اختتمت أول أمس الأحد فعاليات الأبواب المفتوحة للأمن الوطني المنظمة بفاس هذه السنة، وقد حققت رقما قياسيا مقارنة مع باقي الدورات السابقة، من حيث عدد الزوار وذلك بما يناهز مليون و150 ألف شخص. وكانت آخر دورة نظمت بطنجة سنة 2017، قبل توقف لثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا، سجلت 515 ألف زائر.
وتضمنت أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، عدة أروقة تتعلق بوحدات التدخل العملياتي، والتكنولوجيا ورقمنة الخدمات العمومية، والشرطة التقنية والعلمية، وشرطة المراكز الحدودية، والتوظيف والتدريب والوظيفة، والتكفل بالنساء ضحايا العنف والقاصرين، والتخليق وحقوق الإنسان، والتحسيس والتوعية، فضلا عن رواق مخصص لشهداء الواجب.
1- تسليط الضوء على منظومة السلاح البديل
تعتبر منظومة السلاح البديل «BOLAWRAP» التي اعتمدتها المديرية العامة للأمن الوطني منذ سنة 2022، من الأجهزة التي أثبتت فعاليتها في مساعدة عناصر الشرطة في عمليات التوقيف المقرونة بعدم الامتثال والمقاومة من طرف المشتبه فيهم المتورطين في أفعال إجرامية، وذلك دون تعرضهم للخطر أو المساس بسلامتهم الجسدية.
ويندرج إدماج هذا الجهاز، في سياق سعي المديرية العامة للأمن الوطني إلى توفير وسائل بديلة لتنفيذ التدخلات الأمنية في الوضعيات الصعبة والمحفوفة بالمخاطر، وكذا ضمان التناسب بين الفعل الإجرامي ورد الفعل الشرطي.
وفي هذا الصدد، أكد مقدم شرطة رئيس (ع.أ)، مسؤول عن التكوين والتكوين المستمر للفرق المركزية والجهوية للتدخل التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، أن «طموح المديرية العامة هو أن يتوفر الشرطي على عدة وسائل بديلة عن استعمال السلاح، تضمن التناسب بين الفعل الإجرامي ورد فعل الشرطي».
وتابع أنه في هذا السياق، يأتي اعتماد المديرية العامة للأمن الوطني منذ سنة 2022 منظومة السلاح البديل «BOLAWRAP»، والذي لا يعتبر سلاحا ناريا، بل أداة لتحييد الخطر عن بعد ويدخل في إطار الوسائل البديلة لاستعمال القوة.
وأوضح أن هذا السلاح البديل هو عبارة عن جهاز بحجم هاتف نقال، يطلق سلكا من ألياف «الكيفلار» التي تتميز بقوتها وخفتها، ليلتف حول ذراعي أو ساقي المشتبه فيه، ويحد من قدرته على الحركة دون تعريضه للخطر أو المساس بسلامته الجسدية، وذلك بهدف تصفيده.
وسجل أن المديرية العامة للأمن الوطني كانت سباقة على الصعيد الإفريقي إلى استخدام هذه المنظومة التي تستعملها العديد من الدول من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا.
2- تعزيز أمن الوثائق
أبرز رواق التكنولوجيا ورقمنة الخدمات العمومية الدور الهام لمشروع الهوية الوطنية الرقمية، الذي اعتمدته المديرية العامة للأمن الوطني، من أجل تعزيز أمن الوثائق والمعاملات بشكل استباقي، وتبسيط الخدمات المقدمة للمواطنين.
ويروم هذا المشروع تأمين هوية المواطنين المغاربة وحماية الأفراد والمؤسسات من أخطار انتحال الهوية، وتكريس الثقة الرقمية للمساهمة في تعزيز جهود التحول الرقمي للمملكة.
وفي هذا الإطار، أبرزت لبنى كيكو، عميد شرطة ممتاز أنه بعد إصدار الجيل الجديد للبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، انطلق الاستغلال الفعلي لمنصة الطرف الثالث الموثوق به لإثبات الهوية، مشيرة إلى أن الطرف الثالث هو منصة معلوماتية وخدماتية طورتها المديرية العامة للأمن الوطني وفقا لمعايير متقدمة ومتعارف عليها دوليا من أجل تأمين الهوية، وتمكين المؤسسات الوطنية من تطوير خدمات رقمية تعتمد على التحقق الفعلي من الهوية، وبالتالي الاستغناء عن الحضور الشخصي للمواطن.
وأضافت أن هذا الرواق عرض الأكشاك التفاعلية، التي تم وضعها في نقاط القرب من أجل تمكين المواطن من تحديد أو تغيير القن السري الخاص ببطاقته الوطنية، وتغيير المعلومات الإضافية المسجلة ببطاقته مثل رقم الهاتف، والبريد الإلكتروني، وأرقام هواتف الأشخاص الذين يجب الاتصال بهم في حالة الطوارئ، بالإضافة إلى إمكانية طلب بعض الخدمات الرقمية المستقبلية.
وتابعت أن مصالح الأمن الوطني، طورت تطبيقا معلوماتيا يسمى «هويتي الرقمية»، يمكن تحميله على أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة الأكثر استعمالا على الصعيد الوطني، ويسمح لعموم المواطنين، بإنشاء ومتابعة واستغلال هويتهم بكل أمان وموثوقية، انطلاقا من المعطيات المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، كما تم تعزيز هذا التطبيق بإطلاق البوابة الرقمية التفاعلية HYPERLINK «http://www.Identitenumerique.ma» www.Identitenumerique.ma .
وأكدت أن مشروع الهوية الرقمية، الذي أنجزته المديرية العامة للأمن الوطني، أولى أهمية قصوى لاحترام التوجهات الوطنية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية، مسجلة أن هذا الأمر يتجلى في المبادئ التي تقوم عليها منظومة الطرف الثالث الموثوق به، من قبيل المستوى العالي من الأمان المخصص لحماية المعطيات والعمليات وطلب موافقة المواطن على الإطلاع على بياناته من قبل مقدمي الخدمات.
وأضافت أن هذا الرواق عرض لائحة للمؤسسات الوطنية، التي خولت لها المديرية العامة للأمن الوطني استغلال خدمات منصة الطرف الثالث الموثوق به لإثبات الهوية، وكذا بعض المؤسسات التي أبرمت معها المديرية العامة اتفاقيات إطار لتأطير استغلال هذه المنصة في بعض القطاعات كما هو الحال بالنسبة للقطاع البنكي ومؤسسات التمويل، فضلا عن الشراكة المحورية مع «وكالة التنمية الرقمية» لجعل خدمة التحقق من الهوية استنادا على بطاقة التعريف الوطنية قاطرة لعملية الانتقال الرقمي.
3- مجموعات التدخل في مواجهة الجرائم الكبرى
سلط الرواق المخصص للفرق المركزية والجهوية للتدخل ووحدة الحماية المقربة، الضوء على الأدوار المهمة والحاسمة لهذه المجموعات في مواجهة الجرائم الكبرى وتدبير التدخل لصد التهديدات المحدقة بأمن الوطن والمواطنين.
وتشكل الفرق المركزية والجهوية للتدخل، التابعة لمديرية الأمن العمومي بالمديرية العامة للأمن الوطني، ثمرة ورش لتكريس التخصص والجاهزية لمكافحة التهديدات الكبرى، إلى جانب وحدة الحماية المقربة التي تضطلع بمهمة حماية الشخصيات.
وفي هذا الإطار، أبرز صلاح الدين، ضابط أمن ممتاز والمسؤول عن التكوين والتكوين المستمر للفرق المركزية والجهوية للتدخل، أن هذا الرواق قدم للعموم شروحات حول المعدات والوسائل التي تضمن فعالية التدخلات، فضلا عن إبراز مختلف تخصصات هذه الفرق من خلال محاكاة لمهام تقنيي الحبال والمتدخلين عبر الممرات الأرضية وتقنيي كسر الأبواب.
وأوضح أن الفرق الجهوية للتدخل التي أحدثت سنة 2016 في كل جهات المملكة، تحت اسم (BRI)، إضافة إلى فرقة خاصة بمطار محمد الخامس، تتوفر على نفس المعدات والتجهيزات والمركبات الموضوعة رهن إشارة الفرقة المركزية للتدخل، وتضم في حصيصها الإجمالي 375 عنصرا مكونين تكوينا جيدا، من بينهم قناصة متخصصون في الرماية الدقيقة وكذا مسعفون لتقديم الإغاثة الأولية الضرورية.
وأشار إلى أن كل هذه الفرق تخضع لتدريبات مستمرة في مجالات الاقتحام والرماية عالية الدقة وتقنيات الحبال والرماية الحربية لضمان الجاهزية الدائمة لعناصر التدخل في الحالات الموجبة لذلك.
وفي الفضاء المخصص ضمن هذا الرواق لوحدة الحماية المقربة، قدم عدد من عناصر هذه الوحدة معلومات للزوار حول الأدوار المنوطة بها وكيفية اشتغالها. وفي هذا السياق، أبرز ضابط الشرطة عبد الغني غنو، عن قسم الأسفار الرسمية والحماية المقربة التابع لمديرية الأمن العمومي، أن مهام هذه الوحدة تتمثل في حماية الشخصيات المدنية والسياسية والعسكرية.
وأوضح، أن هذه الحماية تشمل الشخصيات الوطنية أوالأجنبية الوافدة على المغرب، طيلة فترة تواجدها داخل التراب الوطني وإلى غاية مغادرتها، مشيرا إلى أن عناصر هذه الوحدة يتلقون تكوينا شاملا نظريا وتطبيقيا بالمعهد الملكي للشرطة.
4- محاربة العنف ضد النساء
أبرز رواق خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف الأدوار التي تضطلع بها المصالح الأمنية المركزية والجهوية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني في مجال حماية النساء والأطفال من العنف.
وضم هذا الرواق فضاء خاصا بالنساء وآخر بالأطفال عملت من خلاله عدد من نساء الأمن الوطني باختلاف درجاتهن على التواصل مع المهتمين باكتشاف هذا الجانب الحيوي من اشتغال المديرية العامة للأمن الوطني.
وفي هذا الصدد، أبرزت مريمة العراقي، المراقب العام ورئيسة مصلحة القضايا الماسة بالأسرة والأخلاق العامة بمديرية الشرطة القضائية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المديرية العامة للأمن الوطني سعت من خلال هذا الرواق التعريف بالمجهودات المبذولة في مجال محاربة العنف ضد النساء والأطفال.
وتابعت أن هذا الرواق الذي تضمن فضاء خاصا بالنساء تم من خلاله، فضلا عن التعريف بالجهود المبذولة، التحسيس بخطورة العنف وبضرورة التبليغ والتوجه للمصالح الأمنية.
وسجلت أنه تم في الفضاء الثاني الخاص بالأطفال تقديم النصائح لهؤلاء من أجل تمكينهم من معرفة كيفية التعامل في حالة الوقوع ضحية اعتداءات، لاسيما الجنسية، مشيرة إلى أن هذا الفضاء وضع رهن إشارة الأطفال مطوية تقدم لهم معطيات مفيدة ومبسطة في هذا الشأن. ويحظى رواق خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف باهتمام كبير من لدن عموم الزوار، لاسيما من قبل الفتيات والنساء والتلاميذ الذين يرغبون في استكشاف عوالم المهمات الأمنية والتخصصات الشرطية المتعددة التي تلامس مختلف مناحي الحياة المجتمعية.
وتعمل المصلحة المركزية المحدثة على مستوى مديرية الشرطة القضائية، على تجميع وتتبع مختلف القضايا التي تعالجها المصالح الأمنية اللاممركزة المتعلقة بالعنف ضد النساء والأطفال على المستوى المركزي من أجل الدراسة، فضلا عن التأطير والمراقبة والتتبع لعمل فرق الأحداث وخلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على المستوى الوطني، وكذا تأطير الدورات التكوينية التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني في مجال التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف.
وتراقب الخلية المركزية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، التي تم إحداثها إثر صدور القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، عمل خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على المستوى الوطني، كما تعمل على تجميع المعطيات الإحصائية الخاصة بالعنف ضد النساء وإنجاز دراسات بخصوصها، فضلا عن تنظيم دورات تكوينية لفائدة أطر الأمن الوطني العاملة في هذا المجال.
وعلى المستوى الجهوي، تم إحداث وتعميم «خلايا استقبال النساء ضحايا العنف» (منذ أكتوبر 2007) على مستوى مصالح الشرطة القضائية، والتي تمت مأسستها أيضا بعد صدور القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. كما تم تعيين «مخاطبين وحيدين على مستوى دوائر الشرطة، من أجل معالجة قضايا العنف ضد النساء».
وبذلك أصبحت مهام «خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف» محددة في الاستقبال والاستماع والدعم والتوجيه والمرافقة لفائدة النساء ضحايا العنف، وذلك بموجب المادة 10 من القانون 103.13.
وفيما يتعلق بمصالح المديرية العامة للأمن الوطني في مجال حماية الأطفال، تعمل فرق الأحداث، التي تم إحداثها في نونبر 1965، على معالجة قضايا الطفل في وضعية تماس مع القانون «من أجل اتخاذ التدابير الكفيلة لمعالجة ظاهرة جنوح الأحداث، وتخصيص أماكن الوضع تحت المراقبة، مجهزة بكاميرات المراقبة للاحتفاظ بالأطفال في وضعية مخالفة للقانون إذا اقتضت الضرورة ذلك، وتعمل على عزل القاصرين عن الرشداء وعزل الإناث عن الذكور حفاظا على خصوصية كل فئة».
ومن بين الخطوات المهمة في هذا الصدد، توسيع الاختصاص النوعي لفرق الأحداث ليشمل قضايا الأطفال في وضعية صعبة، وقضايا الأطفال ضحايا جنايات أو جنح، وذلك من أجل تحقيق المصلحة الفضلى للطفل من خلال التدبير الجيد لقضايا الأحداث.كما تم إخضاع ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث لتداريب مهنية بصفة دورية لتعزيز قدراتهم، وتعيين مختصين في علم النفس «على مستوى مصالح الشرطة القضائية، لمساندة ضباط الشرطة القضائية عند الحاجة في القضايا التي تتطلب تقديم الدعم النفسي للقاصرين».
< إعداد: سعيد ايت اومزيد