اعتبر أيقونة ألعاب القوى المغربية، هشام الكروج، أن تتويجه بالميدالية الذهبية في سباق 1500م ببطولة العالم في الهواء الطلق سنة 1999 بإشبيلية، يعد أصعب إنجاز حققه، ويفوق ثنائية أولمبياد 2004 بأثينا.
وقال الكروج في حوار مع صحيفة “ماركا” الإسبانية بمناسبة استضافته له في حدث رياضي من تنظيمها في العاصمة مدريد، إنه حقق أول إنجاز كبير بمدينة برشلونة في بطولة العالم داخل القاعة سنة 1995.
وأكد العداء المغربي والعربي الأكثر تتويجا في بطولات العالم والدورات الأولمبية، أنه يستطيع حاليا النزول عن الرقم القياسي العالمي الذي يملكه في سباق 1500م (3 دقائق و26 ثانية) بفضل التكنولوجيا المتطورة.
وبعدما كشف أنه لا يفكر حاليا في ولوج عالم التدريب بقدر ما يرغب في العمل كمستشار أو رئيس جامعة أو مدير تقني، أقر الكروج بأن ألعاب القوى المغربية لا تسير في الطريق الصحيح وفقدت إرثها الرائع.
وأبدى الأيقونة المغربية سعادته العارمة باعتبار الكثيرين أنه أفضل عداء على مر التاريخ في مسافة 1500م، معترفا أنه تنبأ بخسارته نهائي دورة سيدني 2000، لكنه تعلم منها الكثير قبل أن يحقق لاحقا حلمه الأكبر.
وأشار الكروج إلى أن العداء النرويجي جاكوب إنغيبريغتسن مرشح لتحطيم رقمه القياسي إذا توفرت له الظروف المساعدة، مختتما الحوار بالتأكيد على أنه حان الوقت لكي تنظم إفريقيا نسخة من بطولة العالم.
من جديد بمدريد، بلدنا مرتبط بمسارك الاحترافي، ولأن بعض منافسيك كانوا إسبانيين كفيرمان كاتشو ورييس إستيفيز…
نعم .. أحب إسبانيا ولدي الكثير من الأصدقاء هنا. أضف إلى ذلك، إنجازي الأكبر كان الميدالية الذهبية ببطولة العالم داخل القاعة ببرشلونة سنة 1995. كان لدي منافسون رائعون في هذا البلد. في نفس هذا السباق، تنافست مع فيرمان كاتشو للمرة الأولى. أحتفظ بذكريات رائعة لتنافسنا، لأنه كان يسود بيننا على الدوام الاحترام والأجواء المثالية.
في إسبانيا، فزت بالميدالية الذهبية لبطولة العالم داخل القاعة (برشلونة 1995) وواحدة أخرى في الهواء الطلق (إشبيلية 1999)، ما هي ذكرياتك؟
إسبانيا بمثابة منزلي الثاني. الناس هنا ما يزالون يتذكرونني ويطلبون مني التقاط الصور أو أمرا آخر. أضف إلى ذلك، نهائي إشبيلية هو سباقي المفضل على الإطلاق. أفضل حتى من ميداليتي أولمبياد أثينا 2004 أو أرقامي القياسية عالميا. هذا النهائي سيظل دوما في قلبي. أتذكر أنه كان الاختبار الأكثر صعوبة، لأنه كان هناك 3 عدائين من إسبانيا في المضمار والجماهير تطلق هتافات تصم الآذان. كلها هذا شكل تحديا كبيرا، لكني كنت قويا للغاية. في الحقيقة أعتقد أنه كان بمقدوري في ذلك اليوم أن أنزل على توقيت 3 دقائق و25 ثانية لو رغبت في ذلك.
الأمر مضحك لأن السؤال الآتي كان: هل تستطيع النزول إلى توقيت 3 دقائق و25 ثانية في الوقت الراهن؟
ليس لدي أي شك أنه حاليا ومع التكنولوجيا المتاحة للرياضيين، كالأحذية الكربونية و”واف لايت” -الأضواء التي تحدد سرعة السباق-، أستطيع الركض في زمن قدره 3 دقائق و24 ثانية وربما 23 ثانية.
كيف هي حياة الكروج اليوم؟ ألم تفكر في إمكانية أن تصبح مدربا؟
أحترم كثيرا عمل المدربين. يتطلب ذلك الكثير من الشغف. وهذا يبدو لي أمر صعبا لأن العدائين يسافرون كثيرا إلى جميع أنحاء العالم. ربما في يوما ما قد أغير رأيي وأرغب في التدريب، لكني أستطيع الآن مساعدة رياضتنا (ألعاب القوى) في مجالات متعددة كمستشارين ورؤساء جامعة أو مديرون تقنيون.
ماذا يحدث في المغرب؟ منذ 7 سنوات لم نر عداء في نهائي الأولمبياد أو بطولة العالم في سباق 1500م؟
إنه سؤال جيد. لا يجب أن ننسى أن حكومتنا استثمرت الكثير في الرياضة، خصوصا في كرة القدم وألعاب القوى. ورغم ذلك، يجب علينا أن نغير عقلية وطريقة إدارة هذه الرياضة، لأننا لا نسير في الطريق الصحيح. هناك الكثير من التفاصيل الصغيرة التي لا نهتم بها في ألعاب القوى من المستوى العالي. ومن نتائجها أننا لا نملك نجوما في سباق 1500م. وهذا أمر مؤسف، لأنه كان لدينا إرث رائع منذ الميدالية الفضية لعبد السلام الراضي في سباق الماراطون بأولمبياد روما 1960.
الكثيرون يعتبرونك أفضل عداء في تاريخ المسافات المتوسطة، ما رأيك؟
ما أستطيع قوله هو أن ذلك إطراء كبير. وأشعر بفخر كبير لأني شاركت في تطوير رياضتنا. أنا سعيد لأني تركت إرثا جيدا حتى يتمكن الجيل الشاب من رؤيته والاستلهام منه.
بعد خسارتك نهائي أولمبياد 2000 بسيدني أمام نوح نغيني، هل فكرت في أنك لن تصبح بطلا أولمبيا؟
سباق سيدني كان مختلفا عن باقي السباقات، لأنني كنت جاهزا بدنيا وليس ذهنيا. وقبل 4 أيام من انطلاق الألعاب، قلت لبعض الأشخاص: إنني سأخسر هذا السباق. لقد حدث لي أمر ما، لكن يمكن القول إني تعلمت الكثير من هذه الهزيمة، وخصوصا لكي أتمتع بالثقة في المستقبل. أطالانطا وسيدني منحاني الثقة اللازمة للتنافس من جديد مع نفس الحافز من أجل تحقيق الحلم الكبير.
كنت في باريس بتاريخ السادس من غشت عندما توج كول هوكر باللقب الأولمبي لسباق 1500م، ما هي قراءتك للنهائي؟ هل تعتقد أن جاكوب (إنغيبريغتسن) ارتكب خطأ بالانسلال منذ البداية؟
أعتقد ذلك، لأن الألعاب الأولمبية مختلفة كليا عن باقي المسابقات، والضغط لا يقارن. لن ينجح في تكتيكه، ولو أنه قام لاحقا بعمل جيد في سباق 5000م.
بالحديث عن إنغيبريغتسن، أصبح هذه السنة رابع عداء ينزل عن توقيت 3 دقائق و27 ثانية في سباق 1500م، هل تعتقد أنه قادر على تحطيم رقمك القياسي العالمي (3 دقائق و26 ثانية) في السنوات القادمة؟
نعم بدون أدنى شك. فإمكانياته الفردية والتكنولوجيا الحالية تصب في صالحه. يحتاج الآن فقط إلى سباق مثالي، على أن يكون في أفضل حالاته، وأيضا مع طقس مساعد وأجواء حماسية في المدرجات.
رغم ذلك، ألا تعتقد أن جاكوب عداء لسباقات 5000م أكثر من سباقات 1500م؟
طبعا. أتفق معك. إنه جيد جدا في سباق 1500م، لكنه أفضل في سباق 5000م، لأنه يتألق قبل كل شيء بفضل قدراته الهوائية. في المقابل، في ” milqui” تحتاج إلى مزيج. فإلى جانب القدرة الهوائية تحتاج القدرة اللاهوائية. ولهذا السبب فهي مسافة سحرية ومختلفة كليا عن باقي المسافات.
تبادل النرويجي وجوش كير تصريحات ساخنة في بعض الوقت، هل تعتقد أن ذلك جيد للمنافسة أم يجب أن تسود الروح الرياضية؟
نحن نمارس واحدة من أجمل الرياضات الموجودة. ونحن أصدقاء قبل أن نكون متنافسين. يجب أن نظهر القيمة الحقيقية لرياضتنا، وهي الصداقة والاحترام المتبادل.
كانت نيروبي تتمنى استضافة بطولة العالم سنة 2025، لكنها لم تنجح في ذلك. ألا تعتقد أنه حان الوقت لكي تنظم إفريقيا بطولة العالم لألعاب القوى؟
أتمنى ذلك. كينيا عملت كثيرا لتطوير رياضتنا. ومنحها تنظيم بطولة العالم سيكون طريقة لإظهار الاحترام لها.
ترجمة: صلاح الدين برباش