مذكرة ترافعية من أجل ضمان جودة التعليم ومحاربة الهدر المدرسي

في إطار الترافع عن الحق في الدراسة ومحاربة ظاهرة الهدر المدرسي، أطلق حقوقيون وجمعيات مدنية بمدينة العرائش نقاشا موسعا حول هذه الظاهرة ومدى تأثيرها في الناشئة والأطفال على مستوى مدينة العرائش.
وطرح عدد من الحقوقيون والجمعويون في لقاء نظم الأسبوع الماضي بالعرائش العوامل المؤدية إلى تفاقم الهدر المدرسي بالمغرب عامة، وبإقليم العرائش على وجه الخصوص، وما باتت تشكله هذه الظاهرة من إهدار لطاقات المجتمع وخلق للعديد من المشاكل.
ومن ضمن المشاكل التي تخلفها هذه الظاهرة، حسب المتدخلين في اللقاء، التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، إذ تساهم هذه الظاهرة في ترسيخ الجهل والأمية واستمرار الفقر، حيث دق عدد من الفاعلين ناقوس الخطر حيال هذه الظاهرة التي عادت للتوسع مرة أخرى خصوصا في المناطق القروية والجبلية.
كما شكل موضوع اللقاء الذي هم ضمان التعليم ومحاربة الهدر المدرسي موضوع مذكرة ترافعية تقدمت بها فدرالية رابطة حقوق النساء التي نظمت اللقاء، حيث رفعت هذه الفيدرالية مذكرة من أجل تجسيد خطوة عملية نحو محاربة ظاهرة الهدر المدرسي وضمان تمدرس الأطفال ووقف نزيف مغادرة مقاعد الدراسة في وقت مبكر بإقليم العرائش وبباقي مناطق المغرب.
وجاء في المذكرة الترافعية التي قدمتها الفيدرالية المذكورة أنها تروم تقييم مدى تفعيل السياسات والبرامج المرتبطة بضمان حق الولوج إلى التعليم وتعميمه وتجويده وكذا مجهودات التنزيل الترابي لاستراتيجية الوزارة الوصية في مجال محاربة الهدر المدرسي وجهود مختلف الفاعلين الترابيين على صعيد إقليم العرائش من أجل ضمان تعليم جيد والارتقاء بالمدرسة كدعامة أساسية للارتقاء بالمشروع المجتمعي.
وأكدت الفيدرالية في مذكرتها التي تحمل شعار “من أجل ضمان جودة التعليم ومحاربة الهدر المدرسي”، أن الهدف من هذه المبادرة هو طرح عدد من التوصيات المتعلقة بالحد من الهدر المدرسي وضمان تعليم جيد ومتكافئ ومنصف مجاليا واجتماعيا.
وأوضحت أن المذكرة تهم بالأساس ضمان تعميم التعليم وإلزاميته وتعزيز البنيات التحتية ونظم الدعم المالي والاجتماعي، إضافة إلى طرحها العناصر المفتاح للحد من الهدر المدرسي وضمان تعليم جيد ومتكافئ مجاليا واجتماعيا عبر إصلاح وتطوير وتجديد المنظومة وإعطاء الأولوية للنموذج التربوي الشامل واعتبار المدخل القيمي مفتاحا أساسيا في الإصلاح التربوي.
وشددت فدرالية رابطة حقوق النساء التي أعدت المذكرة أن اقتراحها لهذه المبادرة يأتي انطلاقا من رؤيتها المتمثلة في تعزيز المساواة والرامية إلى النهوض بالحقوق الإنسانية للنساء والمساهمة في مسلسل التنمية الديمقراطية.
كما تأتي هذه المبادرة بالنظر لانخراطها في الترافع من أجل الولوج العادل للحق في التعليم وضمان جودته، وكذا بناء على مساهمتها في إذكاء النقاش العمومي حول إشكالية الهدر المدرسي، كأحد أهم تحديات المنظومة التربوية التي تهدد النسيج الاجتماعي وصيرورة التنمية ببلادنا، وكذا التفكير في الآليات والتدابير الواجب اتخاذها والسبل الكفيلة لرفع هذا التحدي وضمان جودة التعليم باقليم العرائش ومحاولة التصدي لمختلف تداعياته وفق رؤية متكاملة تتبنى مقاربة شمولية متعددة الأبعاد.
إلى جانب ذلك، أوضحت الفيدرالية أن النهوض بأوضاع التعليم والتخفيف من وطأة الهدر المدرسي لن يتأتى إلا بتعزيز الحوار والتشاور وتضافر الجهود، وفق رؤية شمولية تعبئ مختلف الفرقاء والمتدخلين من أجل ضمان تدخلات منسجمة ومتكاملة والارتقاء بالمدرسة كدعامة أساسية من دعامات بناء المشروع المجتمعي وضمان جودة التعليم.
واستنادا للمؤشرات والمعطيات التي تم رصدها ميدانيا، كشفت الفيدرالية أن معدل الهدر المدرسي وصل خلال الموسم الدراسي 2020 – 2021 إلى 5.3 في المائة على الصعيد الوطني، وهو رقم يدق ناقوس الخطر حسب الفاعلين في المجال.
ولمواجهة هذا الوضع أشارت الفيدرالية ضمن مذكرتها إلى أن هناك عدد من الإجراءات التي تمت من أجل التخفيف من حدة الظاهرة، حيث تم الرفع من عدد عربات النقل المدرسي على مستوى إقليم العرائش من 134 خلال الموسم ذاته إلى 199 عربة خلال موسم 2022 – 2023، معتبرة أن هذا الرقم بدوره يظل غير كاف لتلبية الطلب المعبر عنه.
وخلصت الفيدرالية إلى القول بضرورة الاستثمار في التعليم باعتباره خدمة عمومية، إلى جانب مأسسة البحث العلمي وتحقيق المساواة بين الجنسين والحد من الفوارق الترابية.
وفي نفس الإطار، دعت الفيدرالية عبر مذكرتها إلى إعادة التلاميذ المنقطعين عن الدراسة وتوفير الشروط المناسبة وتوسيع شبكة النقل المدرسي وإعفاء الأسر من الأداء، مشددة على ضرورة ضمان تعليم جيد ومتكافئ ومنصف مجاليا واجتماعيا بإقليم العرائش، يعبر عن حاجة آنية ملحة واستعجالية غايتها كسب رهان التنمية الديمقراطية وتحقيق الأثر والنجاعة في تقليص ظاهرة الهدر المدرسي.
كما أوصت المذكرة المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالعرائش بضمان تعميم التعليم وإلزاميته بما يضمن العدالة والمجالية من خلال مجموعة من الآليات من بينها البث في طلبات الاستعطاف وتسهيل المساطر الإدارية في وجه المنقطعين، إضافة إلى الارتقاء بجودة التعلمات ودعم التنشيط التربوي من خلال تجويد بيئات التعلم بالمؤسسات التعليمية واعتماد نظم متطورة لمراقبة الجودة وملاءمة الإيقاعات الزمنية مع محيط المدرسة في المناطق النائية.
كما دعت المذكرة الترافعية لفيدرالية رابطة حقوق النساء المديرية الإقليمية للتربية الوطنية إلى تعزيز البنيات التحتية ونظم الدعم المالي والاجتماعي، وخاصة من خلال توسيع قاعدة المستفيدين من مبادرة “مليون محفظة” خاصة في الأوساط القروية، وتوفير النقل المدرسي بشكل كافي وإعادة النظر في إمكانات الاستفادة من برنامج تيسير للأسر التي تتوفر على أكثر من طفل، ومأسسة برامج الدعم الاجتماعي، إضافة إلى توصيات تخص التعاون والشراكة والتواصل.
إلى ذلك تضمنت المذكرة مجموعة من الاقتراحات الأخرى التي تهم بالأساس، حسب القائمين عليها، تجويد العرض المدرسي وجعله أكثر جذابية وتذليل العقبات أمام مختلف التلاميذ، خصوصا منهم أطفال القرى والمناطق النائية الذين يجدون صعوبات في سهولة الولوج إلى الفضاء التعليمي.

< محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top