سعيد الحبشي
بمدينة تطوان، يجتمع سينمائيون فنانون، ونقاد ومثقفون، وشخصيات وازنة، من ضفتي المتوسط للاحتفاء بالفن السابع، في بلدان هذه البحيرة ذات الروابط التاريخية والحضارية المشتركة، بملامحها المتنوعة و وأوضاعها الاجتماعية والسياسية المتباينة، وذاك بمناسبة انعقاد الدورة 22 للمهرجان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، انطلاقا من مساء يومه السبت، لتتواصل حتى 2 من أبريل القادم.
على إيقاع أسئلة السينما والجمال والتسامح، تنطلق إذن هذه التظاهرة، التي تحمل سؤال السينما والجمال وقدرتهما على المساهمة في تغيير الواقع من خلال طرح الحلول وبث الأمل في النفوس، خاصة وأنها تنعقد و منطقة البحر المتوسط تحبل بالعديد من الأزمات على المستويين الاقتصادي و الهوياتي، وتعرف موجات هجرة ضخمة، ونزعات عنصرية…
في ظل هذه التحولات لم يعد بالإمكان النظر إلى السينما كوسيلة للترفيه والتثقيف فقط، ولكن أيضا وأساسا كجسر للتواصل والتعايش والتقاسم والتضامن والتحسيس والانفتاح على الآخر. وهو ما يؤطد عليه أحمد حسني، مدير مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط الذي اعتبر، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن “ما يميز التجارب السينمائية المشاركة في مسابقة الأشرطة الروائية الطويلة، أنها أفلام تستعيد قضايا الهوية والآخر، والأسرة والهجرة والسفر، والسلم الحرب، بمقاربات جديدة، ونظرات سينمائية متطورة”.
ويضيف حسني متحدثا للجريدة: “إن مهرجان تطوان ظل حريصا على عمقه الثقافي، معانقا لأفقه المتوسطي، منذ انطلاقته منتصف ثمانينيات القرن الماضي، يقينا منه أن السينما ثقافة، وليست مجرد صناعة، ولا هي محض فرجة أو متعة، بل هي تقف على خط التماس مع كل القضايا الإنسانية الجوهرية، من سلم وحرية، وبقاء وهوية، وآخر وغيرية، وعدالة وكرامة واستحقاق لهذه الحياة، بشكل عام وهام جدا”.
بلاغ المهرجان لم يحد أيضا عن هذا المسار، مشيرا إلى أن التسعة والثلاثين فيلما التي تدخل سباق الفوز بجوائز تمودة الذهبية لهذه السنة تستحضر واقع الحوض المتوسطي وقضايا ساكنته، مشيرا إلى أن اللائحة المشاركة في مسابقة الأشرطة الطويلة تضم 13 فيلما من 12 دولة متوسطية، ضمنهم شريطين مغربيين هما “إحباط” لمحمد إسماعيل،و” رجال من طين” لمراد بوسيف.
وسيترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة المخرج والمنتج الاسباني لويس مينيارو، أما لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي فستترأسها السينمائية كارين دو فيليير (بلجيكا)، فيما سيترأس الناقد المصري أمير العمري، لجنة تحكيم الفيلم القصير.
كما يتضمن المهرجان هذه الدورة العديد من الأنشطة الكثيفة والمتنوعة على رأسها الندوة المركزية التي تحمل عنوان ” عندما تحكي السينما مآسي المتوسط” والتي تطرح تساؤلات عن مآسي المتوسط وانعكاساته على فضائه، وعلى الإنسان في هذه البقعة من العالم، وعلى السينمائيين خاصة.
خلال أسبوع كامل إذن، وبالصوت والصورة، ستحيلنا هذه الدورة من المهرجان، والتي ستكرم المخرج الفرنسي أندري تيشيني، والممثلة المغربية أمال عيوش، والمخرج المغربي داوود أولاد السيد، على معاناة الإنسان المتوسطي في عالم اليوم وتحولاته العاصفة، وستسهم في توثيق هذه التطورات المأساوية.
خلال هذا الأسبوع السينمائي، وبحضور ضيوف وأصدقاء المهرجان وأبناء مدينة تطوان التي يشتهر أهلها بحب الفن وعشق الفن السابع على الخصوص، ستكتظ قاعات العرض السينمائي، أبنيدا وإسبانيول والمعهد الفرنسي، بعشاق الفن السابع، فيما سيتجلى المعهد الوطني للفنون الجميلة ودار الثقافة، كفضاءات للمعرفة والنقاش والاكتشاف.