حزب التقدم والاشتراكية يطلق رسميا النقاش حول التحضير لمؤتمره الوطني الحادي عشر

أشرف محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أول أمس الاثنين، على إطلاق النقاش حول وثيقة “مداخل للتفكير والنقاش” التي تمهد الطريق للمؤتمر الحادي عشر للحزب، المزمع عقده في النصف الثاني من السنة الجارية.
وقدم محمد نبيل بنعبد الله في هذا اللقاء الوطني، الذي نظمه حزب التقدم والاشتراكية، عبر تقنية التناظر المرئي، بشكل رسمي، وثيقة “مداخل للتفكير والنقاش”، وتلا ذلك فتح باب المناقشة بين مجموعة من المناضلات والمناضلين من مختلف الجهات والأقاليم.
وتروم عملية انطلاق النقاش حول الوثيقة الممهدة للمؤتمر الحادي عشر، تجميع مختلف الأفكار والمبادرات والاقتراحات، عبر عقد مجموعة من اللقاءات، بكل إقليم، وتقديم الملاحظات والاقتراحات للجنة الوطنية للتقرير التي كلفتها القيادة الوطنية للحزب بهذا الغرض، والتي تتكون من كل من محتات الرقاص وعبد الصادقي بومدين عضوي اللجنة المركزية للحزب.
ويشمل الحوار مختلف الفروع المحلية والإقليمية والجهوية، بحيث تهم الوثيقة خلق نقاش جدي وفعال داخل مختلف هياكل الحزب وفروعه ومنظماته الموازية، بغرض إعادة ترتيب البيت الداخلي وإفراز فعل حزبي ناجع وقادر على مواكبة مختلف التحديات، وعلى رأسها التحدي التواصلي بما يتماشى مع المتغيرات التي يعرفها مجال التواصل، قصد الوصول إلى مختلف الشرائح المجتمعية، واضطلاع الحزب بأدواره في تأطير الجماهير والدفاع عن قضايا المواطنات والمواطنين.
في هذا السياق، وفي كلمة له بالمناسبة، قال محمد نبيل بنعبد الله إن وثيقة “مداخل للتفكير والنقاش” لا تحل محل الوثائق المرجعية للمؤتمر، وإنما الغاية منها تأطير عمليات التحضير للمؤتمر الوطني 11 كذات جماعية، من خلال مساهمة جميع المناضلات والمناضلين في النقاش العام، والبحث عن آليات جديدة لتقوية الفعل الحزبي والنهوض به، وإعادة الجدية للعمل السياسي، خصوصا العمل الذي يقوم به حزب التقدم والاشتراكية كحزب وطني ضروري وأساسي بالنسبة للمغرب، لما يلعبه من أدوار في التفكير والتأطير.

سياق المؤتمر 11

وأضاف بنعبد الله أن سياق المؤتمر 11 يأتي في ظل مسار ديمقراطي متأرجح، وفي مرحلة سياسية دقيقة، تعرف تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإيكولوجية، فضلا عن اتسام الفضاء السياسي العام بالإجهاد، بالإضافة إلى ما يعرفه المجتمع من تحولات عميقة وسريعة وبتأثرات سلبية، مشيرا إلى أن النقاش يجب أن ينصب على كيفية إعادة التوهج للفعل السياسي وجعله يواكب مختلف هذه المتغيرات، ويجعل الحزب يؤدي دوره المجتمعي الريادي، مشددا على أهمية النقاش والتفكير في هذه المداخل، في انتظار الأطروحة السياسية للمؤتمر ومحاورها.
وسجل زعيم حزب “الكتاب” أن المؤتمر الحادي عشر للحزب لن يكون مؤتمرا عاديا، وإنما مؤتمرا بتحديات ورهانات كبرى، تتمثل أساسا في قدرة الحزب على استيعاب المرحلة والتفاعل معها، وتطوير الأداة الحزبية فكريا، سياسيا وتنظيميا، بالإضافة إلى مساهمة الحزب في الارتقاء بالممارسة الديمقراطية وتحقيق التغيير، وكيفية توسيع تجاوب الرأي العام مع الحزب، والبحث عن سبل تثبيت مكانة الحزب، في إطار الحفاظ على هويته واستقلاليته.
وشدد بنعبد الله على أن هذه التحديات والرهانات تحتاج إلى التمكن من مجموعة من المداخل وتملكها وتنزيلها، وأولها تنظيميا، من خلال البحث عن وسائل وأشكال تنظيمية جديدة لظروف جديدة، والعمل بالاعتماد على اللامركزية، والديمقراطية الداخلية، والنجاعة والقرب، والمرونة، والتجذر، والتكوين والتوسع، وكذا القدرة على إدماج الطاقات الجديدة، فضلا عن منظومة القيم الحزبية الهوياتية، والأخلاقية، والسلوكية، وإقرار مقاربة تمزج بين الديمقراطية والنجاعة والمرونة والتجذر، والعمل على ربط المسؤولية بالمحاسبة والنتائج، وتحديد الإجراءات في حالة التقاعس أو الفشل أو الإخلال بالانضباط الحزبي، بالإضافة إلى إقرار معيار الانخراط في العمل الميداني لتحمل المسؤوليات والتفكير في أدوار وطرق اشتغال الهياكل القيادية الوطنية.
وحدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المدخل الثاني، في الانضباط الحزبي، حيث شدد على ضرورة القطع مع بعض حالات التسيب والمس بصورة الحزب، إذ أكد على ضرورة التقيد بالقواعد القانونية والتنظيمية واحترام منظومة القيم، والالتزام بالمقررات الجماعية مع حفظ الحق في اتخاذ آراء شخصية، مشيرا إلى أن استعمال الهوية البصرية للحزب حق حصري للهيئات الرسمية، ولا يحق لأي كان استغلاله لصالح شخصه أو لغرض المس بالحزب.
وكمدخل ثالث، لفت بنعبد الله إلى ضرورة تعزيز الشق القانوني، عبر مراجعة عميقة لقوانين الحزب في اتجاه تعزيز الديمقراطية الداخلية، وتكريس قواعد العمل الجماعي، وتحديد الحقوق والواجبات والانضباط، فضلا عن تأطير دقيق للمرجعيات وللتوجهات السياسية، والتقيد بقيم الحزب ومبادئه وأخلاقه ووحدته واستقلاليته وتوجهاته.
وأبرز بنعبد الله أهمية النهوض بالجانب التواصلي كمدخل رابع يشكل تحديا أساسيا للنهوض بأداء الحزب، إذ أكد على ضرورة امتلاك أداة ووسائل تواصلية ناجعة وتوسيع قدرات الحزب على إيصال خطابه، وتقوية الشعور بالانتماء الحزبي، وتطوير أشكال العمل عن بعد وعدم التخلي عن النمط الحضوري ونضال القرب.
وأضاف أن ذلك كله يكتسي أهمية بالغة في تطوير أداء الحزب، رابطا بين ذلك وبين النهوض بالجانب التكويني والتأطيري كمدخل خامس ضمن التحديات والرهانات، وذلك عبر تسطير برنامج تكويني متعدد الواجهات، وتأسيس مدرسة حزبية للتكوين، وتقوية فضاء التنشئة الحزبية، وتحديد الهيئات والآليات لتنفيذ هذا التوجه التكويني.
وكمدخل سادس وأخير، دعا بنعبد الله إلى تعزيز العمل الإداري والمالي للحزب، من خلال توفر إدارة حزبية فعالة، ودعم العمل الحزبي وطرق التدبير، وتوفير شروط مساعدة القيادة الحزبية في بلورة كافة مهامها، وتوظيف حد أدنى من الأطر والكفاءات بشكل قار، فضلا عن البحث عن صيغة لتوظيف مداومين حزبيين على المستوى الجهوي، وكذا تعزيز الموارد والقدرات المالية للحزب.

التفكير كذات جماعية

إلى ذلك، وتفاعلا مع كلمة الأمين العام، عرف اللقاء مجموعة من المداخلات لمجموعة من مناضلي الحزب من جهات وأقاليم مختلفة، حيث أجمعت جل المداخلات على ضرورة التفكير كذات جماعية للنهوض بالأداء الحزبي وتوسيع قاعدة حضور الحزب والتفافه على مختلف قضايا المواطنات والمواطنين، والدفاع عنها.
وبعدما ثمنوا المجهودات التي تقوم بها القيادة الوطنية للحزب، وعلى رأسها الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله، شدد المتدخلون، خلال ذات اللقاء الذي أداره عزوز الصنهاجي عضو المكتب السياسي للحزب، على ضرورة مواصلة التباحث ومناقشة الأفكار الكفيلة بإعادة الوهج للعمل السياسي الجاد، وللأحزاب الوطنية، من طينة حزب التقدم والاشتراكية، باعتباره حزب وطني يشكل رقما أساسيا في المشهد السياسي المغربي.
وسجل المتدخلون أن التحضير للمؤتمر 11، المرتقب خلال السنة الجارية، يجب أن يشكل في المحطة التي قبله، والمحطة التي بعده، نقطة للتحول الإيجابي في الأداء الحزبي والتجذر في أوساط المجتمع، واستقطاب كفاءات من مختلف المجالات وفي مختلف المناطق، فضلا عن توسيع الحضور الحزبي ليشمل مناطق وأقاليم جديدة، وإطلاق دينامية قوية لتعزيز الحضور بشكل أكبر في المشهد السياسي الوطني، وإعادة ثقة المواطنات والمواطنين في الفعل السياسي.
يشار إلى أن النقاش سيتواصل على مدى الأسابيع والأشهر القادمة حول وثيقة “مداخل للتفكير والنقاش”، حيث وضع الحزب لجنة خاصة لجمع مختلف الوثائق والمساهمات التي سيشارك بها مناضلات ومناضلي الحزب من مختلف الجهات والأقاليم، كما أعلن الحزب عن تنظيم مجموعة من اللقاءات الإقليمية والجهوية، فضلا عن تنظيم ندوات فكرية وطنية، وذلك في إطار النقاش والتحضير للمؤتمر الحادي عشر للحزب.

 محمد توفيق أمزيان

 تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top