بينهم قضاة.. تأييد العقوبات الحبسية الصادرة في حق المتابعين في ملف “سماسرة المحاكم”

حسمت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، في بحر الأسبوع الماضي، في ملف القضاة المتابعين في ما بات يعرف إعلاميا بملف “سماسرة محاكم البيضاء”، حيث أيدت الأحكام الابتدائية الصادرة، قبل أشهر. وتراوحت بين البراءة وسنتين حبسا نافذا في حق ثلاثة قضاة توبعوا أمام محكمة جرائم الأموال بالرباط.

فقد قضت الهيئة القضائية المذكورة بإدانة قاض توبع في حالة اعتقال بسجن العرجات، كان يشغل مهمة رئيس غرفة للجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بسنة حبسا نافذا وغرامة 30000 درهم، وهي العقوبة الحبسية نفسها الصادرة في حقه ابتدائيا، كما أيدت عقوبة زميله المتابع أيضا في حالة اعتقال، وهو مستشار بالغرفة ذاتها بسنتين حبسا نافذا وغرامة 50000 درهم ، فيما أيدت حكم البراءة في حق متهم ثالث توبع في الملف نفسه في حالة سراح، وهو قاضي تحقيق كان يشتغل بالدائرة القضائية ذاتها بالدار البيضاء.

وكانت القاضية لبنى لحلو، المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بقسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، قد شرعت، أواخر يونيو من سنة 2023، في الاستنطاق التفصيلي لقاضيين من بين المتهمين في ملف ما بات يعرف بـ”السمسرة داخل المحاكم” ويتعلق الأمر بقاض رئيس غرفة وآخر مستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وذلك بعدما تم إيداعهما سجن العرجات ضواحي سلا، في الوقت الذي تقررت متابعة قاضيين آخرين في حالة سراح، وعدم متابعة قاض واحد، لانعدام الأدلة الكافية في حقه، وذلك في إطار ملف “سماسرة المحاكم”، الذي أطاح في المجموع بسبعة قضاة يشتغلون بمحاكم تابعة للدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.

وقررت القاضية المكلفة بالتحقيق بغرفة جرائم الأموال، متابعة اثنين من القضاة الأربعة في حالة اعتقال، وأمرت بإيداعهما سجن العرجات، ويتعلق الأمر بـ«م.أ»، رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، و«م.ه»، قاض مستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، فيما قررت متابعة اثنين آخرين في حالة سراح، مع إخضاعهما للمراقبة القضائية وإغلاق الحدود، ويتعلق الأمر بالمستشار «خ.أ»، قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، و«ن.ق»، قاض مستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.

وكان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرر متابعة ثلاثة قضاة يشتغلون بالنيابة العامة، بتهمة الارتشاء والاتجار في الأحكام القضائية مقابل مبالغ مالية، وأمر قاضي التحقيق بإيداع اثنين منهم سجن «عكاشة». وتزامنا مع الاعتقالات التي جرت بمدينة الدار البيضاء، قررت غرفة الجنايات بمحكمة النقض تعيين محكمة الاستئناف بالرباط للنظر في متابعة القضاة المعنيين الذين يشتغلون بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بسبب حالة التنافي، نظرا إلى موقعهم داخل المحكمة، حيث ينص القانون على ضرورة إحالتهم على أنظار محكمة أخرى خارج الدائرة القضائية التي يشتغلون بها، قبل أن يتم عرضهم على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، نظرا لتمتعهم بالامتياز القضائي.

وترتبط هذه القضية بفضيحة الاعتقالات التي نفذتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد إجراء أبحاث وتحريات في قضية ما يعرف بـ«سماسرة» المحاكم، حيث أسفرت هذه التحريات، بالاعتماد على التقاط المكالمات الهاتفية بتعليمات من النيابة العامة، وكذلك تصريحات الأشخاص المستفيدين من التدخلات في الملفات القضائية، عن أن الأمر يتعلق بانتظام أشخاص في إطار شبكة إجرامية يحترفون الإرشاء والارتشاء والوساطة في ذلك لدى موظفين عموميين يتاجرون في الأحكام القضائية، وذلك من خلال التلاعب في مدد العقوبة السجنية، أو إصدار أحكام لفائدة أشخاص متورطين في قضايا جنحية وجنائية جارية بمحاكم الدار البيضاء والمحمدية. وكشفت التحريات أن هذه الشبكة يتزعمها منتدب قضائي إقليمي، كان يربط اتصالات هاتفية مع قضاة، بغرض التلاعب في الأحكام، وابتزاز المرتفقين والمتابعين في قضايا معروضة أمام القضاء.

Top