تحت عنوان «العود في كل حالاته» نظم معهد العالم العربي في باريس مهرجانه السنوي الحادي عشر للموسيقى الذي يخصصه وللمرة الأولى لآلة العود التي انطلقت من العالم العربي إلى اسبانيا حيث تألقت وازدهرت. وقال محمد مطالسي منظم المهرجان والمسؤول عن الأنشطة الموسيقية في معهد العالم العربي بالمناسبة، إن «العود صنع أساسا للعزف المنفرد لكنه طالما صاحب الاوركسترا».
ورأى انه في النصف الثاني من القرن العشرين «عاد للعود عزه في العراق خصوصا مع ظهور عازف مثل منير بشير الذي ارجع العود إلى أصله كآلة تعزف بشكل منفرد».
واعتبر مطالسي أن العالم العربي «يضم عددا كبيرا من عازفي العود المبدعين والمميزين مثل العراقي نصير شما والسوري قدري دلال والمغربي سعيد الشرايبي والتونسي انور ابراهم الذين برعوا في العزف والتأليف للآلة».
وشمل برنامج المهرجان مادة حافلة ومتنوعة من مختلف البلدان العربية وبرزت فيها خصوصا أسماء شابة تتمتع بموهبة كبيرة.
وشارك في إحياء الحفلات فنانون من فلسطين والمغرب وتونس والجزائر وسوريا والعراق ومصر.
ويتم تقديم مقطوعات خاصة وأخرى من التراث الموسيقي العربي أو مؤلفات حديثة غنية منفتحة على الموسيقات الاخرى.
وأحيى الحفل الافتتاحي العازف السوري فدا مجد شاعر من الجولان المحتل والذي تتلمذ في القاهرة على يد نصير شما ثم درس في دمشق، بينما مثل محمد قدري دلال العود الحلبي بعدما تتلمذ منذ حداثة سنه على يد بكري الكردي.
وسبق لدلال العزف في مسرح المدينة في باريس وفي «كارنيغي هول» في نيويورك.
أما العزف على الطريقة الدمشقية فجسده اياد حيمور المطلع على الموسيقى المتوسطية والمغربية والجاز العالمي الحديث. كما يقدم خالد الجرماني، من سوريا أيضا عزفا منفردا ضمن اللون الكلاسيكي العربي.
ومثل المدرسة البغدادية سعد محمود جمل الذي تتلمذ على رياض محمد حسن وسامي نسيم ومنير بشير خاصة وهو حاليا يدرس العود في المعهد الموسيقي في البحرين وصدرت له اسطوانة عام 2005 بعنوان «نوستالجيا».
أما الجزائريان مهدي هداب ولطفي عطار فقدما تجربة تتجاور مع الموسيقى الغربية وتبدو مختلفة في نمطها ومفهومها إذ يرافقها عرض لصور مختارة.
ومن الجزائر شارك أيضا فريد بن سرسا وناصر الدين بن مرابط في حفلة تمزج صوت العود بصوت آلة الكويترا، وهي عبارة عن عود مختلف شكلا واصغر حجما.
وقدم الفنانان الناشطان ضمن فرقة الموصلي الجزائرية مقطوعات من الموسيقى المغربية الأندلسية.
وحضر من القاهرة المؤلف والعازف محمد ابو ذكري الذي تعلم العود وهو في الخامسة عشرة وحاز جائزة الامتياز في بيت العود العربي، وقد أدى ألوانا من الموسيقى الحديثة والكلاسيكية العربية إضافة إلى مقطوعات تنتمي للمدرستين التركية والعراقية.
ومن تونس حضر بشير غربي الذي كان العازف المنفرد الأصغر سنا في الاوركسترا الوطنية, وهو يعزف حاليا في ثنائي عود وكمان مع أخيه التوأم محمد. أما مالك اللوز الذي يشاركه العزف فتتلمذ على المعلم الكبير علي سريتي.
من تونس أيضا قدم باسم علاء يوسفي الذي تخرج من بيت العود في القاهرة عزفا منفردا يؤدي فيه لونا شرقيا صرفا.
شارك أيضا في المهرجان عازف العود المغربي إدريس المالومي الذي يمزج عزفه بالموسيقى الأمازيغية والألحان الشرقية والغربية.
أما العازف والمؤلف المغربي عز الدين منتصر الحائز عدة جوائز منها جائزة الشرف للعود في الموسيقى العربية، فقدم أسلوبه الذي طوره ليمتلك قدرة خاصة على ابتكار التنويعات.
ورأس منتصر الاوركسترا العربية للإذاعة الوطنية في المغرب.
كذلك حضر من المغرب أيضا كريم تدلاوي عازف العود, فيما حضر من الأردن الفلسطيني احمد الخطيب الذي يعيش حاليا في السويد ويدرس آلة العود وخرج له البوم عام 2004 بعنوان «سادة».
ومن فلسطين, حضر الثلاثي جبران, سمير ووسام وعدنان. وقد أحيى هذا الثلاثي منذ 2004 عشرات الحفلات في أوروبا.
والعود الذي جاء اسمه لأنه يصنع أساسا من خشبة واحدة ولد في المشرق العربي ثم جاب مناطق الإسلام واتبع طرقا مختلفة للوصول الأندلس حيث تحول إلى عنصر أساسي من العناصر المكونة للموسيقى العربية الأندلسية وإن خضع في تلك المرحلة لمنافسة عدد من الآلات القريبة المشابهة.
شيئا فشيئا ومنذ القرن الثالث عشر بات العود آلة معتمدة في الموسيقى الغربية يستخدم في المجموعات الموسيقية وعكست حضوره بقوة كمية الرسوم التي صورته في لوحات تلك الحقبة.