البطالة في تصاعد والاستقرار الاجتماعي في خطر

كشف التقرير الوطني للسكان والتنمية، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل النشاط لا يتجاوز 46% سنة 2017، ويعرف انخفاضا مستمرا منذ سنوات 2000 حيث بلغ 54% فيما انتقل معدل التشغيل من 46% إلى 42%.
وحسب التقرير الذي يرصد التحولات المرتبطة بالسكان والتنمية خلال 25 سنة بعد مؤتمر القاهرة سنة 1994، فإن كل تلك المؤشرات تبعث رسالة مقلقة في سياق اقتصادي يتسم بإكراه مزدوج، إكراه نمو متباطئ، انتقل في المتوسط السنوي من %5 بين سنتي 2000 و2008 إلى 3.7% في الفترة ما بين 2009 و2017، وإكراه انخفاض محتواه من الشغل من 30.000 منصب لكل وحدة نمو إلى 10.500 بين كلا الفترتين، مما أدى، يضيف التقرير، إلى ارتفاع معدلات البطالة والشغل الناقص إلى مستويات عالية بشكل مزمن.
وأوضح التقرير الذي تم إنجازه بتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن مسألة التشغيل في المغرب تطرح بشكل حاد ودائم، الأمر الذي يتطلب، في نظر المندوبية السامية للتخطيط، تثمين الموارد البشرية للبلاد، واستدامة نمو اقتصادها والحفاظ على استقرار مجتمعها ودينامية مؤسساتها الديمقراطية.
وفي مواجهة مثل هذا الوضع الديمغرافي، يرى التقرير الوطني حول السكان والتنمية، أنه يتعين أن يعرف الاقتصاد الوطني تحولا هيكليا حتى يمكن من استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان في سن النشاط والتي ترتفع بحوالي 400 ألف شاب سنويا، مشيرا إلى أنه مع كل ذلك، يلج أقل من نصف هذه الساكنة إلى سوق العمل، مما يحيل، يضيف المصدر ذاته، على مشكل عدم النشاط ولاسيما لدى الشباب، والذي ينبغي أن يشكل هاجسا من أجل الحفاظ على التماسك والاستقرار الاجتماعيين.
ويكمن تحدي المستقبل، حسب التقرير، في فهم محددات تطور معدل النشاط، الذي يشهد اتجاها نحو الانخفاض، وذلك بهدف إعادة الشباب والنساء إلى سوق العمل لخلق دينامية إيجابية وخلق فرص الشغل من خلال خلق الثروة، مؤكدا على ضرورة تناول مسألة التشغيل من الجانب النوعي وليس فقط من الجانب الكمي، على اعتبار أن الشغل الناقص والشغل غير المؤدى عنه، يمثلان نسبة هامة ويؤثران سلبا على تحسين الإنتاجية وبالتالي على خلق الثروة والشغل اللائق.
إلى ذلك شدد التقرير الوطني، على ضرورة بدل مزيد من الجهود من أجل مواكبة التغيرات التي تعرفها ديمغرافية البلاد والتأهب لتلك المتوقعة في مستقبل قريب، مشيرا إلى أنه ابتداء من الفترة 2005-2010، يُظهر تطور نسبة الإعالة استقرارا في حدود 60%، أي أن كل شخص نشيط يتكفل بأقل من شخص واحد غير نشيط. وسوف ينخفض هذا الفارق الإيجابي ​بمرور الوقت ليؤدي إلى ارتفاع في هذه النسبة ابتداء من الفترة 2035-2040 قبل أن يصل إلى 70 شخصا غير نشيط لكل 100 شخص نشيط في أفق 2050.
وأضاف التقرير، أن الاقتصاد الوطني مطالب بتحول بنيوي أكبر من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان في سن النشاط والتي تتزايد بمعدل 400 ألف شخص سنويا، بينما فقط 47% من هؤلاء السكان يلجون سوق العمل، مما يشير إلى مشكلة عدم النشاط، وخاصة بين الشباب والتي ينبغي أن تعتبر مصدر انشغال من أجل الحفاظ على التماسك والاستقرار الاجتماعيين، مشيرا إلى أن ضعف الانتفاع من الهبة الديمغرافية التي يعرفها المغرب، ينعكس خصوصا في البطالة، لاسيما لحاملي الشهادات، فقد وصل معدل البطالة لهاته الفئة إلى 18% وتتجه هاته البطالة إلى أن تدوم مدة طويلة.

< محمد حجيوي

Related posts

Top