يبحث الآلاف من البيضاويين عن حاجاتهم ومتطلباتهم المعيشية كل يوم بسوق باب مراكش أحد أكبر الأسواق الاقتصادية وأعرقها بمدينة الدار البيضاء. كل شيء يباع في هذا السوق الكبير المنفتح على ساحة صغيرة في ملتقى مجموعة من الأحياء والدروب الممتدة إلى عمق باقي الأحياء المشكل لهذه المنطقة من تراب عمالة سيدي بليوط.
شارع الطاهر العلوي، درب بوطويل، درب السبايس، ودرب الإنجليز، كل واحدة من هذه الدروب المتشعبة تشكل سوقا طويلا ومزدحما، بل وامتدادا لسوق باب مراكش الكبير.
وحدها الرغبة في التزود بمتطلبات العيش بأسعار مناسبة، يمكن أن يفسر الاقبال اليومي على هذا السوق الذي يزداد رواجه خلال المناسبات والأعياد، فكل شيء موجود بهذا السوق، انطلاقا من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك إلى المجوهرات والحلي الذهبية والفضية، وملابس الأطفال من كل الأعمار، والأزياء العصرية التقليدية للرجال والنساء والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب.
بيان اليوم ارتأت القيام بجولة داخل هذا السوق الكبير واستمعت لآراء عدد من المتبضعين بخصوص بعض اثمان الخضر والفواكه ورصدت حجم الرواج داخل هذه المعلمة التاريخية التي تسمى باب مراكش وهو اسم أحد مداخل المدينة العتيقة. فاطمة نمريس، التي التقتها بيان اليوم عند مدخل السوق الذي يعج بباعة يتجولون بعربات خشبية محملة بشتى أنواع الخضر والفواكه، مثل الطماطم الفلفل والبطاطس، البرتقال والتفاح والموز والأفوكا، العنب والرمان. تقول في تصريح للجريدة، أن أسعار بعض الخضروات عرفت ارتفاعا ملحوظا، مشيرة في هذا الصدد، إلى الطماطم التي قالت إن ثمنها ارتفع من 3 إلى 10 دراهم، مضيفة، أن غلاء هذه المادة التي تعتبر أساسية في كل بيت يؤثر على ميزانية الأسر التي تستهلكها بكثرة وطرق متنوعة، إذ يمكن استخدامها كثمرة خام دون إضافات، كما يمكن استعمالها في العديد من الأطباق والشربات. وتابعت المتحدث كلامها، بخصوص ارتفاع ثمن بعض الخضر بالسوق الكبير، أن ثمن الكيلو الواحد من الجلبانة أصبح يساوي 30 درهما، وأن سعر الكيلو الواحد من “الكرافس” قفز إلى 25 درهما بعدما لم يكن يتعدى 12 درهما. فاطمة التي ازدادت بجامع الشلوح وترعرعت فيه، لم تتحدث فقط عن أسعار الخضر والفواكه بسوق باب مراكش، بل خصصت جزءا من كلامها للحديث عن هذه المنطقة التي تنتمي إليها، حيث كل زائر لهذه الحاضرة الكبرى، لابد وأن يشغف بزيارة د باب مراكش للتبضع والتسوق والاستمتاع بتاريخ المدينة القديمة العريق، تقول فاطمة، أن باب مراكش هو في الأصل معلمة تاريخية ومن المأثر التي لا زالت صامدة بالمدينة القديمة، مشيرة في هذا الصدد، إلى الرمزية التاريخية لهذا الباب العتيق والتي تضفى على سوق باب مراكش قيمة مضافة وتجعله منه قبلة للاستكشاف من قبل السياح الأجنبيين. فاطمة الحاصلة على الإجازة في التاريخ، تقول إنها جد فخورة بالانتماء إلى المدينة القديمة، لكنها في نفس الوقت غير راضية على ما وصفته بالوضعية المتردية التي آلت إليها المنطقة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت قبلة لكل من هب ودب من الباعة المتجولين واللصوص والمنحرفين وباعة المخدرات، ناهيك عما يعرفه سوق باب مراكش بالخصوص من انتشار للأزبال.
وفي إطار جولتها بمنطقة باب مراكش الممتدة في جميع الاتجاهات والمتشبعة بالمتاهات والأزقة حيث يقع الملاح وهوي الحي التاريخي لليهود الذين هجروه منذ حرب1967، وقفت بيان اليوم عند محمد لكحل تاجر بسوق باب مراكش، وسألته عن وضعية الأسعار بهذا السوق، فكان رده بأن الأثمان مستقرة على العموم، رغم تسجيل بعض الاختلاف البسيط من بائع إلى آخر، موضحا، ان هذا التباين تتحكم فيه كلفة الإنتاج وجودة السلع والمعروضات. وتابع المتحدث، أنه باستثناء الطماطم التي قفز ثمنها إلى من 4 إلى 10 دراهم، وارتفاع أسعار بعض الخضر التي يقل إنتاجها في هذه الفترة، فإن وضعية السوق مستقرة وتخضع لتنافسية كبيرة بين التجار والباعة المتجولين. وأرجع المتحدث، ارتفاع أسعار الطماطم في الأسواق المحلية، إلى أن محاصيل هذه المادة غير قابلة للتخزين وسريعة التلف، ناهيك عن ارتفاع كلفة الإنتاج بسبب قلة التساقطات المطرية وندرة مياه السقي.
وفي سياق هذه الجولة برحاب باب مراكش، سجلت بيان اليوم، كيف يبحث آلاف البيضاويين عن حاجاتهم ومتطلباتهم في هذا السوق الكبير، ولاحظت كيف تعرض السلع فيه، مرتبة ومصفوفة في المحلات التجارية بل وحتى على الطاولات الخشبية في الأزقة الضيقة، واكتشفت كيف يتدبر الناس معيشتهم ويتحملون كل هذا الازدحام في هذا السوق العظيم.
زهرة أحرير، شابة في مقتبل العمر، قالت في حديثها لبيان اليوم، لا يوجد شبر في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش لم تعرض فيه بضائع، حتى عندما توجد مساحات صغيرة جدا بين الدكاكين، فإن هناك من يستغلها ولو لم يتجاوز عرضها المتر الواحد، لعرض بضائع صغيرة، مثل محافظ اليد والأحزمة الجلدية وغيرها…أما عندما يتسع الزقاق، فإنه يكون فضاء لعرض السلع والمعروضات فوق الطاولات الخشبية لا تترك إلا ممرات ضيقة لمرور المتسوقين.
وأضافت أن الكثير من البيضاويين يقصدون هذا السوق، لأنه يوفر كل الحاجيات بداية من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك، وانتهاء بالمجوهرات وملابس الأطفال، والأزياء العصرية والتقليدية الخاصة بالرجال والنساء، والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب.
وبخصوص وضعية الأسعار بالسوق، أشارت إلى ارتفاع المهول لأثمنة القطاني في الأيام الأخيرة، خصوصا العدس الذي وصل ثمنه إلى ما بين 29 و30 درهما، مضيفة، أن هذه المادة تستهلكها بكثرة أغلب الأسر الفقيرة بل وتستعيض بها عن الحرمان من أكل اللحوم سواء الحمراء أو البيضاء، مبرزة، أن الكيلو الواحد من العدس مخلوطا ببعض الزيت والثوم والطماطم قد يكون وجبة كافية لأسرة من خمسة إلى ستة أفراد، فلا يعقل تقول المتحدثة ان تقفز تكلفته إلى 50 درهما، بعدما لم تكن تتعدى 20 درهما، مما سيثقل كاهل الأسر الضعيفة.
سعيد ايت اومزيد