كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات تحتضن مؤتمر شمال إفريقيا الدولي الأول حول البيئة والمتغيرات المناخية

ناقش عدد من الأساتذة والباحثين الجامعيين، الأربعاء الماضي، بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، جامعة الحسن الأول، التحديات الناشئة على مستوى التغيرات المناخية والبيئة.
وناقش ثلة من الخبراء والباحثين الأكاديميين من مختلف الجامعات الوطنية والدولية، خلال “مؤتمر شمال إفريقيا الدولي الأول حول البيئة والمتغيرات المناخية”، مدى كفاءة الترسانة القانونية في معالجة قضايا البيئة والتغيرات المناخية، في ظل التحديات الراهنة.

ندرة المياه وتفاقم عدم المساواة الإقليمية والاجتماعية

وفي هذا الصدد، قالت عائشة فضيل، أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول، إن ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الإقليمية والاجتماعية من حيث مستويات المعيشة، كما تتسبب في تفاقم الفقر والهشاشة، مشيرة إلى أن أفقر السكان في هذه البلدان هم الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، وبالتالي من بيئتهم غير المواتية، ولا سيما من خلال نقص الماء، واستهلاك المياه غير الصالحة للشرب، وتأثير ذلك على الزراعة المعاشية أو زراعة الكفاف.
واستطردت فضيل، في مداخلة لها خلال المؤتمر، الذي نظم بتعاون مع مختبر البحث قانون الأعمال، ومختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن، وجمعية محاضري القانون البيئي بجامعات بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “بالفعل، يشهد المغرب واحدة من أشد حالات الجفاف في تاريخه، والتي تتميز بانخفاض حاد في هطول الأمطار وانخفاض ملحوظ في مستوى المياه في خزاناته. إن حالة النقص الطويلة الأمد هذه لها تأثير كبير على البلاد، حيث لا تؤثر فقط على إمدادات المياه في المدن، بل على الزراعة بشكل خاص”.
وأضافت فضيل، أن “هذا النقص في المياه يؤدي إلى زيادة الاعتماد على موارد المياه الجوفية غير المتجددة وموارد المياه غير التقليدية، علاوة على ذلك، إذا تم أخذ جودة المياه في الاعتبار، فمن المرجح أن تكون كمية المياه العذبة التي يمكن سحبها بشكل مستدام هي أقل”.
ونتيجة لكل ذلك، أوضحت فضيل، أن “المغرب سيزيد من اعتماده على مصادر المياه غير التقليدية لتلبية احتياجاته المتزايدة من الماء، وسيتم التوسع بشكل كبير في تحلية المياه واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة تدريجيا مع انخفاض تكلفة إنتاجها”.
وأبرزت فضيل أن كوكب الأرض مليء بالماء إلا أن موارد المياه الطبيعية موزعة على نحو غير متساو إلى حد كبير في مختلف أنحاء العالم، مبرزة أن ذلك يرجع جزئيا إلى الاختلافات المناخية.
وأضافت فضيل، أن هذا التوزيع غير العادل للمياه في العالم هو ظلم بيئي، موضحة أن هناك تفاوتا في هطول الأمطار، الذي يشكل موردا بالفعل، في جميع أنحاء العالم.
وأردفت فضيل: “بل إن تقاسم الموارد المائية بين الناس أكثر تفاوتا منه بين البلدان، حيث يلاحظ أعلى نصيب للفرد من الموارد المائية في البلدان الاستوائية أو الشمالية التي تتمتع بوفرة كبيرة في المياه؛ وعلى الطرف الآخر، يوجد أدنى نصيب للفرد من الموارد الطبيعية في المناطق القاحلة أو البلدان الجزرية الأقل كثافة سكانية”.
وشددت فضيل على أن المياه العذبة، وهي مورد حيوي للبشرية، يتم توزيعها بشكل غير متساو إلى حد كبير، مشيرة إلى أن البيانات الصادرة عن نظام المعلومات العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة حول المياه والزراعة، يكشف أن عشرة دول تتقاسم 62% من احتياطيات المياه العذبة المتجددة على كوكب الأرض، وهي البرازيل وروسيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وكولومبيا وإندونيسيا وبيرو والهند وميانمار (بورما). 
وتابعت فضيل: “على الطرف الآخر من المقياس، فإن عددا من المناطق لديها موارد مياه عذبة متجددة منخفضة للغاية، أو تكاد تكون معدومة، وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة لدول شبه الجزيرة العربية والأردن وليبيا ومالطا وقبرص وحتى سنغافورة”.
وأشارت فضيل، إلى أنه على الرغم من أنهارها الكبيرة – بما في ذلك الكونغو والنيل وزامبيزي والنيجر – أو بحيرة فيكتوريا، ثاني أكبر بحيرة في العالم، فإن أفريقيا هي ثاني القارات الأكثر جفافا بعد أستراليا، حيث تشير التقديرات إلى أن موارد المياه العذبة في أفريقيا تمثل ما يقرب من 9% من موارد المياه العذبة في العالم.
وقالت فضيل، إن منطقة شمال أفريقيا ليست محصنة ضد الاتجاهات العالمية للتغيرات المناخية، مشيرة إلى انخفاض نصيب الفرد من المياه العذبة بنسبة تزيد على 30% على مدى السنوات العشرين الماضية، إذ انخفض متوسط ​​هطول الأمطار خلال موسم الأمطار، من أكتوبر إلى مارس، في العقود الأخيرة، مع تسجيل أكبر الانخفاضات في مناطق البحر الأبيض المتوسط بالمغرب والجزائر وفي أجزاء من ليبيا.
واعتبرت فضيل أن التغيرات المناخية تشكل خطرا كبيرا على تنمية المغرب، مبرزة أن الجفاف وندرة المياه أصبحا عاملين رئيسيين في تقلبات الاقتصاد الكلي ويضران بالزراعة بشدة.
واعتبرت فضيل أن مسألة الحفاظ على البيئة وحمايتها بالشكل المناسب ليست بالأمر الهين، بالنظر للآثار السلبية للنشاط البشري على البيئة، مبرزة أن العمليات غير المدروسة للاستخدامات المختلفة للماء، ومن ذلك الغذاء والصناعة والطاقة والزراعة، يمكن أن تمس مصلحة المستهلك، أو تعطيل النظم البيئية، أو حتى تعريض الموارد نفسها للخطر في نهاية المطاف.

تكييف طبيعة المسؤولية عن الضرر البيئي

في مداخلة مماثلة، أجمع جواد خربوش، ولبنى مصباحي، وهما أستاذان محاضران بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، جامعة الحسن الأول، على أن واقع التطور الصناعي الذي أضحى يعرفه العالم بأسره اليوم نتج عنه انعكاسات سلبية سببت في التغيرات المناخية مما أثر بعدة أشكال على الحياة الإنسانية.
وجاء في المداخلة المشتركة، للأستاذين خربوش ومصباحي، أن هذه الانعاكاسات دفعت التشريعات الدولية على غرار التشريع المغربي إلى التسابق لخلق ترسانة قانونية تواكب من جهة هذا التطور بما يؤطر جبر الضرر، وتحدد خصوصية المسؤولية الناتجة عن الضرر البيئي من جهة ثانية، لأجل رصد مدى كفاءة القواعد القانونية في تغطية الأضرار البيئية، خاصة أن قواعد المسؤولية التقليدية القائمة على الخطأ والضرر والعلاقة السببية غير قادرة على الانسجام مع طبيعة المسؤولية البيئية لهذه الاختيارات.
وأشار المتدخلان، إلى أن الحديث أصبح عن المسؤولية الموضوعية البيئية القائمة على الضرر، معتبرين أن القاعدة القانونية في تكييف طبيعة المسؤولية عن الضرر البيئي عجزت على استيعاب البعد الايكولوجي المتسارع في تطوره وفي مفاهيمه في زمن أصبحنا أمام ضرورة استنجاد القواعد القانونية بالأخلاق.

الالتزامات البيئية للشركات والتحكيم في المنازعات

من جهته، قال رشيد الطاهر، أستاذ التعليم العالي، جامعة الحسن الأول، إن الانتقال نحو اقتصاد أخضر يحترم التوازنات البيئية والقادر على توفير فرص جديدة لإنتاج الثروات ومناصب الشغل المستدامة يمثل هدفا رئيسيا للمقاربات الاستراتيجية الجديدة للتنمية المستدامة التي تعتمدها الدولة المغربية.
وأضاف الطاهر في مداخلته، أن الحد من الأثر البيئي للأنشطة الاقتصادية يعد هدفا رئيسيا للقانون المغربي خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، حيث فرض المشرع العديد من الالتزامات البيئية على الشركات.
من جهته، قال رياض فخري، مدير مختبر البحث “قانون الأعمال”، بجامعة الحسن الأول سطات، إن القارة الأفريقية تواجه تحديات بيئية متزايدة تتطلب آليات فعالة لحلها، مبرزا أنه من بين هذه الآليات يلعب التحكيم الدولي دورا حيويا في تسوية المنازعات البيئية.

البعد البيئي في الطلبيات العمومية

بدورهما، في مداخلة مشتركة، أجمع كل من عبد الكريم النوحي، أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والسياسية جامعة الحسن الأول سطات، وأحمد اوجدو طالب بسلك الدكتوراه، على أن البعد البيئي في الطلبيات العمومية يعتبر بمثابة إحدى الشروط والمتطلبات الهامة التي تفرضها الدول والحكومات لأجل إقامة المشاريع الكبرى قصد تحقيق تنمية شاملة في مجالاتها المتعددة.
وأبرز المتدخلان، على أن إدخال البعد البيئي هذا في الطلبيات العمومية لم يكن مطروح سابقا في المخططات المختلفة، وعلى هذا الأساس فإن بروز فكرة إدراج البعد البيئي في الطلبيات العمومية، جاء بعد التحول في ندرة الموارد الطبيعية، بغض النظر عن حمايتها، بحيث كثر الاستغلال المفرط لهذه الموارد، مما أدى إلى ازدياد حدة التصحر والانجراف والتعرية وجميع المظاهر غير الطبيعية التي تلحق بالنظام البيئي.
واعتبر المتدخلان، أن الطلبيات العمومية تعتبر بمثابة المنقذ للمخاطر التي يعرفها المحيط البيئي ووسيلة لتنفيذ المشاريع ذات الارتباط بالبعد البيئي، وهنا تكمن العلاقة بين البعد البيئي والطلبيات العمومية الذي يفرض على كل مشروع تنموي احترام القواعد والمعايير البيئية المفروضة بواسطة التشريعات البيئية التي تم سنها.
وشدد المتدخلان، على أنه من أجل إضفاء الصبغة البيئية كمبدأ من المبادئ العامة للطلبيات العمومية، وجب أخذ إجراءات استباقية للحيلولة دون وقوع أضرار بيئية، مما يستدعي القيام بمعالجة الأضرار المحتملة قبل وقوعها، رغم أن عملية تقييم المخاطر لقياس الأضرار المحتملة عملية صعبة ومعقدة لأن محلها مخاطر غير معروفة يصعب الكشف عنها أحيانا بسهولة، وذلك راجع لغياب وقلة المعلومات والمعطيات العلمية الدقيقة التي لا تساهم في معرفة الآثار السلبية للمشاريع المنجزة عن طريق الطلبات العمومية.

حماية البيئة بين القانون والقضاء

في سياق متصل، أوضح عبد الرحيم ازغودي، رئيس قسم القضاء الشامل بالوكالة القضائية للمملكة، أن “الملك الغابوي يعتبر أحد العناصر الهامة المكونة للنظام البيئي والمتحكمة في توازنه، كما تؤدي الغابات التي تعتبر من أهم العناصر المكونة للملك الغابوي، دورا هاما في الحد من التغيرات المناخية ومن انتشار ظاهرة الاحتباس الحراري”.
وأبرز ازغودي أنه، لئن كان من شأن تطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية، أن يساهم في المحافظة على البيئة، فإن الواقع يفيد خلاف ذلك، إذ يتم في أحيان كثيرة الترخيص لمشاريع تهدد البيئة وصحة وسلامة السكان المجاورين، كما هو الحال بالنسبة للمقالع التي توافق مصالح المياه والغابات على منح التراخيص المتعلقة بها، على الرغم من الآثار الخطيرة التي قد تترتب عن استغلالها على الوسط الطبيعي، والتوازن الإيكولوجي، ما يكون اللجوء إلى القضاء هو الملاذ الأخير للمتضررين من هذه المشاريع؛ بل يتم أحيانا التشكيك حتى في تقارير اللجن المكلفة بدراسة التأثير على البيئة، وذلك بسبب مخالفتها للواقع، فيتم استبعادها من طرف القضاء.

 
وأكد المتحدت نفسه، أنه “إذا كانت القاعدة العامة تفيد مثلا بعدم قابلية الأملاك الغابوية للتفويت، إلا بعد فصله عن نظامه الغابوي، إذا اقتضت ذلك المنفعة العامة، فإن الواقع يشهد أحيانا على خلاف ذلك، حتى تحولت هذه القاعدة إلى استثناء، والعكس صحيح؛ إذ أصبح اللجوء إلى الملك الغابوي ورصد عقاراته لخدمة المشاريع المتنوعة يتم بشكل تلقائي وممنهج ، ودون البحث بداية عن بدائل أخرى، على اعتبار أن اللجوء إلى هذه الأملاك هي الوسيلة الأسهل لحل مشكل ندرة العقار. والأكثر من ذلك، هناك ظاهرة أخرى تشوب إجراءات تدبير الملك الغابوي، وهي تغيير وجه استعمال العقار المفصول عن النظام الغابوي”.
وأشار ازغودي، في مداخلته، إلى أنه “من المعلوم أن القضاء يبسط رقابته على الأعمال والتصرفات التي تقوم بها أو تبرمها الإدارة في إطار تدبيرها للملك الغابوي، وذلك من أجل تحقيق المشروعية، والحفاظ على مصالح وحقوق المواطنين، (أفرادا وجماعات)؛ فإذا كان من الطبيعي أن تتخذ الإدارة تدابير وإجراءات إدارية صارمة، وتصدر قرارات إدارية تروم المحافظة على الملك الغابوي، مع ما يستتبع ذلك من المحافظة على البيئة، فإنه يتعين على هذه الإدارة أن تحترم الضوابط القانونية، والمشروعية، وأن تراعي حقوق الأفراد. ولذلك فإن الدولة، الممثلة في أجهزتها الإدارية، تخضع في نزاعاتها مع الأشخاص الطبيعيين، أو المعنويين لرقابة قضائية، باعتبار أن السلطة القضائية هي الحارس الأمين للمشروعية، والضامن لحقوق المواطنين، تطبيقا لمبدأ سيادة القانون، الذي هو قوام الضمانات الكفيلة بتوفير الأمن والاستقرار”.

تدخل جمعيات المجتمع المدني لحماية البيئة أمام القضاء

في الصدد ذاته، قال عبد الحق كوريتي، أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، والكاتب العام لجمعية حماية المستهلك بالجهة الشرقية، إن المشرع المغربي عمل من خلال البنية التشريعية على تضمين مقتضيات حمائية متنوعة هدفها الرئيسي حماية البيئة من كافة الاعتداءات التي تطالها، وفي المقابل هذا أقر المشرع مبدأ الإعلام والمشاركة في قانون حماية المستهلك 31.08 الذي يكون بمقتضاه لكل شخص الحق في أن يكون على علم بحالة البيئة، والمشاركة في الإجراءات المسبقة واتخاذ القرارات التي قد تضر بالبيئة.
واعتبر كوريتي أنه بفضل هذه القوانين أصبحت الدولة تعترف بالدور التشاركي لمنظمات المجتمع المدني عن طريق إقرار حق هذه الجمعيات في اللجوء إلى القضاء والمطالبة بالحقوق من أجل المساهمة في إدارة الشأن العام وتحقيق حوكمة بيئية رشيدة، وذلك عبر الترافع عن القضايا البيئية أمام القضاء بشقيه العادي والزجري.

فعالية القوانين البيئية

من جهتهما، أجمع كل من ادلالن سميرة وموش محمد، من الكلية المتعددة التخصصات بأسفي، جامعة القاضي عياض، على أنه “بالرغم من توفر المغرب على قوانين بيئية متعددة يرجع البعض منها إلى القرن الماضي، فإن أغلبها لم يتم تفعيلها”.
وتابع المتدخلان أن ذلك يتجلى أولا من خلال معاينة الواقع، بحيث لم يتم الحد لا من التلوث ولا من الزحف العمراني ولا من تدمير التنوع البيولوجي، مردفين: “نشهد بحسرة، كباحثين في ميدان القانون البيئي، كل هذه الظواهر في حياتنا اليومية”.

النظام الجبائي المغربي في مواجهة مشكلة حماية البيئة

من جهته، قال السحاب بوطيب، أستاذ معتمد بكلية العلوم القانونية والسياسية، جامعة الحسن الأول – سطات، وعضو دائم بمختبر أبحاث التحول الديمقراطي المقارن بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، إن “الضرائب الخضراء تلعب دورا كمورد للميزانية وكأداة لحماية البيئة ويمكن أن تكمل تدابير أخرى مثل اللوائح أو المعايير، ويهدف إلى تحديد تكلفة التأثيرات السلبية على البيئة نتيجة لأنشطة المستهلكين أو الشركات أو القطاع العام، وينتج عن مبدأ الملوث يدفع، والذي بموجبه يتحمل الملوث تكلفة التلوث”.
وأضاف بوطيب أنه يجب على النظام الضريبي المغربي إيجاد التوازن بين إعادة التوزيع والحوافز في حالة إصلاح الضرائب البيئية، معتبرا أنه للقيام بذلك، يجب أولا مواءمة النظام الضريبي مع هدف حماية البيئة للنظر في تنفيذ الضرائب البيئية.
وشدد بوطيب على أن إعادة تعديل هيكل النظام الضريبي تبدو أكثر من ضرورية في مواجهة تنظيم التدابير المتناقضة، مبرزا أن تنفيذ الضرائب البيئية يتطلب فرض ضرائب جديدة من المحتمل أن تؤدي إلى حدوث تشوهات.

الضبط الإداري البيئي وسؤال النجاعة

بدوره، اعتبر إبراهيم گومغار، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق، جامعة ابن زهر، أكادير، أنه “بالنظر للعلاقة بين القانون الإداري والإدارة فإنه بات مؤكدا أنه لا يمكن مواجهة مشكلات البيئة لاسيما ما يخص مكافحة التلوث والحد من التعدي والاستنزاف الجائر لموارد البيئة الطبيعية المائية والغابوية والتنوع البيولوجي أو حماية الآثار والأماكن الأثرية والسياحية والثقافية دون تدخل الإدارة والتي تضطلع بدور أساسي وفاعل في هذا الصدد”.
وأضاف كومغار في مداخلته، أنه في مجال الوقاية من تدهور البيئة، باستطاعتها بما لها من امتياز التنفيذ المباشر ومظاهر السلطة العامة الأخرى، اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة، كغلق محل النشاط أو علاج النفايات الضارة بالبيئة على نفقة الملوث أو المسؤول، وهدم الآبار غير المرخص بها حفاظا على الموارد المائية، وكذلك علاج الملوثات البيئية المختلفة، والقيام بتهيئة التجهيزات لمنع التلوث والحد منه أو السيطرة عليه”.
وتابع كومغار: “من هنا تظهر أهمية الضبط الإداري كموضوع أساسي ضمن مواضيع القانون الإداري، الذي يهتم بضبط التصرفات السلبية حيال البيئة ومنعها حفاظا على الصحة العامة بالمجال الحضري، وهي من أهداف النظام العام، لذلك يمكن الجزم بوجود قانون إداري بيئي يتوخى من خلال الضبط الإداري البيئي إقامة التوازن بين حق الأفراد في ممارسة حرياتهم وحق المجتمع في البقاء آمنا اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، تبعا لذلك يتضح جليا الصلة الوثيقة بين أهداف الضبط الإداري وحماية البيئة من التلوث، وهو ما يعني توفير الحماية الإدارية البيئية”.
وخلص كومغار إلى أن “الضبط الإداري البيئي يستهدف التصدي لأنواع مختلفة من المشاكل البيئية من خلال إعمال التدابير الوقائية الكفيلة بحماية عناصر البيئة الطبيعية والحضرية أو المشيدة بالمدن، من ذلك مثلا حماية المياه من التلوث والحفاظ على جودة الهواء وحماية التربة والأغذية والحفاظ على التنوع البيولوجي واتخاذ التدابير اللازمة لمنع كل ما من شأنه أن يبث الخوف وعدم الاطمئنان سواء كان بفعل الطبيعة كالفيضانات أو الزلازل أو البراكين وغيرها من الظواهر الطبيعية ولاسيما إذا كان ذلك بفعل الإنسان ونشاطه الصناعي أو الزراعي ثم مكافحة الضجيج أو التلوث الصوتي وما يحدثه من آثار سلبية على السكينة العامة، ولاشك أن كل ذلك يدخل ضمن النظام العام، الذي يهدف إليه الضبط الإداري بمدلولاته الثلاثة الصحة العامة، الأمن العام والسكينة العامة”.

سلسلة الأيام الدراسية

ويأتي تنظيم مؤتمر شمال إفريقيا الدولي الأول حول البيئة والمتغيرات المناخية في سياق سلسة الأيام الدراسية المتعلقة بالقضايا البيئية بمبادرة من عميدة كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات حسنة كجي بعد تنظيمها الملتقى الجامعي الأول للبيئة والتغيرات المناخية يومي 04 – 05 يونيو 2024 في الموسم الجامعي المنصرم.
وتجدر الإشارة إلا أن حسنة كجي قد توجت بجائزة المملكة العربية السعودية للإدارة البيئية في العالم الإسلامي ضمن فعاليات المؤتمر التاسع لوزراء البيئة الذي تشرف عليه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (اسيسكو ICESCO).

*****

حسنة كجي عميدة كلية العلوم القانونية والسياسية سطات لبيان اليوم: المؤتمر يأتي في إطار استراتيجية المؤسسة لترسيخ الثقافة والوعي البيئيين

قالت حسنة كجي، عميدة كلية العلوم القانونية والسياسية، جامعة الحسن الأول-سطات، إن تنظيم مؤتمر شمال أفريقيا الدولي الأول حول البيئة والتغيرات المناخية، يأتي في إطار الاستراتيجية العامة التي سطرتها كلية العلوم القانونية والسياسية بهدف ترسيخ الثقافة والوعي البيئيين داخل المؤسسة.

وأضافت كجي في تصريح لجريدة بيان اليوم، على هامش فعاليات “مؤتمر شمال إفريقيا الدولي الأول حول البيئة والمتغيرات المناخية”، أن ترسيخ الثقافة والوعي البيئيين داخل المؤسسة يأتي من خلال مجموعة من الممارسات الصديقة للبيئة، وكذلك من خلال إدماج وحدات خاصة بقانون البيئة في سلك الإجازة وإجازة التميز، وأيضا بعض الوحدات في أسلاك الماستر، حيث يتم تنظيم عدد من اللقاءات العلمية التي تهدف إلى مناقشة مجموعة من القضايا التي تهم البيئة والتغيرات المناخية.

وأبرزت كجي، أن الموسم الجامعي الماضي، كان حافلا بالعديد من الأنشطة عالية المستوى والندوات حول البيئة والتغيرات المناخية، مشيرة إلى تنظيم الملتقى الجامعي الأول الذي كان بمثابة لمة علمية، استضافت مجموعة من طلبة الدكتوراه من مختلف المواقع الجامعية، الذين يشتغلون حول قضايا البيئة والتغيرات المناخية.

وتابعت كجي أن الملتقى كان فرصة للانفتاح على الفاعل المدني من خلال حضور مجموعة من الجمعيات عبر الأروقة ومن خلال تنظيم مسابقة الحي النظيف داخل مدينة سطات، مشيرة إلى أنه عرف حضور الفاعل الاقتصادي إلى جانب الفاعل الترابي.

وقالت كجي، إنه مع بداية هذا الموسم الجامعي الجديد وتتمة للمسار الذي تم تسطيره على مستوى المؤسسة، جاء هذا المؤتمر العلمي الذي قارب مجموعة من القضايا التي تهم الجانب القانوني، وعرف مشارك متميزة للأساتذة الذين جاؤوا من مختلف الجامعات المغربية، كما تميز هذا المؤتمر بمشاركة وازنة من جامعات دولية لأساتذة متخصصين من الساحة الدولية فيما يتعلق بقضايا البيئة والتغيرات المناخية.

 متابعة: عبد الصمد ادنيدن

Top