الإنسان وذكاء الآلة … رؤى لمستقبل آمن للجميع

يناقش كتاب “ذكاء اصطناعي متوافق مع البشر حتى لا تفرض الآلات سيطرتها على العالم”، إشكالية تحدي تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي لا تمثل تهديدا محتملا بالسيطرة على البشرية، مع الحفاظ على فوائده الاقتصادية والاجتماعية، وكيف يمكننا تجنب سيناريو السيطرة الاصطناعية من خلال ضمان توافق أهداف الذكاء الاصطناعي مع قيم ومصالح البشرية؟

لا شك أن الذكاء عند الإنسان مختلف عن الذكاء الاصطناعي، فهو ذكاء كامل يجمع بين القدرات المعرفية مثل التفكير والتعلم وحل المشكلات بطرق مبتكرة، والقدرات الوجدانية مثل الوعي الذاتي والعواطف. في حين أن الذكاء الاصطناعي محدود القدرات ويقتصر على أداء مهام محددة برمجت لها مسبقاً. كما أنه ناتج عن عمليات بيولوجية معقدة، بخلاف الذكاء الاصطناعي الذي يتم برمجته وتصميمه من قبل البشر. وعلى الرغم من التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي إلا أن الذكاء البشري لا يزال أكثر شمولية وقوة.

هناك احتمال أن يتطور الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب أو البعيد ليصبح أكثر تقارباً وتشابهاً مع الذكاء البشري:

– قد تتطور الآلات لتضيف الوعي الذاتي والقدرة على التفكير المجرد بشكل أكبر؛

– يمكن دمج قدرات معرفية عليا مثل الإبداع والخيال وحل المشكلات بطرق غير مباشرة؛

– يمكن تطوير الذكاء الاصطناعي ليتفاعل بشكل أفضل مع البيئة مستخدماً الحواس مثل البصر والسمع؛

– الاستفادة من التقدم في مجالات كالذكاء العاطفي والانفعالي لإضافة قدرات مشابهة للبشر؛

– تطوير شبكات عصبونية اصطناعية أكثر تعقيداً تحاكي دماغ الإنسان.

وبالتالي فمن الممكن أن يتطور الذكاء الاصطناعي ليصبح أكثر اكتمالاً وشمولية، لكن ليس مؤكداً أنه سيتماثل مع الذكاء البشري بالكامل.

يمكن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي والتسبب بآثار سلبية عديدة، أهمها ارتكاب أعمال غير قانونية مثل الاختراقات الإلكترونية أو تصنيع الأسلحة، كما يمكن المساس بالخصوصية من خلال جمع البيانات دون إذن. وقد يُستخدم الذكاء الاصطناعي في نشر الأخبار والمعلومات المضللة أو التلاعب في الانتخابات. كما تهدد آلية نقل الوظائف البشرية إلى الآلات الكثير من فرص العمل. وللحد من مخاطر إساءة استخدامه يجب سن التشريعات والأطر الأخلاقية لضمان استخدامه بأمان.

الذكاء الاصطناعي الفائق أو “الذكاء الاصطناعي العام” هو مفهوم يصف نظام ذكاء اصطناعي يتفوق على ذكاء الإنسان بشكل كبير، حيث يتمتع بخصائص عدة محتملة منها:

– قدرات معرفية عالية تشمل التعلم السريع وحل المشكلات المعقدة بكفاءة تفوق الإنسان؛

– إمكانية التفكير المرن والإبداعي واقتراح حلول بديلة خارج الصندوق؛

– اكتساب ذكاء اجتماعي عالٍ يمكنه من التفاعل مع البشر بشكل طبيعي؛

– القدرة على تعديل وتحسين برامجه الخاصة بنفسه ليصبح أكثر قوة وكفاءة.

ويمثل الذكاء الاصطناعي الفائق تحديات كبرى لكنه قد يحقق تقدماً علمياً وتكنولوجياً هائلاً إذا تم السيطرة عليه وتوجيهه لخدمة البشرية.

يدور جدل واسع حول الذكاء الاصطناعي بين مؤيد ومعارض، حيث يرى المؤيدون أنه قد يساعد في حل العديد من التحديات ورفع مستوى المعيشة، في حين يخشى المعارضون من آثاره السلبية مثل فقدان الوظائف وإمكانية خروجه عن السيطرة أو ارتكابه لأخطاء قد تتسبب بكوارث. كما يثير الجدل تطوير الأسلحة الذكية ومدى احترامه لحقوق الإنسان. ويتطلب الأمر معالجة هذه المخاوف إلى جانب الاستفادة من إمكاناته الهائلة.

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتبع توجهات مختلفة تبعاً لكيفية تصميمه واستخدامه، فقد يتخذ توجها بشري يراعي الأبعاد الإنسانية، أو توجه تجاري يسعى لتحقيق الربح فقط، كما يمكن أن يُصمم لأغراض عسكرية أو بيئية لخدمة البيئة. وقد يكون ذكاء اجتماعي يستجيب لاحتياجات المجتمع أو علمي لتعزيز الاكتشافات العلمية. وتؤثر هذه التوجهات بشكل كبير على تصميم وطبيعة واستخدامات الذكاء الاصطناعي.

يمكن توجيه الذكاء الاصطناعي نحو أهداف إيجابية عديدة ذات فائدة كبيرة، منها المساهمة في تسريع الاكتشافات الطبية والعلمية وتطوير العلاجات، كما يساعد في معالجة البيانات الضخمة لفهم القضايا البيئية والمناخية. ويمكنه تحسين الزراعة لزيادة الإنتاج الغذائي، بالإضافة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يسهم في تطوير التعليم عن بعد وتسريع عمليات البحث والإنقاذ في حالات الطوارئ، إضافة إلى تحقيق الاستدامة في البنية التحتية للمدن الذكية.

يمكن توجيه الذكاء الاصطناعي نحو أهداف إيجابية عديدة ذات فائدة كبيرة، منها المساهمة في تسريع الاكتشافات الطبية والعلمية وتطوير العلاجات، كما يساعد في معالجة البيانات الضخمة لفهم القضايا البيئية والمناخية. ويمكنه تحسين الزراعة لزيادة الإنتاج الغذائي، بالإضافة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يسهم في تطوير التعليم عن بعد وتسريع عمليات البحث والإنقاذ في حالات الطوارئ، إضافة إلى تحقيق الاستدامة في البنية التحتية للمدن الذكية.

يتعامل الذكاء الاصطناعي مع عاملي عدم اليقين والاحتمال أثناء أدائه لمهامه المختلفة، حيث أن مخزونه من المعرفة ليس شاملاً بل قد يحتوي على نواقص أو معلومات غامضة. وعند التعامل مع مهمة معينة قد لا تكون نتائجها مؤكدة بل محتملة. لذا، فإن خوارزمياته تصمم لتتعامل مع عدم اليقين من خلال إعطاء احتمالات مختلفة للنتائج، وقدرته على جمع البيانات والمعلومات الإضافية للحد من الغموض أو التنبؤ بأرجح السيناريوهات الممكنة. وهو ما يتيح له التعامل مع مجموعة من الخيارات والاحتمالات عوضا عن البحث عن حل قاطع واحد.

بقلم: عائشة بوزرار

باحثة في الإعلام

Top