“عيد الشباب” في المغرب .. من محمد الخامس إلى محمد السادس

يؤرخ يوم عيد الشباب في الـ 21 من غشت من كل سنة لليوم الذي رأى فيه الملك محمد السادس النور من سنة 1963، حيث يبلغ من العمر حالياً 58 سنة.

ويعود أول احتفال بعيد الشباب في المغرب إلى شهر يوليوز 1956 وكانت البلاد حينها حديثة العهد بالاستقلال، بحيث قرر الملك الراحل محمد الخامس الاحتفال بعيد ميلاد ولي العهد آنذاك مولاي الحسن، ليصبح تاريخ عيد الشباب في عهد الملك الحالي هو 21 غشت من كل سنة.

ويحكي أحمد بنسودة، الذي كان كاتباً للدولة للشبيبة والرياضة في عهد حكومة مبارك البكاي، في مقال نشر بمجلة “دعوة الحق” عدد 345 الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن الشعار الذي اختاره الملك الراحل محمد الخامس لذلك اليوم هو “عيد الشباب، فأعطى لاحتفال شباب المغرب رمزاً ومحتوى تجسد فيما يمثله ولي العهد رفيق محرر المغرب من طموح وإرادة”.

وذكر بنسودة في مقاله المعنون “ذكريات عيد الشباب” أن هذا اليوم لم يكن “احتفالاً من أجل الاحتفال، بل تعبئة وتفجيراً لطاقات الإبداع ومخزون الإنتاج والعطاء عند الشباب”، مشيراً إلى أن “ولي العهد آنذاك مولاي الحسن كان رمز الشباب المغربي، شباب الكفاح، وشباب الحماس، وشباب الوعي والإرادة، وكان كل شاب مغربي يرى مولاي الحسن المثل الذي يتوق أن يكونه كفرد في أسرته الصغيرة”.

وذكر أحمد بنسودة أن عدداً من وفود الشباب من مختلف التنظيمات توافدوا على كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة “يطلبون ويرغبون أن تكون مناسبة عيد ميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن هي المناسبة التي يتجمع فيها شباب المغرب المستقل في احتفال وطني كبير”.

ولم يترك بنسودة هذه المناسبة تمر دون أن يضع بين يدي الملك الراحل محمد الخامس مقترحات بجعل عيد ميلاد ولي العهد عيداً للشباب وقد تفاعل الملك مع الأمر بالإيجاب، وقرر أن “يكون الاحتفال بعيد ميلاد ولي عهده تحت شعار عيد الشباب”.

بعد الموافقة الملكية، وجهت كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة نداءً إلى جميع شباب المغرب، ذكوراً وإناثاً، بجميع هيئاته ومنظماته الثقافية والكشفية والرياضية والفنية، لمدها باقتراحات حول برامج احتفالاتهم على المستويين الوطني والمحلي.

وقال بنسودة، الذي اشتغل فيما بعد مستشاراً للملك الراحل الحسن الثاني، في مقاله: “تحولت كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة إلى معسكر قيادة وتجمع لإعداد حفلات عيد الشباب، وتهييئ كل الوسائل المادية والمعنوية للوفود التي ستشارك في الاحتفال الكبير الذي سيقام بهذه المناسبة”.

تحقق ذلك في التاسع من يوليوز سنة 1956 حيث نظم الاحتفال بملعب سباق الخيل بالرباط الذي احتشدت فيه الجماهير وانتظمت فيه أفواج المنظمات الشبابية بأزياء مختلفة تنتظر لحظة انطلاق الاستعراض أمام ولي العهد، وقد كان عدد الشبان والشابات حوالي 2500، أما عدد من أتى لمشاهدة الاستعراض فكان يفوق ذلك بكثير.

وأشار بنسودة في ذكرياته حول عيد الشباب إلى أن “جيل الشباب الذي احتفل لأول مرة بعيد ميلاد الملك سنة 1956 أصبح اليوم أباً لأبناء، وجد الأحفاد، ولقد كان ذلك الجيل في مستوى المسؤولية الجسيمة التي تحملها في وضع اللبنات الأولى لعهد الاستقلال، وفي اجتياز تلك التجربة الصعبة التي تواجه الشعوب عند انتقالها من مرحلة الاستعمار إلى مرحلة الاستقلال”.

وذكر أن “الاستعماريين كانوا يظنون أن المغرب سيتعثر وسيقف عاجزاً عن تسيير شؤونه، لكن المغرب المستقل واجه التحدي وتغلب عليه، وبرهن أبناؤه أنهم قادرون ليس فقط على ملء الفراغ الذي تركه الاستعمار، بل على تشييد صرح دولة حديثة برجالها وأطرها وقوانينها وأجهزتها”.

Related posts

Top