ذكرى المسيرة الخضراء هي العنوان الأكثر تعبيرا وارتباطا بفكرة التحرر الوطني، والأبلغ، شعورا ووجدانا، في الإحالة على الوحدة الترابية والسيادة الوطنية.
ولهذا تخليد المناسبة في كل سادس نونبر لا يعتبر طقسا سنويا اعتياديا أو مكرورا أو من واجبات الالتفات إلى التاريخ ومحطاته البارزة، ولكن الأمر أكثر راهنية، والحدث يستمر ويمتد في الزمان إلى اليوم.
فور ذكر «المسيرة الخضراء» يذهب البال والفكر والعقل والخاطر إلى»الصحراء المــــــغربية»، أي إلى تطلع المغاربة لاستكمال الوحدة الترابية لبلادهم وترسيخ سيادتها الوطنية على كامل أرضها.
ولهذا، تخليد ذكرى»المسيرة الخضراء» هو تخليد للشعور الوطني العام بشأن الدفاع عن مغربية الصحراء وعن… الوطن.
وحيث أن المناورة ضد الوحدة الترابية للمغرب تستمر وتتواصل إلى اليوم بأشكال مختلفة، فإن الشعور الوطني للمغاربة مستمر ومتواصل كذلك، ويستحضر فكرة «المسيرة الخضراء» ودلالاتها، ويذكر الجميع بكون الانتصار للحق الوطني المغربي هو موقف شعب ودولة، وقناعة راسخة تشترك فيها كل القوى المــــــغربية بإجماع حقيقي ومبدئي ووطني.
ذكرى «المسيرة الخضراء» لهذا العام، تحل مباشرة عقب صدور قرار مجلس الأمن الأخير، وبعد التحول الكبير في الموقف الفرنسي من الوحدة الترابية المــــــغربية، وضمن تنامي دينامية إيجابية داعمة للموقف الوطني المغربي في هذا النزاع المفتعل منذ عقود حول سيادته الوطنية، ومن ثم يجدر اليوم استحضار كل ما يحيط بالقضية من تحولات، وإعادة قراءة «المسيرة الخضراء» بشروط الحاضر، والاحتفال بذكراها السنوية ليس كطقس متحفي يعلي التاريخ فقط، ولكن كشعور وطني مستمر ومتواصل وممتد في الزمان وفي رهانات اليوم، أي أن المناسبة، وما يحيط بملف قضيتنا الوطنية، يفرضان السعي من أجل تقوية وتمتين الجبهة الوطنية الداخلية، باعتبارها الورقة الرابحة دائما في مواجهة المملكة لخصومها ومناوراتهم.
وهذا يعني الانفتاح على كل القوى الوطنية، السياسية والنقابية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والأكاديمية، وإشعاع نفس ديموقراطي وتعددي أقوى في البلاد، وتمتين الاستقرار المجتمعي العام، وأيضا الحرص على تطوير المنجز التنموي والديموقراطي العام بأقاليمنا الجنوبية، وإنجاح المشاريع والبرامج التأهيلية والاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، وتقوية الثقة وسط شعبنا وشبابنا بشكل عام في المستقبل وفي… بلادهم.
المسيرة الخضراء جسدت بالفعل ملحمة وطنية فريدة حظيت باهتمام العالم كله في حينه، كما أنها جسدت الالتحام الوطني بين كل القوى الحية في البلاد، ومثل نجاحها بداية مسلسل ديموقراطي عام في البلاد، وهذه دلالات يجب أن تبقى ممتدة في زماننا الحالي لكونها من دروس نجاح النموذج المغربي.
لقد أكدت المسيرة الخضراء أن المغرب ينجح في التصدي للتحديات الكبرى بالارتكاز إلى الالتحام الوطني، وإلى الارتباط الوثيق بين المؤسسة الملكية والقوى الوطنية الحية في البلاد، وأن موقف المغرب يكون قويا ومتينا وغير قابل لأي اختراق عندما يكون مسنودا باستقرار مجتمعي وإصلاحات ديموقراطية وتنموية داخلية، وبسيادة الثقة وسط المغاربة تجاه بلادهم ومستقبلها، وكل هذا يمتلك اليوم راهنيته أيضا، أي أن بلادنا في حاجة إلى إحياء مشاعر التعبئة الوطنية كما كانت زمن المسيرة الخضراء، والسعي لإعمال جيل جديد من الإصلاحات، وضخ نفس ديموقراطي وتنموي داخلي جديد وعام في البلاد، وذلك بغاية تقوية التعبئة الوطنية والشعبية من أجل الطي النهائي للنزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية، وبناء المستقبل الوطني.
<محتات الرقاص