كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أن الآفاق الاقتصادية الوطنية لسنة 2021 ترتكز على فرضية توقف تفشي وباء “كوفيد-19” بنهاية دجنبر 2020 وعلى سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2020-2021.
وجاء في تقرير المندوبية حول “الوضعية الاقتصادية لسنة 2020 وآفاق تطورها خلال سنة 2020″، أن هذه التوقعات تعتمد على التطورات الجديدة للمحيط الدولي خلال فترة ما بعد الأزمة الصحية، خاصة تطور أسعار المواد الأولية والطلب العالمي الموجه نحو المغرب. ويرتقب أن يتحسن هذا الأخير ب12,2% سنة 2021 عوض انخفاض ب16,2% سنة 2020. كما يتوقع انتعاش تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والاستثمارات الخارجية المباشرة بعد الانخفاضات التي سجلتها سنة 2020.
وأضاف التقرير ذاته، أنه بناء على كل هذه الفرضيات، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة تقدر ب9,1% سنة 2021 عوض انخفاض ب5,7% سنة 2020.
وأبرز المصدر نفسه أن الانشطة غير الفلاحية ستسجل وتيرة نمو معتدلة ب3,6% سنة 2021 عوض انخفاض ب5,3% سنة 2020، خاصة نتيجة ضعف نمو قطاعات الخدمات والبناء والأشغال العمومية والصناعات التحويلية.
وستفرز أنشطة القطاع الثانوي، تحسنا طفيفا في قيمتها المضافة ب4,6% سنة 2021 عوض تراجع ب6,9% خلال السنة الماضية، مستفيدا من النتائج الجيدة التي يتوقع أن تعرفها أنشطة قطاع المعادن والصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية وكذا أنشطة الصناعات الغذائية، خاصة نتيجة التحسن المرتقب للطلب الخارجي. ومن جهتها ستواصل أنشطة الصناعات الميكانيكية والكهربائية، تأثرها بالنتائج غير الجيدة لقطاعات صناعة السيارات وصناعة الطائرات على المستوى العالمي.
بالموازاة مع ذلك، سيعرف قطاع البناء والأشغال العمومية، بالرغم من مواصلة تأثره بتداعيات الأزمة الصحية، انتعاشا بحوالي 5,9% سنة 2021 بعد الانخفاض المرتقب ب12% خلال السنة الجارية. وستتأثر فروع البناء، على الخصوص، بالعواقب الوخيمة للأزمة، وستواجه صعوبات كبيرة للنهوض بأنشطتها. وعلى مستوى الطلب، سيؤدي تقليص مناصب الشغل والأجور في مجموع الأنشطة الاقتصادية الوطنية إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين. أما على مستوى العرض، سيعيق انخفاض مبيعات الوحدات السكنية إلى بشكل كبير استثمارات المنعشين العقاريين.
بالإضافة إلى ذلك، سيسجل القطاع الثلاثي نموا ضعيفا ب3,1% سنة 2021 عوض انخفاض ب 4,5%، نتيجة الانتعاش البطيء والتدريجي لأنشطة الخدمات التسويقية، خاصة أنشطة السياحة والنقل والتجارة، المرتبطة بالطلب الداخلي.
وقالت المندوبية في تقريرها إنه بناء على التطور المرتقب في الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات ب4,9% يتوقع أن يسجل الناتج الداخلي الإجمالي معدل نمو موجب ب4,4% سنة 2021 بعد الركود المتوقع ب5,8% سنة 2020. وعلى المستوى الإسمي، سيعرف الناتج الداخلي الإجمالي زيادة ب 5,6%، الشيء الذي سيؤدي إلى ارتفاع طفيف لمعدل التضخم المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي ب%1,2 عوض -0,4% سنة 2020.
انتعاش متواضع للطلب الداخلي
في سياق متصل، سيتعزز النمو الاقتصادي سنة 2021 بانتعاش الطلب الداخلي، في حين سيسجل الطلب الخارجي مساهمة سالبة في النمو. وهكذا سيعرف الطلب الداخلي ارتفاعا ب 4,4% بعد انخفاض ب 4% سنة 2020، لتبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي حوالي 4,8 نقط عوض مساهمة سالبة في حدود 4,4 سنة 2020.
وسيعرف الاستهلاك النهائي الوطني زيادة ب4% عوض انخفاض ب1,5% سنة 2020، حيث ستسجل مساهمته في النمو الاقتصادي تحسنا لتصل إلى حوالي3,2 نقط عوض مساهمة سالبة ب-1,2 نقط سنة 2020. في هذا الإطار، سيعرف استهلاك الأسر المقيمة ارتفاعا ب4,1% سنة 2021 عوض تراجع ب5,1% سنة 2020. وسيتباطأ استهلاك الإدارات العمومية ليسجل سنة 2021 تحسنا ب 3,7% عوض 8,9% المتوقعة خلال السنة الجارية.
ومن جهته، سيستفيد التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت من مواصلة إنجاز مشاريع البنية التحتية الكبرى ومن الانتعاش التدريجي للأنشطة الاقتصادية، ليسجل حجمه ارتفاعا بحوالي6,5% سنة 2021، حيث ستبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي حوالي1,7 نقطة. وبناء على التغير في المخزون، سيرتفع حجم الاستثمار الإجمالي ب 5,3% ليسجل مساهمة معتدلة في النمو بحوالي 1,6 عوض مساهمة سالبة ب-3,2 نقطة سنة 2020.
بخصوص الطلب الخارجي، وبناء على انتعاش الأسواق الخارجية وتحسن الآفاق الاقتصادية العالمية سنة 2021، ستستعيد المبادلات الخارجية حيويتها ومنحى تطورها الذي عرفته قبل الأزمة. وهكذا، ستسجل الصادرات نموا ب9,8% عوض انخفاض ب10,9% سنة 2020. ومن جهتها، ستسجل الواردات ارتفاعا بوتيرة أدنى ستصل إلى حوالي8,3% عوض تراجعها المتوقع سنة 2020. وبالتالي سيواصل صافي الطلب الخارجي تسجيل مساهمات سالبة في النمو الاقتصادي الوطني رغم تحسنها لتصل إلى حوالي-0,4 نقطة عوض 1,4- نقطة سنة 2020.
بناء على التطورات المرتقبة للأسعار، سترتفع قيمة الصادرات من السلع والخدمات ب 8,7%، بينما ستعرف الواردات زيادة ب 7,7%. وبالتالي، سيتقلص عجز الموارد مقارنة بمستواه المسجل سنة 2020، ليستقر في حدود %12,5 من الناتج الداخلي الإجمالي. وهكذا، سيفرز حساب ميزان الآداءات عجزا في حدود %6,8 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021.
وأخذا بعين الاعتبار لزيادة الاستهلاك النهائي الوطني، بالأسعار الجارية، ب 5,2% سنة 2021 ونمو الناتج الداخلي الإجمالي الإسمي ب 5,6%، سيعرف الادخار الداخلي تحسنا ليبلغ معدله حوالي 19,4% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 19,1% سنة 2020. وسيؤدي انتعاش مداخيل المغاربة المقيمين بالخارج، نتيجة التحسن المتوقع للظرفية الاقتصادية العالمية، إلى تعزيز المداخيل الواردة من باقي العالم. وستعرف هذه الأخيرة تحسنا ب4,5% بعد انخفاضها المرتقب ب 4,6% سنة 2020 لتمثل حوالي4,6% من الناتج الداخلي الإجمالي. وبالتالي فإن الادخار الوطني سيصل معدله إلى حوالي 24% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض23,7% سنة 2020، غير أنه يبقى دون مستوى معدل الاستثمار الإجمالي الذي يرتقب أن يناهز 30,8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021. وهكذا، سيستقر عجز التمويل للاقتصاد الوطني في حدود 6,8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021.
تراجع عجز الميزانية واستقرار معدل الدين العمومي في مستويات عالية سنة 2021
يرتكز تطور المالية العمومية سنة 2021 على فرضية ارتفاع النفقات العمومية نتيجة برامج العمل والتدابير الضرورية للنهوض بالاقتصاد الوطني واستعادة ديناميته الشيء الذي سيؤدي بدوره إلى تحسن المداخيل الجبائية. في ظل هذه الظروف، وبناء على الزيادة المرتقبة في ميزانية بعض القطاعات المتضررة من تداعيات الأزمة وصعوبة تقليص نفقات التسيير، ستواصل النفقات الجارية، سنة 2021، منحاها التصاعدي، لتستقر في حوالي 20,7% من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض التوسع المرتقب سنة 2020 في حدود 22,5% من الناتج الداخلي الإجمالي.
ومن جهتها، ستعرف المداخيل الجبائية تحسنا نتيجة الانتعاش المرتقب للنشاط الاقتصادي لتمثل حوالي 18,3% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021 عوض17,5% المتوقعة خلال السنة الحالية. وبناء على الانخفاض المتوقع للمداخيل غير الجبائية إلى 2,8% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض3,2% سنة 2020، ستتحسن المداخيل الجارية لتبلغ %21,5 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021.
وبناء على نفقات الاستثمار التي ستتعزز سنة 2021 لدعم أنشطة المقاولات من أجل استعادة ديناميتها، خاصة تلك المرتبطة بالصفقات العمومية، ستفرز المالية العمومية عجزا في ميزانية الدولة يتوقع أن يصل إلى 5% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021 عوض 7,4% المتوقعة سنة 2020.
ولتغطية هذه الحاجيات التمويلية، سيقوم المغرب باللجوء مرة أخرى إلى الأسواق العالمية. وهكذا، سيبقى معدل الدين الإجمالي للخزينة في مستويات عالية، رغم تراجعه بشكل طفيف مقارنة يالسنة الجارية، حيث سيناهز حوالي72,3% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض74,4% سنة 2020. وبناء على تطور الدين العمومي المضمون، الذي يتوقع أن يرتفع ب 4,4%، سيصل الدين العمومي الإجمالي إلى حوالي89,9% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 92% سنة 2020.
تحسن طفيف للقروض على الاقتصاد
فيما يتعلق بالسوق النقدي، ستنتقل التدابير المرنة للسياسة النقدية المتخذة خلال شهر يونيو من سنة 2020، خاصة تقليص معدل الفائدة الرئيسي إلى%1,5 والاحتياطي النقدي إلى %0، إلى الاقتصاد الوطني عبر تأثيرها في معدلات الفائدة وتوقعات الفاعلين الاقتصاديين. وستؤدي هذه التطورات مصحوبة بآفاق التحسن المرتقب للأنشطة الاقتصادية سنة 2021، إلى تحفيز القروض البنكية، خاصة قروض التجهيز والقروض العقارية والقروض المقدمة للمقاولات غير المالية الخاصة. وبالتالي، ستعرف القروض على الاقتصاد زيادة ب 5,4% سنة 2021.
وبالمثل، سترتفع القروض الصافية على الإدارة المركزية نتيجة لجوء الخزينة إلى الاقتراض عبر السوق الداخلي، لتغطية الالتزامات والتدابير المرتبطة بمخططات الإقلاع. وبالإضافة إلى ذلك، ستتحسن الموجودات الخارجية من العملة الصعبة ب6,1%، نتيجة الانتعاش الطفيف للاستثمارات الأجنبية المباشرة واللجوء إلى المديونية الخارجية، لتبلغ حوالي 4,7 أشهر من واردات السلع والخدمات. وبالتالي ستعرف الكتلة النقدية، بناء على آفاق النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2021، زيادة بحوالي 4,9% عوض 1,6% سنة 2020.
> عبدالصمد ادنيدن