> مبعوث «بيان اليوم» إلى برايا: محمد الروحلي
كانت نتيجة الفوز بالنسبة للفريق الوطني المغربي لكرة القدم مسألة حياة أو موت، ليس لأن الانتصار بقلب العاصمة برايا خيار لا غنى عنه لتحقيق التأهيل لنهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 2017 بالغابون، فالتأهيل يمكن أن يتحقق خلال المقابلات القادمة بالمغرب، لكن تحقيق الفوز في هذا اللقاء بالضبط، مطلب راهن عليه الطاقم التقني الجديد للمنتخب، وربطت به الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مصيرها.
فتحقيق نتيجة الفوز أو على الأقل تفادي الهزيمة، كانا خيارين لا ثالث لهما، لأن العودة بهزيمة كان من الممكن أن تفجر الأوضاع داخل المنتخب ومعه الجامعة، والأكثر من ذلك ستجعل المسؤولين عن تسيير الشأن الكروي على الصعيد الوطني في فوهة بركان.
فبمدرب جديد، وبطاقم تقني تغير بنسبة 90 في المائة، وبلاعبين جدد، وخيارات مغايرة لما سبق، بحث المنتخب عن نتيجة الفوز أمام المنتخب الإفريقي الأول في التصنيف الدولي للمنتخبات، منتخب لم يخسر بميدانه منذ أربع سنوات، يلعب كرة جميلة وتمكن من إحراج أقوى المنتخبات على الصعيد الإفريقي، كما أنه استعد بكل نجومه لمواجهة المغرب معززا بجمهوره الرائع، خاصة وأن “أسود الأطلس” يمرون بفترة عصيبة بعد تغيير المدرب، وما رافق ذلك من مشاكل وخلافات خيمت بظلالها القاتمة على جل مكونات المنتخب، ومعها الجامعة المسؤولة بالدرجة الأولى عن كل ما يحدث، والتي يحسب لها أنه امتلكت شجاعة كبيرة لتغيير المدرب بادو الزاكي في ظرف دقيق وتعويضه بمدرب جديد يملك كل شهادات الاستحقاق.
فخبرة المدرب هيرفي رونار، غيرت المعادلة رأسا على عقب، حيث ظهر أصدقاء العميد الجديد مروان دا كوستطا، بمستوى لافت أبطل مفعول فعاليات الخصم وأحرجه بميدانه وأمام جمهوره، وهو الذي تعود على تحقيق الانتصارات الباهرة بعاصمة البحر والهدوء والشمس الساطعة.
كما أن إصابة العميد المهدي بنعطية، أربكت كل حسابات المدرب، ساعات قبل موعد المباراة، ليفرض هذا الغياب إدخال تغييرات على وسط الميدان وقلب الدفاع، وقد توفق هيرفي رونار في معالجة الأمر بكثير من الذكاء، وجعل الجميع ينسى أن هناك غيابا مؤثرا، للاعب يتمتع بحضور وازن وبكثير من التجربة، كما أنه يلعب على أعلى مستوى.
“لا تنسوا أنكم تلعبون بإفريقيا، لا تبالغوا في الاستعراض، تسلحوا بالقتالية، دافعوا ببسالة على قميصكم الوطني، وضعوا في حسبانكم أن الجمهور المغربي ينتظر منكم إسعاده، وأنا أول من يمنحكم ثقته، فكونوا في مستوى التحدي…” كلمات خاطب بها هيرفي رونار لاعبيه بمستودع الملابس، مما زرع في نفوس اللاعبين شحنة قوية، وحفزتهم على البذل والعطاء، كما جعلتهم يخوضون مقابلة بطولية، مكنتهم من العودة بانتصار أعاد الروح للفريق الوطني المغربي، بعد سنوات من غياب الإقناع، حولت المنتخب بالنسبة للاعبين القادمين من البطولات الأوروبية، من مجرد “كارت فيزيت” لتعزيز السجل الدولي، إلى هوية وانتماء وشرف لا يقدر بثمن، وغير قابل للمساوة.
لم يربح الفريق الوطني ثلاث نقط فقط، بل ربح عناصر واعدة، ربح سفيان بوفال وأسامة طنان، وغانم سايس، والحارس منير المحمدي، وربح عودة قوية لمبارك بوصوفة، وعبد الحميد الكوثري، والعميد الجديد مروان داكوسطا، كما أظهرت معطيات المقابلة والطريقة التي خاض بها فريقنا الوطني، أن هناك مدربا متمكنا، يتمتع بكاريزما، انعكست بالإيجاب على الفريق ككل.
تحقق إذن الانتصار الذي انتظره الجميع، واستعادت كل المكونات ثقتها بالنفس، وثقتها في اختيارات صعبة كان من الممكن أن تعصف بالجمل وما حمل، إلا أن تدبير المرحلة جاء بطريقة فيها الكثير من الجرأة وتحمل المسؤولية، وهذا رهان صعب تفوق رونار في الوصول إليه، مما فتح من جديد آمالا كبيرة أمام كرة القدم الوطنية الباحثة منذ سنوات خلت عن العودة للريادة القارية، والتي تفتح أمامها من جديد أبواب العالمية.
برافو…
قتالية اللاعبين وكاريزما رونا يعيدان الروح لـ “الأسود”
الوسوم