محمد نبيل بنعبد الله: محدودية العمل الذي تقوم به الحكومة يعود بالأساس إلى التعامل المتعالي مع الشأن السياسي

جدد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أمام المحامين المغاربة، التزام حزبه بمواصلة العمل على إبراز النقائص والثغرات التي تتخلل مشروع قانون المسطرة المدنية، مبديا رغبته في استمرار التعاون مع جميعة هيئات المحامين بالمغرب في أفق ما سياتي من قانون المسطرة الجنائية ومن قانون جنائي.

إلى ذلك أكد نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال الندوة العلمية التي نظمها قطاع المحامين لحزب التقدم والاشتراكية حول موضوع “قانون المسطرة المدنية وسؤال الإصلاح” والتي احتضنها المقر الوطني للحزب بالرباط يوم الخميس الماضي، (أكد) على أن الغاية من هذه الندوة العلمية، هي بلورة مقاربة متزنة ومسؤولة، لكنها في الوقت ذاته، مقاربة حازمة، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية سيعمل، انطلاقا من مخرجات هذه الندوة، في أفق يصالح جميع أوساط  المجتمع مع الشأن السياسي العام، لأنه، يقول الأمين العام “بقدر ما تتم مغادرة الفضاء السياسي بقدر ما نسهل المهمة على من يمكن ان يكون له سعي في اتجاه الاجهاز على المكتسبات التي حققناها وعن الحقوق التي استطعنا ان ننتزعها بفضل نضالات وكفاحات أجيال من الطاقات الحزبية والمدنية والمهنية وغيرها”.

محمد نبيل بنعبد الله

وعبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في هذه الندوة العلمية التي أدارها المحامي العربي أفندي، عن حيرته لغياب البعد السياسي بشكل كبير، في التجارب الرسمية، مشيرا إلى أن محدودية العمل الذي تقوم به الحكومة يعود بالأساس إلى التعامل المتعالي مع الشأن السياسي ومع كل ما يدخل في إطار هذا الشأن السياسي من مؤسسات ومن أحزاب، ومن اطارات مختلفة للمجتمع المدني ومن فضاءات التي تعنى بقضايا مختلفة، وبحقوق وواجبات، مختلف الفئات المهنية والفئات الشعبية.

وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن موضوع مشروع قانون المسطرة المدنية، يندرج بدوره في هذا الإطار المرتبط بضرورة تحصين الممارسة الديمقراطية الوطنية، والسعي الحثيث والفعلي إلى بلورة مضامين دستور 2011 على أرض الواقع، معربا في الوقت ذاته، عن أسفه، لعدم مسايرة مضامين هذا الدستور الذي يعد مدخلا أساسيا لكل ما هو مرتبط بالحياة المؤسساتية، وبالبناء الديمقراطي وبالأدوار التي يمكن أن تضطلع بها مختلف هذه المؤسسات. وأيضا بمنظومة الحقوق، التي هي منظومة تحظى بمكانة خاصة في الدستور.

ولفت الأمين العام لحزب الكتاب، الانتباه إلى ضرورة مسايرة مضامين الدستور، وذلك من خلال العمل من خلال مختلف القوانين وخاصة تلك التي تدخل في هذا الاطار، مثل قانون المسطرة المدنية، وقانون المسطرة الجنائية، والقانون الجنائي، مشيرا إلى أن المنتظر من كل ذلك هو أن تواكب هذه القوانين السعي الحثيث الى حياة ديمقراطية سوية وسليمة في بلادنا تضمن هذه المنظومة المرتبطة بحقوق المواطنات والمواطنين على مختلف الأصعدة.

وذكر محمد نبيل بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية يكن احتراما وتقديرا كبيرين لأسرة المحاماة بالمغرب، وعلى ذلك الأساس تتابع قيادة الحزب كل المقاربات التي تم الإعلان عنها بارتباط مع مشروع قانون المسطرة المدنية، مشيرا إلى أن حزبه لا يقارب الموضوع من وجهة نظر حزبية انطلاقة نظرة مهنية صرفة، فقط، لكن انطلاقا من نظرة أشمل مرتبطة بمنظومة الحقوق، حقوق المتقاضين، وحقوق كل المتعاملين مع القضاء ومع مؤسساته.

مصطفى الرميد: الحكومة والمحامون وكافة الفئات المهتمة مطالبون بالتعاون من أجل الخروج من مأزق مشروع قانون المسطرة المدنية

مصطفى الرميد

من جانبه، يرى المحامي مصطفى الرميد وزير العدل السابق، أن مشروع قانون المسطرة المدنية، هو مشروع جيد لكن شابته شوائب، لذلك فهو يحتاج إلى تعديل، وينغي في نظره، أن يتعاون الجميع، الحكومة في شخص وزير العدل والمحامون وكافة الفئات المهتمة من أجل الخروج مما وصفه بـ”المأزق” من خلال الحوار وتبني كل ما هو مفيد.

وساق في معرض مداخلته، بعض الأمثلة والنماذج التي يعتبرها مصطفى الرميد تعديلات إيجابية وجب تثمينها، من قبيل أن المشروع جمع النصوص القانونية التي كانت متناثرة بين خمسة قوانين وتم انتاجها في أزمنة مختلفة، جمعها في قانون واحد، مضيفا أن النص الجديد سيؤدي إلى تعزيز النجاعة القضائية بالتخفيف من الاحكام التي تصدر بعدم القبول لأسباب كان يمكن تلافيها، مثل ما ورد في المادة 11 المتعلقة بالصفة والمصلحة والاهلية والاذن بالتقاضي.

كما ساق مصطفى الرميد مجموعة من المقتضيات الأخرى التي وصفها بـ”الجيدة” سواء تلك المتعلقة بشكليات المقال الافتتاحي، أو بالشكليات المتعلقة بالمقال الاستئنافي، حيث أصبح، بموجب المادة 216، بإمكان المستشار المقرر، أن يخبر عند الاقتضاء، الطرف المستأنف باستكمال البينات الشكلية غير التامة أو التي تم إغفالها داخل آجال يحدده تحت طائلة عدم القبول، وهو نفس التوجه الإيجابي الذي شمل توقيف آجال قبول الطعن بإلغاء القرار الاداري بسبب تجاوز استعمال السلطة اذا رفع الى جهة غير مختصة ولو كانت محكمة النقض، وكذا عدم جواز إثارة  الدفوع بعدم القبول لأول مرة امام محكمة الاستئناف الا بالنسبة للأحكام الغيابية.

ومن بين المقتضيات الإيجابية التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية، بحسب وزير العدل السابق اعتماد قاعدة بيانات البطاقة الوطنية في التبليغ، طبقا للمادة 86 من المشروع.

وبات المشروع، في نظر المحامي مصطفى الرميد، يتيح إمكانية إثارة وسائل إضافية من قبل المستأنف ما لم يتم اعتبار القضية جاهزة، وكذا إمكانية تصدي محكمة الدرجة الثانية للحكم في جوهر القضية إذا أبطلت أو ألغت الحكم المطعون فيه في جميع الأحوال حتى ولو لم تكن القضية جاهزة، بالإضافة إلى وجوب اثارة محكمة الدرجة الاولى عدم الاختصاص النوعي تلقائيا ولجميع الاطراف حق اثارة لجميع المراحل الدعوة الابتدائية.

وبعد استعراضه لمجمل التعديلات التي وصفها بـ”الجيدة” قال مصطفى الرميد “إن مشروع قانون المسطرة المدنية فيه بعض المقتضيات السيئة، والمنكرة والتي ينبغي تعديلها ومراجعتها والتوافق بشأنها” مشيرا في هذا السياق إلى المادة 17 والتي اعتبرها غير ذات معنى، على اعتبار أن الصيغة التي صادق عليها مجلس النواب في الجلسة العامة هي أسوء بكثير من الصيغة التي تم إلغاؤها في لجنة العدل والتشريع، حيث تقول هذه الصيغة ”  يمكن للنيابة العامة المختصة وان لم تكن  طرفا في الدعوى     ودون التقيد بأجل الطعن المنصوص عليها في المادة السابقة، ان تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه الإخلال بالنظام العام”.

وبحسب مصطفى الرميد، فإن استعمال المشروع لعبارة “كل ما من شأنه” فيها إحالة على لغة عتيقة وقديمة وهي لغة استعمارية لا مجال لإقحامها، مشيرا إلى أن الأخطر في الموضوع هو  أنه يتم الطعن امام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو بناء على احالة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى  للسلطة القضائية،  في حال ثبوت خطأ قضائي اضر بالأطراف ضررا فادحا.

وأضاف الرميد أن هذا الخطأ القضائي الذي يضر بالأطراف ضررا فادحا، يعاقب عليه تأديبيا من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الأمر الذي يمكن الاتفاق معه، لكن ليس أمام نفس الهيئة.

وفي ختام مداخلته، دعا الوزير السابق جمعية هيئات المحامين بالمغرب لإيقاف كل احتجاج كيفما كان نوعه مادام انه سيؤدي في، نظره، في النهاية إلى الإضرار بالمواطنين قبل المحامين والعمل على إيجاد مساحات للتوافق الايجابي على كل ما يفيد المنظومة التشريعية الوطنية بعيدا عما وصفه بـ “التشنج” و”المزايدات غير المفيدة” ومباشرة الحوار مع وزير العدل الذي قال إنه أعلن استعداده لذلك ورحبته به جمعية هيئات المحامين بالمغرب.

النقيب عبد العزيز الرويبح: مشروع قانون المسطرة المدنية ليس مجرد نصوص تقنية ولن نرضى المساس بمهنة المحاماة التي لها تاريخ عريق في المغرب

عزيز الرويبح

 

من جانه، أوضح النقيب عبد العزيز الرويبح رئيس جمعية هيئات المحامين المغاربة، أن المشكل مع وزير العدل، ليس مشكل مفتعلا كما قد يرى البعض، بل المشكل هو ناتج عن أسباب متعددة، وأن مشروع قانون المسطرة المدنية هو جزء من المشكل، مشيرا إلى أن أسباب الخلاف مع الوزير ليست جديدة .

وقال النقيب عزيز الرويبح فيما يشبه الرد على ووزير العدل السابق مصطفى الرميد “لن نرضى المساس بالمحاماة التي لها تاريخ كبير وعريق في المغرب، ولها يعود السبق في إثارة ما كان يعتبر من الطابوهات، ولم يكن للغير القدرة على ملامسته، أو حتى الاقتراب منه، منذ ستينيات القرن الماضي، إلى اليوم، مشددا على أن أول شيء يريده المحامون المغاربة هو الاحترام الواجب لهم ولمهنتهم، مشيرا إلى أن الوضع الذي وصلت إليه المهنة، وضع غير مطمئن، وفيه ضرب للوضع الاعتباري للمحامي، وهو ما اتضح من خلال مشروع قانون المسطرة المدنية التي قال إنها “ليست مجرد نصوص تقنية، بل هي أعمق من ذلك بكثير” ولذلك، يضيف عزيز الرويبح “اخترت عنوانا لمداخلتي “مكانة المتقاضي في مشروع قانون المسطرة المدنية” أي مكانة المواطن في التشريع.

وإذا كان رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، قد أقر بأن  مشروع قانون المسطرة المدنية، يتضمن مقتضيات مهمة، وصفها بـ “الجد إيجابية” فإنه أيضا أكد على أن ذلك كله يأتي على حساب المواطن، وهذا هو الإشكال الرئيسي، مشيرا إلى أن هذه النصوص القانونية الإيجابية، تتضمن في الوقت ذاته، نصوصا تقتل كل ما هو إيجابي، وهي نصوص وصفها بـ”المسمومة” وأن أقل ما يقال عنها بحسبه، أنها احتقار للمواطن المغربي وللفئات الهشة.

وبحسب النقيب الرويبح فإن مشروع قانون المسطرة المدينة ينظر للمواطن المغربي كمتقاضي بسوء النية، ذاهبا إلى القول بأن ذلك فيه ردة وانتكاسة على المكتسبات التي حققها المغرب في مجال الحقوق والحريات.

وذكر نقيب المحامين أن الخلفية الحقيقة من وراء مشروع المسطرة المدنية، والتي لا يصرحون بها، هي أنهم يقولون بأن هناك خمسة ملايين قضية في المحاكم، وأن هناك ملفات متراكمة، وأخرى تؤجل، ويجب تصريف القضايا بسرعة، وبنجاعة، لكنهم لم يفكروا في الرفع من عدد القضاة، والمحاكم، بقدر ما فكروا فقط في حشر المواطن في الزاوية ومنعه من الولوج إلى القضاء.

إلى ذلك، أفاد النقيب عبد العزيز الرويبح أن جزء كبير من القضاء الإداري، تم إلغاؤه، وشطبه بموجب مشروع المسطرة المدنية، مشيرا إلى أنه  لم يعد بإمكان المواطن اللجوء إلى محكمة النقض، وأنه إذا رغب في ذلك يجب أن يكون لديه أكثر من 80 ألف درهم، أو أن تكون القرارات الإدارية الصادرة تكتسي بعدا وطنيا.

وخلص نقيب المحامين المغاربة، إلى أن الحوار الذي كان مع وزير العدل، كان حوارا بدون نتائج، وكانت هناك لقاءات ودية، ولم نكن نلمس أنه كانت هناك جدية في هذا الحوار، لأنه من غير المقبول أن تستدعي أحدا من الباب وأنت تسبه في النافذة، وتخرج للعموم وتقول بأن باب الحوار مفتوح، مشيرا إلى أن الأمر يقتضي كثيرا من الاحترام الواجب في العلاقة بين الوزير وجمعية هيئات المحامين المغاربة. 

النقيب عبد اللطيف أعمو: الغاية من المعركة التي يخوضها المحامون المغاربة هي وضع قوانين بمقاييس دستورية وبمعايير دولية

عبد اللطيف أوعمو

وفي الوقت الذي دافع فيه النقيب عبد اللطيف أعمو، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، عن حق المحامين المغاربة في الإضراب والتوقف عن العمل لما استشعروه من مساس بشرف وكرامة مهنتهم ورسالة المحاماة، أبرز أن معركة مشروع قانون المسطرة المدنية هي معركة شرف وكرامة المهنة، وذلك بالنظر إلى أن القيمة الاعتبارية للمحاماة هي من ضمن المعايير الدولية لتقييم مستوى الحريات في أي بلد.

وفي نظر عبد اللطيف أعمو، فإن الغاية من المعركة التي يخوضها المحامون المغاربة، هي وضع قوانين بمقاييس دستورية وبمعايير دولية، مشيرا إلى أن المطالب المرتبطة بالتعديل القانوني للمسطرة المدنية والجنائية، وكذا القانون المنظم لمهنة المحاماة، ليست فقط مطالب فئوية لأصحاب البذل السوداء، بل للمواطن بالدرجة الأولى، ومؤكدا أن الغاية أيضا من هذه الحركة الاحتجاجية هو لفت الانتباه إلى أن هناك خروج عن إجماع دولي ووطني حول واجب حماية حقوق الدفاع والتأصيل القانوني لمكانة المحاماة والمحامين، لما لهما من دور أساسي وجوهري في دولة الحق والقانون.

وشدد النقيب عبد اللطيف أعمو على وجود إجماع دولي ووطني على ضرورة حماية حق الدفاع والتأصيل القانوني لمكانة المحامي من خلال دوره في ضمان المحاكمة العادلة أمام القضاء للمتهم أو للمتضرر أو لذوي المصلحة على حد سواء، ولذلك، يضيف النقيب، ” سعى المشرع المغربي لتوطيد الدعائم المحققة لذلك من خلال التنصيص الدستوري عليها وتكريسها تنظيميا في القوانين الداخلية سواء من الناحية المسطرية أو الإجرائية، رغم الإشكالات التي تطرح على ضوء النقاش الحقوقي والمجتمعي حول التعديل القانوني للمسطرة المدنية والجنائية، وكذا القانون المنظم لمهنة المحاماة”.

ويرى عبد اللطيف أعمو أنه بحكم أن مشروع قانون المسطرة المدنية، وعلى غرار عدد من مشاريع القوانين الأخرى، أبانت بشكل جلي، أن السلطة التنفيذية التي بادرت إلى إعدادها، تجاهلت كلية دور ورسالة المحاماة، التي هي الرابط القوي بحمولتها الأخلاقية وبالتزاماتها القانونية وشروط تأطيرها وبلورتها وما يتطلب ذلك من مجهود في التكوين والتطوير والتجهيز، ضمن آليات المجتمع ومرافقه العمومية، مما استشعر معه المحامون، يضيف المتحدث ” أن من واجبهم كصوت للحق والمجتمع أن ينددوا بهذا الوضع الشاد الذي يتنافى مع تراث المحاماة ونضالات المحامين عبر التاريخ”.

إلى ذلك، أكد النقيب عبد اللطيف أعمو على أن السلطة التشريعية مدعوة لاستحضار القواعد والمبادئ الدستورية، بمناسبة مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية، من أجل ضمان إصدار قانون مطابق للدستور، والحفاظ على الحقوق المكتسبة للمتقاضين، مشيرا إلى أنه من المقبول أن يعطل المشرع جوهر الحقوق والحريات التي يحميها الدستور بعلة تنظيم هذه الحقوق بالحد من مداها ، بل ينبغي في نظره، أن يتم ذلك وفقا للدستور، وليس من أجل غايات سياسية، لأن الحقوق المتمثلة في: الحق في التقاضي، والحق في الدفاع، والحق في محاكمة عادلة، تؤطرها قواعد موحدة، لا يحق للمشرع أن ينال منها، أو يحد منها أو يعطل النفاذ إليها، الأمر الذي يعتبر إخلال صريحا للحماية التي يكفلها الدستور لتلك الحقوق جميعها.

وذهب النقيب عبد اللطيف أعمو إلى القول بأن بعض مواد مشروع قانون المسطرة المدنية، لا تتوافق مع أحكام الدستور، ولا تعبر عن الإرادة العامة والمصلحة العامة للمجتمع أو الدولة، ولا تتلاءم مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، كما ذهب إلى اعتبار أن مشروع قانون المسطرة المدنية، تنكر لمبدأ حق التقاضي ولمبدأ الحق في محاكمة عادلة، وذلك من خلال خرق مبدأ المساواة بين المتقاضيين، وخرق مجانية التقاضي.

العميد عبد الكريم الطالب: لا ينبغي أن يؤثر الهاجس المتحكم في مشروع قانون المسطرة المدنية على المبادئ الأساسية للتقاضي

عبد الكربم الطالب

بدوره، أكد عبد الكريم الطالب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، على أن مشروع قانون المسطرة المدنية، رغم تضمنه مقتضيات وصفها بـ”الجيدة”، إلا أنه تشوبه بعض الأمور التي هي في حاجة إلى تجويد وإلى أن تكون في مستوى متطلبات وانتظارات جميع الذين يشتغلون في المجالات القانونية والقضائي.

وذكر عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، بخصوص المادة 27 من المشروع والمتعلقة بالاختصاص النوعي،  أنه كان هناك نقاش طويل حول علاقة هذا الاختصاص بالنظام العام، مشيرا إلى أن هذا النقاش استمر لسنوات بين الفقهاء في الأحكام القضائية والاجتهاد القضائي، وأن منهم من يقول بانه متعلق بالنظام العام، وهناك من يقول عكس ذلك، وأن الخلاصة في نظر عبد الكريم الطالب هي انه لا يتعلق بالنظام العام ولكن لم ينتبه المشروع الى الاثار التي تترتب على اعتباره كذلك، أو اعتباره أنه يتعلق بالنظام العام فلكل منهما نتائجه التي تختلف تماما عن نتائج الأخرى.

وأضاف المتدخل، أنه عند القول بأن الاختصاص النوعي متعلق بالنظام العام، فذلك يعني أنه يمكن للمحكمة أن تثيره تلقائيا، وهي ملزمة بأن تحيل، ويمكن كذلك أن يثار في جميع مراحل التقاضي، وعند القول بأنه غير متعلق بالنظام العام، يجب على الطرف أن يثيره، وأن يبين للمحكمة تحت طائلة عدم القبول، لكن لا يمكنه أن يثيره في جميع مراحل التقاضي بل في مرحلة واحدة فقط.   

وفي نظر العميد عبد الكريم الطالب فإن الإشكال المطروح بالنسبة لمشروع قانون المسطرة المدنية، هو إشكال المفاهيم التي تحتاج إلى توضيح، حيث يتيح حل هذا الإشكال فهم القصد من كل مفهوم تم استعماله وفهم الغاية منه، ومدى تأثيره على حقوق المتقاضين، مؤكدا على أنه عند قراءة المادة 27 سيلاحظ أنها لم تصل إلى المبتغى، وفي الوقت ذاته لم تترك الموضوع على حاله، حيث جاء فيها إنه “يجب أن يثار الدفع بعدم الاختصاص النوعي في جميع الدعوى أما محكمة الدرجة الأولى” وهذا غير مقبول بحسبه.

وأوضح عبد الكريم الطالب، أن مفهوم مراحل الدعوى كما وردت في المشروع غير واضح، ويحتمل تفسيرات متعددة، من قبيل أنها تبدأ من رفع الدعوى إلى مرحلة التنفيذ، ويمكن في تفسير آخر، أن تصل إلى محكمة النقض، فيما تفسير ثالث قد يقول إن مراحل الدعوى تصل إلى حدود التقاضي على درجتين، أما التفسير الرابع الذي جاء به المشروع، هو في مرحلة الدرجة الأولى، مشيرا إلى أنه ما كان للمشروع أن يأتي بهذا التفسير، بحيث كان عليه أن يسمح بالدفع بعدم الاختصاص النوعي إلى آخر مراحل التقاضي، أو يقول بعدم القبول.

وأوضح عبد الكريم الطالب أن الهاجس المتحكم في المشروع هو هاجس الزمن القضائي، أي أن لا يكون هناك هدر للزمن القضائي، لكنه لا ينغي أن يكون على حساب ضرب المبادئ الأساسية للتقاضي عرض الحائط، وقال في هذا الصدد “لا يمكننا أن نقدم الزمن القضائي على الحقوق، لأن ذلك فيه مساس بحقوق المتقاضين” مشيرا خلاصة المادة 27 هي أنه لا يمكن أن يماس الدفع بعدم الاختصاص إلا في مرحلة واحدة، إما في مرحلة الدرجة الأولى، إذا كان الحكم حضوريا، أو في الدرجة الثانية إذا الحكم غيابيا، وهذا غير مقبول لأنه تخلف عن الحضور.

واستغرب عميد كلية الحقوق بمراكش، بخصوص المادة 32 من المشروع، كيف تم نقل المادة التاسعة من قانون قضاء القرب وإقحامها في المشروع، مشيرا إلى عدم وجود أية علاقة بها لأنه لا قياس مع وجود الفارق، حيث أنه يمكن للطرف المتضرر حينما يصدر الحكم ابتدائيا وانتهائيا، أن يباشر الإلغاء أمام رئيس المحكمة، داخل آجال 15 يوما، مبرزا أن قضاء القرب مخالف تماما لمقتضيات هذه المادة بحيث أن أحكامه لا تقبل أي طريقة من طرق الطعن.

محمد حجيوي

تصوير: رضوان موسى

Top