تشييع رسمي وشعبي مهيب بالعراق للفنان المسرحي الراحل يوسف العاني

شيعت بغداد مؤخرا فنان الشعب الراحل يوسف العاني بموكب جنائزي مهيب بحضور رسمي وشعبي كبير، ابتدأ من الباحة الرئيسية للمسرح الوطني حيث سجي جثمان الراحل وألقى احباؤه واصدقاؤه من الفنانين والمثقفين والمواطنين نظرة الوداع الأخيرة وسط حسرات ودموع وقلوب تنبض محبة للراحل وقد تم نقل النعش على سيارة خاصة تحيط به نخبة من حرس الشرف وخلفهم موكب مهيب من جموع المشيعين،وانتهى بالمقبرة الملكية في الاعظمية (شمالي بغداد) حيث ووري جسده الثرى بعد أن مشت جموع المشيعين على الاقدام وهي تقطع جزء من شارع السعدون الى ساحة الفردوس حيث كان الاكف تلوح بالوداع فيما الالسن تنطق باصوات مسموعة كلمات وداعا يا أبن العراق وفنان شعبه).
  كانت الأحاديث كلها تنطلق من علاقة المتحدثين بالراحل وقد أصبح للبعض أبا روحيا وأستاذا نبيلا وأخا وصديقا، وانه ما كان يتردد من تقديم المساعدة لأحد مهما كانت وانه كان يمازح الجميع ولا يضع اي حدود لبنه وبينهم سواء في الحياة العامة أو أثناء تصوير الأعمال السينمائية والتلفزيونية او التدريبات المسرحية، مثلما ذهبت الأحاديث عنه من انه لا يتردد في تلبية دعوة لأي فنان شاب للمشاركة او المشاهدة.
كان التشييع فريدا من نوعه في العراق لفنان، وهو الأول في تاريخ العراق، لاسيما انه مر بثلاث مراحل، كانت الأولى في العاصمة الأردنية عمان حيث أقامت السفارة العراقية هناك مراسيم توديع لها شاركت فيها جموع من العراقيين في الأردن فضلا عن سفيرة العراق صفية السهيل وهي المرة الأولى التي يشارك فيها سفير في تشييع فنان، وكانت المرحلة الثانية عند استقبال جثمانه في مطار بغداد الدولي الذي نظمته شبكة الإعلام العراقي بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة، وسط حضور نوعي وكبير من فناني ومثقفي العراق وبمراسيم استقبال مهيبة بدأت من سلم الطائرة الآتية من العاصمة الأردنية عمان بمشاركة سرية مراسيم وزارة الدفاع وعلى أنغام الموسيقى الجنائزية تقدمها الدكتور مهدي العلاق ممثلا عن رئيس مجلس الوزراء وعلي جبار لعيبي وزير النفط وعضو مجلس النواب الدكتور مهدي الحافظ وفوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة والسياحة والاثار والدكتورعلي الشلاه رئيس شبكة الإعلام العراقي ومسؤولو بعض دوائر وزارة الثقافة ووزارة الرياضة والشباب وشبكة الإعلام العراقي ونخبة من فناني ومثقفي العراق من دائرة السينما والمسرح والاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ونقابة الفنانين العراقيين ونقابة الصحفيين وغيرهم وتقدمت مراسيم الاستقبال قرينة ورفيقة درب فنان الشعب يوسف العاني، ومن ثم نقل جثمان الراحل الكبير مسجى على عربة عسكرية ملفوفا بالعلم العراقي إلى مستشفى اليرموك التعليم.
 
 حدث مفخرة

يقول المخرج المسرحي كاظم النصار: ما حدث اليوم في استقبال الخالد يوسف العاني وتشييعه في شوارع بغداد مفخرة يستحقها هذا الفنان الذي ظل عراقيا حتى النخاع .. هرعنا جميعا لاستقباله في المطار لنلقي عليه نظرة الوداع الأخيرة .. كان كل منا يتذكر مآثره الشخصية معه .. ما جرى اليوم هو انتزاع شعبي لقيمة الفن وقيمة العراقية التي في الفنان مضافا إليها سيرته الفريدة وإبداعه ورموزيته ..لا يستطيع أي منا أن ينتزع هذا الاستقبال الرئاسي في حياته او موته دون أن ينذر حياته وروحه للفن ويبقى مؤثرا وحاضرا ويكون رمزا شعبيا يدخل البيوت منذ 70عاما
 وأضاف: كنت أقول للفنانين المعزين في طريقنا للمطار أن قيمة العاني الأهم انه مسك بيد السينما والمسرح والدراما التلفزيونية وأخذها برفق من عليائها ونخبويتها إلى حضن الناس وبيوتهم ..في المسرح (فلوس الدوة )و(اني امك ياشاكر ) تغدو وكأنها بحث في القاع المجتمعي العراقي ولو خيرت الناس بين أن تذهب إلى مسرحيات مثل (يوربيدس عائدا ) وبين شعبيات العاني ستختاره ملكا متوجا على قلوبهم لأنه الأقرب لرعبهم وفقرهم ومعاناتهم عقودا وليال  …أبو يعقوب كان حاكما ورئيسا ولكن من دون انقلاب عسكري ولا محاصصاتي فالناس هي من اختارته زعيما للفن وأمينا لسر أحزانهم وأمالهم.
وختم بالقول : ماحدث اليوم من هيبة ووقار لجثمانه وروحه لحظة فارقة في تاريخ الفن في البلاد ولرموزه  ومبدعيه وعراقيتهم حتى ولو بعد حين ..لنا العزاء وله فضاء الجنة الأوسع.

تشييع مهيب

 من جانبه قال الإعلامي ‏علي الخالدي‏: الكل حزن لفقدان الفنان الكبير يوسف العاني، إلا أن هناك ما يدعو للتفاخر والسعادة وسط هذا الحزن . لأول مرة نرى تشيعا مهيبا يليق بتاريخ الإنسان الفنان، ولأول مرة نرى سفارتنا تستنفر كل كتيبتها الدبلوماسية لأجل الفنان، ولأول مرة نرى شبكة الإعلام العراقي برئيسها ومدراها ومراسليها ومصوريها تكثف اعلامها لأجل الفنان.
وأضاف: صورة بغداد اليوم بحزنها فاقت حتى صور القاهرة في هكذا مناسبات مماثلة.
وختم بالقول: اليوم وأمس شعر الفنان أن له قيمة توازي تاريخه وعطاءه وفناءه من أجل هذا الوطن . شكرا لمن رسم هذه الصورة التي تليق بالإنسان المثابر حتى لو كانت بعد رحيله.

عبد الجبار العتابي

Related posts

Top