قصيدتان

أيها النسر

الواقفُ فوق جثة الجدار الأخير
دعني
أرى ذراعكَ المنقوشةَ على أبواب الزمن
كمطرقةٍ مندفعة نحو قدرها المسكوبِ
في سِفْر الحتميات
تعانقُ بسمةَ ثائرٍ
دعني أَقيسُ عضلاتك المفتولةَ
المقوسةَ
كمنجلٍ يلمع في يد امرأة عارية
تُرضع طفلها حليبَ الغيماتِ
من ثديٍ نافرٍ
أيها النسر
المتوَهجُ في أحلام الكادحينَ
دعني أقرأُ في نظراتِ عينيك الثاقبتين
المسافرتين إلى تُخومِ الشك
الشغفَ المتمردَ
كراسَ الخبز المالح
الحزنَ المتوردَ
كخدِّ الشمس في يوم لافح
ها أنذا ارتب الكلمات على صفيح الخيبات
ألعن في سرِّي
كل المدن التي سقطت تحت صدإ الآلات
و أنتظركَ عند نهاية المنعطف
كي تُساعدني في تفكيك أسرار الوَعْي الشقيِّ
وتُخرجني من بياض الخطابات المغموسة في الآثام
والأوهام
تعالَ أيها النسر
كالفرح الصاخبِ
تعالَى
كالنجم الثاقبِ
انشرْ جناحيكَ على موائد الزنابق العذارى
والفصول الجائعة
وامطرْ أعشاشَ العصافير الحيارى
برحيق الندى
و دلِّل خطواتنا الضائعة.
أيها المسافر

إلى أين تقودكَ جيادكَ المجنحة
أيها المسافر
في الحب العظيم؟
يدكَ في يد الفجر
تخترق مواكب من الظلال الخضراء
عيناكُما تتعانقان
كمِزهرية أمام مرآةٍ من العشب اليابس
والنجومُ تطفو فوق سطح قلبكَ
تُعمِّده بالضوء المنفلت
من حَلَماتها
ها أنتَ
أيها المسافر في جنائن الحب
تَخيطُ قوس قزح
بدم الريح النازف
و ترشقُ حلمكَ الموشومَ في الذاكرة
كشروقِ الشمس
بِرذاذ المطر العاصفِ
تُرى..
كيف مزقتَ أوتار الصمت في أوردتكَ الحائرة
وجنحتَ للبوح
للجنون؟
هل هو القدَر الذي يقود جيادكَ المُجنَّحة
في السماء الزرقاء
ملتفًّا في ضوء الشروقِ
وصدركَ يتلألأ فيه الغيم
و صدى البروقِ؟
ها أنتَ
تَسقي جوارحكَ المتيَّمة بدمع الحجر
وعيناكَ على فراشة بنفسجية
تحاورُ ورداً أبيضاً
يمدُّ جذوره
في جوْف صخرةٍ من محارٍ أخضر
فإلى أين تقودكَ جيادكَ
أيها المسافر في نسْغ الحياة
مبتلاًّ بندى الأمنيات
أما تعبتَ من هذا السفر؟

< عبد اللطيف الصافي

الوسوم

Related posts

Top