أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، أول أمس الاثنين بالرباط، أن البرنامج الثلاثي (MA-JUST) يهدف إلى تيسير الولوج إلى العدالة وتحقيق النجاعة القضائية، والتي تشكل أحد مرتكزات ورش إصلاح العدالة بالمغرب.
وأبرز الداكي، في كلمة بمناسبة إطلاق هذا البرنامج، الممول من طرف الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، أنه يروم أيضا الوقوف على التجارب الفضلى في المجالات المرتبطة بحماية الحقوق والحريات، والولوج إلى العدالة والنجاعة القضائية، والتي تشكل أحد مرتكزات ورش إصلاح العدالة بالمغرب.
وتابع أن رئاسة النيابة العامة دأبت على الانخراط في مجموعة من المنظمات والمؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا بصفتها عضوا ملاحظا يتتبع عن قرب مختلف الأشغال، ويشارك في صياغة مجموعة من الآراء الاستشارية ذات الراهنية على المستوى الأوروبي والدولي.
من جهته، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، أن المغرب شريك متميز لمجلس أوروبا في مجال تعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، مسلطا الضوء على أهمية دمج التكنولوجيا من أجل تعزيز الشفافية وعقلنة الزمن القضائي وكذا تعزيز الأمن القانوني. وأشار إلى أن مهمة المجلس الأعلى للسلطة القضائية تتمثل حاليا في الإشراف على أداء القضاة داخل المحاكم، ومتابعة تطور الاجتهاد القضائي، وتعميمه على القضاة، مع ضمان تكوينهم وتأهيلهم.
من جهة أخرى، أبرزت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، باتريسيا لومبارت كوساك، الأهمية الرمزية للتعاون القضائي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مؤكدة التزام الاتحاد الأوروبي بمواكبة المملكة في جهودها الرامية إلى تعزيز المنظومة القضائية وضمان استقلاليتها ونزاهتها والولوج إليها.
وأضافت أن مشروع (MA-JUST)، الذي يعد ثمرة للتعاون المتين مع الحكومة المغربية والمؤسسات القضائية، يهدف إلى تعميق المكتسبات من خلال التأكيد على الولوج إلى العدالة للفئات الهشة ومكافحة التمييز، مؤكدة أنه سيتم بذل الجهود أيضا لتحديث المنظومة القضائية عبر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع تعزيز بدائل الحرمان من الحرية.
ويهدف مشرو (MA-JUST)، الممول بشكل مشترك من طرف الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا وينفذه هذا الأخير، إلى تعزيز نجاعة وجودة العدالة من خلال الاعتماد على أساليب ومعايير مجلس أوروبا، وأساليب ومناهج اللجنة الأوروبية لفاعلية العدالة، والممارسات الفضلى الأوروبية لتحسين أداء المحاكم وجودة العمليات القضائية.
في حين، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن الشراكة القضائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا ترسخت بفضل الإصلاحات القضائية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بغية تعزيز سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات. وأضاف وهبي، في كلمة تلاها بالنيابة عنه مدير الشؤون المدنية والمهن القانونية والقضائية، رشيد وظيفي، أن هذه الشراكة تسعى إلى تحقيق عدالة ناجزة وشفافة، مما يساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتوطيد مكانة المملكة كوجهة عالمية للاستثمار والأعمال.
وسجل، في هذا الصدد، أن وزارة العدل أولت أهمية بالغة لتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، والتي أثمرت مجموعة من البرامج والمشاريع الملموسة الرامية إلى تطوير البنية التحتية القضائية، وتأهيل الأطر، وذلك تحقيقا لرؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى مواكبة التغيرات الدولية والإقليمية وتعزيز دور المملكة الريادي في مجال العدالة وحقوق الإنسان.وأبرز أن هذه الشراكة تعد التزاما سياسيا يعكس الرؤية نحو بناء دولة حديثة قائمة على العدالة والإنصاف، وتستند إلى مقاربة شاملة تشمل تحديث البنية التحتية القضائية، وتوسيع الخدمات الرقمية، وتعزيز آليات التعاون الدولي في مجال العدالة.
وفي هذا السياق، أكد الوزير أن البرنامج الثلاثي (MA-JUST) يمثل إطارا مؤسسيا يعكس الإرادة السياسية المشتركة لمواصلة العمل على تحقيق إصلاحات هيكلية تشمل جميع مكونات منظومة العدالة، موضحا أن هذا البرنامج لا يهدف إلى تحسين فعالية العدالة فحسب، بل يسعى أيضا إلى تكريس مبادئ الحكامة الجيدة والمساءلة، وضمان المساواة أمام القانون وتعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي.
ويروم هذا اللقاء، الذي تواصل على مدى يومين، إلى استعراض العمل والمنهجية المستخدمة والأساليب التي طورتها اللجنة الأوروبية من أجل جعل عدالة أكثر نجاعة وولوجا، إضافة إلى الخطوات الأساسية لتنفيذها في المحاكم المغربية في إطار مشروع (MA-JUST)، والتباحث مع الشركاء بشأن سبل العمل الممكنة لتعزيز الإجراءات في المحاكم المعنية والتمكن من تعميم هذه الأساليب على المستوى الوطني على المدى المتوسط.
وتضمن برنامج هذا اللقاء عدة جلسات وموائد مستديرة تركز على مواضيع أساسية لتحسين المنظومة القضائية المغربية، من قبيل جودة العدالة، وتدبير الزمن القضائي، وجمع وتدبير الإحصاءات، فضلا عن استخدام العدالة السيبرانية والذكاء الاصطناعي. وتركزت المناقشات أيضا على التحديات الحالية التي تواجهها المنظومة القضائية المغربية، مع إيلاء اهتمام خاص لثقة المواطنين في العدالة، والولوج إلى العدالة، ورقمنة العدالة والإصلاحات الجارية.