بدأت غرفتا البرلمان أعمال دورة أبريل، وهي الدورة الأخيرة في هذه الولاية التشريعية، ومن ثم تكتسب تميزها، وأيضا تتحدد الانتظارات المعلقة عليها وعلى مخرجاتها.
الدورة البرلمانية الحالية، وفضلا عن أنها الأخيرة في الولاية، وتسبق الانتخابات المقررة هذه السنة، فهي تنعقد ضمن ظرفية وطنية ومجتمعية خاصة، تفرض أسئلتها وآثارها.
هناك طبعا ظرفية جائحة كورونا وتداعياتها، وتواصل الحملة الوطنية للتلقيح، علاوة على حلول شهر رمضان وما سيتميز به من تدابير تقييدية وإجراءات احترازية، وكل هذا ستنجم عنه انعكاسات اجتماعية لا بد أن تنشغل بها المؤسسة التشريعية وتتفاعل مع تطلعات المواطنات والمواطنين بشأنها.
من دون شك، تتأثر الدورة البرلمانية التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية بالسياقات الدعائية والتحضيرية، لكن دقة الظرفية المجتمعية توجب اليوم الكثير من الهدوء والرصانة على «ممثلي الأمة»، والوعي بمعاناة الناس وصعوبة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية والنفسية، والسعي، بالتالي، لاستحضارها، خصوصا خلال مراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية.
من المؤكد أيضا، أن مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، سيكون أبرز نص تشريعي يعرض أمام البرلمان، وبقدر ما يقتضي ذلك حوارا عميقا ودراسة رصينة ومدركة، فهو يفرض أيضا إخراجه من لعبة المزايدات السياسوية الفجة والنقاش التبسيطي، والحرص على إعمال تفكير يستند إلى المعرفة، ويستحضر الواقع وبعد النظر، أي المصلحة العامة.
إن الاستعداد للعمليات الانتخابية المرتقبة هذا العام، سيكون كذلك من ضمن محاور أجندة دورة أبريل البرلمانية، ويحتم ذلك التفكير في سبل توفير المصداقية والنزاهة لهذه المحطة الديمقراطية، وتقوية الثقة في المؤسسات، وتمتين المشاركة الشعبية، وذلك بدل تحويل جلسات البرلمان إلى ساحة مزايدات وتنابز ومشادات بين الفرقاء.
من جهة ثانية، قد لا يسعف زمن هذه الدورة البرلمانية الأخيرة في استكمال عدد من النصوص المتراكمة منذ دورات، سواء ما يتعلق بمقترحات القوانين التي لم تطرح للدراسة، أو أيضا القوانين التي نص عليها الدستور، أو كذلك بعض القوانين التي طال النقاش بخصوصها، على غرار القانون الجنائي مثلا، وتبعا لهذا، من دون شك تبقى عدد من التشريعات والإصلاحات مؤجلة إلى مرحلة قادمة.
هذا الواقع ربما يسائل كذلك المنظومة العامة لأداء البرلمان ومستوى حرفية الميكانيزمات الجاري بها العمل في التشريع وتدبير الزمن البرلماني والعلاقة بين الغرفتين والمستوى العام للحرفية البرلمانية.
وإضافة إلى التشريع ومراقبة عمل الحكومة، تفرض التحديات المطروحة أمام بلادنا اليوم، استمرار وتقوية العمل الدبلوماسي للمؤسسة التشريعية، وذلك من خلال تقوية الترافع العام بشأن قضية الوحدة الترابية للمملكة، وأيضا التفاعل مع الرهانات الإستراتيجية الإقليمية والدولية، وذلك بما يساعد على تعزيز اليقظة والحضور دفاعا عن المصالح الوطنية العامة لبلادنا.
مؤسسة البرلمان، باعتبارها عنوانا مركزيا لحياتنا الديمقراطية، يجب أن تجسد محور الانشغالات الوطنية والشعبية وأن تعبر عنها، وأيضا أن يساهم عملها وإشعاعها ونجاعة إنتاجيتها في تقوية ثقة شعبنا وشبابنا في بلاده، وفي دولة المؤسسات، وفي المستقبل.
ربما تعتبر دورة أبريل هذه مناسبة لإبداء الجدية العامة اللازمة في مثل هذه الظرفيات المجتمعية الدقيقة، وبعث رسائل تحفيزية للرأي العام الوطني، ولكن أساسا لابد أن تستحضر الطبقة السياسية والقيادات الحزبية، وهي تعتزم خوض الانتخابات الآتية، ضرورة تطوير التركيبة المعرفية والسياسية لغرفتي البرلمان مستقبلا، وجعلها تعكس تعددية بلادنا، وأيضا تحتضن فعاليات نضالية وعلمية ومهنية ممتلكة للكفاءة والمصداقية السياسية والأخلاقية.
<محتات الرقاص