الأحزاب الشيوعية في العالم العربي

لعبت الأحزاب الشيوعية في العالم العربي دورا مهما في نشر الفكر التحرري، من خلال تكسير حواجز المجتمع التقليداني الذي كانت ولا زالت تشهده الدول العربية، من حيث الهيمنة الذكورية، وتركيز السلطة في يد أيديولوجيات فكرية واقتصادية معينة..
ومن هذا المنطلق، ظلت الأحزاب الشيوعية العربية وإلى اليوم، تدافع عن الشعوب العربية وتناضل إلى جانبها، من خلال تأطير الاحتجاجات والمسيرات المطالبة بالاستقلال، الحرية، العدالة الاجتماعية، والكرامة.. أو العمل على إحداث تغييرات تكتونية من داخل المؤسسات الدستورية للدول، التي توجد بها بعض الأحزاب التقليدية.
واهتماما من بيان اليوم بالموضوع، ارتأت الجريدة أن تسلط الضوء على تجربة الأحزاب الشيوعية في العالم العربي، من خلال هذه الزاوية الرمضانية، التي سنقف من خلالها عند شذرات من تاريخ، ومنجزات وتجربة هذه الأحزاب، بالإضافة إلى الأهداف والمشاريع النضالية والفكرية والاقتصادية التي لا زالت تناضل لأجلها حاليا.

الأردن 2/2

رفع الحظر

تم بتاريخ أبريل 1970، الإعلان عن تشكيل قوات الأنصار بضغط من قواعد الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي، خصوصا داخل أوساط الشيوعيين الفلسطينيين المنضوين في عضوية الحزب الشيوعي الأردني، وذلك ضمن هيكلية عسكرية فدائية، حيث قام فؤاد نصار ومن خلال مؤتمر عقده الحزب، بإعلان تشكيل قوات الأنصار، التي تشكلت من الشيوعيين الفلسطينيين والعرب في الأحزاب الشيوعية العربية الثلاثة: الأردني، السوري، العراقي.
استمرت قوات الأنصار في مشاركتها مع باقي الفصائل الفلسطينية حتى معارك الأحراش التي ابتدأت في 13 ماي 1971 حيث انتهت بعد تلك المعارك معظم الفصائل الفلسطينية والأردنية المسلحة وخاصة بعد تدخل اللجنة العربية (السورية) وإجلاء قسم من تلك المنظمات إلى سوريا رغم أن الأغلبية تم تشتيتها وتفكيك أعضاءها وبقوا في الأردن.
غير أن الحزب الشيوعي الأردني، عرف انشقاقا بين مؤيد للكفاح المسلح ورافض له في مسمى الكادر اللينيني، الأمر الذي ساهم في إضعاف الحزب وخلق بلبلة في صفوفه، وهو ما نتج عنه ضعف قوات الأنصار التي انتهت كتنظيم مسلح في التاريخ المذكور أعلاه.
من جهة أخرى، أدى الشيوعيون دورا أساسيا في تأسيس النقابات العمالية وتفعيلها وتطوير النقابات المهنية، وتأسيس الجمعيات والمنتديات الثقافية، ومنها رابطة الكتاب الأردنيين 1974.
وبقي الحزب الشيوعي الأردني محظورا منذ تأسيسه، إلى غاية صدور قانون الأحزاب بعد الانفراج السياسي الذي شهدته البلاد خلال شهر أبريل من سنة 1989، حيث أنشأه يعقوب زيادين وفؤاد نصار ونبيه ارشيدات وعبد اللطيف أبو جبارة وعيسى مدانات وغيرهم، من خلال اندماج الماركسيين بشرق الأردن مع عصبة التحرر الوطني في فلسطيين عام 1951م، وتم عندها، انتخاب نصار أمينا عاما للحزب، بيد أنه اعتقل في نهاية العام وحكم عليه بـ 10 قضاها في سجن الجفر.
وفي عام 1996 جرى انشقاق تحت اسم حزب الشغيلة الشيوعي الأردني بسبب شبهات التمويل الأجنبي التي عصفت بمنظمة قريبة من الحزب في ذلك العام، إذ تشكلت العديد من المنظمات والأحزاب والحركات عبرت عن رفضها للعديد من السياسات ومن هذه التنظيمات: حزب التقدم وحركة اليسار الاجتماعي الأردني منتدى الفكر الاشتراكي والجمعية الفلسفية الأردنية والمبادرة الوطنية الأردنية.
إلى جانب كل هذا، اهتم الشيوعيون اللبنانيون اهتماما كبيرا بالنشاط الثقافي، وقد عملوا على تنشيط الحياة الأدبية والفكرية والترويج للأدب الفلسفي والسياسي والاقتصادي، إلى جانب، نشر القيم الديمقراطية وقيم المساواة والعدالة الاجتماعية واغتناء الروح الوطنية بالأفكار الاجتماعية، وتعزيز قدرة أبناء الفئات الشعبية ودفعهم إلى الثقة بالنفس والإبداع والمشاركة في الحياة الثقافية والسياسية.
وتحتسب للشيوعيين الأردنيين مبادرة تعزيز ودفع الحركة النسائية بالأردن، التي أوكلت لها مهمة نشر أفكار المساواة بين الجنسين، وقيم وثقافة التحرر الاقتصادي والاجتماعي.
وساهم الحزب الشيوعي اللبناني في الدفع بالآلاف من أبناء الفلاحين والكادحين إلى الدراسة الجامعية في البلدان الاشتراكية في بعثات لم يكن هؤلاء يستطيعون الدراسة بدونها. وقد أسهم ذلك في تحولات اجتماعية عميقة في صفوف أبناء الفئات الشعبية في الضفتين، من خلال التعليم وتحسين المستوى المعيشي والثقافي.

> إعداد: يوسف الخيدر

Related posts

Top