبير الانفصاليين سوى منع صحفيين من متابعة كامل الجلسات، وأجهد نفسه لإعادة التحكم في سير مؤتمره ومصير توجهاته، وذلك من خلال العزف البليد على وتر العودة إلى حمل السلاح ضد المغرب وتجييش المقاتلين وانتقاد اسبانيا والأمم المتحدة والترحيب بما صدر مؤخرا عن المحكمة والبرلمان الأوربيين واعتبار ذلك انتصارا ضد المملكة…
العقل الانفصالي المتكلس وعَمَى المتحكمين في تيندوف لم ير كل الغضب الذي يلف قيادتهم، ولم يستطع قراءة انتفاضة شباب المخيمات ضد لصوصيتهم، ولذلك واصلوا طريق القمع وخنق الساكنة، وقرروا “خطة الاستنفار الأمني داخل المخيمات”، وهم أيضا أبوا التقدم ولو بخطوة واحدة إلى الأمام في مسار حل النزاع المفتعل، فقرروا فضلا عن ترديد أسطوانة العودة إلى السلاح ضد المغرب، “الدعاية الدبلوماسية للجبهة في الخارج”، أي الإصرار على المناورات المعروفة ضد الحقوق الوطنية المشروعة للمغرب.
وعلى كل، فبغض النظر عن نتيجة ومآل مؤتمر الانفصاليين، فمن المؤكد أن مرحلة جديدة سيدخلها خصوم المملكة، وعلينا جميعا الاستعداد لها وإدراك طبيعتها وتجلياتها ومواجهتها بقوة وهجومية، دبلوماسيا ومدنيا وإعلاميا وسياسيا ومن خلال تمتين المنجز التنموي والمؤسساتي والديمقراطي في بلادنا وبالأقاليم الجنوبية خاصة، ولفائدة ساكنة هذه المناطق.

[email protected]

Top