إكراهات .. إكراهات

بالرغم من أن المساحة المخصصة للثقافة في منبرنا الإعلامي، قد تتراءى للبعض أنها وافرة؛ فإننا ما زلنا نطمح إلى مضاعفتها، حيث أن الكثير من المراسلات نضطر إلى تأخير نشرها عدة أسابيع، بسبب وفرة المواد التي يحملها بريد القسم الثقافي.

 وهناك بعض المراسلين الذين نحترمهم، يعتقدون أننا نتعمد إهمال مراسلاتهم، لكن حاشا لله، الواقع أن الإكراهات السالفة الذكر هي من بين الأسباب الرئيسية لتأخر نشر إنتاجاتهم، وهناك مساهمات نتعمد فعلا عدم نشرها رغم جودتها، لسبب واحد، هو أن أصحابها سبق لهم أن بعثوا بها إلى أكثر من منبر إعلامي ورقي وإلكتروني، وهذا من بين الآفات الجديدة التي صارت تنخر وسائل الإعلام، نتيجة السهولة التي صارت تتيحها الوسائط الإلكترونية في ما يخص إرسال المواد ذاتها إلى أكثر من جهة.     

  نواجه إكراها آخر، يتمثل في هجرة بعض الأقلام للصفحات والملاحق الثقافية المغربية، لسبب بسيط، هو أنها اكتفت بإشباع رغبتها في النشر عبر وسائط اتصال أخرى، عبر صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع الإلكترونية.

 وهناك من الكتاب من ركنوا إلى الصمت بكل بساطة، لا نقول إنهم توقفوا عن الكتابة؛ لأن لا أحد باستطاعته أن يعرف ما يجول في خاطرهم، ولكن إنتاجهم لم يعد يظهر للوجود. 

 العديد من الأدباء والمفكرين باتوا يصومون عن الكلام، ويعزفون عن النشر في الصحف اليومية، طيلة الوقت، هذه طاقة مهدورة أو على الأصح مقموعة، كان يمكن أن تغني ساحة النشر وتشكل إضافة نوعية؛ فباستثناء بعض المجلات الخليجية التي بات بعضهم يطل علينا من خلالها، على اعتبار أنها تمنحهم مكافآت مالية محترمة؛ فإننا نكاد لا نقرأ لهم شيئا يذكر، وهذا ظلم – إذا جاز التعبير- في حق القارئ المتعطش إلى كتاباتهم.

 ولذلك عندما أعدنا إطلاق الملحق الثقافي لمنبرنا الإعلامي بيان اليوم، في حلة جديدة وفي أربع صفحات من الحجم الكبير، بادر بعض المثقفين المتتبعين إلى تحسيسنا بجسامة المسؤولية؛ فقد كتب أحدهم إلينا بعد تحية الشكر والتقدير: 

-“أعرف مقدار الصعوبات وكل المشقة التي يلاقيها كل من يتكلف بالإشراف على ملحق ثقافي في هذا الوطن..”

  لكن ذلك لا يمنعنا من أن نكون متفائلين، ونعلق أملنا على غد أفضل، ما دام هناك اجتهاد وما دامت هناك نوايا حسنة.

 لقد رفعنا التحدي، في وقت نجد هناك منابر إعلامية، كانت إلى حدود زمنية قريبة، تولي اهتماما بالمجال الثقافي بمختلف تعابيره، وتفرد له حيزا معتبرا، غير أنها بدون سابق إنذار، قلصت مساحة الثقافة، لا بل أقصتها نهائيا من التبويب القار لخطها التحريري، واكتسحت ساحة النشر مجلات الرياضة والموضة وشؤون العيش والطبخ.. وما إلى ذلك.

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم

Related posts

Top