خلال الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم تم تكريم عدد من الفعاليات الفنية و السينمائية/ وقد تميز حفل افتتاح المهرجان بتكريم السينمائي المغربي لطيف لحلو، وألقى الناقد السينمائي محمد بكريم بهذه المناسبة الشهادة التالية:
أود في البداية أن أنوه بمبادرة اللجنة التنظيمية للمهرجان الوطني للفيلم ورئيسها مدير المركز السينمائي المغربي صارم الفاسي الفهري لحرصهم على استمرارية هذا التقليد النبيل في تكريم بعض الشخصيات التي بصمت بعطائها مسار السينما المغربية، وان يتم اختيار ، لطيف لحلو من ضمن شخصيات هذه الدورة لحظة بليغة في دلالتها وغنية في أبعادها الرمزية ولا تخلو من رسائل، ألخصها في ثلاث مستويات :
رسالة إنسانية تنطق بمشاعر التقدير والاحترام إلى رائد من رواد السينما المغربية ينتمي إلى جيل الرواد مؤسساتيا وتدبيرا، وتكريمه اعترافا بهذا الدور الريادي.
الرسالة الثانية : رسالة مهنية، فأن تقف المهنة هذا المساء هنا في طنجة وفي هذه اللحظة التكريمية لأحد رموزها تعبيرا عن رغبة في بناء علاقات جديدة مبنية على الاحترام والاعتراف من اجل العمل على رص الصفوف من أجل مواجهة التحديات الكبيرة المطروحة على المهنة.
الرسالة الثالثة : التي يحملها تكريم لطيف لحلو، رسالة تربوية موجهة إلى الجيل الجديد من المنتجين والمخرجين والتقنيين للتأمل في تجربة غنية بتنوعها ومتميزة باستمراريتها رغم كل الظروف. تجربة تحيل الجيل الجديد إلى ما هو أساسي وهو أن السينما ليست فقط اختيارات تقنية خاصة في ظل الثورة الرقمية التي جعلت إنتاج الصور مشاعا وحضور لطيف لحلو تذكير بان المخرج السينمائي ليس تقنيا موهوبا فقط بل مبدعا ملتزما تجاه فنه وتجاه مجتمعه. وبأن السينمائي كذلك ليس مجرد صانع صور بل مبدع تحمل أفلامه تعبيرات عن مواقف ووجهات نظر .
وجهة نظر تجاه السينما وتجاه الحياة.
السينما كموقف من الفن والمجتمع درس أساسي في هذا الظرف الذي تقدمت فيه السينما المغربية نسبيا في جوابها على السؤال التقني والفني وهي اليوم أمام السؤال الثقافي إن لم اقل السياسي أي الانتقال من التساؤل كيف إلى التفكير في أي سينما لأي مجتمع ولقد تسنى للطيف لحلو أن يقدم تجربة متميزة في هذا الاتجاه ساعدته في ذلك معطيات طبعت مساره الحياتي والمهني على درب مسار واعد .
فهو محظوظ في اكتشافه السينما وهو طفل حيث حضر وهو تلميذ بمعية زملائه في الجديدة تصوير مشهد من فيلم عطيل للسينمائي العبقري أورسن ولز فكان لذلك تأثير على مخيلته وعلى اختياراته الأكاديمية و المهنية.
المعطى الثاني تكوينه السينمائي بإحدى أعرق المدارس السينمائية في العالم واختياره التخصص في أم التخصصات: المونتاج.
ثالثا: ارتباطه المبكر بتيار فكري سياسي حداثي منحاز للناس البسطاء ولقيم الالتزام والتضامن.
كل ذلك أثمر ارتباطا عضويا بالمهنة وأثمر أفلاما يمكن أن أقول عنها أنها سينمائية المبنى سياسية المعني وإنسانية المرمى، أفلام تؤسس لمتن يمكن أن أوجز خصائصه في مرحلتين تاريخيتين متكاملتين:
مرحلة سوسيوانفوغرافية ركزت على البنيات الاجتماعية والثفافية في البادية وأداتها الفيلم الوثائقي.
مرحلة سوسيونفسية تميزت بتحولات فنية و جمالية:
الانتقال من البادية إلى المدينة، من الوثائقي إلى الروائي، من القصير إلى الطويل .
أفلام روائية عملت على رصد تحولات المجتمع المغربي وانسداد تطوره عبر سبر العلاقات الاجتماعية والتقاط مظاهر العنف الرمزي الذي يتخللها أو التقاط بشكل استعاري عجز طبقة اجتماعية بأسرها (سميرة في الضيعة ) ثم التقاط بعض مظاهر الفشل السياسي للنخب الجديدة واندحارها الإيديولوجي ( الدار الكبيرة/ حفلة الميلاد )
انه في المجمل سينمائي من زماننا متتبع يقظ للإشكالات المطروحة على القطاع، وللقضايا المجتمعية المختلفة .
مسار وعطاء سخي يستحق وقفة إجلال واحترام.
سينمائي من زمن الالتزام بالقيم الجميلة
الوسوم