كيف يتجلى الإنسان من خلال السينما المتوسطية ؟

مبعوث بيان اليوم إلى تطوان:> سعيد الحبشي
إلى أي حد نجحت الأفلام المتبارية  في رصد معاناة الإنسان في بلدانها؟
وهل حقق مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر المتوسط بنود خارطة الطريق التي وضعها لدورته الثانية والعشرين؟
هذه أسئلة من ضمن أخرى لن تتم الإجابة عنها بشكل قطعي ونهائي سوى مساء يوم غد السبت، الذي يصادف اختتام فعاليات مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، في نسخته الثانية والعشرين، وستكون الأفلام المتبارية سواء من فئة الفيلم الطويل أوالقصير والوثائقي معروضة على أنظار لجن تحكيم المهرجان، وعلى أي من الأعمال سترسو جائزة الناقد الراحل مصطفى المسناوي؟
ومعلوم أن هذه اللجن تتوزع على أربع فئات:
1 لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل: وتتألف من المخرج والمنتج الإسباني لويس مينيارو، والممثلة المغربية سناء العلوي والمخرجة المصرية كاملة أبو ذكري والباحث اللبناني إيلي يزبك، والكاتب الفرنسي ألان ماسون والمخرج اليوناني ميشيل ديميبولوس.
2 لجنة مسابقة الأفلام القصيرة: وتتألف لجنتها من المصري أمير العمري والكاتب المغربي وعالم الاجتماع عدنان الجزولي والممثلة الفلسطينية ميساء عبد الهادي والإسبانية مير هويوس والممثلة الجزائرية الفرنسية فريدة رحوادج.
3 لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي: تتألف من السينمائية كارين دوفيليير من بلجيكا والممثل المغربي مالك خميس والكاتبة اليونانية ارسي سوتيروبولوس والباحثة الإسبانية انماكولادا كوردويو الفاريس.
4  لجنة النقاد التي تتكلف بتسليم جائزة مصطفى المسناوي كما سلفت الاشارة الى ذلك.
وتتبارى أفلام كل من اليونان ورومانيا وإسبانيا وكرواتيا وتونس وفرنسا والمغرب ومصر وتركيا وإيطاليا ولبنان وبلجيكا في مسابقة الأفلام الطويلة، من بينها الفيلم المغربي “إحباط” لمحمد إسماعيل، واليوناني “ريفير بانك” لبانوس كاركانيفاطوس، والروماني”الطابق العلوي” لمخرجه رادو مونطيان، والفيلم الإسباني” أن تتحدث” لخواكيوم أوريستيل، والكرواتي”زفيزدان” لدليبور ماطانيك، و”شبابيك الجنة” للتونسي فارس نعناع.
بالإضافة إلى 13 فيلم قصير هي: “آية والبحر” لمريم توزاني (المغرب)، و”بضع ثوان ” لنورا الحرش (فرنسا)، و”الموجة” لبلقاسمي عمر (الجزائر)، و”بكارة” لفيولين بيلي (فرنسا)، و”القرية المفقودة” لجورج طوديا (إسبانيا-جورجيا)، و”أمل” لعايدة سنة (المغرب)، و”أعداء من الداخل” لسليم عزازي (فرنسا)، و”البذرة” لإيفيجينيا كولسوني (اليونان)، و”ليلة حب” لحلمي نوح (مصر)، و”عبور” لسيني بابا (اليونان)، و”الوداع” لكلارا روكي (إسبانيا)، و”طيران اللقلاق” لإيريس كالطينباك (فرنسا)، و”حجر سليمان” لرمزي مقدسي (فلسطين).
و7 أشرطة وثائقية.
وبما أن مهرجان تطوان لم يجعل متعة المشاهدة السينمائية هدفه الوحيد، بل وعمد إلى دعمها بالاستفاذة ومحاولة تحريك العديد من الأسئلة، عبر إقامة ندوات وعقد موائد مستديرة، استدعى لها سينمائيين ونقادا ومهتمين من المغرب وبلدان ضفة المتوسط، وبهذا الصدد انعقدت الندوة المركزية للمهرجان يوم الثلاثاء الماضي وكانت تحت عنوان  “عندما تحكي السينما مآسي المتوسط”، وأطرتها العديد من الأسماء الوازنة نذكر من بينها الشاعر والأديب محمد الأشعري، والصحافي الإسباني خوان خوصي تيليز، المخرجة الإسبانية باز بينار، الناقد الفرنسي لوران دوري، والكاتب والباحث الفرنسي جان ميشيل فرودون.
وأجمع جل المتدخلين على ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام للقضايا المتوسطية في السينما.
كما وجهت بعض المداخلات على تقصير السينما الأوروبية، بالخصوص، في تناول المآسي التي يعرفها حوض البحر الأبيض  المتوسط.
 واعتبر محمد الأشعري “إن الهجرة بصدد خلق جغرافيات  جديدة، تنتشر على أرضها كتل بشرية منذورة للموت”، متحدثا عن “إفلاس أخلاقي”  لأوروبا التي لا تتورع عن الحديث عن تدبير الهجرة وتوزيع المهاجرين، وعن “إفلاس  ثقافي”.
 ودعا الباحث والصحافي الإسباني خوان خوصي تيليز، من جانبه، إلى ما يسميه “جدار  برلين المائي” الذي يفصل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، واستخدام السينما في  “تشييد فضاء عيش مشترك”.
 وتحدثت المخرجة الإسبانية باز بينار عن تجربتها الشخصية حيث تسعى في أفلامها  إلى كسر الأحكام المسبقة من خلال إسناد البطولة إلى النساء، مشيرة إلى أنها  أندلسية الأصل ما يجعلها تفهم معنى أن يكون المرء مهاجرا قبل أن تصير بلادها بلاد  استقبال.
 وشدد الناقد الفرنسي لوران دوري على القصور، المقصود غالبا، في معالجة مآسي  المتوسط، وتركيز بعض السينمائيين الأوروبيين خصوصا على مغامرة الهجرة السرية في حد  ذاتها وتداعياتها مغفلين التركيز على أسبابها ودواعيها لفرض نوع من القدرية في ذهن  المتلقي.
 وبالمناسبة، قدم دوري كتابا بعنوان “سلطة هوليود” لصاحبه الأمريكي ماتيو  ألفورد، الذي تمت ترجمته إلى اللغة الفرنسية وسيصدر في مستهل سنة 2017، بمقدمة  للناقد الفرنسي، معربا عن الأمل أن تتم ترجمته إلى اللغة العربية وغيرها لكونه  يفضح الأيادي الخفية وراء تحريف الإنتاجات السينمائية في العالم.
 أما الكاتب والباحث الفرنسي جان ميشيل فرودون، صاحب كتب “فن السينما” و”ما الذي  تفعله السينما” و”النقد السينمائي”، فاستخلص أن السينمائيين المتوسطيين “يديرون  ظهرهم للبحر” إلى حد أن أفضل الأفلام التي صورت حول المتوسط من إنجاز سينمائيين من  خارج المنطقة.
ومع كل ما سلف ذكره يبقى الأمل كبيرا، في أن تلتفت السينما إلى التفاصيل الدقيقة لهذه التراجيديا وأن تنتجها، طبعا، عبر رؤيتها الفنية بطريقة تعيد الأمل في إنعاش فكرة حوض البحر الأبيض المتوسط المشترك وعدم بتر الحضارة المتوسطية من جزء أساسي منها وهو الضفة الجنوبية.
وعلاقة بالموضوع سيتم تخصيص ندوة ثالثة بعنوان “أندري تيشيني .. سينمائي متعدد الأوجه” لمساءلة المسار الغني لهذا المخرج الفرنسي الذي اشتهر ب”تنويعه في التقنيات واستثماره لمواضيع مختلفة كالجنون والمنفى والعلاقات الأسرية”، واشتغاله مع ممثلين كبار من أمثال كاترين دونوف وجيرار دوبارديو وإيزابيل أدجاني وساندرين بونير.

Related posts

Top