شهادات في وداع سفير فوق العادة قدم صورة ناصعة عن الثقافة والفن المغربيين

>  سعيد الحبشي
فقدت الساحة الفنية بالمغرب قبل يومين، واحدا من أبرز فنانيها الكبار، الموسيقار المغربي سعيد الشرايبي، عن عمر يناهز 65 عاما، مخلفاً وراءه موروثا فنيا غزيرا، ورصيدا يتضمن أكثر من 500 عمل موزعة بين مختلف أنواع وأشكال الموسيقى، من الجاز والسمفونيات والموسيقى الشرقية والأندلسية والمغربية والكناوية والأمازيغية والتقاسيم والعزف المنفرد وموسيقى الأفلام وغيرها كثير.
ويعد سعيد الشرايبي، واحدا من خيرة عازفي العود في المغرب والوطن العربي، وأحد الصور الناصعة للثقافة والفن المغربيين على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى كونه واحدا من الباحثين في مجال التراث الموسيقي، خصوصا في مجال العلاقة بين الموسيقى العربية الأندلسية والتركية والفارسية، حيث شارك في عدة منتديات وطنية وعربية وعالمية، مازجا بين العرض النظري والتطبيق الميداني.
ويعد الراحل عميد مدرسة لحن وعزف، بتأكيد من عشرات الأطروحات و البحوث في علم الموسيقى التي تناولت إبداعاته عبر العالم… وحتى صناعة الآلات الوترية، نالت حظها من علمه ونبوغه… فهو قمة عالية لمدرسة العود المغاربية الوريثة الشرعية لحضارة الأندلس المتفردة”.
وفي رصيد سعيد الشرايبي مؤسسات دشنها وأسسها وأطلقها بهدف رعاية التراث وحفظه، على رأسها “مؤسسة سعيد الشرايبي للتراث المغربي الأندلسي” و”رياض العود”، التي ستنقل رسالته وأعماله إلى الأجيال اللاحقة.
كما أنه أثرى الخزانة المغربية بالعديد من المعزوفات والألحان منها ألبوما “مفتاح غرناطة” و”حلم بفاس” التي كان لها الأثر والوقع عربيا ودوليا، حيث تعامل مع أسماء وازنة كعبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح وكريمة الصقلي من خلال أغاني رائعة وهي “بوح يا قلبي” و”راح” و”تلاقينا بعد الخصام” و”ظلال” و”العشاق”، واستطاع بفضل كل ذلك أن يكون سفيرا للثقافة والفن المغربيين، حاملا آلته وريشته وأنامله، ومتوجا من قبل عدة جهات ومؤسسات.
وعلاقة بالأمر أكد اتحاد كتاب المغرب أن الفنان المغربي الراحل، تمكن من تشييد جسور  من التواصل والتعايش بين الثقافات المختلفة.
 وأبرز الاتحاد، أن الراحل كان له الفضل في توطيد العلاقة  والتمازج بين بعض أنواع موسيقية متنوعة، معتبرا  أنه بوفاة هذا الفنان المغربي الأصيل، تكون أسرة الموسيقى المغربية والعربية فقدت  أحد كبار عازفي العود في الوطن العربي.
كبار الفنانين والمهتمين بالموسيقى العربية والعالمية  يصنفون الراحل كأحد أفضل عازفي العود في الوطن العربي، وهو الذي ترجع صلته بهذه  الآلة إلى عقود من الزمن.
وبحسب عبدالحكيم قرمان، رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، فإن الراحل يعد بحق أيقونة فنية مغربية بأبعاد إنسية وعالمية في مجال العزف والبحث والتأصيل الموسيقي الرفيع.
ويضيف قرمان، لقد كان رحمة الله عليه، من أمهر عازفي آلة العود في العالم العربي، بحيث حصل على الريشة الذهبية بالمهرجان الأول للعزف على آلة العود ببغداد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أمام عمالقة العزف على هذه الآلة في العالم. أمثال الفنان العراقي الكبير منير بشير وسلمان شكر وناصر شمة.
وللراحل مجموعة من المؤلفات في مجال الموسيقى العريقة وفي التراث الموسيقي العربي، من أشهرها “سماعي راست”، و”مقطوعة نزهة”، و”لونغا سوزناك” و”مقطوعة أبواب فاس”.
توج سعيد الشرايبي من قبل عدة جهات ومؤسسات، كان أبرزها حصوله على توشيح ملكي خلال عيد المسيرة الخضراء سنة 2015، إضافة إلى جائزة أفضل أغنية عن قطعة “أطفال القدس” في مجال التلحين سنة 2000.
كما حصل على جائزة زرياب للجنة الدولية للموسيقى، وجائزة الموسيقى بباريس، وجائزة الاستحقاق بدار الأوبرا بالقاهرة، والريشة الذهبية والوسام الأول ببغداد، والوسام العربي لأحسن مشاركة عربية بالجزائر وغيرها.
وتعتبر مؤسسة سعيد الشرايبي، التي أسسها الراحل قيد حياته، من بين الإنجازات التي ستواصل مسيرة المرحوم في الحفاظ على تراثه الزاخر وفي تعليم وتلقين الفن الموسيقي عموما وفن العود خصوصا، هذا إلى جانب مساهمتها في اكتشاف المهارات والقدرات في مجال العزف عبر المعاهد الموسيقية بمختلف مناطق المغرب.
وقد كان الراحل سعيد الشرايبي يؤمن بأنه على الفنان أن يتسلح بالثقافة العلمية والأدبية، ويغرف من معين المباحث والمعارف، ليسوقها إبداعا بالأنامل وعملا فنيا الذي يتطلب، ثلاث مقومات أشار إليها الفيلسوف أبو نصر الفارابي، وذكرها الشرايبي خلال استضافته في إحدى تصريحاته وهي “المخيلة واللذة والانفعالية”.
وبهذه المناسبة الأليمة، استقينا شهادات مجموعة من الفنانين البارزين على الساحة الفنية الوطنية، أجمعت كلها على ما كان يتحلى به المبدع الكبير سعيد الشرايبي، من تواضع وذماتة خلق، ومعرفة مستفيضة  بأسرار صناعة آلة العود وتفاصيل تراكيبها، ومعرفة صوفية، بعوالم المقامات الموسيقية، وتغيرات أسمائها وصفاتها وتأثيراتها الروحية، بتغير مواقع عزفها”.

شهادات

محمد توفيق امزيان( صحافي متدرب)Sans titre-3الحاج يونس : آلة العود فقدت إبنا من أبنائها البررة

بوفاة الزميل والأخ والفنان سعيد الشرايبي أقول أن آلة العود أصبحت اليوم يتيمة، أقول أن آلة العود فقدت ابنا من أبنائها البررة، الذين قدموا الكثير للفن والعزف على العود، اليوم فقد الفن والعائلة الفنية جبلا شامخا، فسعيد الشرايبي كان فنانا عالميا تجاوزت شهرته ونجوميته المغرب والمشرق إلى أقطاب أخرى، فالراحل تميز بعزفه الرائع وإلهامه لجمهوره، صحيح أنه في المغرب عدة فنانين وعازفي العود، لكن أقول بصدق أنه لا يوجد فنان في مستوى سعيد الشرايبي ولا يمكن أن يكون، فسعيد الشرايبي عكس الكثير لا يميل ولا يبحث عن الشهرة والارتماء في الواجهة، وإنما كان شخصا خجولا، وكان يتميز بروح مرحة وأخلاق سامية، وكان البعض يسألني دائما عن الفرق بيني و بين الشرايبي فأقول أننا متكاملين، فقد كانت علاقتي معه منسجمة إلى حد كبير جدا، فبهذا المصاب الجلل أقدم التعازي لجميع الفنانين المغاربة، فخسارة هذا الرجل هي خسارة كبيرة للأسرة الفنية وللعود على وجه الخصوص، وأعيد القول بأن عازفا على العود مثل سعيد الشرايبي لن يتكرر أبدا، لأن الشرايبي كان يعزف بروحه وبقلبه، فجميع أعماله تشهد على ذلك، لدرجة أن مقطوعاته الموسيقية أصبحت تدرس في معاهد الموسيقى، لأن الشرايبي لم يعد مجرد فنان بل مدرسة فنية، أخرجت وستخرج عازفين كبار، وعزف سعيد الشرايبي سيظل حاضرا ويتردد صداه في الأذهان، فقد ترك لونا موسيقيا خاصا به، أجدد قولي بأن الساحة الفنية فقدت جبلا شامخا وفنانا ليس كباقي الفنانين، فأدعو له بالرحمة وإنا لله وإنا إليه راجعون.  Sans titre-7

عبد الوهاب الدكالي: فقدنا برحيله ركيزة من ركائز الفن

لا يسعني إلا أن أترحم على روح الفقيد سعيد الشرايبي، فالأسرة الفنية جمعاء فقدت اليوم فنانا كبيرا ورجلا من رجالات الفن المغربي، قدم وأعطى للفن الشيء الكثير، فقد كان عازفا ماهرا أو تجاوز المهارة، كان شديد الولع بآلة العود، كان يحبها كثيرا، كان متعلقا بالعزف على العود أشد تعلق، والدليل على ذلك مقطوعاته الفنية وموسيقاه التي لا زالت مفخرة لكل المغاربة، ولا زالت تلهم وتطرب عاشقيه، وجميع الفنانين الذين لحن لهم حققوا نجاحات كبيرة، صراحة التقيت معه في الكثير من المهرجانات والمحافل الوطنية والدولية، فشهرته تجاوزت حدود الوطن، وطربه على العود استلهم البعيد قبل القريب، وكانت له قاعدة جماهيرية كبيرة داخل المغرب وخارجه، كما أن سمعته الطيبة وأخلاقه النبيلة جعلته منه فنانا عالميا يحظى بحب الجميع، أقدم التعازي الحارة لأسرته الصغيرة والكبيرة، أقدم التعازي لجميع الفنانين المغاربة، فالفن المغربي اليوم قد فقد هرما من أهرامه وركيزة من ركائزه، كان صديقا وأخا لن يعود.Sans titre-6أحمد العلوي: سعيد الشرايبي كان رجلا خلوقا وفنانا مبدعا

في الحقيقة سعيد الشرايبي قبل أن أتحدث عنه كفنان، أتحدث عنه كصديق وكأخ حيث جمعتنا علاقات متينة وطيبة منذ سبعينيات القرن الماضي، كان يتمتع رحمه الله بالهدوء والأخلاف النبيلة، بالصبر والإبداع، فنشأته وتربيته وسط عائلة فنية، وسط عائلة مثقفة، تعلم منه المزايا الحميدة، جعلت منه فنانا متكاملا، فنان يمتلك جميع مقومات الفن، وهب حياته للفن، وهب حياته لخدمة الإبداع والثقافة، فقد كان مثابرا ومجتهدا، سعيد الشرايبي مثل المغرب في عدة منتديات وطنية وعربية  ودولية كذلك، حصد خلالها العديد من الجوائز، فالساحة الفنية اليوم افتقدت أحد رموز الموسيقى المغربية، أحد الرواد أقول على مستوى العالم، في مجال العزف على الآلة المتميزة، آلة العود، وأنا كنت أناديه في حياته وأقول له، يا سعيد أنت هو العود، أنت هو هذه الآلة، فلم يكن مجرد عازف متمكن وحسب، بل قدم إليها مجموعة من الإضافات، بحيث قام بعدة تجارب على الآلة، كان يقضي الساعات والليالي وهو يستشف أسرارها، وهذا الاهتمام وعشق الفنان لآلته قل ما نجده في الفنان باستثناء سعيد الشرايبي الذي كان مولعا بآلته، ويوم ألم المرض به وكان طريح الفراش كان جسده محبط لكن روحه كانت قوية وإيمانه قوي وكان متمسكا بالخالق سبحانه وتعالى، وكان رجلا مؤمنا، وكان يتميز بالأخلاق السامية، فقد كان رجلا خلوقا وفنانا مبدعا، كان يتمتع بحس فني وأخلاقي في ذات الوقت، رحمه الله وإنا لله وإنا إليه راجعون.  Sans titre-10

حياة الإدريسي: الراحل ترك إرثا فنيا ضخما

هناك الكثير ما يقال عن سعيد الشرايبي، فقد ترك رحمه الله وراءه إرثا فنيا ضخما، فالساحة الفنية غادرها اليوم فنان ومبدع من الفنانين والمبدعين الكبار الذين أتحفوا مسامع العاشقين  بمقطوعات موسيقية لا زالت راسخة في الأذهان، فسعيد الشرايبي اجتهد وقدم العديد من الإضافات للعود المغربي، سعيد الشرايبي كان الفنان والأخ والصديق والجار، فقد تربى أبناؤنا مع بعض في حي واحد، الشرايبي كان رجلا خجولا، كان لا يجيب ولا يرد على من أساء إليه، وكان لا يسيء لأحد، بالفعل كان رجلا يتمتع بأخلاق رفيعة، حبه للفن وولعه بآلة العود قل ما تجده عند فنانين آخرين، كانت له أحلام كثيرة لكن للأسف المرض جعل هذه الأحلام تتبخر معه، فقد كان يطمح لتطوير الفن وإضفاء التعديلات والتطويرات الضرورية عليه، أذكر أنني غنيت العديد من القطع الفنية التي لحنها الراحل منها أغنية يوم القدس، التي حازت على جائزة من فلسطين في سنة 1999 قدمها آنذاك وزير الإعلام الفلسطيني ياسر عبد ربو، كذلك أذكر أغنية “دار الزمن” والعديد من القطع، كما التقينا في عدة مهرجانات وحفلات وطنية وعربية، صراحة كان عزفه روحاني ومطربا عالميا، أتمنى من المسؤولين والمسيرين للقطاع الفني والثقافي أن يطلقوا مدرسة فنية باسمه أو معهد موسيقي لأن الشرايبي مدرسة فنية. فرحمة الله عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.Sans titre-4محمود الإدريسي: الراحل كان يمتلك جمالية خاصة في العزف والتلحين

حقيقة، سعيد الشرايبي رجل فريد من نوعه في العزف على آلة العود، يمتلك جمالية خاصة في العزف والتلحين، بلغ بها مستوى العالمية، فقد حقق الراحل نجاحات باهرة على المستوى الوطني والدولي، إذ يتوفر على مجموعة من الألحان والمقطوعات التي أضفت رونقا خاصا على الموسيقى المغربية، وخصوصا المقطوعات المعزوفة على آلة العود، وجميع المقطوعات الموسيقية الرائعة التي لحنها الراحل ويلقيها فنانون مغاربة كبار حققت نجاحات عالمية.. صراحة فقدان الشرايبي هو فقدان لركيزة من ركائز الفن المغربي، فقدانه ضياع لجميع الفنانين المغاربة، فأنا أستحضر من بين الذكريات التي جمعتني به، أنه في إحدى السهرات، كان سعيد الشرايبي يعزف على العود بطريقة رائعة ويعرج على عدة أشكال غنائية عالمية ألهمت الحاضرين لدرجة أن قام فنان إسباني يعزف على القيتارة بالصعود على المنصة، وأمسك يد الشرايبي وقبلها، لأن الشرايبي تجاوز حدود إمتاع الحاضرين إلى درجة إلهامهم، وكان من بين الحضور صديق لي وهو أمير سعودي فقال له الفنان طلال مداح الذي كان يرافقه هذا أفضل مغني عالمي طرب على العود، فالحقيقة سعيد الشرايبي كان ملهما وفنانا عالميا، إنا لله وإنا إليه راجعون.Sans titre-18نعمان لحلو: عاش ومات كريما

رحل عنا صديق عزيز، ورائد من رواد الفن المغربي والعزف على العود، سعيد الشرايبي لم يكن مجرد فنان بل فنانا وصديقا للجميع، الكل كان يحبه وطبعا سيظل حبه في قلوبنا، موكبه الجنائزي الذي حضرته، لا يمكن وصفه، فتشييع جثمانه حضره كبار وصغار رجال ونساء، فنانون ومسؤولون، صراحة جنازة مهيبة تلك، تعكس ما كان يتحلى به الراحل وتعكس علاقاته القوية والطيبة مع الجميع، سعيد الشرايبي الفنان والإنسان رحل عنا لكن ذكراه ستبقى راسخة في قلوبنا، كنت قريبا منه وكانت بيننا صداقة قوية، شاركت معه في العديد من المهرجانات على المستوى الوطني والعربي والدولي، رحمة الله عليه، لقد عاش ومات كريما.

Related posts

Top