اختتمت، الخميس الماضي، الدورة الرابعة من يوم المناخ في الموقع التاريخي لشالة بالرباط، بمشاركة أزيد من 450 مشارك من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى فاعلين رئيسيين من المنظمات الوطنية والدولية، يرافقهم وفد إفريقي يمثل قطاع الطاقة، لمناقشة القضايا البيئية العاجلة وتعزيز المبادرات الرامية إلى مستقبل مستدام.
وخلال هذه التظاهرة، أعطت شركة نكسانس (Nexans) الانطلاقة، بشكل رمزي، لمشروع كهربة قرية “شمسي” التي تأوي أطفالا أضحوا أيتاما جراء زلزال الحوز.
كما تميز “يوم المناخ” بتوزيع الجوائز على الفائزين الستة في تحدي نكسانس المناخي (Nexans Climate Challenge)، وهو مسابقة تهدف إلى مكافأة المشاريع الأكثر ابتكارا في مجال الاستدامة البيئية.
وفي هذا الصدد، أكد المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، أن التمويل المناخي يشكل أولوية للتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية.
وأبرز بنشعبون، خلال يوم المناخ، أن “التمويل المناخي أصبح ضروريا لمكافحة تداعيات التغيرات المناخية، وبالتالي فمن المهم بناء شراكات ذكية بين القطاعين الخاص والعام من أجل التمكن، ليس فقط من تعبئة موارد مالية كبيرة، بل أيضا من تقاسم المخاطر، وتوفير إطار تعاقدي آمن وتعزيز نقل المعرفة والتكنولوجيا”.
وأوضح أن المغرب اتخذ، لمواجهة التحديات المناخية، تدابير ملموسة، لاسيما من خلال إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي يضطلع بدور رائد في تشجيع الاستثمار والرفع من قدرات الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن مهمة هذا الصندوق، البالغ رأسماله الأولي 15 مليار درهم، تتمثل في تسهيل الاستثمارات وتسريع إنجاز البنيات التحتية وتعزيز دور القطاع الخاص في تمويلها، مشيرا إلى أن جزءا هاما من هذه الموارد المالية يتم تخصيصه لمشاريع البنيات التحتية المستدامة، والتحول الطاقي.
من جهة أخرى، أشار بنشعبون إلى أهمية تحديث الشبكة الكهربائية، وتسريع عملية إزالة الكربون من خلال تشجيع الطاقات المتجددة ودعم التقدم التكنولوجي في مجالات الطاقة الشمسية والريحية، وكهربة وسائل النقل، بغية تحقيق الأهداف المناخية.
وشدد على ضرورة تشجيع الابتكار من خلال شراكات قوية بين الحكومات والمقاولات، لإنتاج المزيد من الكهرباء الخضراء، وتطوير الموارد البشرية في هذه المجالات.
من جهته، أكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، على أهمية التحول الطاقي، الذي يشكل محركا للتحول الاجتماعي والاقتصادي، ووسيلة لفك العزلة وتعزيز التنمية العادلة والشاملة.
وأوضح لعلج أن الكهربة المستدامة توفر لإفريقيا فرصة فريدة من نوعها لتصبح رائدة عالميا في مجال التحول الطاقي وإرساء بنيتها التحتية الطاقية على أسس جديدة وأكثر متانة.
واعتبر أنه “رغم كون كهربة قارتنا تشكل تحديا طموحا، إلا أنها ممكنة”، مشيرا إلى التجربة المغربية في مجال ولوج الجميع إلى الطاقة، حيث تضاعف معدل الولوج إلى الكهرباء في المناطق القروية بمقدار 5 مرات في غضون 27 سنة بفضل برنامج الكهربة القروية الشاملة.
كما جدد لعلج التزام الاتحاد العام لمقاولات المغرب بضمان الرفع من كفاءات الفاعلين المغاربة وتطوير علاقات شراكة دائمة ومنظمة مع الفاعلين في البلدان الإفريقية الشقيقة.
وأوضح أن “هذه العلاقات تقوم على المواكبة وتبادل الخبرات وتعزيز القدرات التقنية والإدارية المحلية”، مضيفا أن الاتحاد أطلق برنامجا للمواكبة في مجال إزالة الكربون من المقاولات، مع دمج جانب مهم مرتبط بولوج هذه المقاولات إلى الطاقات الخضراء، لاسيما المرتبطة بالجهد المتوسط.
من جانبه، أكد الرئيس المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة، طارق أمزيان مفضل، على أهمية هذا اللقاء الذي يجمع مديري المؤسسات الرئيسية، سواء العمومية أو الخاصة، من المغرب والبلدان الإفريقية، الملتزمة بالتنمية المستدامة في فضاء من النقاش الودي والمساعد على استكشاف حلول لتحديات التغير المناخي وفرص التعاون.
وأبرز مفضل أن الطاقات المتجددة تمثل حلا واقعيا لرفع التحديات المرتبطة بالتغير المناخي، مذكرا بدور الوكالة المغربية للطاقة المستدامة المكلفة منذ إحداثها سنة 2009 بتنمية الطاقات المتجددة بالمغرب وتنفيذ مشاريعه المندمجة لإنتاج الكهرباء الخضراء، بهدف المساهمة في تحقيق الهدف الوطني لسنة 2030 المتمثل في إنتاج مزيج طاقة يتضمن ما لا يقل عن 52 في المائة من القدرة المنشأة من أصل متجدد.
من جهتها، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، على أهمية تسريع الاستثمارات المستدامة باعتبار ذلك “شرطا أساسيا” للانتقال الطاقي بالمغرب وإفريقيا.
وأبرزت بنعلي، في مداخلة لها أن “تسريع الانتقال الطاقي يتطلب تعبئة الاستثمار الأخضر، الأمر الذي يستدعي تفكيرا يتمحور حول تطوير نماذج أعمال متينة ومستدامة، وتسريع وتيرة الاستثمارات وتبسيط المساطر، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى القارة الإفريقية”. وأضافت أنه “تم الشروع في الانتقال الطاقي بالمغرب منذ سنة 2009، باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وإزالة الكربون من اقتصادنا، وكذا من اقتصادات جيراننا”.
وفي هذا السياق، ذكرت الوزيرة بأن المغرب يشكل الممر الوحيد المتاح بين أوروبا وإفريقيا والحوض الأطلسي، مشددة على ضرورة الاستفادة من الإمكانات التي يتيحها “هذا الخزان ومن قدراته الإنتاجية”.
وقالت إنه “ينبغي بلوغ وتيرة تطور تقارب 1.400 ميغاوات من الطاقة المتجددة سنويا”، موضحة أن المملكة حققت ما بين سنتي 2009 و2022 معدلا سنويا يبلغ حوالي 160 ميغاوات.
وانسجاما مع النموذج التنموي الجديد، أشارت بنعلي إلى أهمية تعزيز أنظمة التخزين، وتحسين مناخ الأعمال، وتوطيد الشفافية، وتشجيع الابتكار والنهوض بالرأسمال البشري كعوامل أساسية لضمان الكهربة المستدامة ومكافحة تغير المناخ.
بدوره، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن “الطاقة تعد المحرك الوحيد غير المشروط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
وأوضح مزور أنه “لا يمكن تحقيق التنمية الصناعية وإحداث فرص الشغل دون تسريع عملية الانتقال الطاقي”، مؤكدا على أهمية التموقع في مجال الانتقال الطاقي من أجل إنجاز المشاريع الاستراتيجية للمملكة.
وفي هذا الصدد، دعا الوزير كافة الأطراف المعنية إلى استهداف الاستثمارات الخضراء وتشجيع المشاريع الصناعية المستدامة، مع الأخذ في الاعتبار أهداف مكافحة تغير المناخ. وتجدر الإشارة إلى أن النسخة الرابعة من “يوم المناخ”، التي أقيمت بموقع شالة التاريخي بالرباط، عرفت حضور أزيد من 300 مشارك من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى فاعلين رئيسيين عن المنظمات الوطنية والدولية، ووفد إفريقي يمثل قطاع الطاقة، لمناقشة القضايا البيئية الملحة والنهوض بالمبادرات الرامية إلى تحقيق مستقبل مستدام.
عبد الصمد ادنيدن