الدخول البرلماني ورهانات المرحلة

قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن الحكومة الحالية ضعيفة وغائبة سياسيا وحضوريا في المشهد السياسي الوطني.

وتابع حموني في حوار مع جريدة بيان اليوم بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة المرتقب اليوم الجمعة أن الخطاب الذي تروجه الحكومة والذي ينبني على الارتياح والطمأنينة لا ينفعها ولا يضر المعارضة بقدر ما يساهم في تأزيم الوضع ومراكمة السخط من قبل المواطنات والمواطنين.

ونبه حموني إلى مخاطر هذا التوجه على العمل السياسي، مشيرا إلى أن هذا الأمر يزيد من تأزيم الأوضاع ويؤدي إلى تراجع منسوب الثقة بشكل أكبر في الأحزاب والمؤسسات، حيث قال إن طريقة تعامل الحكومة تهدد السلم الاجتماعي.

وأوضح حموني أنه بالرغم من قيام الحكومة الحالية بمجهودات مالية، إلا أن الاحتقان وصل إلى جميع القطاعات، التي عرفت احتجاجات واسعة، مبرزا أن السبب في ذلك سلوك الحكومة وترويجها خطاب الارتياح وارتكانها إلى الأغلبية العددية دون أن تعي مخاطر ذلك على الفعل السياسي.

وزاد حموني موضحا أن الحكومة أبانت في ملفات كثيرة من قبيل كليات الطب والصيدلة وتعاملها مع أحداث الفنيدق، وقضايا أخرى (أبانت) عن فشلها وضعفها في التواصل والإقناع، مشيرا إلى أنها مطالبة بالتواضع وبالنقاش وإشراك جميع الفاعلين واحترام المؤسسة التشريعية والمعارضة واحترام كل الأدوار على هذا المستوى.

وعن رهانات الدورة الحالية والمشاريع والأوراش المرتقب التطرق لها خلال هذه الدورة، قال المتحدث إن فريق التقدم والاشتراكية يلعب دوره انطلاقا من المعارضة الوطنية البناءة والمسؤولة في التعاطي مع كل ملف، مشيرا إلى أن الفريق ليس ضد تسريع بعض الإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها بل ضد التسرع وضد أن تنتج قرارات الحكومة موجة أخرى من الاحتجاج.

ودعا حموني الحكومة إلى التريث وعدم التسرع كي لا تقع كما العادة في أخطاء متكررة، مشيرا إلى ضرورة إشراك مختلف الفاعلين في المشاريع الإصلاحية وفتح نقاش حقيقي بشأن مختلف الملفات سواء التقاعد أو الإضراب أو كل القوانين والإصلاحات التي تعتزم القيام بها.

هذا، وعلق حموني في هذا الحوار على مجموعة من الملفات الاجتماعية ذات الراهنية من قبيل استمرار أزمة طلبة الطب، وأحداث الفنيدق، وأزمة مغاربة لبنان، بالإضافة إلى الفيضانات الأخيرة التي عرفتها عدد من الأقاليم بالجنوب الشرقي للمملكة. فيما يلي نص الحوار: 

رشيد حموني: نحن أمام أضعف حكومة في التاريخ وخطاب “الارتياح والاطمئنان” الذي تروجه لا ينفعها ولا يضر المعارضة

  • بداية، مع اقتراب الدخول البرلماني، والولاية التشريعية الرابعة، ما هي الأولويات الرئيسية لفريق التقدم والاشتراكية في الدورة البرلمانية الحالية؟

أولا، شكرا لجريدة بيان اليوم على تتبعها للأوضاع السياسية بصفة عامة وتغطيتها للمواضيع الراهنة التي تهم المواطنات والمواطنين، في الوقت الذي نجد فيه ضعفا كبيرا يحف النقاش العمومي المتعلق بالقنوات العمومية. ثانيا، وللجواب عن السؤال، فنحن حين نتحدث عن الدخول البرلماني والولاية التشريعية، نتحدث عن رمزية خاصة، وهي بداية دورة أكتوبر بالخطاب الملكي السامي الذي يعطي فيه جلالته التقييم لما جرى قبل، والتوجيهات بالنسبة لما هو آت، ويكون دخول عنده طابع خاص كما قلت.

فيما يتعلق برهانات وأولويات الدورة الجديدة، بالنسبة لنا في فريق التقدم والاشتراكية نرى أن الأولويات والرهانات لا يمكن تحديدها لا من قبل الحكومة ولا البرلمان، بل يحددها الواقع المعيشي للمواطن، والمشاكل الراهنة على الساحة.

بطبيعة الحال للحكومة برنامجها الذي تنفذه، ولكل فريق برنامج عمل، لكن لا يمكن لنا كبرلمان أو حكومة أن نفرض على المواطن النقاش الذي لا يدخل ضمن اهتماماته الأولوية، وبالتالي الأولوية للقضايا والأمور التي لها راهنية وتهم المواطنين، على سبيل المثال ما يتعلق بغلاء الأسعار، وهو الموضوع اليوم الذي يطرح نفسه بحدة، المسألة الثانية تتعلق بالجفاف وهي المسألة التي ما زالت مطروحة بقوة خصوصا في ظل استمرار شح الماء بعدد من المناطق، أيضا هناك مواضيع هامة ذات أولوية وراهنية، منها الفيضانات الأخيرة، أزمة البطالة التي تفاقمت، الأمن الغذائي وأحداث كثيرة، لها راهنية خلال الدخول الجديد وهي أولوية فريقنا في العمل الرقابي.

  • وفيما يخص الشق التشريعي، كيف تستعدون للسنة التشريعية الجديدة؟

على المستوى التشريعي هناك اليوم مدونة الأسرة التي ننتظرها، والمسطرة الجنائية، والقراءة الثانية للمسطرة المدنية، قانون الإضراب، وملفات كثيرة على المستوى التشريعي، في شق مشاريع القوانين.

أما فيما يخص مقترحات القوانين ما زلنا ننتظر من الحكومة أن تتفاعل مع المقترحات التي تقدمها المعارضة والتي لها وقع على المواطن، والتي تؤكد على دور المعارضة التي تقدم بدائل حقيقية، وخير مثال على ذلك المقترح الذي قدمناه بخصوص الدعم الذي تقدمه الدولة لبعض المواد الأساسية والتي تعرف ارتفاعا غير طبيعي في سعرها، حيث اقترحنا من خلال هذا القانون أن يتم تسقيف أسعار أي مادة تدعمها الدولة من أجل نجاعة العملية، فلا يمكن اليوم القبول بدعم استيراد الأبقار، فيما أسعار اللحوم تصل إلى 150 درهم، وبالتالي ما فائدة هذا الدعم إن لم ينعكس إيجابا على الوضعية الشرائية للمواطن، وبالتالي هناك حاجة لأن يكون هناك تسقيف للأسعار يوازي أي مادة تستفيد من الدعم.

  • ماذا عن السنوات التشريعية السابقة، كيف تجدون تفاعل الحكومة مع المعارضة وحصيلتها التشريعية للسنوات الثلاث الماضية؟

منذ بداية تجربة الحكومة الحالية هناك تفاعل محتشم، وإضعاف للمؤسسة التشريعية، مع العلم بأن الدستور يتحدث عن التعاون بين السلطتين وعن اختصاصات مجلس النواب في الشق الرقابي وأيضا في الشق التشريعي، والمشرع الأصل هو البرلمان. يعني أن هناك حق للحكومة بالتشريع عبر مشاريع القوانين، لكن أيضا هناك الحق للنائب الواحد وليس حتى الفريق في تقديم مقترحات القوانين.

وبالمناسبة، لم يكن هناك تفاعل أبدا، إلا بعد معركة كبيرة لسنتين من عمر الحكومة الحالية، حيث بدأت هذه الأخيرة تتفاعل مع بعض مقترحات القوانين التي وجهناها في المعارضة. لكن بالنسبة للأسئلة الشفهية والكتابية هناك إشكال كبير، فاليوم نرى إحصائيات حول تفاعل الحكومة مع أسئلة النواب هي في الحقيقة إحصائيات تحاول فقط الرفع من النسبة العامة، أما قلب المضمون فشيء آخر، وكي أوضح أكثر أعطي مثال حول تفاعل الحكومة مع الأسئلة الكتابية، حيث في الغالب يكون فحوى الجواب الحكومي لا علاقة بمضمون الجواب، فمثلا أغلب الأسئلة التي تطرح كتابيا تكون حول مواضيع محلية من قبيل طريق بإقليم معين، ومن المفترض حينها أن يكون جواب الحكومة دقيقا، إلا أنه مع الأسف يكون عاما حول خطة الحكومة في الطرق القروية، وهذا أمر محير.

كذلك نطرح السؤال حول مستشفى معين فيكون الجواب حول البرنامج الوطني. وهذا ليس هدف السؤال الكتابي بل الهدف منه يكون محليا، إذ أن نائب منطقة معين يرفع مطلب أو سؤال حول موضوع يهم ساكنة منطقته ومن انتخبوه في دائرته، وبالتالي يجب أن يكون الجواب محددا حول السؤال وليس تعويم الأجوبة الحكومية من أجل رفع نسبة التفاعل فقط.

على مستوى اللجان البرلمانية، رأيتم تجارب عديدة، ضمنها طلب وجهناه في يناير الماضي حول موضوع أزمة كليات الطب، ولم تستجب الحكومة لطلبنا حتى قمنا باحتجاجات وانسحبنا من الجلسة العامة، لأن الجواب حينها كان أن الحكومة غير مستعدة، وتحت هذا الضغط استجابت متأخرة. وهذا غير مقبول لأن الأمر يتعلق بمشكل كبير ما زال مطروحا إلى اليوم، ولو كانت الحكومة استجابت لطلبنا في حينه ربما لكنا وجدنا الحل لأنه كان هناك متسع من الوقت، وكان بالإمكان عقد اجتماعات أسبوعية إلى حين حل الأزمة، وهذا دورنا في المؤسسة التشريعية وهو أن نساهم بدورنا في إيجاد الحلول.

مع الأسف المؤسسة التشريعية لم تعد لها قيمة عند الحكومة الحالية، فاليوم إذا كنا نأتي في المؤسسة ونحترم الحكومة ونناقش مشاريع القوانين التي تقدمها ونصادق عليها ونلتزم بالحضور. بالمقابل الحكومة تحضر للمؤسسة التشريعية متى أرادت وتتفاعل بانتقاء مع الأشياء التي تريحها وتختارها، دون أن تعير اهتماما لكثير من الأمور التي نطرحها، ومنها أمور مستعجلة، كان من الضروري التفاعل معها آنيا. ولدينا الكثير من الطلبات التي ظلت عالقة والتي كانت ذات راهنية لكن الحكومة لم تلتفت لها.

  • في هذا السياق، وجهتم طلبات اجتماع مستعجلة حول ما وقع من أحداث بمدينة الفنيدق، وما سمي بـ “الهروب الكبير” كيف كان تفاعل الحكومة؟

في هذا الموضوع، للأسف الحكومة تفاعلت مع الموضوع برواية أن هناك من يحرك الشباب من جهات خارجية، وهذا بالنسبة لنا إساءة للوطن، لأن ذلك يعني أننا مخترقين.. وإذا كنا مخترقين ويمكن لجهات خارجية أن تحرك شبابنا بهذا الشكل ونحن في “دار غفلون”، فهذا أمر خطير، خصوصا إذا ما استحضرنا أن المغرب ولله الحمد على المستوى الأمني يوفر معلومات لدول أخرى ونكون سباقين بشكل كبير لمختلف التحديات على هذا المستوى.

وحتى إذا فرضنا أننا فعلا مخترقين، لا يمكن لنا أن نترك الفرصة لأي عدو أن يستغل ضعف الحكومة في مجال معين كالتشغيل من أجل أن يعبئ شبابنا للقيام بهذه العملية، التي هي في الحقيقة تسيء لنا. لأنه اليوم حققنا إنجازات كثيرة وتراكم كبير في جميع المجالات، لكن تأتي أمور تسيء لنا، مثل ما وقع من أحداث بالفنيدق، وبالتالي في مثل هذه الأحداث يبقى التواصل ضروريا.

وبالحديث عما جرى، نحن في فريق التقدم والاشتراكية، وحتى على مستوى الحزب كنا واقعيين وقلنا إن المسؤولية مشتركة، وأن الجميع يتحمل المسؤولية، الحكومة الحالية والحكومات السابقة، ومختلف الفاعلين في السياسات العمومية خصوصا مسألة التشغيل.

 

وهنا مع استحضار البطالة، هذه الأزمة كانت دائما موجودة وعانت معها جميع الحكومات، وبلغت 11 بالمئة، لكن الشباب لم يسبق أن عبر بهذا المستوى من الغضب عبر الهجرة الجماعية العلنية في واضحة النهار، وليست حتى الهجرة السرية. وببساطة حدث هذا لأن الشباب فقد الثقة في الحكومة الحالية، لأن هذه الأخيرة من خلال معرفتها واضطلاعها بالمشاكل التي كانت موجودة جاءت ببرنامج جديد ووعدت فيه بتوفير مليون منصب شغل، وهو الأمر الطبيعي الذي أفرح الشباب حينها. وجاءت ببرنامجين وهما “فرصة” و”أوراش” وهي البرامج التي انتقدناها في حينها وقلنا إنها ليست حلا حقيقيا للأزمة، ولم تستجب الحكومة التي تشبثت برأيها قبل أن تتخلى عنهما في ظرف سنة.

واليوم ليس هناك بديل وليس هناك برنامج واضح للتشغيل لهذه الحكومة، والتي بالمناسبة لا يمكن لها أن تستمر في التحجج بالماضي، لأن أي حكومة في العالم تأتي بتصورها من أجل حل المشاكل الموجودة وليس لتحميل أطراف أخرى المسؤولية.

وبالتالي كما ذكرت، هذا الوضع أدى بالشباب إلى فقدان الثقة، وهذا هو الخطير في الأمر. كما أن مجموعة من المظاهر أصبحت تنبهنا وتدق ناقوس الخطر إزاء الأوضاع، بما فيها الانتخابات الجزئية التي لم تتجاوز المشاركة فيها 6.5 بالمئة فقط، وعزوف الشباب عن المشاركة، والهجرة التي تنامت بشكل كبير، وهي كما قلت مظاهر تدق ناقوس الخطر، وبدورنا في المعارضة نبهنا إلى ذلك وقلنا إنه يجب على جميع المتدخلين من حكومة وبرلمان والمجتمع المدني والصحافة –الجميع- مطالب أن ينكب على هذا الموضوع من أجل إعادة الثقة للمواطنات والمواطنين في العمل السياسي.

  • شهدت مجموعة من الأقاليم ضمنها طاطا والرشيدية وورزازات فيضانات خطيرة، ما هو تقييمكم لمدى استجابة الحكومة للتعامل مع فيضانات الجنوب الشرقي؟ وهل تعتقدون أن التدابير المتخذة كانت كافية؟

أولا، نحمد الله على الأمطار التي عرفتها بلادنا وهذه أمطار مهمة تأتي بعد مرحلة من الجفاف الحاد في هذه المناطق، حيث لم يعد الناس يجدون حتى الماء الشروب. ثانيا، نترحم على الأرواح التي فقدناها في هذه الفيضانات.

وبخصوص مثل هذه الكوارث الطبيعية، فكما هو معلوم من الضروري أن تخلف أضرارا مادية أو في الأرواح، وهناك دول لها إمكانيات تفوق إمكانيات المغرب بكثير وهي بدورها تسجل خسائر مادية وبشرية في لحظات الكارثة.

من جانب آخر، قامت الحكومة فعلا بتحذيرات عبر نشرات إنذارية، لكن السؤال هو ما الذي أردف هذه الإنذارات من إجراءات، لأن الحكومة لا يجب أن تتحول إلى إذاعة توصل الخبر فقط، وإنما ترفق النشرات الإنذارية بإجراءات ميدانية، خصوصا إذا ما علمنا أن عددا من هذه المناطق في الغالب خارج التغطية، وعدد من الساكنة هناك لا تتابع الأخبار والمستجدات، وكان من الواجب على الحكومة وأيضا السلطات المحلية، التي بالمناسبة قامت بمجهودات كبيرة، كان من الواجب أن يتم وضع إجراءات قبلية تجنبا للكارثة التي كانت مرتقبة كما كشفت ذلك النشرات الإنذارية.

وكان من الضروري أن يتم إجلاء السكان الموجودين في جوانب الوديان، وتعبئة السلطات لوقف حركة السير ومنعها على الطرقات بالمناطق المتضررة، خصوصا على مستوى الطرق التي تقع على الوديان، كذلك، ضرورة البحث عن ملاجئ للساكنة قبل الفيضان، وتوفير الحاجيات الضرورية، لأنه بالقيام بهذه الإجراءات تكون حدة الكارثة أقل، خصوصا وأن هناك فئة الشيوخ والأطفال من الصعب أن تواجه أو تفر من الكارثة أثناء وقوعها، لاسيما وأن الفيضانات الأخيرة جاءت بشكل غريب لم يسبق أن عرفت المنطقة مثله، ثم إن هذه المناطق هي مناطق تعرف جفافا مستمرا ولم تسبق كما قلت أن سقطت بها هذه الكميات من الأمطار، والبنايات الموجودة بها لا يمكن أن تستحمل كميات الأمطار والفيضانات بالنظر لكونها مبنية بطرق تقليدية بالطين أو غير ذلك. وبالتالي تدخل السلطات المحلية كان مهما، لكن كان من الضروري على الحكومة أن تتدخل هي الأخرى وبقوة لتخفيف حدة الكارثة.

مسألة أخرى هامة، وهي الصمت المريب للحكومة، وعدم قيام هذه الأخيرة بزيارة للمناطق المنكوبة ومؤازرة الساكنة والاطمئنان على الأوضاع، حتى يكون هناك شعور لدى هؤلاء الناس بأن حكومة بلدهم تفكر فيهم. للأسف هذا لم يحدث، لكن جاءت التعليمات الملكية، وأمر جلالة الملك بصرف 2.5 مليار درهم للمناطق المتضررة، ونتمنى أن يتم ذلك بالحكمة اللازمة وأن لا يتم صرف هذا الدعم الاستثنائي على حساب الاستثمارات العمومية التي سبق وأن تمت برمجتها، من قبيل بناء مستشفى أو مدرسة، بل يجب أن يتم تفعيل هذا الدعم على مستوى السكن والمستوى الفلاحي، لأن الساكنة منكوبة وتحتاج للدعم من أجل أن يكونوا في وضعية تحفظ فيها كرامتهم.

عموما، مثل هذه الكوارث الطبيعية اليوم تدفعا من جديد لإعادة السؤال حول العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات العمومية، فدائما الكوارث الطبيعية تكشف لنا عن حالات لمناطق لم تنل حظها من التنمية، وهو ما كان جلالة الملك قد أشار إليه في خطاب سابق ولفت إلى أن هناك فعلا تطور على المستوى الوطني، لكن بعض المناطق لم تصلها جهود التنمية. وبالتالي على الحكومة أن تعيد النظر في طريقة صرف الاستثمارات العمومية والبنية التحتية وتوفير ظروف العيش الكريم للمواطنات والمواطنين بهذه المناطق مثل باقي المغاربة.

  • مر عام على زلزال الحوز، ما يزال العديد من السكان يشتكون من تؤخر التعويض ويعيشون في أوضاع مزرية، كيف ترون استجابة الحكومة لهذه الكارثة بعد عام من حدوثها؟

بعد عام من الزلزال، هناك قطاعات حكومية خرجت بإحصائيات حول عملها، مثلا ترميم المستشفيات، ترميم المدارس، أو على مستوى إعادة الإسكان، في حين ليست هناك إحصائيات أو معطيات كافية. لكن الملاحظ اليوم هو أن هناك تأخر كبير على هذا المستوى. ورأينا صورا كثيرة لمدارس تم إعادة ترميمها أو وضع أخرى مؤقتة للخدمة لكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب كما أوضحت مجموعة من الصور ذلك.

أيضا على مستوى إعادة الإيواء، لا يمكن اليوم القول بأن 1000 مسكن جرى إعادة تأهيله 100 بالمئة وسلم للسكن في عام واحد كاف، لأنه حسب الإحصائيات هناك 57 ألف بناية انهارت كليا أو جزئيا، وبالتالي إذا سرنا بوتيرة 1000 منزل في عام وأخذنا بعين الاعتبار استمرار الأشغال في أخرى أو قرب انتهائها، سنحتاج إلى حوالي 40 سنة لننهي هذا الملف وهذه الأزمة، والجميع يعرف طبيعة تلك المناطق والمعاناة التي تعيشها الساكنة هناك، صيفا وشتاء، خصوصا وأننا مقبلون على موسم الأمطار وتساقط الثلوج هناك، وبالتالي من الصعب أن يستمر هؤلاء السكان في الصبر فقط.

بطبيعة الحال هناك صعوبات مطروحة من قبيل الولوج إلى بعض المناطق، وأيضا توفير المواد الأولية، وغير ذلك، إلا أن هذا لا يجب أن يكون عائقا. والحكومة صرحت بأن أكثر من 50 بالمئة من المتضررين توصلوا بالدعم الأولي، والذي غلافه لا يتجاوز 20 ألف درهم، وهنا نسأل هل 20 ألف درهم ستمكن رب الأسرة أو المستفيد بهذه المناطق من إعادة بناء بيته، فهذا المبلغ لا يكفي إلا من أجل شراء بعض المواد ووضع أساسات البيت، ثم يتوقف، ويستمر من جديد في انتظار الشطر الثاني من الدعم، هذا من جهة. من جهة أخرى، هناك حديث عن قلة مواد البناء المفقودة بالمنطقة، وهنا مسؤولية الحكومة في أن توفر الحاجيات اللازمة للمنطقة على هذا المستوى وأن تعطى الأولوية لهذه المسألة من أجل أن يتم طي هذا الملف وإعادة إيواء جميع السكان المتضررين.

  • كيف ترى المعارضة دورها في مراقبة أداء الحكومة خلال الأزمات الطبيعية مثل هذه؟ وهل لديكم خطط لتقديم مقترحات قوانين لتعزيز التدابير الوقائية؟

الحكومة غائبة كما قلت لك، لا على المستوى التواصلي ولا على المستوى الإجرائي، حتى إذا قامت في مرة معينة بإجراء جيد لا تتواصل بشأنه ولا يعلم المواطنات والمواطنين عنه أي شيء، وبحديثنا عن الكوارث الطبيعية، وما وقع السنة الفارطة من زلزال مدمر بالحوز، لم تخرج الحكومة للتواصل مع المواطنات والمواطنين لمعرفة ما وقع وأين وصلت الإجراءات وتعطي إحصائيات دقيقة، وهذا ضعف تواصل دائم في الكوارث الطبيعية.

التواصل المحلي وفي الميدان أيضا لا يوجد، فالحكومة لا تنزل إلى الشارع وإلى المناطق المتضررة بالكوارث، إذا استثنيا للأمانة وزير الفلاحة الذي زار إقليم طاطا وأعطى غلافا ماليا لبعض المتضررين، ولكن كان على جميع الوزراء أن ينزلوا إلى المناطق المتضررة ويجتمعوا بالمنتخبين والسلطات المحلية من أجل إعطاء الثقة للمواطن بأن الحكومة تلتفت إلى مشاكله.

وإذا لاحظتم في الجفاف لم تحرك الحكومة ساكنا حتى تدخل جلالة الملك، ونفس الأمر في الزلزال والفيضانات الأخيرة، فدائما ما يكون هناك صمت مطبق، ولا تواصل، إلى أن يتدخل جلالة الملك، الذي نفتخر به وبتدخله، لكن ما نقوله أن جلالة الملك له انشغالات كبرى ومن الواجب على الحكومة أن تتدخل وتتواصل وأن تتحمل مسؤوليتها، لكن ما يحدث  دليل أن الحكومة غائبة.

بالنسبة لنا في المعارضة ليست لنا ميزانية ومهامنا وفق الدستور هو مراقبة عمل الحكومة في جميع الأمور والجوانب وانتقاد الحكومة وتنبيهها وإعطاء بدائل، ودورنا نقوم به على هذا المستوى، ننبه الحكومة ونعطي اقتراحات وبدائل لكن الحكومة لا تستجيب للمعارضة لأنها ترتكن إلى أغلبيتها العددية وتعتبر المعارضة زائدة لا غير.

وهنا أذكر أننا وجهنا طلبات لاجتماع اللجان البرلمانية في مواضيع ذات راهنية، كما ذكرنا سابقا ما يخص أحداث سبتة، والفيضانات والتطور في ملف إعادة إسكان متضرري زلزال الحوز، لكن هناك غياب تام للحكومة داخل المؤسسة التشريعية.

  • تنتظركم في الولاية الحالية ملفات هامة من قبيل قانون الإضراب، والتقاعد ومشروع قانون دمج CNOPS مع CNSS، كيف تستعدون في فريق التقدم والاشتراكية لذلك؟

أول ملاحظة هي أن الحكومة لا تتوفر على تصور لهذه الإصلاحات التي تعتزم القيام بها، والدليل أن مسألة دمج  CNOPSمع CNSS وبدون الاستشارة مع الفاعلين جرى تقديمه في مجلس الحكومة، في حين أن الأمر يتعلق بموضوع كبير ويحتاج إلى نقاش كبير مع جميع المتدخلين والفاعلين، وأن يكون هناك نقاش عمومي ينخرط فيه الموظفون والمستفيدون من أجل إقناعهم، لأن هناك ضرورة لإقناع هؤلاء الفاعلين من أجل إنجاح هذا الإصلاح، لكن الحكومة كعادتها تسرعت.

ودليل التسرع أنها قامت بتأجيله إلى أجل لاحق في المجلس الحكومي لأن الإعلان عنه وجد مقاومة، وجر عليها انتقادات لاذعة، ونفس الشيء بالنسبة لقانون الإضراب وقانون مدونة الشغل وقانون النقابات، وهي مواضيع تدخل ضمن خانة الحوار الاجتماعي، وعلى الحكومة أن تتوفر على تصور واضح وليس بطريقة عشوائية، والمفروض أنها كانت تسير بتدرج وأن تقدم قانون مدونة الشغل لأن الإضراب يأتي حين تكون عندنا مدونة في المستوى وتحافظ على الحقوق ثم قانون الإضراب، يأتي أيضا بعد قانون النقابات، الذي يجب أن يناقش أولا. وهذا يعني أن الأمر يتعلق باختلاف في الأولويات التي لا تعيرها الحكومة أي اهتمام.

ومسألة قانون الإضراب كيف جاءت؟ هو قانون موضوع في رفوف البرلمان منذ 2016، وكان هناك إشكال أن هذا القانون يدخل ضمن النقاش في الحوار الاجتماعي، وهذا الأخير بدأت فيه الحكومة مع النقابات حسب تصريح الحكومة التي تقول إنها وصلت إلى مستوى اتفاق مع النقابات يفوق 80 في المئة. لكن ودون أن يكتمل الحوار قدمته الحكومة في البرلمان والتمس منا الوزير في نهاية السنة التشريعية الماضية أن يعرض التقديم فقط، وقلنا إنه لا مشكل في الأمر، انطلاقا من دورنا كمعارضة وطنية نريد أن نسهل للحكومة عملها وشاركنا في التقديم والمناقشة.

 وبخصوص هذا الموضوع، قمنا في فريق حزب التقدم والاشتراكية بتوجيه طلب لمعرفة رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ورأي بعض المؤسسات الدستورية الأخرى، لنعرف من الناحية الحقوقية والقانونية إلى أين تسير الحكومة. ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي نتبناه جملة وتفصيلا لأنه نفس موقفنا في حزب التقدم والاشتراكية بأن هذا القانون يجب أن يراعي حقوق العمال وحق الإضراب وحق الشغل وحق استمرار المرفق في العمل سواء المقاولة أو الشركة، ثم مسألة العقوبات السالبة للحرية التي يجب أن يتم حذفها بشكل نهائي من هذا القانون، ثم مسألة الفئات، لأن الحكومة تتحدث عن ضرورة العمل في الشركة أو المقاولة من أجل تنفيذ الإضراب، في حين أنه حق مفتوح، أي للمواطنين كذلك الحق في الإضراب، وأن يكون مكفولا لجميع الفئات. وهذه أمثلة فقط. والقانون الذي جاءت به الحكومة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المسائل، لكن للأسف الحكومة لا تأخذ بعين الاعتبار لا رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لا رأي المندوبية السامية للتخطيط ولا المجلس الأعلى للحسابات، يعني أنها تقوم بما يحلو لها، في حين من الضروري أن تنتبه إلى مقترحات المعارضة ووجهات نظر النقابات والمؤسسات الدستورية التي فيها خبراء، من أجل أن نكون إزاء قانون يهم المغاربة لسنوات ويكون فعلا سهل التنفيذ وينجح في التفعيل ولا يحرم الناس من حقهم الدستوري.

  • ما هو موقفكم في فريق التقدم والاشتراكية خصوصا والمعارضة عموما من الإصلاحات التي تقترحها الحكومة بشأن أنظمة التقاعد؟ وهل ترون أن هذه الإصلاحات ضرورية في الوقت الراهن؟

لا يوجد تصور واضح للحكومة إزاء إصلاح التقاعد، كل ما كان هناك هو مجموعة من التسريبات والوزيرة الوصية نفت ذلك، وإلى حدود الساعة نحن في البرلمان لم نتوصل بتصور حكومي واضح لإصلاح التقاعد.

من ناحية إصلاح الصناديق، الذي لفتت تقارير لمؤسسات دستورية من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ضرورة إصلاحها بشكل مستعجل، نرى أن الإصلاح يجب أن يعرف نقاشا مع جميع المتدخلين، وموقفنا نحن واضح هو أن لا يكون الإصلاح على حساب الطبقة الشغيلة.

  • كيف تقيمون مستوى الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات حول موضوع الإضراب وإصلاح أنظمة التقاعد؟ وما هي الضمانات التي ترون أنها ضرورية لحماية حقوق العمال في سياق الإصلاحات المقترحة لقوانين الإضراب في حالة إقرارها؟

تتغنى الحكومة منذ مجيئها بمأسسة الحوار الاجتماعي، لكن هذا ليس حقيقيا، لأن الأمر كان في عهد حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي التي فعلا قامت بمأسسة الحوار الاجتماعي، لكن سؤالنا للحكومة ليس هو الحوار الاجتماعي بل ما بعده، هل هناك تنفيذ لالتزامات الحكومة. الجواب أنه لا يوجد التزام، وهناك أمثلة عن كثير من الاتفاقات التي التزمت بها الحكومة ولم تنفذها، إلى أن عادت الاحتجاجات من جديد وعادت الطبقة الشغيلة للضغط من أجل تنزيل الاتفاقات.

الحوار المطلوب فيه من أجل أن يكون ناجحا هو أن يكون ممأسسا بتواريخ واضحة طبعا، لكن أيضا أن يكون هناك فعلا تنفيذ الالتزامات التي وصل إليها الحوار، أما أن يكون الحوار بدون تنفيذ، فهذا ليس حوارا.

  • ما هو تقييمكم للجدول الزمني – الولاية الحالية – الذي تطرحه الحكومة لتنفيذ إصلاحات التقاعد والإضراب؟ وهل ترون أنه يعكس حاجة ملحة أو مجرد استجابة لضغوط اقتصادية ومالية؟

نحن لسنا ضد تسريع مناقشة إصلاحات التقاعد أو الإضراب، نحن ضد التسرع، بل نقول إنه يجب أن تكون هناك مشاورات ونقاشات قبل الإقدام على إخراج أي قانون أو إصلاح، فالتسرع يؤدي إلى مشاكل كثيرة، بدليل ما وقع مثلا السنة الماضية في قطاع التعليم بعدما جاءت الحكومة بما يسمى النظام الأساسي الجديد، والذي خرج بدون تشاور وأدى إلى أزيد من  4 أشهر من الإضراب والاحتقان في القطاع، لترضخ في نهاية المطاف إلى مطالب أكبر من تلك التي كانت مطلوبة في بداية الأمر.

وبالتالي نقول إن أي إصلاح لا يجب أن يكون فيه تسرع، ونفس الأمر بالنسبة لقانون الإضراب. فاليوم بإمكان الحكومة أن تمرره لأن لديها أغلبية عددية، لكن فيما بعد هل سيجد تفاعلا واستجابة وينخرط فيه المواطنات والمواطنين أم سيؤدي إلى مقاومة وتأزيم الوضع، وهنا أيضا نستحضر ما وقع في كليات الطب، حيث فرضت الحكومة إجراءات بدون مشاورة والنتيجة 10 أشهر متواصلة من الإضراب والاحتقان.

فالحكومة ليس لها تواصل ولا أسلوب إقناع، فلا يمكن للحكومة أن تستند فقط على أغلبيتها العددية في تمرير ما تريد، بل يجب أن تأخذ بعين الاعتبار جميع الفاعلين، لأنه بهذه الطريقة الحكومة لا تقوم بشيء سوى تأزيم الأوضاع، وطريقة تعاملها تهدد السلم الاجتماعي، وهذا سبق وأن قلناه. فالحكومة الحالية بسياستها تتسبب في أزمات من لا شيء، واندلاع احتجاجات مجانية لأن الحكومة تسرعت ولم تتشاور ولم تقنع الرأي العام بإصلاحاتها.

  • ما بوادر التنسيق بين فرق ومجموعة المعارضة فيما يتعلق بالملفات الكبرى مثل الإضراب والتقاعد وغيرها؟

نواصل بنفس النهج العمل والتنسيق في قضايا معينة، نحن لسنا مثل الحكومة، ليست لنا ميزانية وليس لنا برنامج موحد، بل نلتقي فيما يجمعنا من مواقف، مثلا مسألة غلاء الأسعار، وما يقع في تفاعل الحكومة مع أمور الكوارث التي شهدتها البلاد. وطبعا سنختلف في بعض الأمور، لأن كل حزب ومرجعيته الفكرية، مثلا مدونة الأسرة ستكون المواقف مختلفة بين الفرق والمجموعة في المعارضة.

وعموما حتى إذا توحدت مواقفنا في المعارضة يبقى عملنا بنفس النهج وعملنا يتمثل في الرقابة على الحكومة، والتنبيه إلى الاختلالات والمسائلة فقط على هذا المستوى.

في التقدم والاشتراكية، طبعا، نسعى دائما إلى تجميع وجهات نظر جميع الفرق، من أجل أن نواجه عددا من القضايا ذات الراهنية، خصوصا أمام الكتلة العددية للأغلبية التي جعلت المؤسسة التشريعية تفقد توازنها، فمثلا إذا أردنا طلب لجنة تقصي الحقائق في موضوع معين والتي هي مسألة دستورية وفي النظام الداخلي ليس لدينا العدد الكافي، وبالتالي هذه المسألة العددية تبين أن المعارضة ضعيفة، لكنها في الحقيقة ضعيفة عدديا فقط بعدم قدرتها على تفعيل بعض الآليات لإحراج الحكومة.

  • في ملف كليات الطب، قمتم في البرلمان بمبادرة للوساطة بين الطلبة ووزارة التعليم العالي.. لماذا في نظركم لم تنجح ولماذا يستمر الاحتقان إلى اليوم وينذر بسنة بيضاء بعد أزيد من 10 أشهر من الإضراب والمقاطعة؟

مبادرة الوساطة ليس لنا فيها أي قرار بالنجاح أو الفشل، تفاصيلها تعود إلى مجيء وزير التعليم العالي إلى اللجنة بمجلس النواب بعد الضغط الذي قمنا به في البرلمان، وأعطانا الإطار العام للحوار الذي كان قد قام به مع الطلبة، ومستويات الاتفاق والاستجابة لمطالب الطلبة، والتي قال إنها بلغت 80 بالمئة من مجمل الملف المطلبي، وما تبقى هو نقاط عالقة.

وبالفعل كانت هناك وساطة حول النقاط العالقة، وهي بالمناسبة أساسية بالنسبة للطلبة، وأيضا أساسية بالنسبة للوزارة، وأهمها نقطة 7 سنوات التي يطالب الطلبة بالاحتفاظ بها، و6 سنوات، التي تتشبث الوزارة بإقرارها. وهي كما قلت نقطة الخلاف الكبيرة، فالحكومة تعتبر الأمر أمر سيادي يجب أن تنفذه، فيما الطلبة يقولون إنهم دخلوا كلية الطب في السنة الأولى على أساس الدراسة 7 سنوات، وأن الإجراءات الجديدة جاءت في 2023، وبالتالي يتشبثون بعدم رجعية القوانين، ويقترحون أن يتموا دراستهم في سبع سنوات، على أن تشرع الوزارة الوصية في تدريس 6 سنوات للأفواج الجديدة، حيث سيكون لهذه الأخيرة حرية الاختيار بين القبول والرفض قبل الدخول في كلية الطب وبالتالي نزع فتيل الأزمة. وهي في الحقيقة رؤية فيها شيء من الموضوعية. لكن رغم ذلك قدمنا اقتراحات، وقلنا إن اليوم هناك إصلاح المنظومة الصحية وهناك حاجة لأطر صحية كثيرة، وتغطية الخصاص، واقترحنا أن تكون السنة السابعة اختيارية، وحتى إن لم تكن اختيارية، يمكن للحكومة أن تلزم الطلبة في السنة السابعة أن يشتغلوا في العالم القروي في إطار الخدمة المدنية، كما كان أقرها وزير الصحة السابق الحسين الوردي، على أساس أن تحسب ضمن سنوات الدبلوم أي 7 سنوات. وبالتالي نكون قد غطينا الخصاص الموجود وقمنا بحل أزمة السنة السابعة فوجا بعد فوج إلى أن نصل إلى الأفواج الجديدة التي ستدخل من البداية ضمن 6 سنوات.

لكن للأسف الحكومة لم تستجب لمقترحاتنا، وأمام تشبث كلا الطرفين بمواقفه وصلنا إلى الباب المسدود، فالوصول إلى الحل عبر المبادرة أو الحوار يكون بتنازل الأطراف وتقريب الرؤى، وما دام هذا الأمر غير موجود فالوصول إلى الحل صعب، وهو ما دفع نحو مبادرة جديدة قادها وسيط المملكة لكنها وصلت إلى نفس النتيجة وهي الباب المسدود أمام تشبث الجانبين، فالأمر متأرجح بين اقتراحين لا غير إما 7 سنوات أو 6 وهذا أمر صعب كما ذكرت.

هنا نعود للحديث عن الحكومة بأنها حكومة غير سياسية، لأنها لو كانت حكومة سياسية وتجيد التواصل لكان عليها تقديم أربعة حلول ومقترحات للطلبة، وسيؤدي إلى نفس الغاية التي تريدها الحكومة، عكس محاولة فرض أمر واحد وحل واحد والتفاوض بشأنه، فهذا يدل على ضعف كبير للحكومة.

  • كيف تابعتم فض الاعتصامات بالقوة واعتقال عدد من طلبة الطب مؤخرا ومتابعتهم قضائيا؟

الحكومة لجأت إلى أسلوب الترهيب أو التهديد بالاعتقال وفض الاعتصام بالقوة، وتراهن على أن الطلبة سيخافون ويعودون إلى أقسامهم، وهذا ليس حلا، لأنه في نهاية المطاف طلبة الطب هم أبنائنا وحتى لو كانوا على خطأ، لا يجب أن نتعامل معهم بهذه الطريقة، وليس بهذه الطريقة سيثقون في حكومتهم.

وحتى لا نخلق تخوفا لدى أسرهم. فالأجدر أن يكون هناك حل سلمي واقعي يعيد الثقة، وليس أسلوب التهديد الذي في نهاية المطاف سيزيد من تنفيرهم وعدم ثقتهم في الحكومة، وهذا ما لا نريده، لأننا نريد من الشباب أن يثقوا في المؤسسات وفي بلدهم وحكومتهم وأن لا نزيد في الاحتقان.

  • الحزب الذي يقود الحكومة يوجه بين الفينة والأخرى انتقادات للبرلمان وللمعارضة بالخصوص، كيف تردون على ذلك، وبنظركم كيف يمكن التعامل مع حكومة لا تلتفت إلى مبادرات المعارضة؟

أولا، هذه الاتهامات التي توجه ما أصله. أصلها هو أنه ليست لدينا حكومة سياسية، فالحزب الذي يقود الأغلبية يبين أن الحكومة فعلا غير سياسية ولا تؤمن بحقوق المعارضة التي أقرها الدستور والنظام الداخلي، وأي شخص ينتقد الحكومة يتوجه له بالاتهامات وأنكم كنتم في الحكومات السابقة، كأن هذا الحزب لم يسبق أن شارك في أي من هذه الحكومات. وهذا أصبح مثيرا للقلق.

ثانيا، الخطاب الذي تروجه الحكومة وهو خطاب الطمأنينة والارتياح، تعتقد من خلاله الأغلبية أنها تضر المعارضة، في حين أن هذا النوع من الخطاب لا ينفع الحكومة ولا يضر المعارضة، بل بالعكس يؤجج الشارع ويستفز الرأي العام، ويزيد من تعميق الهوة بين المواطنات والمواطنين والفعل السياسي. ثم إن ضعف الحكومة يجعلها تتعامل مع المعارضة على أنها تهاجمها والحقيقة أننا قدمنا مقترحات وبدائل في جميع الأمور، سواء من خلال مقترحات قوانين أو داخل اللجان، ونحن ننتقد بطبيعة الأمور التي فشلت ونقترح بدائل عنها، لكنها –أي الحكومة- مواصلة في نفس النهج، والنتيجة أننا اليوم أمام احتجاجات قوية في قطاعات مختلفة، التعليم، القضاء، المحامين، الطلبة، وغيرها من القطاعات التي فيها عدم ارتياح، بالرغم من أن هذه الحكومة ورغم كل شيء قدمت مجهودا ماليا غير مسبوق مثلا في التعليم، لكن ضعف تواصلها يجعل عملها بدون نتيجة.

  • رصد تقرير (أعدته جمعية سمسم مشاركة مواطنة في تقرير لها بدعم من مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق الأوسطية MEPI) ضعف المبادرات التشريعية خلال السنة الثالثة من الولاية التشريعية واستمرار عزوف النواب عن حضور الجلسات، ما رأيكم في ذلك؟

ضعف المبادرات التشريعية على مستوى البرلمان مرده بالأساس إلى غياب تفاعل الحكومة، فمثلا نحن في المعارضة فقط وجهنا في بداية الحكومة أزيد من 250 مقترح قانون، لم تلتفت لها الحكومة.

يعني أين هو تفاعل الحكومة، فمن غير المنطقي أن نستمر في وضع مقترحات قوانين والحكومة لا تتفاعل أبدا. وهذا الأمر يخلق إحباطا لدى الفرق، والنواب الذين يقولون ما الجدوى من إعداد مقترح قانون الحكومة لا تكلف نفسها عناء حتى مناقشته. فنحن لا نطلب منها أن تقبله بل فقط أن تبرمجه للمناقشة كما نفعل نحن مع مشاريع القوانين، لأنه ربما تقنعنا مثلا ونقوم بسحبه، وربما هناك تعديلات أو توافقات، لأن في نهاية المطاف الأمر في صالح المواطن، لكن للأسف الحكومة غير مكترثة لهذا الأمر.

بخصوص استمرار عزوف النواب عن حضور الجلسات، هذا الأمر ليس أمرا جديدا في الولاية الحالية بل ظاهرة دائما كانت موجودة، لكنها ربما أصبحت تظهر أكثر في الولاية الحالية، لأن المشكل المطروح هو مشكل نخب ناتج عن العملية الانتخابية منذ البداية. فحين أصبحنا نرى المال يطغى على العمل السياسي طبيعي أن المناضل الفعلي الذي سيأتي إلى البرلمان ويترافع ويناقش في البرلمان لن ينجح في الانتخابات أو لن يتقدم لها في الأصل. والواقع أن هناك اليوم البعض -حتى لا أعمم- يأتي عبر المال ويأتي لحماية مصالحه الخاصة، لا يهمه لا الجلسة العامة ولا اللجان. والدليل أنه حين يكون وزير الفلاحة مثلا داخل اللجنة تكون هذه الأخيرة مكتظة لأن الأغلبية لهم مصالح شخصية يريدون الدفاع عنها، وهذا خطير ويسيء إلى العمل السياسي ويضرب في العمق العمل الرقابي وعمل البرلمان بصفة عامة.

ولتطوير هذا الأمر، يجب إعادة النظر منذ البداية في جميع القوانين الانتخابية، وإعادة النظر من الأحزاب في التزكيات التي تقدمها، وحتى في لائحة النساء الجهوية التي اعتمدت في الانتخابات الأخيرة، التي بنظري لم تعط أكلها، عكس اللائحة الوطنية التي كانت تقدم كفاءات من النساء والشباب، وضمنهم أطر، ومناضلين من الشبيبات الحزبية، وكانوا دائمي الحضور تقريبا بالمقارنة مع الولاية الحالية، وتجربة الجهوية الأخيرة -كي لا أعمم مجددا- لا تضم كفاءات بحجم اللائحة الوطنية التي كان لها أثر إيجابي داخل المجلس.

  • ماذا عن استمرار تخلف الحكومة عن جلسات المسائلة العمومية واستمرار تغيب الوزراء وعدم إجابتهم عن أسئلة كثيرة، كيف تتابعون في المعارضة هذا الأمر وكيف تنظرون لاستمرار الحكومة في هذا النهج؟

منذ البداية ونحن في نقط نظام، وتوجيه اللوم للحكومة على هذه المسألة، لكن بالرغم من ذلك، نسجل استمرار تغيب رئيس الحكومة عن جلسات المسائلة الشهرية، وهذا خرق للدستور، ولا يمكن القبول بأن رئيس الحكومة يخرق الدستور، بل عليه أن ينضبط وأن يحضر مرة في مجلس النواب ومرة في مجلس المستشارين وهذا الأمر فيه قرار للمحكمة الدستورية.

المسألة الثانية، الحكومة تشتغل بالأقطاب في الجلسات الأسبوعية، يعني القطب المالي يتضمن 7 قطاعات، فيما الواقع تحضر ثلاث قطاعات، وفي النظام الداخلي على كل قطاع أن يأتي مرة واحدة في الشهر على الأقل، لكن هناك من لم يأت بشكل مطلق، وهناك من جاء مرة واحدة في الدورة برمتها. وهذا خلل كبير تتحمله الحكومة، لأن اليوم وزير العلاقات مع البرلمان هو من يقوم بهذا الدور وعليه أن يلزم الوزراء بالحضور في الأقطاب التي تعنيهم حتى يتم الالتزام بالحضور مرة كل شهر على الأقل.

هناك أمور يسمح خلالها النظام الداخلي للوزراء بالتغيب، وهي محددة إما النشاط الملكي، أو حضور مهمة خارج أرض الوطن، أو المرض، وهذا الأمر فيه تضامن الحكومة التي يجب أن تكون حاضرة في جميع الأقطاب كل أسبوع كي تكون أسئلة السادة النواب مطروحة بشكل راهن ولا يقع تأخر على هذا المستوى.

  • وجهتم مؤخرا أسئلة وملتمسات لإجلاء المغاربة العالقين في لبنان، كيف كان تفاعل الحكومة على هذا المستوى؟

فعلا توصلنا في الفريق، وتوصلت بدوري، بطلبات من مغاربة بلبنان ونداء استغاثة من أجل الإجلاء بالنظر للأوضاع هناك، حيث يعيشون وضعا إنسانيا متأزما جدا في ظل التهديدات الأمنية هناك.

وانطلاقا من دورنا بلغنا هذه النداءات في علاقتنا مع الحكومة إلى وزارة الخارجية. التي بطبيعة الحال تعرف ما يجري، لكننا قدمنا ملتمسا للوزير المعني من أجل إجلاء المغاربة والحفاظ على أمنهم وسلامتهم.

إلى حدود الساعة ليس هناك تفاعل، وهذا الأمر ما زال كما تعلمون له تعقيدات كثيرة، ولا يمكننا أن نعرف ما يقع، في انتظار جواب الوزير الذي سيقول ما الذي يمكن فعله في هذا الإطار والإجراءات الممكنة.

  • تتابعون ما يجري من مستجدات على مستوى قضية الوحدة الترابية للمملكة، بنظركم ما هي الأدوار التي يلعبها البرلمان في الدبلوماسية الموازية على مستوى تعزيز التعريف بعدالة القضية الوطنية وما تعليقكم على بعض الشطحات الأخيرة التي تقوم بها الجهات المعادية للمغرب؟  

في مسألة الوحدة الوطنية، لا بد في البداية أن نسجل بإيجاب التطور والمجهود الذي يقوم به صاحب الجلالة، والذي يبرز في الاعترافات المتتالية لدول غيرت مواقفها بشكل بارز وظاهر، وهو أمر أربك الخصوم. فاليوم حققنا نجاحا باهرا يقابله الخصوم بالإشاعات. لكن الواقع بارز للعيان ومواقف الدول التي اعترفت أو تعترف بمغربية الصحراء خير دليل، كما هو الحال بالنسبة لموقف فرنسا والزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي ماكرون للمغرب نهاية الشهر الجاري والتي من المتوقع أن يكون فيها الإعلان عن موقف جد متقدم.

وهذه أمور كما قلت تربك الخصوم وتجعل خططهم التي وضعوها فاشلة وكل الإشاعات التي روجوها بدون معنى. ولا بد أن نجدد تثمين الجهود الملكية السامية في هذا الصدد.

بخصوص الدبلوماسية الموازية، البرلمان يقوم بدوره، وهي مناسبة لنوجه الشكر لرئيس مجلس النواب على إشراك جميع الحساسيات داخل البرلمان وجميع الفرق في جميع المهام الدبلوماسية أغلبية ومعارضة، وتفعيل بعض لجان الصداقة التي كانت مجمدة في الولايات السابقة، يعني أنه يعطي أهمية كبيرة لهذا الدور. وأشرف بدوره على ذلك من خلال سفره وتدخله في محافل دولية وزيارات متبادلة، وكانت لي مشاركات في هذه المحافل، وتوقفت على الدور المهم للبرلمان على هذا المستوى.

كما أن الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى 60 للبرلمان كانت واضحة، والتي عبر فيها جلالته عن اعتزازه بالدور الذي يقوم به البرلمان على مستوى الدبلوماسية الموازية وللدفاع عن مصالح الوطن، وأيضا الدفاع عن إفريقيا في إطار توجه المغرب في الانفتاح على قارته.

مسألة أساسية أشير لها وهي أن الدبلوماسية الموازية ليست سهلة، ويجب تفعيل التكوينات بتنسيق مع وزارة الخارجية لفائدة البرلمانيين، لأن البرلماني ليس من الضروري أن يكون ملما بجميع المواضيع وبمواقف كل الدول، وبالتالي من المطلوب التكوين على هذا المستوى، وأن يكون هناك تحيين دائم ومستمر للمعطيات المتعلقة بالعلاقات الدولية وذلك من أجل أن يكون النواب في مهامهم أو داخل لجان الصداقة ملمين بالمستجدات وبجميع التفاصيل على هذا المستوى من أجل أداء أنجع ودفاع مستميت عن قضية الوحدة الترابية حتى نكون في المستوى المطلوب للدفاع عن مصالحنا.

  • في النهاية، على بعد سنتين من انتهاء عمر الحكومة الحالية، كيف تقيمون حصيلة هذه الأخيرة وأداءها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر منها المغرب؟

الحكومة جاءت ببرنامج حكومي طموح وتحدثت وتغنت بالدولة الاجتماعية وعدد من المفاهيم لكنها بعد مرور ثلاث سنوات، ما زالت لم تحقق أي شيء من الدولة الاجتماعية، لا على مستوى التغطية الصحية، التقاعد، التعويضات العائلية وغير ذلك.

والسؤال اليوم هل نجحت الحكومة في التغطية الصحية بمفهومها المتمثل في تقديم الخدمات الصحية للمواطن، الجواب لا لأنها في الواقع نجحت فقط إداريا، وسجلت 22 مليون، ضمنهم AMO تضامن، وفئات أخرى تدفع ثمن الاشتراك، والواقع أن هناك مشكل كبير يتمثل في أن هناك فئات كثيرة مسجلة يجب عليها أن تدفع، لكنها لا تقوم بذلك، وبالتالي لا تستفيد فعليا من التغطية الصحية.

هناك مشكل كبير أيضا مطروح وهو مشكل ديمومة هذه الصناديق، وهو ما نبهنا له في البداية، لأن المنخرطين اليوم لا يساهمون حتى بـ 10 بالمئة التي يجب أن يساهموا بها، بما فيهم الأطباء والمحامين والأشخاص المؤطرين في هيئات. هذا الأمر يجعلنا نخشى فشل هذا الورش.

كذلك، الحكومة وعدت في برنامجها بمليون منصب شغل، وبعد ثلاث سنوات أين هي هذه الوعود، وحتى الأداء الحكومي لحدود الساعة بالرغم من المجهود المالي قدمته، غير ظاهر وغير ملموس للمواطنات والمواطنين. وهنا لا نزايد، بل الواقع يؤكد أنه بعد فترة ثلاثة سنوات لا نرى أثرا للمجهود المبذول ولا نرى أن المواطن يستشعر فعلا الإصلاحات التي تتبجح بها الحكومة.

واليوم هناك مشاكل جمة مطروحة من قبيل البطالة التشغيل الصحة، وغلاء الأسعار، وكما قلت المواطن لم يلمس الدعم الذي قدمته الحكومة ولا أي مجهود بهذا الخصوص، وهناك شعور عام بعدم الارتياح.

وبالمناسبة، حتى التقارير المؤسساتية سواء المجلس الأعلى للحسابات أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو المندوبية السامية للتخطيط، كلها تقارير تؤكد أننا اليوم لم نصل إلى ما وعدت به الحكومة حتى بنسبة 20 بالمئة، والتالي هي بنظري أضعف حكومة مرت في تاريخ المغرب لأنها رفعت شعارات كبيرة ولم تستطع تنفيذها.

أما الحديث عن النموذج التنموي الجديد الذي توافقت عليه جميع الأحزاب فالواقع يؤكد أن الحكومة بعيدة كل البعد عنه ولم تعد تذكره ولا تتحدث عنه، لأن سقف الإصلاحات لا يفوق برنامجها فقط وإنما حتى طموحها، لأن المداخل التي جاء بها النموذج التنموي والتوصيات التي جاء بها سواء في محاربة الريع والفساد نجد أن الحكومة بعيدة عنها، وآخر همها هو النموذج التنموي بالرغم من أنها قدمته في البداية كمرجع في برنامجها الحكومي إلى جانب الخطب الملكية السامية.

وكما ذكرت، في جميع الإجراءات التي قامت بها الحكومة، لا أحد لمس أن هناك تقاطعا مع النموذج التنموي الجديد، بل هناك فوارق كبيرة بين ما جاء في مضامينه وبين إجراءات الحكومة وما تقوم به في مختلف المجالات والقطاعات.

حاوره: محمد توفيق أمزيان- تصوير: رضوان موسى

Top