جبل ايغود.. مهد الإنسان العاقل

أعاد الاكتشاف الأخير، لمجموعة من العلماء بجبل ايغود الواقع بمنطقة اليوسفية (بجهة مراكش)، البحث الأثري حول بداية الإنسان فوق الأرض إلى الصفر، بعدما تم الإعلان من طرف علماء مغاربة وفرنسيين، عن نتائج حفريات ابتدأت منذ سنة 2004 بالجبل، الذي حفظ تاريخ البشرية لأزيد من 300 ألف سنة.
وفي هذا الصدد، قال عبد الواحد بنصر، مدير المعهد الوطني للآثار والتراث بالمغرب، إن الاكتشاف جاء نتيجة مجموعة من الأبحاث قام بها باحثون مغاربة وأجانب في علم الآثار، وذلك في الوقت الذي كان فيه الاعتقاد السائد بأن أصل الإنسان العاقل يعود إلى منطقة جنوب إفريقيا (260 ألف سنة)، وكينيا (200 ألف سنة).
وأكد عبد الواحد بنصر، خلال حديثه عن هذا الاكتشاف، بندوة خاصة بموضوع الاكتشاف، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، أن هذا البحث يؤكد بأن أصل الإنسان العاقل يعود إلى جبل ايغود وإلى منطقة شمال إفريقيا بشكل عام، مشيرا إلى أن هذا الإنسان انتقل وهاجر إلى أوروبا، ومن تم إلى مجموعة من المناطق الأخرى الموجودة على خارطة العالم.
وأضاف بنصر، في الندوة التي سيرها عبد العالي الرهوني، أن الاكتشاف غير من أطروحة أن أصل الإنسان من جنوب إفريقيا، بل أصله يعود إلى شمال القارة السمراء، التي كان يستقر بها أزيد من 300 ألف سنة، ومن تم فإن الاكتشاف، زاد من عمر الإنسان حوالي 40 ألف سنة (من 260 إلى 300 ألف سنة)، وذلك نتيجة اكتشاف بقايا خمسة أعضاء بشرية.
وأتت هذه الأبحاث، بحسب مدير المعهد الوطني للآثار والتراث، الذي كان من بين الأعضاء الرئيسيين في الفريق، بعد سنوات من انطلاق الأبحاث في هذا الموقع الأثري، وبالضبط منذ ستينيات القرن الماضي، حيث تم العثور آنذاك، على حفريات بشرية في الجبل، إلى جانب عظام حيوانات ومجموعة من الأدوات الحجرية المشابهة للثقافات الأوروبية الموستيرية التي ارتبطت بمواقع إنسان نياندرتال neanderthalensis.
وكان بعض العلماء قد أجروا أبحاثهم في الجبل، وعثروا على حفريات قدروها بأكثر من 400 ألف سنة مضت، بيد أن نتائج الأبحاث الأخيرة قطعت الشك باليقين، وأكدت بأن الإنسان العاقل يعود تاريخه إلى أزيد من 300 ألف سنة، ومن تم فإن الأبحاث الجديدة أدت إلى اكتشاف 16 حفرية، لتنتقل من 6 إلى 22 حفرية، بحسب عبد الواحد بنصر.
من جهته، أسهب جون جاك يوبلان عن معهد ماكس بلانك الألماني، في ذكر خصوصيات هذا الإنسان العاقل، لاسيما بخصوص وجهه، وكذا شكل دماغه، مشيرا إلى أنه إنسان عصري يشبهنا، غير أنه مختلف عنا أيضا، مضيفا خلال شرحه وهو يبتسم أننا نتقاسم معه بعض الأطراف في الرأس على الخصوص.
وذكر جون جاك يوبلان أن هؤلاء العناصر البشرية الخمسة التي تم العثور عليها، تتكون من أطفال، وأشخاص كبيرين في السن، مبرزا بأنهم كانوا يستخدمون بعض الأدوات والآلات الخاصة بزمنهم، مثل إشعال النار بالحجارة، والطهي فوقها باستعمال الأعشاب.. موضحا بأنهم كانوا يزاولون في الجبل نشاط الصيد والزراعة.
واعتبر يوبلان المغرب بلدا خصبا للبحث والتنقيب في الآثار، مشيرا إلى أنه مهد انطلاق الإنسان العاقل الذي بدأ ينتقل إلى مناطق أخرى، لاسيما وأن الصحاري لم تكن آنذاك، بمعنى كانت هناك بحار تربط بين الدول الإفريقية، وهو ما تم الوقوف عنده مع فريق البحث الذي اشتغل بشكل جماعي، بحسبه.
وأرجع عالم الآثار الفرنسي من أصل جزائري، هذا الاكتشاف إلى الاجتهاد والعمل، بالإضافة إلى الحظ الذي ساعدهم على الوصول إلى الطبقة التي بها إيجاد آثار الإنسان العاقل، على اعتبار التنقيب ابتدأ في الموقع منذ سنة 1960، موضحا بأنه يجري الآن تجهيز هذا الموقع الأثري من أجل فتحه أمام عموم المواطنين ورجال الصحافة.
وذكر الباحثان، عبد الواحد بنصر، وجون جاك ايبلان، في الأخير، بأن وزارة الثقافية والاتصال المغربية، عملت على إدراج الموقع الأثري، في سجل المواقع الأثرية التاريخية بالمغرب، خلال سنة 2018، كما أنه من المرتقب أن يتقدم الفريق العلمي بطلب خاص بإدراج الموقع ضمن المناطق الأثرية التاريخية العالمية، مباشرة بعد تجهيز الموقع وتهيئته، لاسيما وأن الأبحاث لا زالت جارية به (روتوشات).

> يوسف الخيدر

Related posts

Top