عرفت مدينة الفنيدق بشمال المملكة، يوم السبت 13 شتنبر الجاري، عمليات توقيفات لقاصرات وقاصرين وشباب خططوا مسبقا لعملية هجرة جماعية، نحو سبتة المحتلة.
فقد أوقفت السلطات أكثر من 900 شخص جرى ترحيلهم نحو مدنهم الأصلية. ولم تقتصر عمليات التوقيف على الفنيدق فحسب، بل تم تسجيل توقيف العشرات بمدينة طنجة، خاصة بمحطة القطار.
وحسب مصادر أمنية، عبأت السلطات المغربية 5000 من رجال الدرك والقوات المساعدة والشرطة، من أجل التصدي لمخطط الهجرة الجماعية الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، والذي استجاب له عدد كبير من الأشخاص أغلبهم من القاصرين، حيث بدا ذلك واضحا في الحركية التي شهدتها الفنيدق.
فقد عاشت هده المدينة في الأسبوع الأخير من شهر غشت الماضي على وقع زحف جماعي لمئات المرشحين للهجرة نحو مدينة سبتة المحتلة دفعة واحدة.
وقالت مصادر الجريدة إن مئات القاصرين والأطفال شوهدوا على شاطئ المدينة وهم يحملون معدات سباحة تقليدية، قبل أن يدخلوا الشاطئ متجهين، سباحة، بشكل جماعي، نحو السياح الفاصل بين مدينتي الفنيدق وسبتة المحتلة، مستغلين كثافة الضباب الذي حجب الرؤية بنقط المراقبة الأمنية.
وأضافت مصادرنا أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ليست جديدة على المغرب ولا على أهل الفنيدق الذين يشاهدون يوميا مئات عشرات “الحركة”، لكن الجديد، تضيف المصادر ذاته، هو اختيار التوقيت، وتنزع الفئات العمرية والكثافة العددية التي تميز الرغبة الجماعية في الهجرة غير الشرعية.
هذا، وانتقلت جريدة بيان اليوم لعين المكان لرصد الظاهرة ومعرفة الأسباب الرئيسية التي جعلت هؤلاء الشباب والقاصرين التفكير في رمي أنفسهم في البحر متجهين نحو مصير مجهول.
يقول محمد الكافي، البالغ من العمر 15 سنة، إنه سمع بيوم الهجرة الجماعية وحضر في اليوم الموعود، مضيفا أن دافعه نحو “المغامرة” هو “العيش بكرامة، وأن أكون سندا لوالدتي بعد وفاة والدي، فنحن أسرة بسيطة لا تمتلك قوت يومها، والظروف المعيشية تزيد صعوبة في ظل الغلاء، لي أربع إخوة وأنا أكبرهم، والدتي لم تستطع تسجيلنا بالموسم الدراسي الحالي بسبب عدم قدرتها على مجاراة غلاء التسجيل والكتب المدرسية، كيف لها أن تدرس خمس أطفال وهي لا تستطيع إطعامهم حتى… لهذا قررت أن أهاجر من أجل حياة أفضل”.
وفي السياق ذاته، تحدثنا مع مصطفى العلمي، وهو رجل يبلغ من العمر 45 عاما، رب أسرة وأب لثلاث أطفال، وسألناه عن سبب هجرته، رد قائلا: لقد طفح الكيل، الحياة صعبة والمعيشة تزيد غلاء، لا أستطيع إطعام أولادي أو تدريسهم بشكل أفضل، والحكومة كل يوم تزيد الطين بلة، نحن نموت جوعا، والحكومة لا تقدم سوى عود كاذبة..”
كما استقصت بيان اليوم آراء العديد من المرشحين للهجرة الذين من خلال أقوالهم تأكد لنا أن ما يجري من أحداث في الفنيدق وفي الشمال عموما لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق السياسي. فما يجري يتجاوز كونه مجرد أحداث أمنية، بل هو انعكاس لفشل الحكومة في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الحوار والنقاش السياسي البناء، وتغييب رأي المعارضة والاستفراد بالقرار.
< هاجر العزوزي