> حاوره: أمجد مجدوب رشيد
يعد محمد السرغيني من رواد الشعر المغربي الحر، في هذا الحوار، يتحدث عن تجليات الرؤية الشعرية لديه، وعن النقد، والشعراء الشباب الذين يدعوهم إلى أن يكونوا فضاحين لكل ما ليس صالحا للإنسانية.
من إصداراته: «محاضرات في السيميولوجيا»، «ويكون احراق أسمائه الآتية»، «بحار جبل قاف»، «الكائن السبئي»، «وجدتك في هذا الأرخبيل»، «أغنية القطار الشبح»، «من فعل هذا بجماجمكم»..
> الشاعر محمد السرغيني تحية وارفة لك… لعل أول سؤال يورق في هذا اللقاء الباذخ ماهية الكائن الشعري، هوية الشاعر ومشروعه؟
< الشاعر ابن العالم: لذا يجب عليه أن يكون وثيق الارتباط بالحياة بجميع أصقاعها، وأن يكون له موقف…وعليه كشاعر أن يحاكم كل التاريخ الشعري من امرئ القيس إلى لحظتنا الشعرية الراهنة.
> في الفضاء الجامعي وفي منتديات المشهد الشعري العربي يتم تداول نصوص شعرية لأدونيس ومحمود درويش.. وكما تعلم في فترة سابقة، أثر نزار قباني على كثير من الشعراء حتى نعتوا بالنزاريين والآن كثر الدرويشيون!
< إذا لم يكن الشاعر نسخة خاصة من نفسه فلا مبرر لوجوده .. المطلوب منك أن تكتب شعرا لم يكتبه غيرك، عليه طابعك الخاص، والمتلقي عليه أن يكتشف طابعك .
> في لقاءات سابقة، رفضت استعمال مصطلح النقد وعوضته بمصطلح مقاربات أو قراءات… أليس للنقد مهمة كبرى في مؤسسة الأدب؟
< الناقد لا وجود له في تصوري … وأرى أن القارئ الحق هو متذوق والتذوق ليس حكما، إنه تأمل في الرؤى الكثيرة للنص، يلامس منها فهما من الفهوم ومن خلال قراءاتي لتجارب مختلفة، استفدت أمرين، الأول: إيماني بالمعايشة للأجيال والتجارب والرؤى، والأمر الثاني أني أعطي لنفسي الحق في إصدار أحكام القيمة.
> كل من يكتب عنك يقف عند أحد أهم تجليات الرؤيا الشعرية لدى السرغيني، والأمر يتعلق بانطباع تجربتك بالرؤيا الصوفية، ما حدود تأثرك بأطياف التصوف؟
< مرت تجربتي مع التصوف بثلاث مراحل: الأولى الاهتمام والثانية البحث العلمي والثالثة اكتشاف فلسفة ابن عربي وصوفيته الصافية، ابن عربي شاعر يسع قلبه الكون، وهو فيلسوف مسلم أكثر منه أحد أقطاب التصوف.. تصوفه الفكري يشغلني، وكل ما كتب عنه أخطأ الطريق، ولم يتناول حقيقة تجربته ويحتاج إلى مجهود بحثي ضخم، يجمع كل ما كتب عن ابن عربي في اللغة العربية وفي اللغات الأخرى، كالفرنسية والإيطالية، ويحتاج إلى باحث شاب صبور. يقول ابن عربي:
لقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائــــــف
وألواح توراة ومصحف قــرآن
أدين بدين الحب أنّى توجّهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
فهذه هي الإنسانية.
على القارئ المتذوق أن يقرأ تجربتي الشعرية من خلال ما طرأ عليها من تطور فكري.
> أيشغفك شكل شعري معين؟
< كل شاعر يحاول تحديد شكل الكتابة الشعرية إنما هو يحدد وجهة نظره فقط…قصيدة النثر والقصيدة التفعيلية والقصيدة العمودية تسميات باطلة!
يمكنك أن تكتب شعرا بابتسامة…الحواس الخمس تشترك في الكتابة الشعرية..يكتب الشعر باللالغة، أي بالحواس الخمس، تضاف إليها الحاسة السادسة، حاسة الحدس.
> تشهد الشعرية تحولات كبرى، لعل أهمها اتساع شريحة القادمين إلى الشعر، وهم يهجسون برؤاهم الذاتية، يصبونها في نصوص شذرية مضمخة باليومي والعابر والهامشي..وخفتت صلصلة الالتزام..
< يجب أن يكون واضحا لدينا ولدى الآخرين أن الشعر ينظم من أجل مبادئ…والشاعر ملتزم لأنه صاحب يقينيات وصاحب رسالة..وإنتاجه الشعري يجب أن يحاسب عليه.
> ما رأي الشاعر السرغيني في المشهد الشعري المغربي والعربي؟
< الشاعر في المشهد الشعري العربي الراهن يعيش تناقضات منها:
حب الظهور والانتشار وتسويق الذات والتزاحم على الجوائز، والاستجداء وإعطاء صورة نضالية عن الذات، والنزول إلى مستوى التعبير الصحافي، ومحاولة إبعاد الشعر عن الفنون الأخرى.
وأسمي هذه متناقضات الشاعر المغربي والعربي.
> ماذا تقول لشعراء الحساسية الجديدة وخاصة الشباب منهم؟
< لكل شاعر أقول: عليك أن تكون فضَّاحا..أن تفضح كل ما ليس صالحا للإنسانية.. وأن يكون لك موقف في عصرنا الحربائي هذا..وأن تكون موسوعي المعرفة، فذاك هو الشاعر الحق.
