ينص الدستور المغربي لسنة 2011 في الفصل 31 من الباب الأول على حقوق المواطنين ومن ضمنها الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة وبمعنى آخر الحق في التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار تعتبر السواحل والشواطئ من ضمن الفضاءات والمكونات الطبيعية التي توفر بيئة سليمة وتنمية مستدامة بما يخدم الأجيال القادمة، ومن تم تأتي ضرورة الحفاظ عليه وتأهيله بما يخدم الصالح العام دون المساس بهذه الموارد الطبيعية وحمايتها من الضغط العمراني والتلوث والنفايات وغيرها، وينص القانون – إطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة في الباب الأول على ما يلي:.
الأهداف والمبادئ والحقوق والواجبات
المادة 3
لكل مواطن أو مواطنة الحق في:
– العيش والنمو في بيئة سليمة وذات جودة، تمكن من المحافظة على الصحة والتفتح الثقافي والاستعمال المستدام للتراث والموارد التي يوفرها؛
– الولوج إلى المعلومة البيئية الصحيحة والمناسبة؛
– المشاركة في مسلسل اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على البيئة.
المادة 4
يجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري، عام أو خاص الامتناع عن إلحاق الضرر بالبيئة.
المادة 5
يجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري، عام أو خاص المساهمة في الجهود الفردية والجماعية المبذولة للمحافظة على البيئة وتشجيع ثقافة التنمية المستدامة ونشرها.
ولذلك فجمعية “بييزاج”، ومن مبدأ المسؤولية القانونية، فإن ما يحكم علاقتها بالقضايا البيئية هو القانون ولا شيء غير ذلك، كما لا يمكنها من خلال تقاريرها أن تصدر بلاغات أو أحكاما او مغالطات غير مسؤولة بحكم دورها الذي حدده القانون الإطار
ألا وهو:
1- تشجيع حماية الأنظمة البيئية البحرية والساحلية والمناطق الرطبة من أثار كل الأنشطة التي من شأنها تلويث المياه والموارد أو استنزافها؛
2- حماية الأنظمة البيئية بالمناطق الجبلية من كل أشكال تدهور مواردها وجودتها البيئية واستصلاحها؛
3- حماية واستصلاح المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية القارية والساحلية والبحرية وتشجيع إحداث مناطق محمية بها؛
شواطيء صالحة للسباحة ومتباينة من حيث الجودة
من حيث الحالة البيئية الطبيعية لمياه السباحة وحالة الرمال والتي لا يتدخل فيها الإنسان بشكل مباشر اطلعنا على حالة الشواطئ بأطول محطات شاطئية بالمملكة وفق تقارير علمية لمؤسسة محمد السادس للبيئة تؤكد جودة مياه السباحة على طول شواطئ أكادير الممتدة من خليج شاطئ اكادير الذي هو بحالة جيدة ومقبولة من أ و ب وفق معايير السباحة، ونفس الأمر ينطبق على شاطئ أنزا المحاذي لحي دالاس الصالح للسباحة، وشاطئ اورير وشاطئ إيموران وشاطئ كلم 17 وكلم 18، فمياه السباحة بحالة جد جيدة وكذلك جودة الرمال النظيفة طبيعيا، وشاطئ كلم 22 وكلم 25 بشاطئ ابودان، وشاطئ ايمي ودار واغروض 1 واغروض 2 وشاطئ ايمسوان شمالا، كلها مناطق جيدة من حيث معايير جودة مياه السباحة والرمال، لكن يبقى من الضروري تعزيزها من حيث السلامة والأمن والتنظيم والإغاثة والسباحين المنقذين والمرور، مع الإشارة إلى الاختناقات المرورية التي تعرفها منطقة اورير حيث تتكدس طوابير السيارات والحافلات لمدد طويلة وسط الازدحام، وكذا تعزيز وسائل وأدوات النظافة بالرمال، ونهج سلوك صديق للبيئة من طرف المصطافين بما يساهم في الارتقاء بالوعي البيئي وحقهم الدستوري والقانوني في الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الوطنية والشاطئية.
آليات ثقيلة تقتحم مناطق هشة وذات منفعة بيئية
في غياب تام للمعلومة البيئية التي هي من حقنا دستوريا وقانونيا وغياب توضيحات من جهات مختصة لتنوير الراي العام حول قضية تهم الرأي العام المحلي والوطني، تفاجأت جمعية “بييزاج” للبيئة خلال الأسبوع الماضي بتقارير إعلامية لمواقع إخبارية الكترونية ومكتوبة بانتهاكات بيئية تطال جبلا صخريا ممتدا عن شاطئ منطقة بودان بالنقطة الكلمترية 25 شمال مدينة أكادير. وقد كشفت هذه القصاصات والصور والفيديوهات قيام جرافات وآلية حفر بأكل والتهام صخرة جبيلة التي يقدر علوها بحوالي 5 أمتار وطولها حوالي 27 متر تقريبا من قدم الجبل الممتد للطريق الوطنية رقم 01 الرابطة بين الصويرة شمالا واكادير جنوبا. وقد قام نشطاء جمعية “بييزاج” لحماية البيئة بزيارة ميدانية لتمشيط المكان والوقوف على هذه الانتهاكات في حق الطبيعة والبيئة الشاطئية والتي عرفت تغييرا في ملامحها على اعتبار وجود أشغال تهيئة في عين المكان، بينما لاحظنا عدم وجود أية آلية او عمال (بتاريخ يوم الأحد 01 يونيو 2018 على الساعة 11:30 صباحا)، وبعد استكشاف المنطقة الممتدة من الصخرة جنوبا الى واد ايمي وادار شمالا، حوالي كلومتر تقريبا، لاحظت الجمعية تغييرا في ملامح المكان والشاطئ عبر وجود بناية مطعم وتهيئة المربد القديم للسيارات وتوسيعه أفقيا وتثنيته بالصخور الكبرى والأحجار الضخمة والتربة، كما تم تهيئ مسالك ودرج لولوج الشاطئ الرملي، حوالي ثلاث مدرجات مبنية بواسطة الإسمنت وتهيئة الفضاء الكبير وتعبيده للسيارات بشكل أفضل مما كان عليه سابقا. ولم تلاحظ الجمعية وجود أية بنايات أو مشاريع في المكان الذي كان موضع عمليات حفر وهدم للأحجار ماعدا مطعم ومرابد جديدة للسيارات.
جمعية “بييزاج” تلح على تطبيق القانون والتقيد بمساطر حماية البيئة البحرية والتنمية المستدامة
من جهة أخرى، وعلى المستوى القانوني، تتساءل جمعية “بييزاج” عن صاحب الأشغال بهذه المناطق التابعة قانونيا للملك العام البحري والتي توضع تحت تصرف الجماعات الترابية فيما يخص الاستغلال المؤقت، وهل هي اشغال تهيئة خاضعة للمساطر القانونية التالية الجاري بها العمل: دراسة التأثير على البيئة- التراخيص الإدارية والجماعية – المساطر الإدارية والتصاميم الهندسية- دفتر التحملات.
من وجهة نظر قانونية ومسطرية، ما لاحظناه بجانب قدم الجبل يجانب المساطر القانونية للتنمية المستدامة وحماية البيئة، حيث ثم فتح ما يشبه مقلعا لاستغلال الأحجار والصخور من قدم الجبل الممتد في الشاطئ والبحر، وهو بيئة تحتوي تنوع بيولوجي سمكي ونباتي بحري، ومحيط بحري حيوي في عمليات بناء وورش من أجل تثنية وتقوية جنبات المرابد، فحرصا منا على الحق في الوصول الى المعلومة البيئية وتطبيق جيد لقوانين البناء والتعمير والأشغال العمومية، لا يمكن لمقاولة أو جرافة أو غيرها القيام بعمليات استغلال مقلع خارج التراخيص التي تمنحها الجهات الحكومية أو الإدارية الجهوية المختصة بعد وضع طلب في الموضوع مصحوب بدراسة تأثير على البيئة كما ينص على ذلك القانون المتعلق بأي استثمار أو ورش، والتي تشرف عليها لجان مختلطة من مصالح إدارية اولويتها حماية البيئة وإعمال القانون الاطار 12- 99 حول البيئة والتنمية المستدامة، وقانون حماية الساحل والتقيد بالقوانين والأنظمة الجاري بها العمل بالمغرب.
ومن وجهة نظرنا كجمعية متخصصة في مجال حماية البيئة، نرى أن هذا الأمر يعد خرقا بيئيا فالأشغال العمومية يجب ان تسهر على إنجازها وتتبعها الإدارات الحكومية أو الجماعات الترابية بعد وضع تصاميم تقنية وهندسية لدى الجهات المختصة، وفيما يخص استغلال الموارد الطبيعة كالأحجار أو الرمال من مكان معين، فيها لا تمنح وتحدد من طرف السلطات الحكومة والإدارات الجهوية وفق دفتر تحملات مل لم يكن لذلك تأثير على المشهد العام البحري والبيئة، كما انها ممنوعة ببعض المناطق ذات المنفعة الايكولوجية والمحيط الحيوي، وعليه فالقيام بهدم ودك محيط حيوي من أجل استخراج الصخور وتغيير معالمه الطبيعية، لا يقل أهمية عن مقلع لاستغلال واستخرج رمال الشاطئ كذلك، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا تطبيقا للقانون الإطار الذي يحدد التزاماتنا كمجتمع مدني فيما يخص الاعتداء على الموارد الطبيعية ولو كانت صخورا جامدة يعتبرها البعض غير ذات أهمية ويجهل أدوارها في حماية الساحل وبالتالي يتجاهل انتهاكاته للبيئة البحرية والطبيعية وما يقتضيه ذلك من تكاليف.
منع المواطنين من ولوج شواطئ كلم 16 و17 ،18 باتجاه تاغزوت
في نفس الإطار قامت جمعية “بييزاج” بزيارة للاطلاع على حالة عصية على الفهم من ولوج الشاطئ حيث أصبحت بموجبها شواطئ كلم 16 و17 ،18 ممنوعة على مرور سيارات المواطنات والمواطنين من خلال وضع صخور كبيرة بالممرات وحفر خنادق لمنع ولوج الأسر والعائلات لهذه الشواطئ بشكل لم يشهد تاريخ المغرب القديم ولا الحديث له مثيلا، رغم أنه خلال السنة الماضية وفي عز الأشغال وخروج الآليات ومعاناة المواطنين مع الغبار والأتربة عندما كانوا يرتادون هذه الشواطئ بالمئات خلال عطلة نهاية الأسبوع. وهو ما نعتبره منعا لحق من حقوق الإنسان وهو حق دستوري للعيش في بيئة سليمة والاستمتاع بالموارد الطبيعية للوطن من طرف المواطنات والمواطنين، ومنع الجيل الجديد من الحقوق البيئية للمواطنات التي انخرط فيها المغرب وعلى رأسها الحق في التنمية المستدامة.
من جهة اخرى قامت الجمعية بالتواصل مع العديد من الأسر بشاطئ كلم 26، ولم تلاحظ أي منع لدخول المواطنين بسياراتهم واستغلال الشاطئ بل العكس، صرح لنا المواطنات والمواطنين أن ما يقع بشاطئ كلم 17 غير قانوني في غياب أي تشوير أو علامات تضعها السلطات المختصة. ورغم وجود سباحين منقذين بهذه الشواطئ. وقد عمدت العديد من الوحدات ومقاولات البناء إلى وضع حواجز من صخور ضخمة ومنع المواطنين من ولوج شاطئ كلم 16 وكلم 17 وكلم 18 دون موجب حق وحرمان المواطنين من حقهم في التنقل، الذين أكدوا لها أن ما يقع بتاغزوت هو ضد على القانون ومنع كلي لقضاء فترة عطلة الصيف للأسر التي اعتادت ارتياد هذه الشواطئ القريبة في غياب أي تشوير بعين المكان. كما أن حالة الشاطئ التي اطلعنا عليها مشيا، أكدت صحة تقاريرنا للسنة الماضية حيث ترتطم الأمواج بحواجز الأتربة المرتفعة بحوالي 04 أمتار وانعدام مسالك للشاطئ وتقلص كلي للرمال خلال فترات المد البحري.
قضية اللواء الأزرق لشاطئ أكادير: لا يمكن لجمعية “بييزاج”أن تحل محل المؤسسات المعنية
فيما يخص قضية اللواء الأزرق استبشرت جمعية “بييزاج” للبيئة بعودة هذا اللواء لسنتين متتاليتين خلال 2016 و2017 بعد أن حجب منذ سنة 2009 لأسباب نجهلها وتساءلنا آنذاك كباقي المواطنات والمواطنين عن اختفاء هذه العلامة الإيكولوجية عن واحد من أجمل الخلجان بالعالم.
وقد سبق للجمعية أن نظمت في هذا الشاطئ قرية بيئية للتوعية والتحسيس اليومي طيلة شهرين ونصف، إذ نعتبر شاطئ أكادير فضاء وموردا طبيعيا وإيكولوجيا وترفيهيا للساكنة بالدرجة الأولى وموردا سياحيا للسياح المغاربة والأجانب بالدرجة الثانية يساهم في رفع الناتج الداخلي الخام المحلي والوطني، وأول وجهة سياحية شاطئية بالمملكة منذ عقود، وبالتالي لا يمكن أن نقبل أن يخضع لضغوط التلوث لأية مقذوفات كيفما كان نوعها أو مصدرها، سواء أشخاصا ذاتيين او معنويين سواء لنفايات سائلة أو صلبة، وقد علمت “بييزاج” من مصادر موثوقة أن عينات مأخوذة من مناطق محددة أتثبت نقص في جودة مياه الاستحمام خصوصا تلك الموجودة بجانب الميناء والمارينا، وبجانب أحد الأودية خلال الفترات المؤطرة على وجه التحديد، ولقد نبهنا غير ما مرة من خلال تقارير صادرة خلال السنوات الماضية حيث الضغط الذي يعانيه شاطئ أكادير على كافة المستويات، وكذلك من خلال اطلاعنا على محاضر سلطات مختلطة عن وجود تجاوزات بيئية بالمارينا في انعدام شركة تعمل على تنقية حوض المارينا، وتعتبر المنطقة المحاذية للمارينا بالتالي منطقة رديئة بيئيا بالنسبة إلينا.
إن انعدام تطبيق صارم لحماية البيئة الساحلية من الضغط يبخس كل المجهودات الفردية والجماعية لشاطئ اكادير، بالنظر إلى كون مياه ورمال شاطئ أكادير تعتبر الأجود على الصعيد العالمي بشهادة منظمة أجمل الخلجان العالمية، وبالنظر إلى المجهودات الكبيرة لأطر وعمال النظافة التابعين لمختلف المصالح الجماعية والولائية وباقي المتدخلين من سلطات محلية ليل نهار خصوصا في فترات التساقطات المطرية، حيث يتحول الشاطئ إلى ما يشبه مكبا للنفايات العشوائية التي تستوطن أطراف الاودية وسط المدينة وبشكل أخص مشكل واد سوس الذي يحمل السيول الجارفة إلى شاطئ أكادير ليعاني ضغوطات مضاعفة هو في غنى عنها ويؤدي ضريبة فقدان اللواء الأزرق.
كما لا يفوتنا التذكير ببعض الممارسات خلال شهر رمضان حيث يعمد العديد من المواطنين إلى حفر خنادق وترك نفايات الإفطار الجماعي على الشاطئ ليلا دون أن يكلفوا انفسهم وضعها في حاويات الأزبال المنتشرة أو حملها لأخرى متواجدة على أطراف الطريق، ناهيك عن ضغوطات تسربات نفايات سائلة لأحد المطاعم والتي وثقتها محاضر لجن مختلطة وسلطات محلية وأعوان الإدارة السنة الماضية، أما بالنسبة لميناء أكادير للصيد البحري الساحلي فقد كان موضوع تقرير خلال السنة الماضية عن تجاوزات تعد بالجملة، إذ نبهنا خلال السنة الماضية في تقريرا مفصلا وزع على جل المنابر الإعلامية المحلية والوطنية عن حالة من التردي البيئي يعيشه ميناء الصيد البحري بأكادير، فبعد تقرير نونبر 2017 الماضي والذي أبان عن نقائص في تبني مبادرات تشاركية من طرف مختلف الفاعلين بدءا بمناطق التي تنفث تلوتها صوب الشاطئ والتي عاينها من خلال زيارات ميدانية لميناء الصيد الساحلي حيث عاين فريق جمعية “بييزاج” لحماية البيئة بأكادير مظاهر تردي الوضع البيئي بالمرفأ الخاص بإصلاح وصيانة البواخر، بميناء أكادير الذي تحول محيطه إلى ما يشبه مطرح نفايات عشوائي حيث ترمى بشكل عشوائي مجموعة من النفايات الصلبة والسائلة والزيوت السوداء تطفو فوق سطح مياه البحر … (انظر تقرير غشت 2018).
في ضرب صارخ لقوانين تدبير النفايات الصناعية المعضلة الأخرى ومعالجتها وجمعها ونقلها، والتخلص النهائي منها دون رميها في مرفإ الميناء لإصلاح ولركن البواخر، وقد استجابت في حينه الشرطة البيئية للدرك الملكي والتي قامت بتمشيط المكان بحضور جمعية “بييزاج” والوقوف على العديد من الاختلالات البيئية، كما قامت المديرية الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة برفع تقرير للوزارة المنتدبة في نفس الصدد.
إننا نعتبر عمل المنظمة الوطنية غير الحكومية لمؤسسة محمد السادس للبيئة في برنامج شواطئ نظيفة، عمل ذو مصداقية وأهمية كبرى والتزام بيئي يستند إلى التقارير المحلية والمجهودات المبذولة في هذا السياق، وتحظى باعتراف المنظمة العالمية للسياحة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ويستند قرار منح الشارة الزرقاء على توفر أربع مجموعات من المعايير: جودة مياه السباحة، تقريب وتوفر المعلومات، التحسيس والتربية البيئية، النظافة والسلامة والتهيئة والتدبير.
كما تنخرط مجموعة من الشركات الخاصة في الجهود الرامية إلى تهيئة وصيانة الشواطئ عبر أرجاء المملكة. وهنا نتساءل عن أي دور للشركات المواطنة في العمل بمعية جماعة اكادير في تدبير الشواطئ، وهي أمور كنا نشهدها في تسعينيات القرن الماضي، حيث تمكن هذه العملية، التي تندرج في إطار المبادرة الوطنية “شواطئ نظيفة” بفضل مشاركة المقاولات والأبناك وغيرها، من توفير فرص شغل من خلال يد عاملة موسمية إضافية، وتدعيم عتاد واليات مهمة في مجال النظافة وخدمات ذات جودة عالية، بالإضافة للتنشيط الرياضي والثقافي والفني والترفيه بتعاون مع السلطات المحلية والسلطات المنتخبة والسلطات الأمنية، والوقاية المدنية وفرق السباحين المنقذين، والمسعفين والمجتمع المدني.
لقد أنشئ اللواء الأزرق، الذي يعتبر رمزا للجودة البيئية النموذجية، من قبل المكتب الفرنسي لمؤسسة التربية على البيئة بأوروبا سنة 1985، يتم تدبيرها على الصعيد العالمي من طرف مؤسسة التربية على البيئة وشبكة من المنظمات غير الحكومية المنتمية إلى 73 بلدا، التي تهدف إلى دعم وإرساء برامج التحسيس والتربية على البيئة.
وتنخرط سنويا العديد من الشواطئ من أجل الحصول على اللواء الأزرق. والملاحظ أن شاطئ أكادير هو الشاطئ الحضري الوحيد عبر أرجاء المملكة الذي سبق له الحصول على هذا اللواء الرمزي والإيكولوجي لمرات عديدة في البرنامج الوطني “شواطئ نظيفة”، لسنوات عدة، ويغيب أحيانا لأسباب مرتبطة بمعايير جودة مياه السباحة بالدرجة الاولى.
لا يجب أن يستشف من تقارير “بييزاج” أننا نرسم صورة قاتمة عن حالة الشواطئ بأكادير بل على العكس من ذلك نعتبر شواطئنا بسوس معطى طبيعيا ربما الأجمل من نوعه على صعيد المملكة ويستحق العناية والحماية من كل أشكال التلوث. ونعتبر تدخل الإنسان غير المسؤول والسلبي سببا مباشرا في تدهوره من خلال ممارسات غير رشيدة.
كما لا يجب أن يستشف من تقاريرنا أننا نخدم أجندة معينة وهو ما نرفضه ولا نقبل استغلاله بتاتا، خصوصا ضد فرص الاستثمار او التنمية الاقتصادية والاجتماعية، او تقاطع أدوار مع أية مؤسسات رسمية أو منتخبة أو غيرها، او ممارسة لأية أدوار سياسية او تصفية لأية حسابات مع اشخاص ذاتيين او معنويين، بل عكس ذلك نحن مع كل تنمية بيئية مستدامة، تلتزم بالقوانين الوطنية التي نحن جزء لا يتجزأ منها، خصوصا فيما يخص كل عملية اخبار واعلام وتوعية وتحسيس لحماية البيئة، ونعتبر كل استثمار ينخرط في التنمية الخضراء ومشاريع تحمي البيئة المحلية بسوس والمغرب عموما، وتعتمد أنشطة صديقة للبيئة، او تستصلح البيئة، هي تنمية مواطنة مسؤولة وحقيقية تراعي حقوق الأفراد والجماعات والأجيال القادمة وتستحق التشجيع والتنويه، لأن الوطن أبقى من الجميع، إلا أن عدم انخراط مجموعة من المؤسسات في حماية الساحل يعرض بعض السواحل والشواطئ لضغط كبير كما هو الحال بشواطئ جل المدن الحضرية الكبرى، كما لا نعفي أنفسنا كمجتمع مدني من تحمل جزء من المسؤولية في القيام بأدوارنا من أجل تتبع كم هائل من القضايا المترامية، في ظل إشكالات الوصول للمعلومة البيئية التي يضرب عليها طوق من السرية وتخوف أعوان الإدارة من المجتمع المدني والإعلام نفي اطار مسطرة افشاء السر المهني، ومحدودية الإمكانات المادية والبشرية وشساعة الجغرافيا بسوس ماسة وضغط القضايا اليومية، وقلة المختصين في المجال البيئي الإيكولوجي محليا وجهويا، وانعدام الإمكانات اللوجيستيكية والبشرية من أجل تتبع يومي للحالة البيئة الشاطئية والبحرية والجبلية والغابوية باستمرار.
كما لا يفوتنا أن نثني على عمل السلطات الولائية والسلطات الأمنية بمختلف مصالحها والسلطات المحلية والمنتخبة والشرطة والدرك الملكي والوقاية المدنية وفرق عمال النظافة على المجهود الكبير الذي يبذلونه كل موسم صيف، والذي اكتشفناه خلال السنتين الماضيتين، مع حجم المشاكل وهول القضايا التي تتعدى كل الأرقام من اجل تجويد الخدمات والرقي بها بما يستجيب للأعداد الهائلة من المصطافين والتي تقدر بحوالي 500 ألف شخص، مع أسطول سيارات يفوق 300 ألفا خلال عطل نهاية الأسبوع، على طول شواطئ أكادير، من شاطئ أغروض شمالا عند النقطة الكلمترية 43 إلى حدود القصر الملكي بمدينة اكادير جنوبا، جهود كبيرة على المستوى الأمني والمروري والتنظيمي، وكذا شروط السلامة الصحية والإسعاف والنظافة، وتوعية وتحسيس المصطافين والزوار من أجل توفير الأمن والحرية في التنقل والمرور وسبل الراحة، والتي لا تقدر بثمن للساكنة المحلية وساكنة الجهة وللمصطافين القادمين من مختلف البقاع والمدن والأحياء، وهو شيء لمسناه من خلال الممارسة والمشاركة الميدانية ليل نهار. كما لا ننسى التعاون الكبير والدور الرائد للمنابر الإعلامية المختلفة في إيصال صوت البيئة الى المعنيين محليا ووطنيا ودوليا كذلك.
وفي الختام فإن شاطئ وسواحل أكادير تتطلب كذلك لم شمل جميع المتدخلين وخلق إطار بضرورة التفكير الجدي في نقص الضغط على سواحلنا وجودتها، قبل أن يدق آخر مسمار في نعش التنمية والوجهة السياحية الشاطئية لأكادير التي تتعرض لضربات موجعة تستهدف المنطقة، وبالتالي يبقى المتضرر الأول والأخير هو الاقتصاد الوطني والتنمية المجالية والجهوية، والناتج الداخلي الخام الوطني قبل المحلي.
> رشيد فاسيح (*)
(*) رئيس جمعية “بييزاج” للبيئة