وصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود السبت بشأن حجم وبنود خط تهم الضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19، اذ فشلوا في تجاوز المعارضة الشديدة من قبل عدة دول “مقتصدة” على رأسها هولندا في اليوم الثاني من المباحثات المكثفة.
ويحظى اقتراح قدمه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، “بدعم مهم” وفق ما أكد مصدر مقرب من المباحثات، في حين أشار مصدر أوروبي آخر إلى أن العملية لا تزال “شاقة وصعبة”.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي بعد أكثر من تسع ساعات من النقاشات في اليوم الثاني من المحادثات التي يخشى البعض أن تمتد ليوم ثالث “وصلنا إلى طريق مسدود، الأمر معقد للغاية، أكثر تعقيدا من المتوقع”.
وأعرب عن أسفه حيال “عدم فهم هولندا وغيرها من الدول المقتصدة مدى الحاجة إلى رد قوي”.
وفي وقت سابق، قال دبلوماسي هولندي إن ذلك يمثل “خطوة في الاتجاه الصحيح. يعتمد التوصل إلى اتفاق على الساعات الأربع والعشرين المقبلة”، رغم أن بلده من بين الأكثر تشددا، مع ثلاث دول أخرى يطلق عليها وصف “المقتصدة” (النمسا، الدنمارك، السويد) إضافة إلى فنلندا.
من جانبه، قال المستشار النمسوي سيباستيان كورتز “إنها معركة صعبة ومفاوضات صعبة، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح وهو الأهم”.
وقال مصدر دبلوماسي إن “المحادثات لا تزال مكثفة بشأن مسائل … (على غرار) الحوكمة وحجم حزمة الإنعاش والحسومات”. وتوقع المصدر أن يطرح ميشال صيغة ثالثة من اقتراحه على مائدة العشاء مع قادة الدول الـ27، تعد مراجعة جديدة أعقبت سلسلة لقاءات جرت بمجموعات صغيرة أو بشكل ثنائي. لكن لم يحدد بعد موعد العشاء.
وانتهت محادثات الجمعة بتوتر كبير في ظل تمسك هولندا بموقفها.
ويأمل وسيط القمة ميشال أن يغير اقتراحه الجديد موقف الدول “المقتصدة” وفنلندا عبر تقديم تنازلات تتعلق خصوصا بتوزيع المساعدات والقروض وكذلك الشروط المرفقة بدفع هذه الأموال.
لا تزال قيمة الخطة الجديدة، المستلهمة من اقتراح للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 750 مليار يورو.
لكن المبلغ بات مقسما إلى 300 مليار من القروض و400 مليار من المساعدات التي على الدول المستفيدة إعادتها – مقابل 250 مليارا من القروض و500 مليار من المساعدات سابقا.
ويقترح ميشال أيضا آلية تسمح لأي بلد لديه تحفظات عن خطة إصلاح أي بلد آخر مقابل هذه المساعدات، أن يفتح “خلال ثلاثة أيام” نقاشا بمشاركة الدول ال27 إما في المجلس الأوروبي أو في مجلس وزراء المالية.
وتتماشى هذه الفكرة مع رغبة رئيس الحكومة الهولندي مارك روتي. ويفسر الشرط الهولندي بأن أكثر دولتين مستفيدتين من الخطة المستقبلية، إسبانيا وإيطاليا المتضررتين بشدة من الجائحة، تعتبران متراخيتين في ما يخص تطبيق شروط وضع الموازنة، وتطالب الدول “المقتصدة” بضمانات حول استعمال التمويلات.
وعلى المقلب الإسباني، اعتبر مصدر دبلوماسي أنه “من الايجابي إبقاء القيمة الإجمالية لتمويلات التعافي”. لكنه أضاف أن الآلية التي منحت للدول الأعضاء لمراقبة خطط التعافي “تبقى عائقا”.
وتخشى دول الجنوب أن يجبرها ذلك على تطبيق برنامج إصلاحات (سوق العمل، التقاعد، إلخ) تفرضه عليها دول أخرى، على غرار ما حصل مع اليونان سابقا.
وتعليقا على ذلك، قالت مارتا بيلاتي من مركز الأبحاث “اوروبيان بوليسي سانتر” إن “منح كل دولة حق الفيتو هو خطأ كبير في رأيي لأنه يفتح الباب امام كثير من سوء الفهم”.
وقال إيريك موريس من مؤسسة شومان “يجب أن نفهم إن كان الأمر يعود إلى المجلس الأوروبي أو وزراء المالية. القواعد ليست نفسها: الإجماع في المجلس، والغالبية الموصوفة في مجلس وزراء المالية”.
كما اقترح ميشال توفير “تخفيضات” معينة للدول بينها “المقتصدة” التي تعطي للاتحاد الأوروبي أموالا أكثر مما تتلقى منه.
وسيشمل ذلك فيينا وكوبنهاغن وستوكهولم، من دون ان يشمل لاهاي التي تطالب بتخفيضات إضافية. أما تخفيض ألمانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، فسيبقى نفسه.
كما تتطرق القمة إلى موضوع حساس آخر هو ربط منح الأموال باحترام “دولة القانون”. وبإمكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن يستخدم حق النقض لصد أي محاولة لربط تمويل الموازنات بالمحافظة على المعايير القانونية الأوروبية.
وقال زولتان كوفاكش المتحدث باسم أوربان “لا يمكن القبول بأي شروط سياسية مسبقة”.
وهي المرة الأولى منذ خمسة أشهر يلتقي فيها قادة الدول والحكومات وجها لوجه في بروكسل.
< أ.ف.ب